صفحة الكاتب : حامد كماش آل حسين

مقالات في مناقب المرتضى 33.   منقبة: «آية المباهلة»
حامد كماش آل حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مقدمة:
لابد من الإشارة إننا في هذه المقالات ليس الغرض منها أضافة شيء جديد بخصوص المناقب والفضائل الخاصة بالإمام علي «عليه السلام» أو نأتي بقراءة جديدة لها، وإنما الغرض منها هو ذكر وتوضيح وأثبات تلك المناقب والفضائل ورفع بعض الشبهات عنها وكذلك رد من يحاول تفريغ تلك المناقب من خصوصيتها ومضمونها، وذلك بالاستعانة بمختلف المصادر والنقل عنها.
ومن المعلوم ان ألقاب وفضائل أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بلغت من الكثرة والشهرة حداً لم يتمكن أعدى أعدائه من إنكارها، رغم كل الجهود التي بذلت في ذلك.
•       قال الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد سُئل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((ماذا أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً، وأخفاها محبوه خوفاً، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين)).(1)
•       وقال احمد بن حنبل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي)).(2)
ونتيجة لعدم إمكانية إخفاء هذه الفضائل حاولوا أن يتقاسموها، وينحلوها الى الآخرين، حتى لا تكون خصوصية للإمام علي «عليه السلام»، وهذا دليل على أن كل فضيلة لوحدها تمثل مقاماً رفيعاً، ورغم كل هذه المحاولات بقي الإمام علي «عليه السلام» صاحب الخصوصيات التي لم يشاركه فيها أحد، وقد تكلمنا في مقالات سابقة عن:
1.   لقب «أمير المؤمنين»
2.   لقب «قائد الغر المحجلين».
3.   لقب «يعسوب الدين».
4.   لقب «أبو تراب».
5.   لقب «إمام المتقين».
6.   منقبة «وليد الكعبة».
7.   لقب ومنقبة وصفه بـــ«السيد».
8.   منقبة «قسيم الجنة والنار».
9.   منقبة «أول من أسلم».
10.         لقب «الصديق».
11.         لقب «الفاروق».
12.         لقب «سيف الله المسلول».
13.         لقب «ساقي الحوض».
14.         لقب «ذي النورين».
15.         لقب «باب مدينة العلم».
16.         لقب «صاحب بيعة الغدير».
17.         لقب «حامل لواء الحمد».
18.         منقبة «علي مع الحق والحق مع علي».
19.         منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق».
20.         لقب «سيد الثقلين»:
21.         منقبة «إن الإمام علي بمنزلة الكعبة يؤتى ولا يأتي».
22.         منقبة «المبيت على فراش النبي ليلة الهجرة».
23.         منقبة «هجرة أمير المؤمنين علانية».
24.         منقبة «حديث المؤاخاة». 
25.         منقبة «حديث الراية».
26.         منقبة أنه «قاتل المشركين».
27.         منقبة «رجحان ايمان الإمام علي على السموات السبع» 
28.         منقبة «حديث المنزلة».
29.         منقبة «تشبيه الإمام علي بالانبياء».
30.         لقب وصف الإمام علي بــ«تاج البكائين».
31.         الإمام علي «عليه السلام» في القرآن.
32.         منقبة «آية التطهير».
واليوم نتكلم عن آية المباهلة:  
تمهيد:
آية المباهلة هي قوله تعالى: 
(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين).(3)
 
هوية السورة:
-        اسم السورة: آل عمران
-        ترتيب السورة: 3
-        عدد آيات السورة: 200 آية
-        رقم آية المباهلة: 61 وهي قوله تعالى:
(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين).
 
في رحاب آية المباهلة:
تشير الآية الكريمة لحادثة المباهلة، حيث جرى حوار بين النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» ووفد من نصارى نجران، ولما توجه الوفد بالسؤال للنبي «صلى الله عليه وآله وسلم» عن عيسى بن مريم «عليه السلام» قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: «إنه عبد الله». 
ونزلت آية المباهلة الكريمة حاملةً إجابةً وافيةً قاطعةً، وفيها دعوة لمباهلة المصرين على ادعائهم فيما يخص عيسى «عليه السلام» وتم الاتفاق على المباهلة.
وتعني المباهلة هي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا : لعنة الله على الظالم منا.(4)
والمباهلة هي مشروعة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، وإلزام الحجة من أعرض عن الحق بعد قيامها عليه، والأصل في مشروعيتها آية المباهلة، وهي قوله تعالى: 
( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ).(5)
المباهلة لغة:
«المباهلة» في الأصل من مادة «بهل» (على وزن اهل) بمعنى إطلاق وفك القيد عن الشيء وبذلك يقال للحيوان الطلق حيث لا توضع محالبها في كيس كي يستطيع وليدها أن يرضع بسهولة، يقال له: «باهل»، وتستعمل بمعنی اللعن أيضاً. 
قال أهل اللغة: المباهلة الملاعنة، مفاعلة من البهلة وهي اللعنة(6)، و«بهله الله» لعنه وأبعده من رحمته.(7)
-        قال ابن منظور: «البهل: اللعن، وبهله الله بهلا أي: لعنه، وباهل القوم بعضهم بعضاً وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا، والمباهلة: الملاعنة، يقال: باهلت فلاناً: أي لاعنته ».(8)
-        وقال الراغب الأصفهاني: «والبهل والابتهال في الدعاء الاسترسال فيه، والتضرع، نحو قوله عز وجل: «ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين»(9)، ومن فسر الابتهال باللعن فلأجل أن الاسترسال في هذا المكان لأجل اللعن».(10)
-        وقال المطرزي: المباهلة الملاعنة مفاعلة من البهلة وهي اللعنة ومنها قول ابن مسعود من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد البقرة ويروى لاعنته وذلك أنهم كانوا إذا اختلفوا في شيء اجتمعوا وقالوا بهلة الله على الظالم منا.(11)
-      قال ابن القيم: (السنة فى مجادلة أهل الباطل إذا قامت عليهم حجة الله ولم يرجعوا، بل أصروا على العناد أن يدعوهم إلى المباهلة، وقد أمر الله سبحانه بذلك رسوله، ولم يقل: إن ذلك ليس لأمتك من بعدك).(12)
 
صفة المباهلة: 
هي أن تشبك أصابعك في أصابع من تباهله وتقول: (اللهم رب السماوات السبع، والأرضين السبع، ورب العرش العظيم، إن كان فلان جحد الحق وكفر به فأنزل عليه حسباناً من السماء وعذابا أليماً).(13)
 
شروط المباهلة:
ويشترط للمباهلة شروط، من أهمها:
1.   إخلاص النية لله وأن يكون الغرض من المباهلة إحقاق الحق ونصرة أهله وإبطال الباطل وخذلان أهله فلا يكون الغرض منها الرغبة في الغلبة للتشفي وحب الظهور والانتصار للهوى ونحو ذلك.
2.   أن تكون المباهلة بعد إقامة الحجة على المخالف، وإظهار الحق له بالأدلة الواضحة والبراهين القاطعة.
3.   أن يتبين من أمر المخالف إصراره على الباطل وعناده للحق وانتصاره للهوى فإن المباهلة تسعى بالمبطل إلى لعنة الله وغضبه ولا يجوز أن يدعى بذلك إلا لمن يستحقه من المشاقين المعاندين.
4.   أن تكون في أمر هام من أمور الدين ويرجى في إقامتها حصول مصلحة للإسلام والمسلمين أو دفع شر المخالف ولا يجوز أن تكون في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف.
 
دلالات آية المباهلة:
1.   دلالات آية المباهلة عظيمة وخطيرة لمن أراد التدبر فيها فهي تثبت صدق دعوى الرسول الكريم «صلى الله عليه وآله» من أن عيسى عبد لله، وبالدليل الحسي الواقعي وبالدليل القرآني وهذا فيه تصديق لنبوته أيضاً، تبطل كل أقوال المشككين فيها.
2.   ترسم آية المباهلة ملامح الصراط المستقيم لمن أراد الهداية له (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)(14) حيث تبين أن طريقه هو طريق محمد وآل محمد، وعلامته اختيارهم دون كل المسلمين وبالأمر الإلهي للمباهلة مع نصارى نجران وهذا تشريف لهم، بما يبين علو منازلهم وقربهم المعنوي من الله، مما نالوه بالطاعات.
3.   نصت الآية الكريمة على بنوة الحسن والحسين «عليهما السلام» للرسول الكريم «صلى الله عليه وآله» وهذا دليل قاطع لمن يحاول القفز على هذه الحقيقة ونكرانها.
4.   جمعت الآية الكريمة نفس رسول الله «صلى الله عليه وآله» بنفس أمير المؤمنين علي «عليه السلام» وهذا دليل على أن جوهر الإثنين واحد باختلاف الوظائف، فهذا نبي وهذا وصي، وهو ما يطعن بكل دعوى تدعي أن هنالك من هو أقرب منزلة من أمير المؤمنين لرسول الله الكريم «صلى الله عليه وآله» فليس هنالك أقرب من أن يكون نفسه.
