الرِسالة مَضامين كَلامية، بِجملٍ عربيةٍ، وبآيات قرآنية، من لَدَّنِ عزيزاً حكيم، ولِكلِ رسالة فئةٌ مستهدفه، فاليهود أستهدفهم موسى(ع)، وجاءَ عيسى(ع) لِيردَ خِرَافِ بَنْي إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ ، ومحمداً (صلى الله عليه واله وسلم) اِسْتَلَمَ الرِسَالة العظيمة، وهو خاتِمهم، فَقري عيناَ يا أُمة الإسلام، وانشدي فرحاً بنور محمداً (صلى الله عليه واله وسلم) شاهدٌ على جميع الامم.
فالرسالة ربما تكون سَماوية، وربما تكون وضعية، وهدف الرسالة هو إيصال المعلومات للجهة المتلقية؛ لغرض الأستفادة منها بكل ما اِستطاعة اليه من وسيلة، فأن صلحَ المنهج أنشدَ المعلم والمدرس بحنجرة يعلوها الصوت الشجي، وكأنها مَزاميرَ داوود، واذا أنحَطَت تلك المناهج، فتذهب الأمم أدراج الرياح، لا يبقى الا اشواكها التي تكون متربصة من كلِ ما يسير على الارضِ القاحلة؛ لان طبعها الشوك لا نتيجة ولا منتج فيها، أن بقت فهي طعاماً للأبل، وان ذهبت لاتعد من الفواكه الغَناء، فيا ويلنا من بعضنا ممن زرعوا الأشواك في تربتنا الخصبة وهم ملعونون!!
فالرسالة هي تربية وتعليم أيُّها المعلم الفاضل في كافة المستويات من الابتدائية وحتى الجامعة، أنتم تحملتم مسؤولية الأمانة التي أَبَيْنَ السماوات، والارض، والجبال أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ منها!! تبصر صديقي الدائم ومُتَابِعي الفَطن، لو قارنا عظمة خَلق الله في كينونةِ السمواتِ والارضِ، وأوتادِها من الجبالِ لم تستطيعْ أن تحملِ الامانة، والمعلم حملها بكل سُمو، ومجد، ورفعة.
أنتم من وصفكم ذلك العبقري في اللغة عندما قال "كادَ المُعلمُ أن يكونَ رسولاً"، أنتم من تنهض بكم الأمم وتَتّجدد، فأن صَلحتم نزل من السماءِ ماء منهمر، ورَبَتَ الأرض، وتَغَنت الأشجار، والوِديانَ، والسُفوح، وحتى الطيرِ باتَ ينشدُ، والانعام تَأْكُل الكَلّأَ، وهي في رغداً من العيشِ؛ بسبب صلاح ذلك المربي الذي يزرع قيم الحرف، والكلمة، والجملة بلغةٌ عربية، تَكادَ أن تكون لغة الْأَوَّلِينَ والأخرينَ.
أيُّها المعلم الجَليل، يامن تَغَنتْ بك الفتياتِ، وكأنك ذلك الفلاحُ الذي يزرعَ زرعاً في بستانٍ ويثمرُ ذلك الزرعِ، مصداقاً لقول رسولنا الاعظم "ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة" فصدقتك جارية، وثوابك دائم.
فأنشد أيُّها المربي الجليل بصوت جهوري، وقل الله أكبر بعزته نحيا بأعذب الحان اللغة، وافصحها قولا، وبلاغة، وفقهاً، حتى يترحم عليك الأولينَ، وتسكن أرواحَ أجدادنا بأبق بما تصنع، فأنت فالح مفلح في الدنيا والأخرة.
أيُّها القارئ الفطن، ايدك الله بروح منه وحفظك، أن أهم ما يريد المعلم إيصاله هو بناء فكر في اللغة المحكية في كافة جوانبها للمتلقي العزيز أن كان تلميذاً او طالب جامعي؛ ليغوص بفكر سليم ويدخل بين مرادفات هذه اللغة الجميلة بين حرف، واسماً ،وفعلا؛ ليكون رمزاً، وإشعاعاً، واباً لكل الاجيال التي أنتهلت علماً؛ فاذا صلحَ المعلم تبنى الأمم بشموخ وعزة، واذا هوى يهوى الجميع!! ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم مما نحن فيه.
ياأيها القائم على الرسالة، تأنى بالحبيب الذي يجلك وانتَ قريب، واذا سافرت الى بعيد تبقى كلماتكَ تأنوا في ضمير الحبيب ومهما أوتيت من بلاغ الكلم؛ فلم أعطيك حقك أيُّها الحبيب.
وللمعلم مكانة في شريعتنا وشرعتنا تكادَ أن تكون سامية وقوله تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) البتا، ومن أصفى من المعلم نوراً وخلقا بعباراته الرنانة التي نتذكرها الى الآن (دار ودور) كيف يتهجاها المعلم لتلاميذه ويبذل جهدا طويلا؛ لغرض أن يستوعبِ ذلك التلميذ البسيط معنى الدار والوطن .
ومهما اوتينا من بلاغة الكلم، فلن ولم نستطيع أن نعطي وصفا حقيقيا كامِلًا للمعلم، ذلك التربوي اذ وصفته اباً فهو اكثر من أب، واذ وصفته خليلا فهو اكثر؛ لأنه يئنَ ويَونَ على آهات الطلبة، يفرح اذا رآهم مسرورين، وتضيق الدنيا بما وسعت اذ اصابَ احدهم مكروه، فعش أيُّها المعلم في تبجيلا وعزا ما بعدها من عزة لأنك انت الهوى للجسد، ولا حركة للجسد دون هوى.
وقبل أن اختم أيُّها القراء الكرام أنتم من علمكم المعلم، وانا كذلك وبالعلم والقلم اصبح العالم قرية صغيرة، فأوصيكم واوصي نفسي بصفتي تلميذه بأن نتقي الله ونجتهد؛ لغرض أن نطلب علما ونحن أمة (اقرأ) هذا والسلام عليكم ورحم الله وبركاته.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat