مقالات في مناب المرتضى 29. تشبيه الامام علي بالانبياء
حامد كماش آل حسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حامد كماش آل حسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مقدمة:
لابد من الإشارة إننا في هذه المقالات ليس الغرض منها أضافة شيء جديد بخصوص المناقب والفضائل الخاصة بالإمام علي «عليه السلام» أو نأتي بقراءة جديدة لها، وإنما الغرض منها هو ذكر وتوضيح وأثبات تلك المناقب والفضائل ورفع بعض الشبهات عنها وكذلك رد من يحاول تفريغ تلك المناقب من خصوصيتها ومضمونها، وذلك بالاستعانة بمختلف المصادر والنقل عنها.
ومن المعلوم ان ألقاب وفضائل أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بلغت من الكثرة والشهرة حداً لم يتمكن أعدى أعدائه من إنكارها، رغم كل الجهود التي بذلت في ذلك.
· قال الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد سُئل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((ماذا أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً، وأخفاها محبوه خوفاً، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين)).(1)
· وقال احمد بن حنبل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي)).(2)
ونتيجة لعدم إمكانية إخفاء هذه الفضائل حاولوا أن يتقاسموها، وينحلوها الى الآخرين، حتى لا تكون خصوصية للإمام علي «عليه السلام»، وهذا دليل على أن كل فضيلة لوحدها تمثل مقاماً رفيعاً، ورغم كل هذه المحاولات بقي الإمام علي «عليه السلام» صاحب الخصوصيات التي لم يشاركه فيها أحد، وقد تكلمنا في مقالات سابقة عن:
1. لقب «أمير المؤمنين»
2. لقب «قائد الغر المحجلين».
3. لقب «يعسوب الدين».
4. لقب «أبو تراب».
5. لقب «إمام المتقين».
6. منقبة «وليد الكعبة».
7. لقب ومنقبة وصفه بـــ«السيد».
8. منقبة «قسيم الجنة والنار».
9. منقبة «أول من أسلم».
10. لقب «الصديق».
11. لقب «الفاروق».
12. لقب «سيف الله المسلول».
13. لقب «ساقي الحوض».
14. لقب «ذي النورين».
15. لقب «باب مدينة العلم».
16. لقب «صاحب بيعة الغدير».
17. لقب «حامل لواء الحمد».
18. منقبة «علي مع الحق والحق مع علي».
19. منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق».
20. لقب «سيد الثقلين»:
21. منقبة «إن الإمام علي بمنزلة الكعبة يؤتى ولا يأتي».
22. منقبة «المبيت على فراش النبي ليلة الهجرة».
23. منقبة «هجرة أمير المؤمنين علانية».
24. منقبة «حديث المؤاخاة».
25. منقبة «حديث الراية».
26. منقبة أنه «قاتل المشركين».
27. منقبة «رجحان ايمان الإمام علي على السموات السبع»
28. منقبة «حديث المنزلة»:
واليوم نتكلم عن منقبة «تشبيه الإمام علي بالانبياء»:
هناك الكثير من الروايات والتي تشبه الإمام علي «عليه السلام» بالأنبياء «عليهم السلام»، وهذا يعتبر دليل من الأدلة الكثيرة على أفضلية الإمام علي «عليه السلام» على سائر اصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم».
واستناداً الى هذا الحديث وغيرها من الأحاديث فان أكثر علمائنا يرون أن الإمام علي والأئمة الأطهار «عليهم السلام» أفضل من جميع الأنبياء «عليهم السلام»، حتى أولي العزم، والدليل عليه من وجوه:
1. في حديث طويل نختصره: ما رواه المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله «عليه السلام»:
((إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرافها أرواح محمد وعلي والحسن والحسين والأئمة «عليهم السلام»، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبائي وأوليائي وحججي على خلقي، وأئمة بريتي، ما خلقت خلقاً هو أحب إلي منهم، ولمن تولاهم خلقت جنتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري ..... فلما اسكن الله عز وجل آدم وحواء الجنة ..... فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم «عليهم السلام» فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: ..... فقال جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما)).(3)
2. ما استفاض في الأخبار من أن علم الأئمة «عليهم السلام» أكمل من علوم كل الأنبياء «عليهم السلام»، وذلك أن من جملته علم الاسم الأعظم، وهو ثلاثة وسبعون حرفاً، حرف منها استأثر به الله تعالى نفسه، واثنان وسبعون علمها لرسوله، وأمره أن يعلمها لأهل بيته، وأما باقي الأنبياء «عليهم السلام»، فقال الإمام الصادق «عليه السلام»: ((إن عيسى بن مريم أعطي حرفين كان يعمل بهما، وأعطي موسى أربعة أحرف، وإبراهيم ثمانية أحرف، وأعطي نوح خمسة عشر حرفاً، وأعطي آدم خمسة وعشرين حرفاً، وإن الله جمع ذلك كله لمحمد «صلى الله عليه وآله» ...)).(4)
3. إن القرآن الكريم أشار إلى أن الأنبياء «عليهم السلام» لو بعثوا في زمان النبي «صلى الله عليه وآله»، لما وسعهم إلا الإيمان به واتباعه، ومقتضى الإيمان والاتباع هو الامتثال لكل ما يأمر به النبي «صلى الله عليه وآله» واتباعه في كل شيء.
فلو فرضنا أن الأنبياء موجودون في زمان النبي «صلى الله عليه وآله»، ونص على إمامة الأئمة «عليهم السلام»، وأمر بأتباعهم، فهل يسع الأنبياء مخالفة ذلك.
وحينئذ نسأل أيهما أفضل الإمام أم المأموم؟ والتابع أم المتبوع؟ وإذا ثبتت أفضليتهم في هذا الحال، وهي ثابتة في كل الأحوال، فليس هناك ما يمنع من أفضلية الأئمة «عليهم السلام» على سائر الأنبياء، لا عقلاً ولا شرعاً.
4. إن أهل السنة رووا في كتبهم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال : ((علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل))(5) أو بمنزلة أنبياء بني إسرائيل ونحو ذلك، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» يفتخر بعلماء أمته يوم القيامة، فإذا كان العالم المسلم من أمة النبي «صلى الله عليه وآله» بهذه المنزلة والمكانة، وهو مهما بلغ في علمه فليس بمعصوم، فكيف بمن نص القرآن على عصمتهم، ونوه النبي «صلى الله عليه وآله» بفضلهم، وورثوا العلوم عن النبي «صلى الله عليه وآله» واستغنوا عن الناس في المعارف والعلوم، واحتياج الناس إلى علومهم ومعارفهم.
5. في صفة منبر الوسيلة من النبي «صلى الله عليه وآله» أنه منبر يؤتى به في يوم القيامة، فيوضع عن يمين العرش، فيرقى النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم يرقى من بعده أمير المؤمنين «عليه السلام»، فيجلس في مرقاة دونه، ثم الحسن في مرقاة دونه إلى آخرهم، ثم يؤتى بإبراهيم وموسى وعيسى والأنبياء، فيجلس كل واحد على مرقاته من دون المراقي ...(6)
استدلال آخر على الأفضلية:
هناك الكثير من الأدلة على أفضلية الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» على جميع الأنبياء والمرسلين، لا يسع المجال ذكرها.(7)
ويمكن أن نستدل بطريقة أخرى، وهي:
1. أن نثبت الإمكان العقلي، بأن يكون هناك شخص أفضل من الأنبياء حتى أولي العزم، وهذا واضح فهو ليس بعزيز على الله ولا يلزم منه محذور.
2. أن نثبت الوقوع والوجود لمثل هذا الشخص بعد النبي «صلى الله عليه وآله»، وهو أمير المؤمنين «عليه السلام» أول الأئمة، بأدلة عديدة:
- منها: مساواته للنبي «صلى الله عليه وآله» ما عدا النبوة، كما في آية المباهلة، فهو نفس النبي «صلى الله عليه وآله» والنبي أفضل، فنفسه وهو علي أفضل.