5.   تراجع نصارى نجران عن المباهلة إلى المصالحة، جاء إقراراً منهم بنبوة الخاتم محمد «صلى الله عليه وآله» وهذا رد جازم على كل من كان يعتقد بغير ذلك.
6.   لم تكن المباهلة لأمر شخصي أو أمر من أمور الدنيا وإنما كانت خالصة لله، أريد بها إحقاق الحق، وإسكات صوت الباطل لذلك بوركت ونجحت.
 
قصة المباهلة:
روى الشيخ الطبرسي وغيره: 
((قدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» وفد نجران فيهم بضعة عشر رجلاً من أشرافهم وثلاثة نفر يتولون أمورهم، العاقب‏ وهو أميرهم وصاحب‏ مشورتهم الذي لا يصدرون الا من رأيه وأمره واسمه عبد المسيح، والسيد وهو ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة الاسقف وهو حبرهم وامامهم وصاحب مدارسهم وله فيهم شرف ومنزلة وكانت ملوك الروم قد بنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم من علمه واجتهاده في دينهم فلما وجهوا الى رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» جلس أبو حارثة على بغلة والى جنبه أخ له يقال له: كرز، وبشر بن علقمة يسايره، اذ عثرت بغلة أبي حارثة فقال كرز: تعس الأبعد «يعني رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»» فقال له أبو حارثة: بل أنت تعست، قال له: ولم يا أخ، فقال: والله انه النبي الذي كنا ننتظره، قال كرز: فما يمنعك ان تتبعه، فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا وأكرمونا وقد أبوا الا خلافه، ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى، فأضمر عليها منه أخوه كرز فلما قدم على النبي أسلم.
قال: فقدموا على رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» وقت العصر وفي لباسهم الديباج وثياب الحبرة على هيئة لم يقدم بها أحد من العرب، ... ثم أتوا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» فسلموا عليه فلم يرد «عليهم السلام» ولم يكلمهم فانطلقوا يتتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكانا معرفة لهم، فوجدوهما في مجلس من المهاجرين فقالوا: ان نبيكم كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له فأتيناه وسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ولم يكلمنا، فما الرأي، فقالا لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم، قال: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ثم يعودون إليه، ففعلوا ذلك فسلموا فرد عليهم سلامهم ثم قال: والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الاولى وان ابليس لمعهم.
ثم ساءلوه ودارسوه يومهم وقال الأسقف: ما تقول في المسيح يا محمد، قال هو عبد الله‏ ورسوله‏  قالوا لرسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: هل رأيت ولداً من غير ذكر، فنزلت: «إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون»(15) فلما طالت المناظرة والحوا في عصيانهم وخصومتهم،أنزل الله تعالى: «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين»(16)، فقالوا للنبي «صلى الله عليه وآله وسلم» نباهلك غداً، وقال أبو حارثة لأصحابه: انظروا محمداً في غد، فان غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته، وان غدا بأصحابه فباهلوه فانه على غير شي‏ء، فذهب رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» صباحاً الى بيت علي «عليه السلام» فأخذ بيد الحسن والحسين وخرج من المدينة وبين يديه علي عليه السلام» وفاطمة «عليها السلام» تتبعه فلما رأى ذلك رؤساء نجران قال أبو حارثة: من هؤلاء الذين معه، قالوا: هذا ابن عمه زوج ابنته يتقدمه، وهذان ابنا ابنته وهذه بنته أعز الناس عليه وأقربهم الى قلبه وتقدم رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» فجثا على ركبتيه فأخذ السيد والعاقب أولادهم وجاءوا للمباهلة.
قال أبو حارثة: جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة، فكع‏ ولم يقدم على المباهلة، فقال له السيد: أين تذهب، قال: لا اني لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة وانا أخاف أن يكون صادقاً فلا يحول والله علينا الحول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء، وفي رواية أخرى انه قال: اني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الارض نصراني الى يوم القيامة.
ثم جاء أبو حارثة الى النبي «صلى الله عليه وآله» فقال: يا أبا القاسم انا لا نباهلك ولكن نصالحك، فصالحنا على ما ننهض له، فصالحهم على ألفي حلة قيمة كل حلة أربعون درهماً وعلى عارية ثلاثين درعاً وثلاثين رمحاً وثلاثين فرساً ان كان حرب، فكتب لهم بذلك كتاباً فانصرفوا راجعين الى بلادهم‏.
قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» والذي نفسي بيده لو لا عنوني لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم ناراً ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم فلما رجع وفد نجران لم يلبث السيد والعاقب الا يسيراً حتى رجعا الى النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» فأسلما.
وروى صاحب الكشاف وجمع من العامة في صحاحهم: 
«عن عائشة ان رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» خرج وعليه مرط كساء مرحل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم فاطمة ثم علي ثم قال: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً».
وقال الزمخشري أيضاً: 
«فان قلت: ما كان دعاؤه الى المباهلة الا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك امر يختص به وبمن يكاذبه، فما معنى ضم الابناء والنساء.
قلت: ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله، واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال ان تمت المباهلة، وخص الابناء والنساء لانهم أعز الاهل والصقهم بالقلوب، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل، ومن ثمت كانوا يسوقون مع انفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب، وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدمون على الانفس مفدون بها، وفيه دليل لا شي‏ء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء «عليهم السلام»)).(17)
 
من هم أبناءنا، نساءنا، أنفسنا:
لا خلاف ظاهراً بين الشيعة وإخوتنا من أهل السنّة في تفسير المراد بــ(أبناءنا، نساءنا، أنفسنا) حيث اتفق المفسرون والعلماء في أن: 
-        المراد من «نساءنا» هو فاطمة الزهراء بنت رسول الله «عليها السلام». 
-        والمراد من «أبناءنا» هم الحسن والحسين «عليهما السلام». 
-        والمراد من «أنفسنا» هو الإمام علي «عليه السلام».
ونذكر بعض اقوال العلماء في مؤلفاتهم، منهم:
1.   في بهجة المحافل:
(«أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم» قيل أراد بابنائنا الحسن والحسين ونسائنا فاطمة وأنفسنا يعني نفسه وعلياً وقيل هو على العموم لجماعة أهل الدين «ثم نبتهل» أي نتضرع قاله ابن عباس).(18)
2.   في المصباح المضيء:
(... ثم قال تعالى «فمن حاجك فيه» أي جادلك في عيسى «من بعد ما جاءك من العلم» بأن عيسى عبد الله ورسوله فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكذبين أراد الحسن والحسين وفاطمة وعلياً «عليهم السلام»).(19)
3.   في شرف المصطفى:
(... من حاجك فيه في عيسى يا محمد من بعد هذا فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم إلى قوله: إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله الاية، فأخذ النبي «صلى الله عليه وآله» بيد علي والحسن والحسين وجعلوا فاطمة قدامهم، ثم قال: هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم فنجعل لعنة الله على الكاذبين، فأبى السيد، وقالوا: نصالحك ...).(20)
4.   في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:
(... أن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية، أي: المسماة بآية المباهلة «ندع أبناءنا وأبناءكم»: أولها: ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم «دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً»: فنزله منزلة نفسه لما بينهما من القرابة والأخوة «وفاطمة»، أي: لأنها أخص النساء من أقاربه «وحسنا وحسيناً»: فنزلهما منزلة ابنيه «صلى الله عليه وآله»، فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي»، أي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، رواه مسلم).(21)
5.   في أسباب نزول القرآن:
(... قال جابر: فنزلت فيهم هذه الآية: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)، قال الشعبي: أبناءنا: الحسن والحسين، ونساءنا: فاطمة، وأنفسنا: علي بن أبي طالب رضي الله عنهم).(22)
6.   في تفسير السمعاني:
(... فقوله: «ندع أبناءنا» أراد به: الحسن والحسين، وقوله: «ونساءنا» يعني: فاطمة، «وأنفسنا» يعني: نفسه وعلي ...).(23)
7.   في الوسيط في تفسير القرآن:
(... عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: لما نزل قوله تعالى: «ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم»، دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال: «هؤلاء أهلي» رواه أحمد في مسنده عن قتيبة وأراد بالأنفس: بني العم ...).(24)
