شقشقة (٤) غزَّة الاختبار الأمثل للمثقفين
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تحدَّثنا في منشورات ثلاثة سابقة عن الاختبار للعلماء والحكَّام والشعوب، وبيان ما يتعلق بهم من مسؤولية تجاه ما يجري على الشعب الفلسطيني من اعتداء وحشي، من قبل الكيان الصهيوني المحتل في غزَّة الصمود والتحدي ..
-١-
إنَّ القضية الفلسطينية وما يتعرَّض له الفلسطينيون والمقدسات فيها تَشغل مساحة جيدة في الأدبيات الإسلامية بصورة عامة، والإسلامية العربية خاصة، حيث الثقافة العامة نحو تعريف الأمة بهويتها التي تعرَّضت لاعتداء صهيوني كبير منذ عقود من الزمن، ومحاولة ذلك الكيان المحتل سلب تلك الهوية من قبل الفلسطينيين الذين قاوموا الاحتلال بكُلِّ شجاعة وبطولة آنذاك، بالقتل والترويع والتهجير والمعتقلات وغيرها من الأساليب الوحشية، التي يشهد بها العالم كله، وكذلك اتِّباع المنهج نفسه من أجل سلب هوية الأجيال التي ترعرعت في ظروف احتلال تامٍّ لأرضها، ومصادرة حقوقها ..
-٢-
إنَّ الكيان الصهيوني المحتل ومن خلال الإعلام العالمي الذي سخَّره لخدمة أهدافه كان يعمل ومنذ سنين طوال على الترويج لحق اليهود في فلسطين، وأنها أرض الميعاد التي قد وعدهم أنبياؤهم بها، وأنها أرضهم المقدسة، ويجب تطهيرها من الفلسطينيين المسلمين، وعقدوا لأجل ذلك المؤتمرات العالمية، والندوات التخصصية، ونشر الموسوعات والمؤلفات التوثيقية والتعريفية والترويجية، فضلًا عن محاولة تثبيت ذلك زورًا في المحافل الدولية الرسمية، ولا يخفى أثر المال والسياسة في الترويج لذلك باللغات العالمية، حتى يتم سلخ الهوية الأصلية، وإنتاج جيل لا يرى أمامه إلا هذه القضية، وهي أنَّ فلسطين ليست إسلامية أو عربية، بل دولة يهودية ..
-٣-
إنَّ كل تلك المخططات الاستعمارية الترويجية كانت تحتاج إلى مواجهة معرفيًّا وثقافيًّا من جهة، والتأكيد على حقوق الأمة المغتصبة؛ لأجل الدفاع عن الحق بكُلِّ السُّبُل أولًا، والإعداد المعنوي المعرفي للمقاومة والمواجهة ثانيًا، وتعريف الأمة بزيف تلك الادعاءات الصهيونية ثالثًا، والحفاظ على الهوية وترسيخها مهما كانت وحشية العدو رابعًا، وجعل تلك المفاهيم متوارثة في الأجيال خامسًا؛ لتبقى جذوة روح المقاومة تنتقل في الأصلاب، وتمدُّها أمل التحرير والحرية من قبضة هذا الكيان المحتل للوطن، وزيادة الحب والتضحية لأجله، فإنَّ حُبَّ الأوطان من الأديان ..
-٤-
لقد عمل مثقفو الشعوب الإسلامية من أجل تلك الأهداف منذ الأيام الأولى للاحتلال، بل جاهدوا وتحملوا الصِّعاب في سبيلها، حيث الأفكار والعقول التي سخَّرها
المؤلفون في الكتابة عن القضية
الكبرى للأمة في فلسطين، فكانت تلك المؤلفات التي توثِّق الحقوق في التاريخ والجغرافية، والبطولة لشعب فلسطين في أرضه، وسخَّر الكُتَّاب أقلامهم
للكتابة عن ذلك في مقالاتهم التي ملأت الصحف والمجلات اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية، وثار الشعراء
ليشاركوا في معركة الكرامة بقوافيهم فتمتلىء بها الآفاق، وتتغنى بها الأمة، بل تغدو نشيد التضحيات، وهكذا الأفلام والمسلسلات، والدراما والمسرحيات، فضلًا عن المؤتمرات والندوات، ومناهج المدارس والجامعات؛ لتحقيق تلك الأهداف والغايات ..
-٥-
نعم لقد حققت جهود المثقفين جزءًا كبيرًا من أهدافها، فلم تنسَ الأمة القضية الفلسطينية، وتوارثتها الأجيال جيلًا عن جيل، تستمدُّ روح المقاومة والتضحية ضد الكيان المحتل، فكانت تلك الثورات الكبيرة المتلاحقة، التي تؤجج شعلة الجهاد والمقاومة، فلا تُبقي للمحتل لذة أو نشوة النصر المزعوم على شعب مقهور، وما جذوة ( طوفان الأقصى) إلَّا دليل كبير على توارث الأجيال روح المقاومة، والدفاع عن فلسطين المقدسات، حتى تحقيق النصر وطرد الصهاينة المحتلين، والرد على تلك المخططات العالمية الخبيثة، التي تدافع عن عصابات ذلك الكيان، وتمدُّه بالمال والسلاح والرجال، فضلًا عن المواقف السياسية والعسكرية والدبلوماسية لأجل تذليل كُلِّ عواقب الاحتلال له، بل وتطبيع الدول الإسلامية معه بعلاقات وزيارات، فأثبت هذا الطوفان للمقاتلين طوفان روح الشجاعة والجهاد التي توارثوها عن الآباء والأجداد ..
أخيرًا أقول باختصار👇🏻..
* هل كان موقف المثقفين تجاه هذه الثورة الفلسطينية الكبرى في غزَّة، بل أمام هذا الطوفان العظيم ملائمًا لتلك البطولات والتضحيات!!
* هل كان موقفهم تجاه هذا النصر العظيم الذي أدهش العالم كله، وأذهل الكيان وعصابته وأعوانه ملائمًا بتلك الانتصارات!!
* هل أظهرت أقلام المفكِّرين والمؤلفين والكُتَّاب إلى العالم تلك البطولات!!
* هل صرخت قوافي الشعراء بوجوه الأعداء، فكانت في قلوبهم كالرصاصات!!
* هل أُقيمت الاحتفالات والندوات والتجمُّعات!!
* هل أراد المثقفون أنْ يكون لهم طوفان كمثل ذلك الطوفان!!
* هل .. وهل .. وهل
إنكم أيها المثقفون -اليوم- مسؤولون، فكونوا جُندًا لفلسطين بمواقفكم المشهودة في ميدان الفكر والمعرفة؛ وفاءً لدماء الشهداء، ونكبةَ الأمهات والأبناء والآباء، وإلا فالتاريخ يسجل كُلَّ موقف ولا يجفُّ مِداده، فأخشى عليكم موقفًا لا سمح الله .. والسلام
اللهم انصر الإسلام والمسلمين واجعل كلمتهم هي العليا، واخذل الكفر والكافرين واجعل كلمتهم هي السفلى يا رب العالمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat