صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

غديريات / ٢ الدين والدنيا ، مَن يُصلح مَن ..؟
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدين شيء والمعرفة الدينية شيء آخر ، فالمعارف الدينية قد تنقص عن الدين بقليل أو كثير ، وما نعرفه عن الدين قد يكون مغلوطاً وبعكس ما هو الصحيح .. حتى الفقهاء الذين هم أعرف الناس فهماً للدين بعد المعصومين عليهم السلام يقولون أننا نفهم ظواهر ما وصلنا من الدين ، وأن علمه عند أهله ، وأهله من عصمهم الله تعالى واصطفاهم ..

ولهذا .. عندما نأخذ جولة فيها تدبر في كلام الله تعالى وكلام المعصومين سنكتشف ان لدينا الكثير من المغلوطات التي جاءتنا من هنا وهناك وكنا نحسبها من الدين وشريعة سيد المرسلين وترسخت فينا كمسبوقات معرفية تعيش في عقلنا الباطن ونحكّم حركتنا وفقها ونحن لا ندري ..

خذ مثلاً هذا السؤال المفصلي ، الذي وجدت إجابته خاطئة عند البعض بل ويعمل بهذا الخطأ ويدافع عن الآخرين به ..! وهو : من يُصلح ويصون مَن ..؟ الدين يُصلح ويصون الدنيا أم العكس ..؟

والجواب نجده حاضراً عند أمير الكلام عليه السلام حيث يقول : " لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح اللَّه عليهم ما هو أضرّ منه " نهج البلاغة ، حكمة رقم 106 . ويقول عليه السلام : " صن دينك بدنياك تربحهما ، ولا تصن دنياك بدينك فتخسرهما " ميزان الحكمة ١٣٢٠ .

هذه القاعدة هي دستور للحاكم والمحكوم ، وقانون حياة للمجتمع وللفرد المسلم ، ومنهج يدخل في ورقة عمل كل جماعة أو مؤسسة تأخذ من الدين عنواناً أو شعاراً لها ..

وهذا البرنامج قد عمل به أمير المؤمنين عليه السلام بأدق مستويات العمل والتطبيق ، ولهذا نرى الفارق الكبير بين دين علي ودنياه ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) : " كان أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) يقول للناس بالكوفة : يا أهل الكوفة ، أتروني لا أعلم ما يصلحكم ؟! بلى ! ولكني أكره أن أصلحكم بفساد نفسي ) أي فساد دينه . أمالي المفيد ٢٠٧ / ٤٠ .

ذم الدنيا وتقديمها قرباناً للآخرة هو قانون علوي صارخ في حياته ومدوي في كلماته ومواعظه .. بل فرضه على الكادر الذي يعمل ضمن طاقم خلافته ايضا ، فمن كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف الأنصاري - كان عامله على البصرة وقد بلغه أنه دُعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها - قوله : ( أما بعد يا بن حنيف ، فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها ، تستطاب لك الألوان ، وتنقل إليك الجفان ، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو ، وغنيهم مدعو ، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما أيقنت بطيب وجهه فنل منه . ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدى به ، ويستضئ بنور علمه ، ألا وأن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعمه بقرصيه ، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد ، وعفة وسداد ، فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا ، ولا ادخرت من غنائمها وفرا ، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ، ولا حزت من أرضها شبرا ، ولا أخذت منه إلا كقوت أتان دبرة ، ولهي في عيني أوهى من عفصة مقرة ) .

ولهذا فإن كل من يريد أن يلج حياة علي بن أبي طالب السياسية والاجتماعية والجهادية والدينية والأخلاقية .. ويريد أن يحللها ، عليه أن ينظر إليها بعين ونافذة هذه القاعدة وهذا الأصل الأصيل عنده صلوات الله وسلامه عليه .
#أسبوع_الولاية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/20



كتابة تعليق لموضوع : غديريات / ٢ الدين والدنيا ، مَن يُصلح مَن ..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net