- ومنها: حديث الطائر، ومفاده أن علياً «عليه السلام» أحب الخلق إلى الله عز وجل، وكذلك أحاديث تشبيه علي «عليه السلام» بالأنبياء «عليهم السلام».
- أن نثبت وقوع الأفضلية لإمام آخر، وهو المهدي «عليه السلام» من خلال ما تواتر من صلاة عيسى خلفه، وأنه من اتباعه.
- أن نوسع ما ثبت أعلاه حتى يشمل بقية الأئمة «عليهم السلام»، أما بأحد الأدلة المذكورة في الجواب الأول، أو بطريق الروايات الواردة عن أهل البيت «عليهم السلام» أنفسهم، كما أوردنا آنفاً، بعد أن أثبتنا أفضلية علي «عليه السلام»، والمهدي من القرآن وروايات أهل السنة، وكذلك أن الأئمة كلهم نور واحد، وغيرها.
- وبعضهم استدل على الافضلية بوجوب معرفة الإئمة وعدم وجوب معرفة الأنبياء كلهم.(8)
الأقوال في المسألة:
ولكن وقع الخلاف بين العلماء في أفضلية الأئمة «عليهم السلام» على الأنبياء «عليهم السلام»، ما عدا جدهم «صلى الله عليه وآله»:
· فذهب جماعة إلى أنهم أفضل من باقي الأنبياء ما خلا أولي العزم فهم أفضل من الأئمة.
· وذهب بعضهم إلى مساواتهم.
· وإن أكثر المتأخرين من علماؤنا يرون أفضلية الأئمة على أولي العزم وغيرهم، وهو الرأي الصحيح.
حديث تشبيه الإمام علي «عليه السلام» بالأنبياء رواه الفريقان غير أن له ألفاظاً مختلفة وإليك نصوصها:
1. احمد بن حنبل في (المسند):
((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سنته، وإلى محمد في تمامه وكماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل. فتطاول الناس فإذا هم بعلي بن أبي طالب كأنما ينقلع من صبب، و ينحط من جبل)).(9)
2. البيهقي في (فضائل الصحابة):
((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته : فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).(10)
3. الخوارزمي في (المناقب):
((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).(11)
4. ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة):
((روى المحدثون عنه «صلى الله عليه وآله وسلم» أنه قال: من أراد أن ينظر إلى نوح في عزته، وموسى في علمه، وعيسى في ورعه فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).(12)
5. الحافظ محب الدين الطبري في (الرياض النضرة):
((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، و إلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
وأخرج عن ابن عباس بلفظ: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب، فقال : أخرجه الملا في سيرته)).(13)
6. القاضي عضد الأيجي الشافعي في (المواقف):
((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).(14)
7. الصفوري في نزهة المجالس:
((قال النبي «صلى الله عليه وآله» من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في زهده، وإلى محمد في بهاءه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام»)).(15)
في رحاب حديث الأشباه:
1. قال الحافظ الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب):
((عن ابن عباس قال: بينما رسول الله «صلى الله عليه وآله» جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي «عليه السلام» فلما بصر به رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).
