إِضاءةٌ عن نُقطةِ (الباءِ) في (بسمِ اللٰهِ الرحمٰنِ الرحيم):
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نَقرأُ ، ونسمَعُ في بعضِ الكتبِ والمقالاتِ ، والقصائدِ والمَقطوعاتِ أَنَّ الإِمامَ عليًّا (عليهِ السلامُ) هو نُقطةُ (الباءِ) التي في عبارةِ القداسةِ والاستعانةِ المطلقةِ (بسمِ اللٰهِ الرحمٰنِ الرحيم) بتقليدٍ لا وجودَ فيه للتحليلِ والتدقيقِ والتوثيقِ والتصويبِ والتوجيهِ !
والسؤالُ المتصارعُ مع هذا الأَمرِ للظهورِ والعَرضِ تحقيقًا وإِحقاقًا للحقيقةِ هو:
هل كُتِبَ النصُّ القرآنيُّ مَنقُوطًا أَولَ كتابتِه وتدوينِه وجَمعِه ؟
الجوابُ: لا ؛ فالتنقيطُ نوعانِ:
١- تنقيطُ الإِعرابِ الذي وضَعهُ (أَبو الأَسودِ الدُّؤليُّ) المُتوفَّى عامَ (٦٩هـ) ؛ ليَمِيزَ الضمةَ من الفتحةِ من الكسرةِ من تنوينِ كلٍّ منها درءًا للَّحنِ في القراءةِ.
وثمةَ حقيقةٌ قرآنيةٌ لا مجالَ للرَّيبِ فيها مفادُها أَنَّ القرآنَ الكريمَ قد جُمِع مصحفًا كاملًا في حياةِ الرسولِ الأَحمدِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ﴾ [القيامة/١٧] ؛ فكُتِبَ بـ(لا حركاتٍ إِعرابيةٍ ولا علاماتٍ بنائيةٍ) ، والنصُّ يرفُضُ الاجتهادَ التضليليَّ الذي أُريدَ به تشويهُ حقائقَ سماويةٍ ، وطمسُها طعنًا في الدِّينِ والقرآنِ ليس المقالُ بمُخصَّصٍ لعَرضِها.
٢- تنقيطُ الإِعجامِ الذي وضعهُ كلٌّ مِّن (يَحيى بنِ يَعمُرَ العُدوانيِّ) المُتوفَّى عامَ (٩٠هـ) ، و(نصرٍ بنِ عاصمٍ الَّليثِيِّ) المتوفَّى عامَ (٨٩هـ) ؛ ليَمِيزا به الحرفَ عن نَّظيرِه الشَّكلِيِّ كـ(ب ت ث) مثلًا بوضعِ نُقطةٍ واحدةٍ تحتَ هذا الشكلِ ؛ فيُعرَفُ أَنه حرفُ (الباءِ) ، ونُقطتَينِ فوقَ منتصَفِه الأُفُقِيِّ ؛ فيُعرَفُ أَنه حرفُ (التاءِ) ، وثلاثِ نُقاطٍ فوقَ منتصَفِه الأُفُقِيِّ ؛ فيُعرَفُ أَنه حرفُ (الثاءِ) ، كذلكَ لحرفِ (ح) بتركِه بلا نُقطةٍ ؛ فيُعرَفُ أَنه حرفُ (الحاءِ) ، و(ج) بوضعِ نُقطةٍ واحدةٍ على يَمينِ قوسِه ؛ فيُعرَفُ أَنه حرفُ (الجيمِ) ، و(خ) بوضعِ نُقطةٍ واحدةٍ فوقَه انتِصافًا أُفُقيًّا ؛ فيُعرَفُ أَنه حرفُ (الخاءِ)... وهكذا مَيزًا بينَ كلِّ ثلاثةِ أَحرُفٍ متشابهاتٍ ، ثم بينَ كلِّ حرفَينِ مُتشابهَينِ ، ثم تأتي الأَحرُفُ المنفردةُ هيأةً بلا نقطٍ مع انمِيازِ حرفِ (النونِ) بنُقطةٍ في أَعلاهُ انتصافًا مَيزًا عن حرفِ (الباءِ) ونظيرَيهِ ، وانميازِ حرفِ (الياءِ) بنُقطتَينِ أَسفلَه أُفقيًّا درءًا لاشتباهِه بحرفِ (الأَلفِ) المقصورةِ.
والحقيقةُ أَنَّ نَقطَ الحروفِ عمَلٌ مُسدَّدٌ إِلٰهيًّا قد جرى بعد توثيقِ تدوينِ القرآنِ وجَمعِه مكتوبًا كاملًا بلا تنقيطٍ تناسُبًا ومعرفةَ الناسِ القاطعةِ بالحرفِ من غيرِ تنقيطِه أَولَ التنزيلِ والتدوينِ والجَمعِ ، وبعدَ رحيلِ النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، وبعدَ رحيلِ الإِمامِ عليٍّ (عليهِ السلامُ).
فمِن أَين تحصَّل وجودُ نُقطةِ (الباءِ) التي لا وجودَ لها بعدَ تمامِ العهدَينِ النبويِّ والعَلَوِيِّ ؟! وما الدَّلالةُ التي تُعطيها نُقطةٌ مجرَّدةٌ تحتَ حرفٍ مِيْزَ بها عن نظيرَينِ لا غيرَ ؟!
وهل يَنمازُ الإِمامُ عليٌّ (عليهِ السلامُ) - توقيرًا ومكانةً ومِكْنةً خليفةً لرسولِ اللٰهِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، ووليًّا للهِ على الناسِ أَجمعينَ ، وأَميرًا للمؤمنينَ ، وأَنه مع الحقِّ والحقُّ معه ، وأَنه الصدِّيقُ الأَكبرُ والفارُوقُ الأَظهَرُ - بجعلِه نُقطةً تحتَ حرفٍ ؟! ﴿ما لَكُم كيفَ تَحكُمُونَ﴾ [الصافات/١٥٤] ؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat