قراءة في كتاب ( السيدة زينب - عقيلة بني هاشم ) للكاتبة المصرية « بنت الشاطىء » ( ٥ )
يحيى غالي ياسين
يحيى غالي ياسين
( ٥ )
بتتبع جيّد وقناعة تامّة لا تحول عنها المؤثرات من هنا وهناك تستمر الكاتبة بعرض الشخصيّة الزينبية في مرحلة الشباب والزوجية بما يليق بها وبمكانتها وبما يمهّد لأدوار كبرى تنتظرها .. ومما سطرته بنت الشاطىء في هذه المرحلة :
» هذه هي زينب .. وكما بَدَت لنا منها ملامح في إبان شبابها ، حيث نسمع أنها كانت تشبه أمها لطفاً ورقة ، وتشبه أباها علماً وتقى .
» وكان لها - فيما تقول بعض الروايات - مجلس علمي حافل ، تقصده جماعة من النساء اللواتي يردن التفقه في الدين .
» كانت عقيلة بني هاشم ، يروي عنها ابن عباس فيقول : حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي . وغلب عليها هذا اللقب ، فكان يقال ( العقيلة ) فيُعرف أنها هي ، ويعتز ابناؤها بهذا ، فيعرفون ببني العقيلة .
وبهذه الأوصاف الثلاثة التي أختارتها الكاتبة قد أعطت للسيّدة صفتها الذاتية وصفتها بين أهلها وأسرتها الكبرى بني هاشم ، وشخصيتها ودورها بين نساء مجتمعها .. فهي نسخة مصغّرة من أمّها وعلم وتقوى أبيها ، وهي عقيلة عمومتها ، وهي معلّمة ومرشدة في نساء مجتمعها ..
( ٦ )
تحدثت الكاتبة بعد ذلك عن حياة السيدة عليها السلام في فترتين ، الأولى وأمدها خمس سنوات أعقبت قتل الخليفة عثمان بن عفان ، وهي سنوات فتنة وانشقاق واجهه امير المؤمنين ؏ ، وكانت مملوءة بالحروب والمواجهات العسكرية ، ابتدأت بحرب الجمل في البصرة بقيادة زوج الرسول عائشة ، ثم حرب صفين ضد معاوية ، ثم حرب الخوارج في النهروان .
وقلم الكاتبة وإن لم يُدن ويشجب هؤلاء البغاة والمحاربين لأمير المؤمنين كما يدينه الموالين عقائدياً له عليه السلام ، إلا أنها قد أعطت مسوّغاً للشجب إذا صح القول وبأسلوب حاذق ومقبول ، فقالت مثلاً في عائشة : ( لعل أم المؤمنين السيدة عائشة لم تنس أنه زوج الزهراء بنت السيدة خديجة الودود الولود التي شغلت من قلب زوجها في حياتها وبعد الممات مكاناً لم تستطع عائشة بكل شبابها وجمالها ونضرتها وحيويتها وذكائها أن تزحزها عنه) ، ثم قالت ( أو لعلها لم تغفر لعلي موقفه في فرية الإفك ، فقد كان ممن أشار على الرسول ص واله بطلاقها .. ) .
فالكاتبة اذن ومن خلال عنصري ( الغيرة) و ( الحقد) قد أشارت الى عدم شرعية خروج السيدة عائشة ، وبالتالي فهو خروج وبغي على الخليفة الشرعي .. وهذا ما قلنا عنه أنها أعطت مسوغاً للشجب وفتحت باباً للإدانة .. وهذا هو الأهم .
ثم ذكرت الكاتبة أن السيدة زينب ؏ قد عاشت في دار الخلافة - الكوفة - وعانت مع أبيها فترة خلافته وما حصل من حروب ، ومحن وآلام .. ثم تكللت هذه الفترة المُتعبة بشهادة أبيها ، فعاشت أحزان جرحه ورحيله الى الرفيق الأعلى ..
ثم انتقلت الى مرحلة العشرة سنوات التي عاشتها السيدة ؏ بين شهادة أبيها وشهادة أخيها الأكبر الحسن المجتبى ؏ وما جرت من أحداث دارت بينه وبين معاوية ، بدأت بحرب ثم خذلان وطعن للإمام الحسن ثم جاءت مرحلة الصلح وتسيّد معاوية على أمور المسلمين وحتى رحيل الإمام الحسن الى الرفيق الأعلى .. وكل ذلك جرى على قلب زينب الذي لاقى ما لاقى من المآسي والفجائع بدءاً من رحيل جدّها ومأساة أمّها وصولاً بمصائب أبيها وأخيها الأكبر وما لاقوه من الأمة ..
الكاتبة تنظر الى أحداث تاريخ حياة زينب ومراحلها بخلفيتها الحزينة عن السيدة زينب ، ولهذا نرها كأنها تسطّر قصة مقتل للسيّدة وليس فقط سرد أحداث حياتها ..! يتبع ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat