صفحة الكاتب : انعام حميد الحجية

العبارة المؤلمة في خروج الحسين عليه السلام
انعام حميد الحجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من العبارات المؤلمة التي أسمعها من الخطباء وأهل الرأي، وأقرأها في كثير من المواضيع التي تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي  
خَروج الحُسين عليه السلام مِن المَدينة خائِفاً  
هذه العبارة مؤلمة مؤذية لا يقولها من يعرف الحسين عليه السلام وهو وصف لا يليق بالإمام الحسين عليه السلام، كذبته وقائع الأحداث والتأريخ، الحسين عليه السلام  لم يخرج خائفا أبدا، يرى الأستاذ محمد هادي الأسدي  في موضوع ما قبل عاشوراء، الأوضاع الاجتماعية والسياسية في العراق والحجاز أن يزيد بن معاوية هو الذي كان يخاف من الحسين عليه السلام وورث هذا الخوف من أبيه معاوية بن أبي سفيان، وهذه المخاوف استفحلت عند يزيد جعلته يبادر للكتابة إلى الوليد بن عتبة آمرا إياه أن يأخذ البيعة من الحسين عليه السلام، القضية المهمة أن الحسين سلام الله عليه أتخذ تدابير  لمواجهة الوليد بن عتبة لأنه كان يتوقع الغدر والشر ممن سيواجههم، لم تكن  العلاقة مع الوليد طيبة، ولا هو مؤهل للثقة ولذلك قرر أن يأتيه بكل ذلك العدد من فتيان بني هاشم، يحدد لهم إشارة لاقتحام المكان، وهذه التدابير دلالة على إنه كان مصمما على الامتناع عن إعطاء البيعة ليزيد وهو يعلم أن الامتناع يعني تهديده للسلطة، ولهذا كان عليه السلام يدرك حجم الخطر، يدرك معنى رفض البيعة 
 كان مروان بن الحكم يريد من الوالي قتل الحسين أو أخذ البيعة قسرا، اليوم الكثير من الكتاب يكتبون عن موقف الوليد بن عتبة يصفون موقفه بالحرص على دينه لنتأمل الموقف 
قال الوليد لمروان (يا مروان إنك اخترت لي التي فيها هلاك ديني والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأنى قتلت حسينا سبحان الله أقتل حسينا إن قال لا أبايع والله إني لا أظن امرءا يحاسب بدم حسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة) 
  التشخيص العام لأغلبية الكتاب النظر إلى هذه الجملة والتي تعني عندهم أن الرجل يخاف على دينه أكثر مما يخاف على دنياه، وأنه يعرف الإمام الحسين حقه وفضله 
إن عدم إعطاء البيعة ليست مبررا للإقدام على جريمة قتله 
 السؤال الذي وجهه الاستاذ محمد هادي الأسدي أن تشخيص الإمام المعصوم أكثر مصداقية من اجتهادات ارتكزت على نص قد يكون سياسيا أكثر من الحرص على الدين، الإمام الحسين عليه السلام يراه غير مأمون الجانب، والتجربة لم تنته عند هذه المحاورة، الوليد لم يترك الإمام الحسين عليه سلام الله وشأنه، واصل إرسال الرسل يستدعون الإمام لإعطاء البيعة، في اليوم الثاني وشكل تهديدا خطيرا وكان سببا من أسباب الخروج إلى مكة  
لا بد من التأمل في الموضوع بصورة أدق قبل إطلاق الأحكام الجاهزة فالوليد بن عتبة ما كان يريد أن يخوض نزاعا وقتالا مع الإمام الحسين وبني هاشم، فقال تلك الجملة لمروان لينجوَ من اتهامه بالجبن والخوف لهذا صرف الأمر بهذه الطريقة 
يسعى بعض الكتاب لاعتبار الهجرة من المدينة هروبا، لكن التأمل في قضية المدينة يجعلنا نسأل بعدما شاع خبر موت معاوية، ومتناع الحسين عليه السلام عن إعطاء البيعة وفرار أبن الزبير إلى مكة، ما هو رد فعل المدينة؟ 
مصدر واحد لم يذكر عن موقف علني فردي أو جماعي من أهل المدينة ناصر الحسين عليه السلام في موقفه 
والمشاعر المتعاطفة التي لا تلد موقفا تبقى غير فاعلة 
المؤرخون يتحدثون عن موقف سياسي عام، هذا الصمت يكشف لنا أن المدينة لا تصلح أن تكون الموقف المناسب الذي يطلق فيها الحسين دعوته للبيعة لنفسه باعتباره صاحب الحق الطبيعي في الخلافة المغتصبة، لو نقرأ في مسار الهجرة من المدينة إلى مكة سنتخذ جملة وضعها المؤرخون وهم يصفون هجرته (ولزم الطريق الأعظم) قال له أهل بيته لو تنكبت الطريق الاعظم كما صنع ابن الزبير، قال لا والله لا افارقه حتى يقضي الله ما هو قاض 
 الركب الحسيني بما فيه من رجال ونساء وأطفال، لا يمكن أن يمر دون علم السلطات وعيونهم المبثوثة في كل سبيل، إذا كان هروبا يكفي أن يخرج وحده سرا، لكن هذا الموكب الكبير، تساؤلات كثيرة تعرض في الصحف والكتب ومنشورات التواصل الاجتماعي، لماذا لم يعلن الحسين البيعة لنفسه في المدينة؟ 
أعتقد أن من يسأل مثل هذا السؤال يعرف تماما معظم الأسباب لكونها واضحة 
 الأحداث التي مرت سريعة ولم يمهله الطغاة وقتا ليعلن عن نهضته، والجميع يعرف أن مجتمع المدينة فيه تناقضات كثيرة وتتعدد ولاءاتها السياسية والدولة أحكمت قبضتها، والجميع يعلم أن الحسين عليه السلام ليس مع السلطة في يوم، والحكومة تضع رقابتها الدائمة حوله، لكيلا تكبر معارضة السلطة يوما، المدينة مستسلمة لنفوذ السلطة القوي والنافذ.
وأول اثار الهجرة من المدينة عزل والي المدينة  الوليد بن عتبة، يرى ابن خلدون أن ثورة الحسين عليه السلام كانت ثورة حق تنقصها الشعبية التي يمتلكها يزيد، باعتبار أن الحسين عليه السلام لا يمتلك قوة مادية توازي  قوة جيش يزيد، لقد عادت العصبية وأصبحت القبلية أطوع
لبني أمية، أي أن ابن خلدون لم يدرك دلالات مهمة كان عليه أن ينتبه لها، أولها أن الحسين عليه السلام لم يفرض على أصحابه الثورة وإنما جعلها خيارية، وأن ثورة الحسين عليه السلام لم يكن منطلقها رفض بيعة يزيد ورسائل أهل الكوفة أيضا ليست منطلقا للثورة الحسينية، عندما نقول أنها حركة  إصلاح يعني سواء عرض عليهم البيعة أم لم تعرض، فهو سينطلق في حركته، وحتى لو لم ترده رسائل أهل الكوفة كان سيواصل حركته لأن حركته روحية، وليست حركة عسكرية 
اليوم العالم كله يشهد أن التظاهرة المليونية هي من ثمار النهضة الحسينية المباركة 
 وأن القوة المادية والجماهيرية كان يبصرها الحسين عليه دون عميان الرأي في كال الأزمنة. 
 والسلام عليك مولاي يا ابا عبد الله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


انعام حميد الحجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/30



كتابة تعليق لموضوع : العبارة المؤلمة في خروج الحسين عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net