صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

السرقات والعصابات المنظمة في العراق
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا يكاد ان يمرّ يوم من دون ان نسمع خبر عن  اكتشاف جريمة سرقة وقعت في احدى الدوائر الحكومية ، مما يوحي لك أن البلد اصبح بمثابة 'أرض للعصابات'. وتشير تقارير مدققي الحسابات، إلى أن السرقات كانت مدبرة من قبل شبكة واسعة من المسؤولين وموظفي الخدمة المدنية ورجال الأعمال. تحت ظل نظام المحسوبية المتجذر في العراق و غالبا ما يكون لهؤلاء الأفراد صلات بفصائل سياسية قوية و غالبًا ما تُستخدم المؤسسات التي يجب أن تحافظ على المساءلة لزعزعة استقرار الشعب كموارد لتلك العصابات ومن يقف ورائهم. ويقدر المسؤولون أن حجم الأموال التي اختفت من الخزانة العامة منذ سنة 2003 تتجاوز 300 مليار دولار. العراق شهد ما يمكن وصفه باغتيال للمال العام من خلال التهرب من دفع الضرائب والرسوم الجمركية وديون الدولة وما تم من هدر وفساد في النفقات العامة ويعد العراق من البلدان الغنية ، حيث يعد أحد أكبر منتجي النفط في العالم بتحقيق أرباح من الصادرات سنويا  تقدر115 مليار دولار. ومع ذلك، لا يصل سوى القليل من هذه الأرباح إلى الناس العاديين . ان السرقات أصبحت من الأخبار المتداولة اليومية للعراقيين ومصدر قلق دائم مثل قضايا الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، وهي عمليات سرقة مفتوحة على مصارعها و مستمرة، وإن كانت تخف في بعض الأحيان وبعض الشيء عندما يتم الكشف عن حالة جديدة نتيجة إجراءات هيئة النزاهة وتشديد عمليات المراقبة ولعل من أهم  أسباب استمرار عمليات سرقة الأموال المخصصة لضحايا الإرهاب إلى اتباع نظام المحاصّة السياسية في إدارة المؤسسات الحكومية ومنها الحكومات المحلية والفساد المتفشي فيها طوال السنوات الماضية والحالية، وإلى سياسة النهب الممنهج للمال العام مما تسبب في ضياع الكثير من تلك الأموال و أن اللافت هو الاحترافية التي تُنفَّذ بها، والسرقات تؤكد أن عصابات منظّمة تقف خلفها شخصيات مسؤولة من الدرجات العليا من القادة وليست مجرد تصرفات عفوية بحجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة. فالسرقة هذه الأيام أشبه بمهنة، لكنها مهنة سيئة بطبيعة الحال ولا شك من ان سرقة القرن' والتي اعلن عنها وزير المالية الأسبق قبل انفكاكه إحسان عبد الجبار عن أكبر سرقة في التاريخ العراقي المعاصر من أمانات التجار المتعاقدين مع الدولة والمودعة للتأمينات تسترد بعد استكمال المشاريع، بالذهول، فالأموال المسروقة من أموال التأمينات الدورية للتجار لدى هيئة الضرائب الرسمية بلغت 3.7 تريليون دينار عراقي (نحو مليارين ونصف المليون دولار) تم الاستحواذ عليها من قبل زمرة وصفت من قبل مراقبين بـ'الفاسدة'، وبتواطؤ مكشوف من إدارات مالية في الهيئة المذكورة، وكذا إدارات مصرفية عليا، وأخرى لم تكشف هويتها.

 ولم تنته كامل التحقيقات فيها في العراق منذ عام 2022، والخاصة بسرقة الأمانات الضريبية والتي اصبحت فضيحة كبرى و تمثل وصمة عار في جبين هؤلاء ، ويبدو ان من غير المحتمل أن أيًا من المستفيدين الحقيقيين من السرقة، أيًا كان، سيواجه العدالة بعد ان تم اطلاق سراح نورزهير وهو يعلل الاسباب من اجل عدم حضور المحكمة ويهدد بين حين واخر بكشف كل الافراد الذين استفادوا من تقسيم الاموال إذا حضر المحاكمة . إن الشعور بالقدرة الذي يتملّك النخبة السياسية بأكملها يعني أن هناك القليل من مساءلة لهؤلاء السراق ومن يقف معهم.

  تفاقم الأوضاع وبلوغها مرحلة مقلقة أصبحت فيها السرقات تحصل بكل وقاحة ودون مبالاة  او خوف نهارا وجهاراً لان وسائل الردع مع الاسف غائبة وتسكت القوانين امام تحدي هؤلاء له، تغيير هذا الامر لا يكون في ليلة وضحاها.

 أن  اكثر من 300 مليار دولار سرقت من الأموال منذ العام 2003  على اقل تقدير في ظل غياب المحاسبة القانونية وحتى الان وهذا  المبلغ يبني بها دول عدة، ان  انفاق هذه الاموال لم يكن هدفه اقتصاديا وانما استفادة مالية لبعض الجهات السياسية العاملة على الساحة العراقية مما أدى إلى تراجع قدرات الدولة،


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/08/26



كتابة تعليق لموضوع : السرقات والعصابات المنظمة في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : منير حجازي ، في 2024/08/27 .

أنا لا أعلم ما هو حجم الفساد ، ولكن عن طريق التجربة التي عشتها كفرد عراقي اعتقد أن الفساد عام شامل كاسح وصل للقاعدة . امثلة على ذلك : عندما اردت اخراج جناسي وشهادة جنسية وجوازات لي ولأطفالي وبدأت بذلك بمجرد ان علموا أني قادم من الخارج (مغترب) بدأت العراقيل. وأحد هذه العراقيل قالوا : بما ان اولادي ولدوا خارج العراق لابد من تسجيلهم اولا في بغداد. فخرجت يائسا ، كيف اسجلهم في بغداد والسفارة عملت لي بيانات ولادة وقالت صدقها من الخارجية ثم اذهب إلى محافظتك. وهذا ما فعلته. وبينما كنت حائرا خارج المبنى تقدم نحوي عامل المولدة الكهربائية وقال لي : اراك حائرا . فاخبرته بما جرى. فقال أعطني المعاملة . وبعد نصف ساعة جلب شهادات الجناسي إلى خارج المبنى ومعهُ الحبر فابصمنا كلنا ثم سلمنا الشهادات . فقلت له : أنا بالخدمة اخي فقال خمسين الف دينار.
اخذت ابنتي إلى طبيب خاص في العيادات الخاصة . وعندما اقتربت من العيادة وجدت الازدحام على اشده وهذا يعني انتظر ساعات. فبقيت خارجا افكر . فتقدم نحوي شاب هو مسؤول عن ادخال المراجعين على الطبيب . وقال هل تريد الدخول بسرعة قلت له نعم فابنتي مريضة . قال اعطني عشرة آلاف دينار واعطيك رقم . وفعلا استلم المبلغ واعطاني رقم (3).
وهكذا الزبال لا يجمع الزبالة حتى تعطيه مبلغ وتقدم له الشاي والفطور . والذي آلمني هو ان معاملتي هجرة ومهجرين لدى دائرة في بلدية الديوانية حيث صدر قرار الدولة بمنح هذه الشريحة قطعة ارض وهدية مالية عشر ملايين دينار وقرض لبناء القطعة. فعرقلوها لاني مغترب وهذا في رأيهم أني كنز . ثم بعد مماطلات قالوا لي (الناس تعطي دفاتر لتمشية هذه المعاملات). فقلت لهم : والله لو عندي هذه الدفاتر لما وقفت امام وجوهكم الكالحة الفاسد. فثاروا واستدعوا الشرطة لولا تدخل بعض المسؤولين.
رأس السمكة تعفن ولربما وصل او سيصل قريبا إلى الذيل.
اعجبني فلم امريكي رمزي عن الفساد ، وهو انتشار مرض خبيث في مدينة وبعد أن عجزوا عن السيطرة عليه ، قرروا رمي قنبلة نووية على المدينة وهذا ما فعلوه.
الفساد عندما ينتشر ويستمرئ الانسان طعمه ، فلا احد يقضي عليه حتى لو كان نبيا. لأن الفاسد عنده استعداد أن يقتل النبي لكي يحافظ على وضعه.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net