الإمامة في القرآن الكريم.. أدلة محكمة وبراهين مثبتة
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ورد ذكر الإمامة في القرآن الكريم مرات عديدة، والمؤكد عند أهل النظر والمعرفة أن الأدلة على وجوب الإمامة محكمة لا شبهة فيها.
وتعد الإمامة ركنًا من أركان الإسلام لا يقوم الإسلام إلا به، كنتيجة لما يحكم به العقل و الفطرة الإنسانية ووفقًا للنصوص المعتبرة.
الإمامة في القرآن الكريم
ذكرَ اللهُ تعالى في القرآنِ «الإمامة» على نحوين: النحو الأوّل: ذُكرَت الإمامةُ بوصفٍ عامٍّ مثلَ قولِه تعالى: {وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجدة:24].
وقولِه تباركَ اسمُه: {وجعلناهُم أئمّةً يهدونَ بأمرِنا … وأوحينا إليهم فِعلَ الخيراتِ وإقامةَ الصلاةِ وإيتاءَ الزكاةِ وكانوا لنا عابدين} [الأنبياء 73].
النحو الثاني: ذُكرَت الإمامةُ بوصفٍ خاصٍّ مثلَ قولِه تعالى: {يا داوودُ إنّا جعلناكَ خليفةً في الأرضِ فاحكُم بينَ الناسِ بالحق} [ص 26].
وقَوله تَعَالَى لإبراهيمَ عليهِ السلام: {وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلماتٍ فأتمهنَّ قالَ إنّي جاعلُكَ للنّاسِ إماماً قالَ ومِن ذُرّيّتي قالَ لا ينالُ عهدي الظالمين} [البقرة: 124].
وقولِه تعالى: { وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعلَمُ مَا لَا تَعلَمُونَ . } [البقرة: 30]
نرى أنَّ الآياتِ تؤكّدُ أنّ الإمامةَ بالجعلِ والتنصيبِ والتنصيصِ والتعيينِ منَ الله تعالى: [وجعلناهُم أئمّة] وقوله: [وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً] وقوله: [يا داوودُ إنّا جعلناكَ خليفة] وقوله: [قالَ إنّي جاعلُك للنّاسِ إماماً] وقوله: [إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً]
أصل الإمامة أسِّسَ لها في الكتاب الكريم
فأصلُ الإمامةِ أسِّسَ لها في الكتابِ الكريم، لكن قد أوكلَ بيانُ مصاديقِ الائمّةِ في الإسلامِ لرسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله.
وقد بيّنَ النبيُّ (ص) إمامةَ عليٍّ والأئمّةِ مِن ذُرّيّتِه عندَ نزولِ الكثيرِ منَ الآياتِ وأبرزها آيةُ التبليغ: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهدِي الْقَومَ الكَافِرِينَ . } [المائدة: 67].
فبلّغَ النبيُّ (ص) إمامةَ خليفتِه عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) والأئمّةِ مِن ذُرّيّتِه، في واقعةِ غديرِ خُم، فنزلَت آية: { اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلَامَ دِينًا فَمَنِ اضطُرَّ فِي مَخمَصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة: 3].
حيثُ نصَّت الآيةُ أنَّ الدينَ كانَ ناقصاً، ولكنّهُ اكتملَ بعدَ تنصيبِ الإمامِ عليّ (ع)، وأنّ النعمةَ لم تكُن تامّةً، ولكنّها تمَّت بعدَ ولايةِ عليٍّ (ع)، وأنّ اللهَ لم يرضَ الإسلامُ للمُسلمينَ ديناً إلّا بعدَ ولايةِ عليٍّ بنِ أبي طالب (ع). كما هوَ نصُّ الآيةِ الكريمة.
إمامة الأئمة بعد النبي
وأيضاً بيّنَ اللهُ إمامةَ الأئمّةِ بعد النبيّ (ص) في قولِه تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمرِ مِنكُم} [النساء: 59].
حيثُ بيّنَ اللهُ أنُّ طاعةَ أولي الأمرِ على وزنِ طاعةِ اللهِ ورسولِه، غيرُ مُحدّدةٍ ولا مُقيّدةٍ بقيد ولا شرطٍ ولا زمانٍ ولا مكان، وهذا يقتضي عصمةَ أولي الأمر، كما اعترفَ به الفخرُ الرّازي أيضاً، وهذا لا ينطبقُ إلّا على أئمّةِ أهلِ البيت (ع)، وقد بيّنَ النبيُّ (ص) أنّ الأئمّةَ الإثني عشر هُم أولوا الأمرِ الذين يجبُ على الأمّةِ طاعتُهم.
وأيضاً بيّنَ اللهُ تعالى إمامةَ الأئمّةِ بعدَ رسولِ الله (ص) في قولِه تعالى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ } [المائدة 55]
وهذهِ الآيةُ استفاضَت النصوصُ مِن طُرقِ المُخالفين أنّها نزلَت في عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) في واقعةِ التصدّقِ بالخاتم، فيكونُ وليُّ المؤمنينَ بعدَ اللهِ ورسولِه هوَ عليٌّ بنُ أبي طالب (ع).
إطاعة أولي الأمر
روى الكُلينيّ بسندٍ صحيحٍ عن أبي بصيرٍ قالَ: سألتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام عن قولِ اللهِ عزَّ وجل: { أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ مِنكم } فقالَ : نزلَت في عليّ بنِ أبي طالبٍ والحسنِ والحُسين عليهم السلام : فقلتُ له : إنَّ الناسَ يقولون : فما لهُ لم يُسمِّ عليّاً وأهلَ بيتِه عليهم السلام في كتابِ اللهِ عزَّ وجل ؟
فقالَ- عليهِ السلام -: قولوا لهم: إنَّ رسولً الله صلّى اللهُ عليهِ وآله نزلت عليهِ الصّلاة ولم يسمِّ اللهُ لهُم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله هوَ الذي فسّرَ ذلكَ لهم، ونزلَت عليهِ الزكاةُ ولم يُسمِّ لهُم مِن كلِّ أربعينَ درهماً درهم، حتّى كانَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله هو الذي فسّرَ ذلكَ لهم، ونزلَ الحجُّ فلم يقُل لهُم: طوفوا أسبوعاً حتّى كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله هوَ الذي فسّرَ ذلكَ لهم، ونزلَت “” أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ منكم “” – ونزلَت في عليٍّ والحسنِ والحُسين – فقالَ رسولُ الله صلًى اللهُ عليهِ وآله: في عليٍّ: مَن كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه، وقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآله أوصيكم بكتابِ اللهِ وأهلِ بيتي، فإنّي سألتُ اللهَ عزَّ وجل أن لا يفرّقَ بينَهما حتّى يوردَهما عليَّ الحوض، فأعطاني ذلكَ وقال: لا تعلّموهم فهُم أعلمُ منكم.
وقالَ: إنّهم لن يُخرجوكم مِن بابِ هُدىً، ولن يدخلوكُم في بابِ ضلالة، فلو سكتَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فلم يُبيّن مَن أهلُ بيتِه، لادّعاها آلُ فلان وآلُ فلان، لكنَّ اللهَ عزَّ وجل أنزلَه في كتابِه تصديقاً لنبيّه صلّى اللهُ عليهِ وآله: “إنّما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيت ويطهّرَكم تطهيراً” فكانَ عليٌّ والحسنُ والحُسين وفاطمةُ عليهم السلام، فأدخلَهم رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله تحتَ الكساءِ في بيتِ أمِّ سلمة، ثمَّ قال: اللهمَّ إنَّ لكلِّ نبيٍّ أهلاً وثقلاً وهؤلاءِ أهلُ بيتي وثقلي.
فقالَت أمُّ سلمة: ألستُ مِن أهلِك؟ فقالَ: إنّكِ إلى خيرٍ ولكنَّ هؤلاءِ أهلي وثقلي، فلمّا قُبضَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله كانَ عليٌّ أولى الناسِ بالناسِ لكثرةِ ما بلغَ فيه رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وإقامتِه للنّاسِ وأخذهِ بيدِه، فلمّا مضى عليٌّ لم يكُن يستطيعُ عليٌّ ولم يكُن ليفعلَ أن يدخلَ محمّدَ بن عليّ ولا العبّاسَ بن عليّ ولا واحداً مِن ولدِه إذاً لقالَ الحسنُ والحُسين: إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى أنزلَ فينا كما أنزلَ فيكَ فأمرَ بطاعتِنا كما أمر بطاعتِك وبلّغَ فينا رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وآله كما بلّغَ فيكَ وأذهبَ عنّا الرّجسَ كما أذهبَه عنك، فلمّا مضى عليٌّ عليهِ السلام كانَ الحسنُ عليهِ السلام أولى بها لكبرِه، فلمّا توفّيَ لم يستطِع أن يدخلَ ولدَه ولم يكُن ليفعلَ ذلكَ واللهُ عزَّ وجل يقول: “” وأولو الأرحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ الله “” فيجعلها في ولدِه إذاً لقالَ الحُسين أمرَ اللهُ بطاعتي كما أمرَ بطاعتِك و طاعةِ أبيك وبلّغَ في رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله كما بلّغَ فيكَ وفي أبيكَ وأذهبَ اللهُ عنّي الرجسَ كما أذهِبَ عنكَ وعن أبيك، فلمّا صارَت إلى الحُسين عليهِ السلام لم يكُن أحدٌ مِن أهلِ بيتِه يستطيعُ أن يدّعي عليه كما كانَ هو يدّعي على أخيهِ وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمرَ عنه ولم يكونا ليفعلا ثمَّ صارَت حينَ أفضَت إلى الحُسين عليهِ السلام فجرى تأويلُ هذه الآية “” وأولو الأرحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ الله “” ثمَّ صارَت مِن بعدِ الحُسينِ لعليٍّ بنِ الحُسين، ثمَّ صارَت مِن بعدِ عليٍّ بنِ الحُسين إلى محمّد بنِ علي عليهِ السلام (1).
وهناكَ آياتٌ كثيرةٌ استدلَّ بها الإماميّةُ على إمامةِ أئمّةِ أهلِ البيت عليهم السلام فذكرَ العلّامةُ الحلّي في كتابِه: «نهجُ الحق» ثمانينَ آيةً تدلُّ على إمامتِهم عليهم السلام.
المصدر: موقع الأئمة الاثنا عشر
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat