صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

السبت وأصحابه في القرآن الكريم (ح 2)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في معاني القرآن الكريم: سبت أصل السبت: القطع، ومنه سبت السير: قطعه، وسبت شعره: حلقه، وأنفه: اصطلمه، وقيل: سمي يوم السبت، لأن الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد، فخلقها في ستة أيام كما ذكره، فقطع عمله يوم السبت فسمي بذلك، وسبت فلان: صار في السبت وقوله: "يوم سبتهم شرعا" (الاعراف 163)، قيل: يوم قطعهم للعمل،"ويوم لا يسبتون" (الاعراف 163)، قيل: معناه لا يقطعون العمل، وقيل: يوم لا يكونون في السبت، وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة، وقوله: "إنما جعل السبت" (النحل 124)، أي: ترك العمل فيه،"وجعلنا نومكم سباتا" (النبأ 9)، أي: قطعا للعمل، وذلك إشارة إلى ما قال في صفة الليل: "لتسكنوا فيه" (يونس 67).
ورد في التفسير المنسوب إلى العسكري عليه السلام: قال الله عز وجل: "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت" (البقرة 65) لما اصطادوا السموك فيه"فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين" مبعدين عن كل خير"فجعلناها" أي جعلنا تلك المسخة التي أخزيناهم ولعناهم بها"نكالا" عقابا وردعا"لما بين يديها" بين يدي المسخة من ذنوبهم الموبقات التي استحقوا بها العقوبات"وما خلفها" للقوم الذين شاهدوهم بعد مسخهم يرتدعون عن مثل أفعالهم لما شاهدوا ماحل بهم من عقابنا (وموعظة للمتقين) يتعظون بها، فيفارقون المخزيات ويعظون بها الناس، ويحذرونهم المرديات. (قصة أصحاب السبت) وقال علي بن الحسين عليهما السلام: كان هؤلاء قوما يسكنون على شاطئ بحر، نهاهم الله وأنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت. فتوصلوا إلى حيلة ليحلوا بها لأنفسهم ما حرم الله، فخذوا أخاديد، وعملوا طرقا تؤدي إلى حياض، يتهيأ للحيتان الدخول فيها من تلك الطرق، ولا يتهيأ لها الخروج إذا همت بالرجوع منها إلى اللجج. فجاءت الحيتان يوم السبت جارية على أمان الله لها فدخلت الأخاديد وحصلت في الحياض والغدران. فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، وأبقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها يوم الأحد بلا اصطياد لاسترسالها فيه، وعجزها عن الامتناع لمنع المكان لها. فكانوا يأخذونها يوم الأحد، ويقولون: ما اصطدنا يوم السبت، إنما اصطدنا في الأحد، وكذب أعداء الله بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم التي عملوها يوم السبت حتى كثر من ذلك مالهم وثراؤهم، وتنعموا بالنساء وغيرهن لاتساع أيديهم به. وكانوا في المدينة نيفا وثمانين ألفا، فعل هذا منهم سبعون ألفا، وأنكر عليهم الباقون، كما قص الله تعالى "وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" (الاعراف 163) الآية. وذلك أن طائفة منهم وعظوهم وزجروهم، ومن عذاب الله خوفوهم، ومن انتقامه وشديد بأسه حذروهم، فأجابوهم عن وعظهم"لم تعظون قوما الله مهلكهم" (الاعراف 164) بذنوبهم هلاك الاصطلام"أو معذبهم عذابا شديدا" (الاعراف 164). فأجابوا القائلين لهم هذا: هذا القول منا لهم معذرة إلى ربكم إذ كلفنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنحن ننهى عن المنكر ليعلم ربنا مخالفتنا لهم، وكراهتنا لفعلهم. قالوا: "ولعلهم يتقون" ونعظهم أيضا لعلهم تنجع فيهم المواعظ، فيتقوا هذه الموبقة، ويحذروا عقوبتها. قال الله عز وجل: "فلما عتوا" (الاعراف 166) حادوا وأعرضوا وتكبروا عن قبولهم الزجر"عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" (الاعراف 166) مبعدين عن الخير، مقصين. قال فلما نظر العشرة الآلاف والنيف أن السبعين ألفا لا يقبلون مواعظهم، ولا يحفلون بتخويفهم إياهم وتحذيرهم لهم، اعتزلوهم إلى قرية أخرى قريبة من قريتهم. وقالوا: نكره أن ينزل بهم عذاب الله ونحن في خلالهم. فأمسوا ليلة، فمسخهم الله تعالى كلهم قردة "خاسئين"، وبقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منه أحد ولا يدخله أحد. وتسامع بذلك أهل القرى فقصدوهم، وتسنموا حيطان البلد، فاطلعوا عليهم فإذا هم كلهم رجالهم ونساؤهم قردة يموج بعضهم في بعض يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم وقراباتهم وخلطاءهم، يقول المطلع لبعضهم: أنت فلان؟ أنت فلانة؟ فتدمع عينه، ويؤمي برأسه (بلا، أو نعم). فما زالوا كذلك ثلاثة أيام، ثم بعث الله عز وجل عليهم مطرا وريحا فجرفهم إلى البحر، وما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام، وإنما الذين ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباهها، لا هي بأعيانها ولا من نسلها.
تكملة للحلقة السابقة جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم ‌السلام عن أصحاب السبت: هم طائفة من بني إسرائيل، نهاهم الله عن اصطياد السمك في يوم السبت، فتجاوزوا حدود الله واصطادوا في ذلك اليوم، فأخذهم الله بالعذاب. كانوا يسكنون على شاطئ البحر، في منطقة أيلة، وتعرف اليوم بإيلات في فلسطين المحتلة. وذكرت الروايات أنَّهم عاشوا في عصر النبي داود، وذكر العلامة الطباطبائي في الميزان، أنه لم ينج منهم إلا الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وهلك المذنبون والذين لزموا الصمت على الذنب. المفهوم: أصحاب السبت هم طائفة من بني إسرائيل، عصوا الله حيث اشتغلوا بالصيد يوم السبت مع أنه كان حراما عليهم في ذلك اليوم، فأخذهم الله بعذابه، وكانوا يعيشون في عصر النبي داود، وكان عددهم حوالي 70 ألف أو 12 ألف نفر، وورد ذكرهم في القرآن بشكل صريح مرة واحدة في الآية 47 من سورة النساء، وكذلك تبيّنت قصتهم ومصيرهم في الآيات الأخرى أيضا. وكان السبت المسمّى في العبرية ب‍(شبات)، يطلق على يوم السبت في اليهود، وهو بالعربية يعني القطع أو قطع العمل، وبالعبرية يعني الراحة؛ لأنه يعتبر في الثقافة اليهودية يوم الراحة والاستراحة، فيجب على الجميع ترك العمل في هذا اليوم، وقد كان حفظ حرمة يوم السبت، وترك العمل فيه مِن الوصايا العشر للنبي موسى عليه السلام.
جاء في صفحة على دروب الخير: إن من أكثر قصص القرآن رُعباً قصة أصحاب السبت: اليهود الذين مسخهم الله قردة وخنازير لأنهم خالفوا أمره بأن اصطادوا يوم السبت، اليوم الذي حُرِّمَ عليهم الصيد فيه."واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ" (الاعراف 163) سورة الاعراف. القصة ببساطة أن الله تعالى أمر أصحاب القرية بأن يتَّخِذوا من يوم السبت عيداً لهم، يذكرون الله فيه ويتفرغون لعبادته ولا يمارسون فيه أي عملٍ دنيوي، وكان أهل القرية يعملون في صيد السمك، وبذلك كان الصيد مُحرماً عليهم يوم السبت. وليبتلي الله عباده ويختبر إيمانهم، ويُميز المؤمن الذي يُسلم نفسه لأمر الله ويصبر لحكمه ممن يستكبر ويعصيه، كانت الأسماك تكثر على الشاطئ يوم السبت دوناً عن باقي أيام الاسبوع،"إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ" (الاعراف 163). وهنا تحايل أهل القرية على أمر الله بأن وضعوا شباكهم ونصبوا الفخاخ للأسماك يوم الجمعة، فتأتي الأسماك يوم السبت وتقع في الفخ، ويجمعونها صباح الأحد، وبالتالي هم ظاهرياً التزموا بأمر الله تعالى ولم يصطادوا السمك يوم السبت. لو فكرت فيما فعلوه بعقلية اليوم ستجد انهم لم يرتكبوا شيئا كبيرا لكن الله غضب عليهم و لعنهم يعني أخرجهم من رحمته وجعلهم قردة خاسئين."وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ" (البقرة 65) كل هذا لانهم التفوا وتحايلوا على اوامر الله سبحانه وتعالى.
عن الشيخ حامد الربيعي في صفحته كان من تعاليم نبي الله الكريم موسى أن ينقطع قومه بنو إسرائيل عن أعمالهم يوما في كل إسبوع، كان يوم الجمعة هو اليوم الذي أمروا أن يعبدوا الله فيه، مرت الايام وبنو إسرائيل على عادتهم يقدسون يوم السبت، وفي قرية من قراهم على شاطيء البحر الاحمر يقال لها ( أيلة ) فهناك حجران أبيضان تخرج الحيتان إليها ليلة السبت فهناك الفساق من أهل هذه القرية فغفلوا عن تعاليم أنبيائهم وقالوا ما بالنا نترك هذه الحيتان في يوم تكثر فيه وتزيد فقالوا فالنقبل على هذا الصيد في يوم السبت، علم المتقون منهم بما فعل هؤلاء الفساق المستهترون، فخرجوا اليهم ووعظوهم وحذروهم فما زادهم ذلك إلا استهتارا"وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا" (الاعراف 164) فتركوهم في غيهم يعمهون حتى ضاق بهم نبي الله داود، فآتجه إلى ربه يستنصر به ويطلب اللعنة لهم، فأجاب الله سؤله وحقق أمله فزلزلت قريتهم زلزالا عظيما ففزع المؤمنون من ذلك وخرجوا من بيوتهم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/11/30


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • اشارات الامام موسى الكاظم عليه السلام عن القرآن الكريم من سورة المائدة (ح 8)  (المقالات)

    • يوم القضاء العراقي: 23 يناير (ح 2) (لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين)  (المقالات)

    • يوم القضاء العراقي: 23 يناير (ح 1) (ان الحكم الا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين)  (المقالات)

    • اشارات قرآنية من كتاب الإمام زين العابدين داعية الوعى للسيد الحسيني  (المقالات)

    • ضرر الفساد في أمثلة (نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) (ح 34)  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : السبت وأصحابه في القرآن الكريم (ح 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net