صفحة الكاتب : د . جواد المنتفجي

قراءات في مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام دراسة تحليلية في كتاب سياسي
د . جواد المنتفجي

 

                                              الجزء الأول
                                                                         
حينما تتصفح متأنيا بقراءتك لكتاب ( مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام ) ، والتي أسهمت في إصداره ( دار الساقي / الطبعة الأولى/ 2006/ بيروت – لبنان ) ستحاول الإمساك بجوهر الحقيقة عبر عدت تفسيرات لشواهد عايشها (جواد هشم ) مؤلف الكتاب المذكور والموسوم في أعلاه، ليعقب لنا ومن خلال فصوله على الكثير من التطورات السياسية، سواء أن كانت تلك التي سبقت أو رافقت  ثم هزمت حزب البعث المقبور منذ استلام ( احمد حسن البكر) السلطة عبر الأعوام الواقعة ما بين (  1967 – 2000 )،وحيثما كان قد شغل فيها شخصيا ( وزارة التخطيط ) لمرتين متتاليتين، ولا يخفى على الجميع أنه كان له الدور البارز الذي اسهم برسم سياسة العراق الاقتصادية مما أتاح له ذلك الموقع وهو في أعلى هرم السلطة العراقية أن يكون شاهدا من أهل النظام على أسرار التحولات السياسية الخطيرة أبان حكم البعث طيلة تلك العقود ، وهذا ما لوح به الكاتب وهو يطلعنا من خلال مدوناته للكثير من تلك الأسرار والمحظورات التي كانت تجري ما بين كواليس وأروقة النظام البائد بعدما كان العنف هو القانون السائد ، والذي تخللت أشكاله جميع اوجه السياسات التي كان يتبعها، حيث حاول فيها أزلامه بترسيخها لتحتل مساحات شاسعة في كل مادة حياتية حتى شملت تأثيراتها كلما يختص بيوميات الفرد العادية . ومن خلال ذلك الكتاب والبالغة عدد صفحاته (350) صفحة ، والتي  ربما ستعين القارئ على أن  يكون مضطلعا بالمشاكل التي تركت أثارها الواضحة والمرسومة على الساحة العراقية سوى أن كانت اجتماعية أو ثقافية وفكرية أو سياسية واقتصادية ، إذ سيلمس المتلقي من مجمل محتويات تلك المذكرات التي لم تظهر للعيان ألا في عام ( 2003 ) نتيجة لما كان يتبعه ذلك النظام في حملاته الإرهابية التي شنها ضد الأدباء والكتاب والمثقفين ممن كانوا يقارعون ظلم العهد  الدكتاتوري من خلال عدم توانى الدوائر الأمنية وأجهزة الاستخبارات والمخابرات عن تدخلها السافر في حرية الأديب أو الكاتب العراقي وخصوصا أولئك الذين هجر معظمهم ارض الوطن ، وما هذه المذكرات ألا دليلا ساطعا سلط فيه الكاتب الأضواء على المكائد والمؤامرات التي حاكها (صدام حسين) لخلع (البكر) وتسلمه سدة الرئاسة ، كما أنه كشف لنا عن الكثير من النقاب عن التوتر الشديد الذي كان يشوب العلاقات والمآرب الشخصية بين أركان النظام السابق أنفسهم ، مبينا مدى استماتتهم وكيفية حياكة نسيج للكثير من المؤامرات من اجل التكالب والتآمر على السلطة ، ومسك زمام مجمل الأمور سواء أن كان ذلك يجري داخل العراق أو خارجه ، إضافة إلى تحليل المزاجات الشخصية لكل من  (البكر وصدام )،والتي أدت بالأخير إلى رسم السياسات العراقية العربية - والعراقية الدولية ، إضافة إلى بيان الأسباب والملابسات التي ساهمت في تأميم النفط . هذه الأسرار ، وغيرها لم تتأتى عن توارد خواطر سردها المؤلف نتيجة لتعرضه لضغوطات معينة ، بل أنها جاءت بعد فعل محتدم عبر قرارات وإجراءات تمحورت في فصول الكتاب الذي