ثم قال: قلت: تشبيهه لعلي بآدم في علمه لأن الله علم آدم صفة كل شئ كما قال عز وجل: «وعلم آدم الأسماء كلها» فما من شيء ولا حادثة إلا وعند علي فيها علم وله في استنباط معناها فهم، وشبهه بنوح في حكمته، وفي رواية: في حكمه، وكأنه أصح لأن علياً كان شديداً على الكافرين رؤفاً بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله: «والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم»، وأخبر الله عزوجل عن شدة نوح على الكافرين بقوله: «رب لاتذر على الأرض من الكافرين دياراً»، وشبهه في الحلم بإبراهيم خليل الرحمن كما وصفه عز وجل بقوله: «إن إبراهيم لأواه حليم»، فكان متخلقا بأخلاق الأنبياء متصفاً بصفات الأصفياء.(16)
2. قال محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤل) عن (فضائل الصحابة) للبيهقي:
(من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام) .. ثم قال:
فقد أثبت النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» لعلي بهذا الحديث علماً يشبه علم آدم، وتقوى تشبه تقوى نوح، وحلماً يشبه حلم إبراهيم، وهيبة تشبه هيبة موسى، وعبادة تشبه عبادة عيسى، وفي هذا تصريح لعلي بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وتعلو هذه الصفات إلى أوج العلا حيث شبهها بهؤلاء الأنبياء المرسلين من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة.(17)
3. وفصل القول في هذا الحديث وبيان وجه الشبه بين الإمام علي «عليه السلام» والأنبياء مع شرح وتوضيح اوجه الشبه التي ذكرها هو الحافظ أحمد بن محمد العاصمي في كتابه «زين الفتى في شرح سورة هل أتى».(18)
وقد اطلعنا على ملخص الكتاب المسمى «العسل المصفى من كتاب زين الفتى» في جزئين الذي قام بعمله وتحقيقه الشيخ محمد باقر المحمودي، ننقل منه موضع الحاجة لأهميته:
· قال في كتابه عند وصوله الى حديث الأشباه:
((... ان في المرتضى رضوان الله عليه مشابه من أبينا آدم «عليه السلام» ثم من بعض الأنبياء «عليهم السلام» بعده، فأولهم آدم «عليه السلام»، ثم نوح الصفي «عليه السلام»، ثم أبراهيم الخليل «عليه السلام»، ثم يوسف الصديق «عليه السلام»، ثم موسى الكليم «عليه السلام»، ثم داود ذو اليد «عليه السلام»، ثم سليمان الشاكر «عليه السلام»، ثم أيوب الصابر «عليه السلام»، ثم يحيى بن زكريا «عليه السلام»، ثم عيسى الروح «عليه السلام»، ثم محمد المصطفى «صلى الله عليه وآله وسلم».، وأنا افرد لكل واحد منهم فصلاً مشتملاً على ما فيه لينظر فيه العاقل فيستدل به على ما وراءه والله الموفق للصواب)).(19)
· ثم ذكر عدة طرق للحديث منها:
(... عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب).(20)
· ثم أخذ يذكر وجه المشابه مع كل نبي فقال:
§ أما آدم «عليه السلام» فإنه وقعت المشابهة بين المرتضى وبينه بعشرة أشياء:
- أولها : بالخلق والطينة.
- والثاني : بالمكث والمدة.
- والثالث : بالصاحبة والزوجة.
- والرابع : بالتزويج والخلعة.
- والخامس : بالعلم والحكمة.
- والسادس : بالذهن والفطنة.
- والسابع : بالأمر والخلافة.
- والثامن : بالأعداء والمخالفة.
- والتاسع : بالوفاء والوصية.
- والعاشر : بالأولاد والعترة.
ثم بسط القول وشرح هذه الأوجه والنقاط العشرة كلها، الى ان قال :
§ ثم وقعت المشابهة بين المرتضى وبين نوح بثمانية أشياء:
- أولها : بالفهم.
- والثاني : بالدعوة.
- والثالث : بالإجابة.
- والرابع : بالسفينة.
- والخامس : بالبركة.
- والسادس : بالسلام.
- والسابع : بالشكر.
- والثامن : بالإهلاك.
ثم بين وشرح وجه الشبه في هذه النقاط الثمانية كلها، إلى أن قال:
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين إبراهيم الخليل بثمانية أشياء :
- أولها : بالوفاء.
- والثاني : بالوقاية.
- والثالث : بمناظرته أباه وقومه.
- والرابع : بإهلاك الأصنام بيمينه.
- والخامس: ببشارة الله إياه بالولدين اللذين هما من أصول أنساب الأنبياء «عليهم السلام».
- والسادس : باختلاف أحوال ذريته من بين محسن وظالم.
- والسابع : بابتلاء الله تعالى إياه بالنفس والولد والمال.
- والثامن : بتسمية الله إياه خليلا حتى لم يؤثر شيئا عليه.
ثم فصل وشرح وجه الشبه فيها كلها، إلى أن قال :
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين يوسف الصديق بثمانية أشياء :
- أولها : بالعلم والحكمة في صغره.
- والثاني : بحسد الأخوة له.
- والثالث : بنكثهم العهود فيه.
- والرابع بالجمع له بين العلم والملك في كبره.
- والخامس : بالوقوف على تأويل الأحاديث.
- والسادس : بالكرم والتجاوز عن إخوته.
- والسابع : بالعفو عنهم وقت القدرة عليهم.
- والثامن : بتحويل الديار.
ثم بين وشرح وجه الشبه في هذه النقاط الثمانية كلها، ثم قال:
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين موسى الكليم عليه السلام بثمانية أشياء :
- أولها : الصلابة والشدة.
- والثاني : بالمحاجة والدعوة.
- والثالث : بالعصا والقوة.
- والرابع : بشرح الصدر والفسحة.
- والخامس: بالأخوة والقربة.
- والسادس : بالود والمحبة.
- والسابع : بالأذى والمحنة.
- والثامن : بميراث الملك والإمرة.
ثم بين وشرح ووضح وجه التشبيه فيها كلها، ثم قال :
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين داود بثمانية أشياء :
- أولها : بالعلم والحكمة.
- والثاني : بالتقوى على إخوانه في صغر سنه.
- والثالث : بالمبارزة لقتل جالوت.
- والرابع : بالقدر معه من طالوت إلى أن أورثه الله ملكه.
- والخامس : بإلانة الحديد له.
- والسادس : بتسبيح الجوامد معه.
- والسابع : بالولد الصالح.
- والثامن : بفصل الخطاب.
ثم بين ووضح وشرح اوجه الشبه في هذه النقاط الثمانية كلها، ثم قال:
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين سليمان بثمانية أشياء :
- أولها : بالفتنة والابتلاء في نفسه.
- والثاني : بتسليط الجسد على كرسيه.
- والثالث : بتلقين الله إياه في صغره بما استحق به الخلافة.
- والرابع : برد الشمس لأجله بعد المغيب.
- والخامس : بتسخير الهوى والريح له.
- والسادس : بتسخير الجن له.
- والسابع : بعلمه منطق الطير والجوامد وكلامه إياه.
- والثامن : بالمغفرة ورفع الحساب عنه.
ثم بين وشرح وجه التشبيه في هذه النقاط الثمانية كلها، ثم قال :
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى «عليه السلام« وبين أيوب بثمانية أشياء :
- أحدها : بالبلايا في بدنه.
- والثاني : بالبلايا في ولده.
- والثالث : بالبلايا في ماله.
- والرابع : بالصبر على الشدايد.
- والخامس : بخروج الجميع عليه.
- والسادس : بشماتة الأعداء.
- والسابع : بالدعاء لله تعالى فيما بين ذلك وترك التواني فيها.
- والثامن : بالوفاء للنذر والاجتناب عن الحنث.
ثم بين ووضح وجه المشابهة في هذه النقاط الثمانية كلها، ثم قال:
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين يحيى بن زكريا بثمانية أشياء:
- أولها : بالحفظ والعصمة.
- والثاني : بالكتاب والحكمة.
- والثالث : بالتسليم والتحية.
- والرابع : ببر الوالدين.
- والخامس : بالقتل والشهادة لأجل مرأة مفسدة.
- والسادس : بشدة الغضب والنقمة من الله تعالى على قتله.
- والسابع : بالخوف والمراقبة.
- والثامن بفقد السمي والنظر له في التسمية.
ثم بين ووضح اوجه التشبيه في هذه النقاط الثمانية كلها، ثم قال:
§ ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين عيسى بثمانية أشياء :
- أولها : بالاذعان لله الكبير المتعال.
