صفحة الكاتب : عبد الهادي البابي

أحاديث أهل البيت(ع) في ضرورة اللقاء والحوار..
عبد الهادي البابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 كان أئمة أهل البيت عليهم السلام يوجهون شيعتهم وأتباعهم دائماً إلى اللقاء والإجتماع بأهل السنة والجماعة ، والحضور معهم في جوامعهم ، وأجتماعاتهم ومجالسهم وندواتهم ، وينهونهم عن الأبتعاد عنهم ، ويؤكدون لهم بضرورة التواجد في الساحة الإسلامية العامة ،وحضور الجُمعات والتجمعات ، وتوحيد المواقف في الحج معهم ، ولم يردنا - ولاحديث واحد - عن إنفراد أئمة أهل البيت عليهم السلام في موقف من مواقف الحج عن الموقف العام الذي كان يحدده الحكام في تلك البرهة لعامة المسلمين ..
وقد تصدى بعض المنحرفين عن خط أهل البيت (ع) للدّس في أحاديثهم ورواياتهم ، وذلك لعزلهم وعزل شيعتهم عن الوسط الإسلامي الكبير ..وكانت هذه الأحاديث على أنحاء : منها أحاديث في الفقه ، ومنها أحاديث فيها أنتقاص وتسقيط لأهل البيت (ع) ، ومنها أحاديث في الطعن واللعن على خصومهم ..
وكانوا يعملون لأشاعة هذه الأحاديث  عنهم (ع) ..وقد روي عن الإمام الصادق (ع) في هذا المعنى : (إنا أهل بيت صادقون لانخلو من كذّاب  يكذب علينا ، فيسقط صدق كلامنا بكذبه)..رجال الكشي ص305..
وعن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً : إن المغيرة بن سعيد دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي ، فأتقوا الله ولاتقبلوا علينا ماخالف كتاب الله وسنة نبيناّ) ..
ولكن المصيبة أن هذه الأحاديث [المكذوبة]  لازالات تُروى من على المنابر يومياً وبشكل ممنهج ، فتُشحن فيها القلوب ، وتوغر فيها الصدور ، فتمتلأ بالبغض والحقد على بقية المسلمين..!! 
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: إن أبا الخطاب كذّب على علي بن أبي طالب (عليه السلام) ..لعن الله أبا الخطاب وأصحاب أبا الخطاب يدسوّن هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) ..فلاتقبلوا علينا خلاف القرآن ) ..
وكم من الأحاديث والروايات لهذا الكذاب وأمثاله من الوضاعين والدساسين لازالات تروى على أتباع أهل البيت في مناسبة وغير مناسبة ..!!
 وجاء في كتاب [عيون أخبار الرضا] ..ج1ص303:عن حديث الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى أبن أبي محمود قال: (يابن أبي محمود ، إن من أبتلينا بهم من شيعتنا  ومن مخالفينا  وضعوا أخباراً في فضائلنا ، جعلوها على ثلاثة أقسام : أحدها الغلو فينا حتى جعلونا نرزق ونشفي ونحيي ونميت والعياذ بالله ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا [أي السب واللعن والشتم ] ، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفرّوا شيعتنا ، ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير أعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا )..
وماعلينا اليوم سوى الأستماع إلى بعض المغالين والخرافيين من القراء والملالي حتى ندرك المصيبة التي نحن فيها اليوم ..!!
وقد كان أئمة أهل البيت عليهم السلام يعملون على كسر هذا الطوق عنهم وعن شيعتهم المخلصين  بتكذيب هذه الأحاديث وفضح الوضّاعين الذين كانوا يضعون عليهم الحديث مالم يتحدثوا به والتأكيد على رفض كل حديث يُروى عنهم  وهو يخالف القرآن الكريم ..فكانوا يقولون : (فأتقوا الله ولاتقبلوا علينا ماخالف قول ربّنا وسنة نبينا) ..بحار الأنوار ج25ص250..
وكانوا يطلبون من فقهاء شيعتهم ورواة أحاديثهم أن يتحروا الأحاديث الصادقة المروية عنهم عليهم السلام ..ويحذروا ماوضعه المنحرفون والخرافييون وأهل البدع والغلو والضلالة من الأحاديث المنتحلة ، وكانوا يضعون لهم الأصول والقواعد العلاجية لمعرفة الأحاديث الصادقة وفرزها من الموضوعة ، وكانوا يدعون شيعتهم للتعايش مع سائر الطوائف الإسلامية ، والأنفتاح عليهم والتعاطي العلمي والثقافي معهم وحضور أجتماعاتهم وصلواتهم ..
