صفحة الكاتب : الشيخ عطشان الماجدي

يوم الغدير وتصحيح المسار 
الشيخ عطشان الماجدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بحساب الايام يكون الرقم ٧٠ هو الاقرب للحساب دون اتعاب النفس بالدقة الرقمية ، اعلموا أخوتي ان هذا الرقم يعني لنا كمسلمين الكثير فهو يساوي عدد الايام الممتدة مابين الثامن عشر من ذي الحجة لعام ١٠ للهجرة المباركة وبين الثامن والعشرين من صفر لعام ١١ للهجرة النبوية ، هذه المدة القصيرة نسبيا قياسا للدعوة الإسلامية وكذلك للثقافة السائدة آنذاك ، تكون لاشيء فيما اذا نظرنا ٢٣  سنة قضوها الصحابة ومن ثم الى البخاري ت 256 هجرية والذي يعتبر أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى عند غالبية المسلمين ، وفيه اكثر من سبعة آلاف حديث ، فهذا وغيره يدل دلالة واضحة على قوة الحافظة التي يتمتع بها العربي بشكل خاص  والمسلم بشكل عام ، اذ يمكنه ان يحفظ على ظهر قلب للكثير من القصائد الشعرية والقصص والأحداث العامة وغيرها لمجرد سماعها لمرة واحدة ، وهنا السؤال ايعقل ان الصحابة وبالعدد الكبير في غدير خم ينسون وصية نبيهم الكريم صلى الله عليه واله بهذه السرعة ؟  وموضعي ليس تناول هذا الاشكال او التساؤل انما ما يهمني نحن وايامنا فبعد اكثر من الف سنة بيننا وبين حضور المعصوم عليه السلام قبل الغيبة ، كيف ترسخ الغدير في الضمائر ؟ كأننا نعيش اجواء عام عشرة للهجرة المباركة ، عيد بمظاهره السعيدة والبهيجة وتبادل التهاني والتبريكات بين المؤمنين ، والخصوصية فيه نرى الأضواء تتركز على تجديد العهد القديم المتجذر الجديد المتجدد ، البيعة والتنصيب والطاعة ، بحقيقة الحال امر ملفت للغاية ، من علم هؤلاء الصبيان والنسوة ، يعيدون بك الى الزمن الاعظم والاجمل حيث النبوة والامامة والوحي ؟ ليُعلم من خلال تقديم الفعاليات والممارسات التي يتقرب بها الى الله تعالى من اظهار الفرح والبهجة ونشر السرور والسعادة وبسط الانفاق والتصدق  ليس لحب الامام علي عليه السلام  فهو محروز ومن المقطوع به ولا لحاجة لبيان وبرهان ان الشيعة يحبونه عليه السلام وبجنون ، انما الفكرة في احياء هذه المناسبة لتجديد البيعة والدعاء في التثبت والموت عليها والاعلان عن البقاء على العهد والالتزام الوثيق بما امرنا به النبي صلى الله عليه واله من التمسك به في غدير خم وليدرك ابناء الامة اي حق قد ضُيّع .
 واما الصحابة فقد عاش الكثير منهم مع النبي صلى الله عليه واله وصلّوا خلفه وصاموا وحجوا بيت الله الحرام واخرجوا الزكاة بطيب نفس وجاهدوا بين يديه الكريمتين وانفقوا الاموال وضحوا بالاهلين والأحبة لأجله ولم يبالوا ، و.. الخ.... ان ما حدث لا يخطر ببال بشر ، الانقلاب السريع ومخالفة المسار الإلهي بهذه العجالة ، لا يمكن الدفاع بأنهم قد نسوا خلال  قرابة ال ٧٠ يوما ، وان حدث ذلك فيكون لبعضهم ، واكرر من اوصله لنا لأيامنا وتجلياتها ، ومن حرم منه غيرنا ؟ 
وبلمحة عقدية وفنية تجاه الانحراف تارة ونحو هذا التمسك بالسنة الشريفة تارة اخرى فيكون جوابه : الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف الامتداد الطبيعي لال محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام بفيوضاته وبركات وجوده الشريف وله الفضل بعد الله تعالى في الحفاظ على الدين القويم في الانفس ، ودور العلماء وطلبة العلم والفضل بتوجيه الناس وتثبيتهم على جادة الحق والصواب .
ونرى الوضوح الجلي لقوله تعالى{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ } [سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١٤٤] .
 يظهر مما تقدم انه قد حدث ارتداد وتعد وتمرد ومعارضة شقت العصا وتركوا اوامر المعصوم  عليه واله افضل الصلاة والسلام وخالفوه وخلعوا الطاعة ولم تكن عملية نسيان او ذهول او غفلة انما صفقة وخذلان ، تخلي ومخالفة فنتج من النكث الهدم والغدر ، فكان الاختلال بالنظام العام بمجلبة تسلط الاسفل علة انبساط الفساد وتفرقه بكل أنواعه ، فتشعشع الاستبداد وكان مسوغا للتجاوزات على الأحكام الشرعية ومحرك لزوم لتعطيل الحدود ومدعاة لتوزيع الثروات حسب باعثية الصلة والقرابة والتأييد وذريعة لانتهاج مسلك الاباء والأجداد والعشيرة وضرورة تبرير مشروعية الاجتهاد قبال النص وغيره ، والاحتفاء بيوم الغدير يمثل مقابلة خاصة إلى يوم الظهور المبارك بين اهل الغدير وبين الرافضين للبيعة والناكثين للعهود والمواثيق ، وهي اطروحة سماوية فكرية عقائدية تتجلى فيها معاني الرسالات والنبوات ومسلكية الصالحين لنبذ العنصرية والانحراف والمفسدين . 
تمسك الموالين بيوم الغدير الأغر رغم المدد الزمنية الطويلة وتعاقب الحكومات الظالمة  والمحاربة بشدة وبكل قسوة لهم ولشعائرهم ، ولكن لم يثنهم من الحفاظ على هوية الأمة في بيعة الغدير ، ومما يقطع به ان ذلك لم يأتي من فراغ ، انما استقى بتضحيات جسام من قبل المتصدين لخدمة أيتام ال محمد عليهم السلام ، وتم ترسيخه في الأذهان و تقوية علاقته بالقلوب وتأمين سكونه

 
بالنفوس فحل التوطيد فيهن معززا محبوبا قويا لينتقل عقائديا من جيل إلى آخر .
وماهذه الفعاليات والأنشطة الشعبية والمهرجانات ومنها زيارة المولى أمير المؤمنين عليه السلام ماهي الا دليل واضح لتصحيح المسار  ، نعم ، تصحيح المسار  ، لينبثق منه تحريك الاوضاع نحو المراد الانتقال إليه ، واصلاح الانفس المغلوب على امرها ، وتنقيح المفاهيم المغلوطة لدى غالبية المسلمين ، وعملية تثقيف عالية وتربية اجيال ، وتقويم للانحراف ولفت نظر وتنبيه للاخرين ، وتهذيب للمعلومات التي تتداول بينهم بحيث تصل الرسائل ان يوم الغدير ليست وصية نبوية بحب الإمام علي عليه السلام وانتهى الأمر  ، انما هي عملية تنصيب الهي للأمير عليه السلام ولهذا نتخذه عيدا سعيدا بأمر اهل البيت عليهم السلام ، وقد بايعه المسلمون حينها رجالا ونساء  ،  بعد القبول كان الرضا ، هكذا اصغى الصحابة واستمعوا لها من فم النبي صلى الله عليه واله وعقلوها ، واطلعوا عليها وادركوا مغزاها وفهموها ، واستدلوا بها انه التنصيب والولاية الحاكمية عليهم ، وسلموا للامر دون تردد ، وتفطن الخليفة الثاني فجاء مسرعا للمباركة والتهنئة مادحا و يقول : بخ بخ لك يا ابن ابي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة . 
واقروا بها أنه النص بالخلافة والوصاية والإمامة ، ولكنهم سرعان ما جحدوها بعدما انكروها . وفي ختامه اوضح لك ايها القارئ الكريم امرا بينه غيرنا ليتبين صراحة وجه الفارق ، فقد ذكر ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة/ ٢ / ٤٥٥ / : عن يزيد الاحمسي أن عليا عليه السلام كان جالسا في مسجد الكوفة وبين يديه قوم منهم عمرو بن حريث إذ أقبلت امرأة مختمرة لا تعرف ، فوقفت فقالت لعلي عليه السلام : يامن قتل الرجال وسفك الدماء وأيتم الصبيان وأرمل النساء ، فقال علي عليه السلام : وانها لهي هذه السلقلقة الجلِعة المجِعة ، وانها لهي هذه ، شبيهة الرجال والنساء ، التي ما رأت دما قط ، قال : فولت هاربة منكسة رأسها ، فتبعها عمرو بن حريث ، فلما صارت بالرحبة قال لها : والله لقد سررت بما كان منك اليوم إلى هذا الرجل فادخلي منزلي حتى أهب لك وأكسوك ، فلما دخلت منزله أمر جواريه بتفتيشها وكشفها ونزع ثيابها لينظر صدقه فيما قاله عنها ، فبكت وسألته ألاّ يكشفها وقالت : أنا والله كما قال ، لي ركب النساء وأنثيان كأنثى الرجال ، وما رأيت دما قط ، فتركها وأخرجها ، ثم جاء إلى علي عليه السلام فأخبره فقال عليه السلام : ان خليلي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أخبرني بالمتمردين عليَّ من الرجال والمتمردات من النساء الى ان تقوم الساعة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عطشان الماجدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/07/10



كتابة تعليق لموضوع : يوم الغدير وتصحيح المسار 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net