- والثاني : بعلمه بالكتاب طفلا ولم يبلغ مبلغ الرجال.
- والثالث : بعلمه بالكتابة والخطابة.
- والرابع : بهلاك الفريقين فيه من أهل الضلال.
- والخامس : بالزهد في الدنيا.
- والسادس : بالكرم والافضال.
- والسابع : بالإخبار عن الكواين في الاستقبال.
- والثامن : بالكفائة.
ثم بين وجه الشبه في هذه النقاط الثمانية كلها.
نص الشبهة:
- قال العلامة الحلي في كتابه منهاج الكرامة:
((وروى البيهقي بإسناده عن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» أنه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب، فأثبت له ما تفرق فيهم)).(21)
- وقد ألف ابن تيمية كتاب منهاج السنة، رد فيه على كتاب منهاج الكرامة في إثبات الإمامة للعلامة الحلي، وقال في رده على كلام العلامة الحلي المذكور:
((هذا الحديث كذب موضوع على رسول الله «صلّى الله عليه وآله» بلا ريب عند أهل العلم بالحديث)).(22)
الجواب:
الحديث الذي ذكره العلامة الحلي يعرف بحديث (الأشباه)، وهو حديث مروي عن عدة من الصحابة، اضافة الى روايته من قبل الأئمة المشاهير في مختلف القرون:
أ. من رواته من الأئمة والحفاظ الكبار:
1. عبدالرزاق بن همام الصنعاني صاحب المصنف وشيخ البخاري.
2. أحمد بن حنبل.
3. أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
4. أبو حفص ابن شاهين.
5. الحاكم النيسابوري.
6. ابو بكر ابن مردويه الاصفهاني.
7. أبو نعيم الاصفهاني.
8. أبو بكر البيهقي.
9. ابن المغازلي الواسطي.
10. أبو الخير القزويني الحاكمي.
11. الطبري، صاحب الرياض النضرة.
12. ابن الصبّاغ المالكي.
ب.وأما في صحة الحديث سنداً، فالحديث له اكثر من طريق صحيح السند، ومنها:
يقول ياقوت الحموي في كتابه معجم الاُدباء في ترجمة ابن المفجع:
((... وله قصيدة ذات الاشباه سميت بذات الاشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» وهو في محفل من أصحابه: «إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في خلته، وموسى في مناجاته، وعيسى في سننه، ومحمد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل»، فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب، فأورد المفجع ذلك في قصيدته وفيها مناقب كثيرة، وأولها:
أيها اللائمي لحبي علياً ... قم ذميما إلى الجحيم خزياً ...)).(23)
فالسند هنا:
((ياقوت الحموي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: ....)).
وسوف يتم التعريف بكل اسم من هذه الأسماء لمعرفة مدى وثاقتها وقبول رواياتها من قبل العلماء:
1. ياقوت الحموي:
معروف بأنه من المنحرفين عن أمير المؤمنين «عليه السلام»، وهذا مذكور بترجمته، لاحظوا كتاب وفيات الاعيان، لاحظوا شذرات الذهب، وغيرهما من المصادر، وقد ذكروا أنّه تكلم في سنة ٦١٣هـ في دمشق بكلام في علي «عليه السلام»، فثار الناس عليه وكادوا يقتلونه، فانهزم من دمشق، ذكر هذا ابن خلكان ونص على أنه كان متعصباً على علي «عليه السلام».
2. عبد الرزاق بن همام:
هو شيخ البخاري وصاحب المصنف ومن رجال الصحاح كلها، ولم يتكلم أحد في عبد الرزاق بن همام بجرح أبداً، حتى قيل بترجمته: «ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» مثل ما رحلوا إليه»(24) ، توفي سنة ٢١١هـ.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال:
«عبدالرزاق بن همام بن نافع، الإمام، أبوبكر، الحميري مولاهم، الصنعاني، أحد الأعلام الثقات، ولد سنة 126 وطلب العلم وهو ابن عشرين سنة ...».(25)
3. معمر:
هو معمر بن راشد، من رجال الصحاح الستة، توفي سنة ١٥٣هـ.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:
« معمر بن راشد الإمام الحافظ، شيخ الإسلام أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي، مولاهم البصري، نزيل اليمن، مولده سنة خمس أو ست وتسعين وشهد جنازة الحسن البصري، وطلب العلم وهو حدث ...).(26)
4. الزهري:
هو الامام الفقيه المحدث الكبير، من رجال الصحاح الستة، وقد تجرأ ابن تيمية وادعى بأن هذا الرجل أفضل من الامام الباقر «عليه السلام».
قال ابن تيمية: «وكذلك أبو جعفر محمد بن علي، من خيار أهل العلم والدين، وقيل: إنما سمي الباقر لأنه بقر العلم، لا لأجل بقر السجود جبهته، وأما كونه أعلم أهل زمانه فهذا يحتاج إلى دليل، والزهري من أقرانه وهو عند الناس أعلم منه».(27)
5. سعيد بن المسيب:
هو من رجال الصحاح الستة، توفي بعد سنة ٩٠ هـ، وهذا الشخص يروي هذا الحديث عن أبي هريرة.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:
«سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة، الإمام العلم، أبو محمد القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة، وسيد التابعين في زمانه ...».(28)
6. أبو هريرة:
عندهم من الصحابة الثقات والموثوقين، الذين لا يتكلم فيهم بشكل من الاشكال.
فهذا السند صحيح، أضافة الى اخراج الحديث من قبل كثير من علماء اهل السنة في كتبهم، وبعد هذا فأين قول ابن تيمية من الصدق وهو يدعي، كذب الحديث، وأنه موضوع بلا ريب عند أهل العلم فهل من ذكرناهم ليس من العلماء.(29)
- المفجع:
- اللائمــــــــي لحـــــبي عـــــلياً ...
قم ذميـــــماً إلـــــى الجـــحيم خزيا
- الأنام عـــــــرضت، لا زلـــــــــــــت ...
مـــــذودا عـــــن الهـــــــــــــــــــــــدى مــزويا
- الأنبـياء كهـلا وزولا (30)...
وفطيمـــــا وراضـــــعا وغـــــذيــــا
كـــــان فـــــي عــلمه كآدم إذ علــــــــــــم ...
شـــــرح الأســـــمـــــاء والمـــكنيا
- نجـــــــــــــا من الهلك من سير ...
فـــــي الفـــلك إذ علا الجــــــــــوديا
- لمـــــا دعـــــاه أخـــــــــوه ...
سبـــــق الحـاضرين والــــبدويا
- من أبيه ذي الأيدي إسماعيل ...
شبـــــه مـــــا كان عـــــني خـــــــــــــــفيا
- عـــــاون الخــــــــــليل على الكعــبة ...
إذ شـــــاد ركـــــنها المــــبنيا
- عاون الــــــوصي حبيب الله ...
إذ يغـــــسلان منـــــها الصــــــــــــفيا
- ابن حماد العبدي:
شبـــــيه المصطفى بالفضل ...
م ينقــــــــــــــــــــــص ولم يـزد
وجنــــــــــــــــــــب الله في كتب ...
وعين الواحـــــد الصــمد
فـــــلن تلـــــــــــــد النسا شبها ...
لــــــه كــــــلا ولــــــم تلــــــــــــــــــد
- ابن مكي النيلي:
وإن يـــــكن عــيسى له فضيلة ...
تــدهش مـــن أدهشه انبهاره
من حملتـــــه أمــــه ما سجدت ...
للات بل شغــــلها استغفاره(31)
وختاماً:
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على ولاية محمد وآل محمد وان يوفنا للسير على نهجهم وان يرزقنا في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم، ... وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
الهوامش:
(1). تنقيح المقال ج1 ص403، سيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسني ج1ص145 ، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة لمهدي السماوي ص229 ، وفي الكنى والألقاب للقمي ج2 ص349 نسبه للشافعي ، وفي المناقب للخوارزمي ص8: عن بعض الفضلاء ولم يسميه.
(2). فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ص20، الصواعق المحرقة لأبن حجر ص118، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص149، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص282.
(3). معاني الأخبار للشيخ الصدوق ص108.
(4). الكافي للكليني ج1 ص230.
(5). كشف الخفاء ج2ص64، تاريخ ابن خلدون ج1ص325، سبل الهدى والرشاد ج10ص337، فيض القدير ج1ص21
(6). اللمعة البيضاء : 217.
(7). للمزيد راجع الكتب: اللمعة البيضاء للتبريزي ، أفضلية الأئمة لمركز المصطفى ، تفضيل الأئمة للسيد علي الميلاني.
(8). مركز الابحاث العقائدية: موسوعة الاسئلة العقائدية ج3 ص179.
(9). الغدير للأميني ج3 ص356.
(10). فضائل الصحابة للبيهقي، الفصول المهمة لإبن الصباغ ص21، شرح عينية العمري للآلوسي ص27 بلفظ البيهقي.
(11). المناقب للخوارزمي ص49وهناك صيغ اخرى ذكرها الخوارزمي في كتابه هذا.
(12). شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ج2 ص236، ورواه في ج2 ص449 من طريق مسند أحمد وصحيح البيهقي.
(13). الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص218.
(14). المواقف للأيجي ج3 ص276 ، شرح المقاصد للتفتازاني ج2 ص299.
(15). نزهة المجالس للصفوري ج2 ص240.
(16). كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص45.
(17). مطالب السؤول في مناقب آل الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» لمحمد بن طلحة/ الفصل السادس ج1 ص61.
(18). كتاب «زين الفتى في شرح سورة هل أتى» للحافظ ابو محمد العاصمي كتاب قيم ونفيس وجدير بالأقتناء رغم قلة نسخة في المكتبات وهو السبب الذي دعى الشيخ محمد باقر المحمودي بتحقيقه وتلخيصه ليكون في المتناول وسمى التلخيص بـ«العسل المصفى من كتاب زين الفتى» وهو كتاب نفيس وقيم من كتب العامة فيه آيات العلم وبينات العبقرية جدير بالأقتناء، واما المؤلف فيقول عنه القفطي في كتابه إنباء الرواة عن أنباء النحاة ج1 ص133: (احمد بن محمد بن علي أبو محمد العاصمي من أهل خراسان، أديب، فاضل تميز في علم النحو والصرف، له مصنفات حسان، منها كتاب البهجة شرح المفضليات، وله كتابه المهجة في أصول التصريف، مولده في سنة ثمان وسبغين وثلاث مائة ، وله شعر كشعر الأدباء ...).
(19). العسل المصفى في تهذيب زين الفتى للحافظ العاصمي ج1 ص124.
(20). العسل المصفى في تهذيب زين الفتى للحافظ العاصمي ج1 ص124 ، وذكر طرق أخرى للحديث.
(21). منهاج الكرامة للعلامة الحلي ص101.
(22). منهاج السنة لإبن تيمية ج5 ص510.
(23). كتاب معجم الأدباء لياقوت الحموي ج5 ص342.
(24). مرآة الجنان لليافعي ج2 ص40.
(25). ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص609 ترجمة رقم:5044.
(26). سير أعلام النبلاء للذهبي ج7 ص5 .
(27). منهاج السنة لإبن تيمية ج4 ص50 ـ
(28). سير أعلام النبلاء للذهبي ج4 ص218.
(29). راجع: تفضيل الائمّة «عليه السلام» على الانبياء للسيد الميلاني ص21.
(30). الزول: الغلام الظريف.
(31). البيت الأخير إشارة لرواية أن الإمام كان يمنع أمه من السجود للصنم وهي حامل، راجع: السيرة الحلبية ج1 ص285.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat