صفحة الكاتب : محمد  عبد الجبار الشبوط

نحو مفهوم شامل للتنمية المستدامة والسعادة
محمد عبد الجبار الشبوط

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تزخر التحولات العالمية في القرن الحادي والعشرين بالتحديات التي تتطلب الاهتمام بالتنمية المستدامة والسعي نحو تحقيق الرخاء والسعادة للمجتمعات. تعتبر فكرة الدولة الحضارية الحديثة نموذجًا معياريًا يمكن من خلاله قياس مستوى ونوعية أداء الدول في توظيف مواردها البشرية والطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة والسعادة لمواطنيها. هذا المقال يهدف إلى استكشاف الفكرة المتمثلة في الدولة الحضارية الحديثة كنموذج معياري لتحقيق التنمية المستدامة والسعادة.

تعزز الدولة الحضارية الحديثة فكرة التنمية المستدامة، وهي تلتزم بتحقيق التوازن بين الاحتياجات الحالية والاحتياجات المستقبلية من خلال استخدام الموارد الطبيعية بشكل مستدام وفعال.

تعني التنمية المستدامة تعني تلبية الاحتياجات الحالية من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. وبمعنى آخر، فإنها تعتمد على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتحسين جودة الحياة للسكان دون التأثير الضار على البيئة والموارد. في جوهرها، تهدف التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لضمان استدامة التنمية على المدى الطويل.

وقد اتفقت الدول الاعضاء في الامم المتحدة على ١٧ هدفا للتنمية المستدامة ينبغي تحقيقها بحلول عام 2030.

وتقوم الدولة الحضارية الحديثة على ضوابط منظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري وعناصره الخمسة، أي الإنسان والأرض والزمن والعلم والعمل.

الإنسان هو أساس الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى تحقيق رفاهية ورعاية لمواطنيها من خلال توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية. تتجلى جهود الدولة الحضارية في تعزيز قدرات الإنسان ومكافأته وتمكينه من المساهمة الفاعلة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

تُعتبر الأرض موردا حيويا للدولة الحضارية الحديثة، وتسعى هذه الدولة إلى الاستدامة واحترام التوازن البيئي من خلال تطوير سياسات واستراتيجيات للحفاظ على البيئة وتنميتها بشكل مستدام. تعتمد الدولة على التنوع البيولوجي وحماية الموارد الطبيعية وتعزيز الوعي البيئي والاستدامة في استخدام الطاقة والموارد.

الزمن يلعب دورا حيويا في رؤية الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى رؤية طويلة المدى وتخطيط متكامل لتحقيق التنمية المستدامة. من خلال وضع استراتيجيات زمنية وإدارة فعالة للمشاريع والبرامج، تلتزم الدولة بتحقيق أهداف قومية طموحة وتطوير البنية التحتية والمؤسسات الحكومية والخاصة.

تعزز العلم والتكنولوجيا الابتكار والتطور في الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى دعم البحث العلمي وتطبيق التقنيات الحديثة في مختلف المجالات. تسعى الدولة إلى تشجيع ريادة الأعمال والابتكار وتوفير البيئات الملائمة للابتكار وتطوير الصناعات الحديثة والمعرفة.

العمل يعتبر عنصرا أساسيا في مفهوم الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق فرص العمل الكريمة والمساواة في الفرص. تسعى الدولة إلى تعزيز الاقتصاد المنتج وتحفيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير سياسات العمل القوية وإدارة الموارد بفاعلية.

من خلال هذه الجوانب الخمسة، تقدم الدولة الحضارية الحديثة نموذجًا معياريًا يمكن من خلاله قياس مستوى ونوعية أداء الدول. حيث تعتبر قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة والسعادة لمواطنيها هي مقياس الأداء الحضاري الحديث. تشير التطورات الحديثة للدولة الحضارية إلى التزامها بتحقيق الرخاء للجميع وتوفير الفرص والخدمات الأساسية وتنمية النظم البيئية والاجتماعية.

في ختام هذا المقال، يمكن القول إن فكرة الدولة الحضارية الحديثة تشكل إطارا شاملا لتحقيق التنمية المستدامة والسعادة لمواطنيها. وتساهم هذه الفكرة في تعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية وتعزيز القدرات البشرية وتحفيز الابتكار والتقدم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد عبد الجبار الشبوط
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/02/06



كتابة تعليق لموضوع : نحو مفهوم شامل للتنمية المستدامة والسعادة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net