صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

مخالب الجهالة تنهش ديمقراطيتنا
لطيف عبد سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   جراحات الصحفيين والاعلاميين ماتزال ندية تنزف بحرقة كل صباح دماء شهداء العراق ،وفي المساء تتقرح بآلام الفقراء والمعوزين ،ودموع الامس لم تجف بعد .اذ ما يزال نهاد نجيب يذرفها من عيون خاوية لا يحجبها عن آثام قلوب قاسية تعتمر عقول خاوية سوى زجاج سميك يحكي قصة عراقي امتهن لعقود من الزمان ضمير الشعب .وبدم الانسان ودموعه وليس بجوعه يذل الانسان وتستلب كرامته التي كفلتها قوانين السماء ،ويحرق الغاوون اعظم قوانين البشرية في التعامل الانساني التي وضعها قبل اكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان صوت العدالة الانسانية وعملاق البلاغة الذي لا يحلو له الا ان يكنى بابي تراب ( اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ) .بهذه الرؤية العظيمة التي عجزت كل النظريات الاجتماعية على ان تأتي بما يقرب من مدلولاتها يعبر انسان عظيم يتعفر بالتراب ويفترش حصيرة متهرئة ،ويرقع مدرعته بيديه وهو خليفة المسلمين عن قيمة الانسان .نعم انها دولة العدل ،حكومة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ) التي جسدت كل المعاني النبيلة التي امر بها الله تبارك وتعالى عباده ،فلا غرو ان يهرب منه الخلص من اصحابه .وفي عالم اليوم الذي تحكمه قيم البداوة والجهالة يتمنطق ساسة وزعماء وقادة بمصطلحات ومفاهيم تدعو لتحرير الناس ويتناسى جميعهم المعاني الانسانية والقيم السامية للإسلام العظيم الذي حمل رايته اشرف خلق الله سبحانه وتعالى رسول الانسانية ابا القاسم المصطفى ( صلى الله عليه واله وسلم ) ،والتي رسخت ركائزها  في الحياة العامة تجربة علي بن ابي طالب ،بوصفها من اعظم التجارب الديمقراطية واكثرها سموا ورقيا .

 حين نعي هذه الحقيقة التي ربما يخالفني فيها البعض بسبب الميل والهوى ،ندرك ان الوظيفة الحكومية لا تشكل في واقعها الموضوعي اكثر من خدمة للشعب ،وخدمة الشعب تتطلب مجموعة من الاليات والوسائل الضابطة لحركة الحياة ،ما يملي على القيادات الادارية تدريب الموظف الحكومي أيا كان عنوانه وتهذيبه ومتابعة سيرته من اجل الاطمئنان على حسن سلوكه والتيقن من اداء واجباته بكفاءة ؛لضمان ترسيخ القيم الانسانية التي لولاها لتحول الانسان الى كائن اخر تحكمه شريعة الغابة  .
  واثق انا من ان حادثة الاعتداء على الاعلامي الرائد نهاد نجيب لو حدثت في المجتمعات الغربية لتسببت في ازمة حكومية وسياسية ،لكن ما يؤسف له اننا تعلمنا على توجهات البعض التي تبرر افعال من يعملون تحت امرتهم على حساب كرامة الانسان وآدميته ،وهو الامر الذي افضى الى تدخل معالي رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي شخصيا في قضية نهاد نجيب على الرغم من سعة جدول اعماله وكثرة مشاغله .
  وليت الموضوع ينتهي عند هذا الحد .اذ اضيفت صبيحة هذا اليوم وصمة عار جديدة على جبين الديمقراطية والانسانية ،ولما يزل  الوسط الثقافي مفجوعا بمسالة إذلال الاذاعي نهاد نجيب حين اقدم شخصين مدججين بالسلاح ينتميان الى حماية السيد الوكيل الاقدم لوزارة المالية بالاعتداء على شخص الزميل الاعلامي والكاتب الاستاذ عباس الجوراني بالقرب من الجامعة المستنصرية وهو في طريقه الى شارع المتنبي  لأداء مهمة صحفية .ولولا حكمة الاستاذ الجوراني ورباطة جأشه التي اذهلتنا ،لكان زميلنا العزيز في ذمة الخلود ،وربما يحمل معه الى العالم الاخر اسرار جريمة لم يقترفها .
  وعود على بدء ،تكفل الدساتير والقوانين قدسية الذات الالهية ،وتمنع المساس بها ،وتعاقب من يتطاول عليها .ولا ادري ما علاقة الخالق سبحانه وتعالى بقضية الجوراني التي جعلت الجناة يلعنون عباس الجوراني ووالده وخالقه .اليست مفارقة تثير الاشمئزاز ان يتجاوز موظفي حكومي من عليه الله تبارك وتعالى بهذه النعمة التي قد لا يستحقها .
  ومن المناسب الاشارة هنا الى ان الرئيس الاميركي بوش كان يستخف بالدول الاوربية ويصفها بالقارة العجوز ،غير انه استنجد بها حين داهمه اعصار كاترينا قبل عامين على رغم من زعامته للدولة الاولى في العالم من ناحية المال والقوة العسكرية ،ولو استمر الاعصار يوما ثالثا بشدته لكانت بلاد العم سام في خبر كان .فهل من منصف لمنزلة خالقنا تبارك وتعالى وقدسية لفظ الجلالة .انا بكل تأكيد اشيد بجهود الاجهزة الامنية ،واثني على جهود اخوتنا وابناءنا الذين يعملون ليل نهار من اجل امن المواطن وسلامته ،ولكني ادعو الى تنظيفها وتشذيبها من كل العناصر المسيئة التي لا تحترم الثوابت الوطنية او التي تعاني من اهتزاز في معايير المواطنة .كما اني على ثقة تامة من ان السيد وزير المالية سيكون عونا للقضاء في هذه القضية التي لا احد يقبل بها ،وهي دعوة مخلصة لكل السادة المسؤولين ان يتابعوا حماياتهم والمحيطين بهم خشية الاضرار بعناوينهم ،والتاريخ يحدثنا عن المآسي التي سببتها الحواشي .
  اذا كان الجناة يعتقدون انهم متفضلين على الوطن ،فان السلطة الرابعة قدمت قرابين على مذبح المهنة والحرية وتتشرف بخدمة الوطن والمواطن والتضحية من اجل نقل نبض الشارع الى المسؤول .لقد مثل عباس الجوراني العراق خير تمثيل في ست قمم عربية ،فهل قدم حماية السيد الوكيل عملا مميزا للعراق .واخيرا اذا كان السياسي يطلب تعويضا ملياريا من الصحفي او الاعلامي الذي يؤشر مواقع الخلل من اجل تقويم العمل ،فكم سيطلب الجوراني من المليارات تعويضا معنويا عن الاعتداء الذي تعرض له ،ام انه لا يملك حصانة مثل غيره من عامة الشعب تؤهله لطلب التعويض .
  تعمدت في هذا المقال ان لا أطلب من ادارة المؤسسة الثقافية والمنظومة الاعلامية والصحفية الوقوف الى جانب الجوراني لان الموضوع من مهماتها ويفترض انها ليست بحاجة الى تحفيز .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/25



كتابة تعليق لموضوع : مخالب الجهالة تنهش ديمقراطيتنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net