وكانوا لايرضون لشيعتهم أن يعتزلوا الوسط الإسلامي العام ، فهم جزء من هذه الأمة الكبيرة ، وإن أختلافهم عن أهل السنة في بعض الفروع البسيطة  ، ومقاطعتهم للحكام الظلمة الذين كانوا يحكمون المسلمين في العصور المتقدمة لم يكن يحمل معنى الأعتزال عن الساحة والأنقطاع عنها ..وقد كان أئمة أهل البيت (ع) يعيشون مع أهل السنة والجماعة في أوساطهم ومعهم ، ويجتمع إليهم المسلمون من كافة المذاهب والأتجاهات ، ويحضرون مجالسهم ، ويأخذون منهم العلم ..
وفي الختام أنقل هذا الحديث المهم عن الإمام الصادق عليه السلام وهو عبارة عن وصية إلى عموم الشيعة ، فقد روى محمد بن يعقوب الكليني بسند صحيح في الكافي عن أبي أسامة - زيد الشحام - قال : قال أبو عبدالله الصادق عليه السلام : أقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم - من الشيعة - ويأخذ بقولي السلام : أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والورع في دينكم ، والأجتهاد لله ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وكثرة السجود ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله ) ، وأدوا الأمانة إلى من أئتمنكم عليها براً كان أو فاجراً، وأن رسول الله (ص) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط .. وعليكم بأخوانكم المسلمين ..صِلوا أرحامهم  ، وأشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم ، وأدوا حقوقهم عليكم ، فأن الرجل إذا ورع في دينه ، وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل : هذا جعفري..فيسرني ذلك ويدخل السرور عليّ منه ، وقيل هذا أدب جعفر ، وإذا كان غير ذلك دخل عليَّ بلاؤهُ وعاره ، وقيل : هذا هو أدب جعفر ..) ؟
وبسند صحيح عن مرازم قال : قال أبو عبدالله الصادق (ع) : عليكم بالصلاة بالمساجد ، وحسن الجوار للناس ، وإقامة الشهادة ، وحضور الجنائز لكل المسلمين ، ..وسائل الشيعة ج8ص399.. من باب أحكام العشرة ..
هذه هي وصايا أهل البيت [عليهم السلام ] وهذا هو منهجهم وسيرتهم الكريمة ، وهذا هو معنى الشيعي الخالص ، والموالي الحقيقي في أحاديثهم ورواياتهم الصحيحة ،  وليس الشيعي من أكثر بالزيارات إلى مراقدهم  .وحضر مجالس التعازي في وفياتهم ، وأبكى العين ولطم الصدر لأجل مصائبهم ، أو من لعن المسلمين وشتم أعراضهم يومياً، بل الشيعي هو من أدى الأمانة ، وصدق بالحديث وأجاد المعاملة مع الناس ، وحسن جواره ، وأدام صلاته ، وأحسن عشرته ..
والله عندما أقرأ أحاديث أهل البيت (ع) الصحيحة التي لاتخالف القرآن الكريم  وتتوافق مع سنة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم ) ..عندما أقرأ ذلك  أشعر بأن قلبي يمتلأ بالرحمة والحب لجميع الناس ولجميع المسلمين ، وتنفتح أمامي آفاق الأمل وتغمرني السعادة الإنسانية ..
وعندما أستمع إلى بعض شيوخ السوء ، ومعممي البلاء ، وبعض القرّاء والرواديد وهم يغالون ويبتدعون ويذكرون الخرافات العجيبة على الناس البسطاء ، ثم يسردون الأحاديث القبيحة بحق رموز الأمة وقادتها من المسلمين من الطعن والعداء والأتهام والتحريض على اللعن والسب والشتم ..أقول عندما أستمع إلى تلك الأصوات القبيحة أشعر بأن قلبي يتّورم من الغيض ، ويلتهب بالحقد على ثلاثة أرباع  المسلمين ، وأصبح حّاد المزاج وعصبي الطبع على كل من يخالفني فيما سمعت من هؤلاء  ، وأتحول إلى طاقة سوداء معتمة من البغض والكراهية والأنعزال ..ولكني عندما أطلب من ربي أن يهديني إلى سواء السبيل .وأعود فأقرأ القرآن الكريم بهدوء وأقرأ أحاديث وروايات أهل البيت الناصعة ، وأطالع سيرتهم العظيمة .. عندها تهدأ نفسي ويذهب غيضي ويتبخر حقدي ..لأني أغترفت جرعة عذبة من منهل الرحمة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الهادي البابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/02



كتابة تعليق لموضوع : أحاديث أهل البيت(ع) في ضرورة اللقاء والحوار..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net