بلغت عدد أبوابها ستة عشر فصلا ، وقد تخللت مواضيعها معظم الصراعات التي ربما كان بعضها ظاهر للعيان وخصوصا أولئك الذين كانوا يقارعون النظام في المهجر طيلة سنوات حكم البعث، بينما لم يطلع عليها من كان يقبع مسجونا في داخله بسبب التكتيم الإعلامي الواسع ألذي كان يمارس على دور النشر والأعلام ، والذي كانت تتبعه أجهزة النظام سوى أن كانت الأجهزة الأمنية منها أو الثقافية ، وخصوصا تلك اللجان الثقافية والتي كانت تشرف على ما ينشره الكتاب والأدباء ، ولا ننسى أيضا أن الشيء الكثير من تلك لأسرار كانت مخفية بل وظلت قابعة في دهاليز سرية مظلمة، ولكن المؤلف حاول وبجهد جهيد اطلاعنا عليها كاملة وبالدوافع والشواهد بعدما جند فيها المؤلف كل إبداعاته الذاتية عبر تلك المذكرات التي توضح للقارئ أسرار ذلك العالم المجهول بخباياه ، كما وانه بين أثارها أصلا على السياسة العراق الداخلية باعتبارها كانت مخططا لكل العمليات السياسية التي راحت ترسمها نظريات ومؤتمرات حزب البعث المقبور لثلاثة عقود خلت ، والذي بدا لمن غرر بهم انه ربما كان بغالي بنسج لهم أحلام وردية حاملة معها كل الآمال العريضة المشرقة لتحقيقها ليس للعراق أو للعراقيين فقط وأنما للامة العربية أجمعها، وهذا ما راحت تصرح به شعارات ذلك الحزب البراقة وتنادي بتحقيقها بعد أن كشف لنا عن أكداس لا تحصى ولا تعد من الوثائق السرية التي تبين الدور الهام لنظام ( صدام حسين) بدءا بأقدامه على إعدام المفكر العبقري آية الله الشهيد السعيد السيد( محمد باقر الصدر ) (قدس) وشقيقته الشهيدة العلوية (آمنة الصدر ) كما جاء ذلك في صفحة كتابه (272 ) ، وبالتالي كشف لنا الهوة التي قادت العراق إلى المنزلق الخطير الذي أدي بالتالي إلى احتلاله .
ولا ننسى أيضا دور المؤلف الكبير وهو يحاول إزاحة الستار عن شتات من القضايا الساخنة بان آزرها للعالم اجمع منذ انطلاقة ثورة العشرين في يوم الأربعاء المصادف 2/6/1920 حتى سقوط النظام في نيسان عام 2003 ، لذا جاءت محتويات تلك المذكرات لتثير حفيظة الكثير من التساؤلات التي كنا نجهل الحصول على معالم لإجاباتها، وخصوصا تلك التي لم نسمع بها أو نراها يوما  قط . 
وخلاصة القول أن ما بينه مؤلف الكتاب من أسرار البواطن الخفية للسياسات التي مارسها النظام البائد وكشفها للعيان بعد البحث المضني بين مواضيعها ستعطينا موروثا حقيقيا يمكن الأجيال القادمة الاستفادة من تجاربه وأحداثه عبر الشواهد التي رسخت على صفحات التاريخ الذي حاولت تلك الفئة الضالة تشويه معالمه ، بل وصارت أعمالهم الإجرامية المخزية والتي أسهمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في إيذاء الشعب العراقي ونسف بناه التحتية كهالة سوداء تندي جبينهم بالخزي والعار اللذين لن يزولا ابد الآبدين ، وهذا ما سنحاول تقديمه في قراءات أجزاء الأعداد القادمة وعبر حلقات متتالية من موضوعنا هذا ليتمكن لمن لم يطلع على هذا الكتاب معرفة سر الحقيقة لذلك النظام الذي قبر والى الأبد . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . جواد المنتفجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/15



كتابة تعليق لموضوع : قراءات في مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام دراسة تحليلية في كتاب سياسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net