صفحة الكاتب : مسلم عباس

خلافات سنية بقوارب شيعية
مسلم عباس

تعيش المحافظات السنية الغربية حركة غير طبيعية في مجال تشكل تحالفات سياسية جديدة، وأخرى قديمة أعادت تنظيم نفسها في إطار السعي لإعادة التوازن للمحافظات المحررة التي عانت ليس من احتلال داعش فحسب، بل ومن الانقلابات السياسية الناعمة من قبل أحزاب وشخصيات قفزت إلى أعلى السلم بفترة قياسية وسيطرت على المشهد السني وباتت تدعي الزعامة والقدرة على قيادة المشروع السني في العراق.

محور الخلاف يجري على قمة الهرم السني، بين من يدعي وقوفه على الهرم بجهده وعمله الدؤوب بالإعمار وتقديم الخدمات للمواطنيين، وهذا المعسكر يقوده رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي وأعضاء حزب تقدم.

المعسكر المضاد تقوده القيادات السنية من الصقور السابقين أمثال أسامة النجيفي رئيس البرلمان الأسبق، وخالد العبيدي وزير الدفاع الأسبق، ومعهم صالح المطلك نائب رئيس الوزراء الأسبق، وهذا الأخير يعتقد بأن محمد الحلبوسي لا يملك التأريخ الذي يؤهله ليكون زعيماً للقوى السياسية السنية، وأن منصب رئيس البرلمان لا يعني صعود صاحبه لمرتبة الزعامة.

تحالف الأنبار الموحد أعلن عن نفسه مؤخراً في مؤتمر كبير، ومن أبرز قياداته وزير المالية الأسبق رافع العيساوي المدعوم من بعض الفصائل الشيعية المسلحة، وقد حظي المؤتمر بتغطية إعلامية واسعة لإعلام اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية ما يؤكد الدعم السياسي والاعلامي لهذا الحراك الجديد المناوئ لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

أما في محافظة صلاح الدين فقد عقد حزب الوطن بزعامة يزن مشعان الجبوري المقرب من الفصائل الشيعية، ووالده مشعان الجبوري مع تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر حليف الحلبوسي التكتيكي وعدوه الاستراتيجي، عقد المؤتمر للاعلان عن اندماج حزب الوطن مع السيادة لمواجهة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

وقد حصلت المؤتمر على حصته من الدعم الشيعي لتحقيق غايات سياسية معينة يتمثل أبرزها بمحاصرة محمد الحلبوسي.

ما هو سبب الحراك السني الحالي

أساس الخلافات السنية الحالية يأتي من عدة أسباب:

السبب الأول: شعور القيادات السنية الكبيرة والتي تسمى بصقور السنة، شعور هذه القيادات بالتهميش واجبارها على الانزواء وتقييد دورها بفعل التحركات غير الطبيعية للقيادة السنية الشابة ممثلة بمحمد الحلبوسي.

السبب الثاني: تضرر الأحزاب الشيعية التقليدية الصقورية من التحركات السياسية لرئيس البرلمان، واتهامه بالتسبب بأزمة الانسداد السياسي التي عصفت بالعراق لمدة عام كامل.

السبب الثالث: قيام القيادات السنية والشيعية باللعب على وتر التغيير والادعاء بتقديم اصلاحات على مستوى القيادة من خلال ازاحة القيادات التي حكمت البلاد خلال الدورة البرلمانية السابقة.

السبب الرابع: التغييرات على المستوى الإقليمي، متمثلة بالمصالحة الإيرانية السعودية، والتي تعني إعادة ترتيب أوضاع العراق السياسية بما يخدم مصالح الطرفين الإيراني والسعودي، والضحية سيكون حلفاء الإمارات وعلى رأسهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

وقد ذهب هذا الأخير في زيارة إلى السعودية بعد مصالحتها مع إيران وشعوره بوجود حصار سياسي ضده.

لا يوجد من بين الأسباب المذكورة أي سبب لتقديم الأفضل للمحافظات السنية، ولا تحقيق مصلحة سياسية عامة للعراق، فالخلافات الجارية على مواقع السلطة فقط، ولا شيء غير السلطة، حتى وإن زعم أطراف الصراع بأنه يرغبون في تقديم الأفضل لمواطني المحافظات المحررة، والمحافظات العراقية الأخرى.

بالمجمل تجري هذه التغيرات لإعادة التوازن للمشهد السياسي السني الذي اختل كثيراً في الانتخابات الاخيرة.

أما على المستوى الشيعي، فقياداته لا تريد تكرار خطأ الانتخابات السابقة، التي انتجها ظهور شخصية سنية مسيطرة ممثلة بمحمد الحلبوسي، والعمل الجاري لدعم القيادات المناوئة له يأتي في إطار البحث عن قيادة متوافقة من منهج المحاصصة المكوناتية في العراق.

وفيما يتعلق بنتائج الصراع ولمن ستكون الغلبة، فالحكم بهذا الشأن يبدو مبكراً لأن المتغيرات السياسية تتقلب بين يوم وآخر، ولا يمكن التنبؤ بنتيجة معينة لكن ما نراه الآن هو فرض حصار شديد ضد محمد الحلبوسي من قبل صقور السنة بمعاونة من صقور الشيعة، وإذا ما استمر الحصار بدون تدخل خارجي معاكس أو قيام أحد الاطراف بحركة غير متوقعة تقلب الطاولة على الجميع.

فالسياسة فن عدم الثبات على المواقف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مسلم عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/02



كتابة تعليق لموضوع : خلافات سنية بقوارب شيعية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net