8.   في معالم التنزيل:
( قيل: أبناءنا أراد الحسن والحسين، ونساءنا فاطمة. وأنفسنا عنى نفسه وعليا رضي الله عنه ..).(25)
9.   الشريعة للآجري:
(... وأمر الله عز وجل نبيه بالمباهلة لأهل الكتاب لما دعوه إلى المباهلة، فقال الله عز وجل: «قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم» فأبناؤنا وأبناؤكم: فالحسن والحسين «عليهما السلام» ونساؤنا ونساؤكم: فاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأنفسنا وأنفسكم: علي بن أبي طالب «عليه السلام» ...).(26)
10.         في الأختلاف في اللفظ:
(... وكنت قد سلكت في ذلك سبيل المستسلم لأنت بذلك في علي «عليه السلام» أولى لسابقته وفضله وخاصيته وقرابته والدناوة التي جعلها الله بينه وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله» عند المباهلة حين قال تعالى: «قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم» فدعا حسناً وحسيناً، «ونساءنا ونساءكم}» فدعا فاطمة «عليها السلام»، «وأنفسنا وأنفسكم}» فدعا علياً عليه السلام ...).(27)
11.         في تحفة الأحوذي:
(... هو سعد بن أبي وقاص قوله «قال لما نزلت هذه الآية» أي المسماة بآية المباهلة ندع أبناءنا وأبناءكم إلخ الآية بتمامها، مع تفسيرها هكذا فمن حاجك فيه، أي فمن جادلك في عيسى وقيل في الحق من بعد ما جاءك من العلم يعني بأن عيسى عبد الله ورسوله فقل تعالوا، أي هلموا ندع أبناءنا وأبناءكم أي يدع كل منا ومنكم أبناءه ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل أي نتضرع في الدعاء فنجعل لعنة الله على الكاذبين بأن تقول اللهم العن الكاذب في شأن عيسى «دعا رسول الله عليا» فنزله منزلة نفسه لما بينهما من القرابة والأخوة «وفاطمة» أي لأنها أخص النساء من أقاربه «وحسناً وحسيناً» فنزلهما بمنزلة ابنيه «فقال اللهم هؤلاء أهلي»).(28)
12.         بريقة محمودية
( ... وفضائله «عليه السلام» على ما فهم من المواقف بوجوه:
أولها: آية المباهلة «ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم» لأن المراد بالأنفس علي لأن الأخبار الصحيحة أنه «صلى الله تعالى عليه وآله» دعا علياً إلى هذا المقام.
ثانيها: خبر الطير «حين أهدي إليه طائر مشوي قال «صلى الله تعالى عليه وآله»: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فأتى علي وأكل معه» …).(29)
شبهات وردود:
نص الشبهة:
قال ابن تيمية: 
-        (أما أخذه علياً وفاطمة والحسن والحسين في المباهلة فحديث صحيح رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال في حديث طويل:«لما نزلت هذه الآية:«فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم» دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً وفاطمة وحسناً وحسين فقال: اللهم هؤلاء أهلي).(30) 
-        (لا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة، كما لم يوجب أن تكون فاطمة وحسن وحسين أفضل من جميع الصحابة).(31)
الجواب:
في الواقع أن ابن تيمية كفانا مؤونة البحث لأجل اقتناعه بصحة الحديث واعترافه بانحصار القضية بهؤلاء الأربعة الأطهار «عليهم السلام» وأنهم هم بأعيانهم من جللهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» بكسائه، الأمر الذي من شأنه أن يكون بمثابة صفعة في وجوه المحرفين وسيف يقطع شبهات المتهوكين.
إلا أن ابن تيمية حين لم يجد بداً من الإقرار بصحة الحديث وأن الحسن والحسين وأبويهما «عليهم السلام» هم من اختصهم الله ورسوله في هذه القضية، وهم من جللهم النبي «صلى الله عليه وآله» بكسائه، وجه قوارصه نحوهم وأثار شبهته ضدهم قاصداً بذلك سلب ما أضفته عليهم آية المباهلة من الفضل الجسيم والذي لا يكاد يخفى على عوام الناس فضلاً عن علمائهم.
فإذا كان ابن تيمية قد اعترف بالذي تقدم ذكره في أعلاه فقد سهل ذلك علينا الخوض في دحض شبهته الواهية التي يقول فيها ما نصه: 
-        (لا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة، كما لم يوجب أن تكون فاطمة وحسن وحسين أفضل من جميع الصحابة).(32)
والرد على هذه الشبهة سيكون عبر الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: 
اعتراف سعد بن أبي وقاص في مجلس معاوية أن فضيلة المباهَل بهم ما نالها ولا ينالها أحد بعدهم.
لا يخفى أن يوم المباهلة يعد اللحظة الحاسمة بين مبدأ التوحيد ومبدأ الشرك، وأنها اللحظة الأهم في تاريخ جميع الأنبياء والمرسلين، حيث اختارت الرسالة السماوية لهذا اليوم العظيم هؤلاء الأربعة الأطهار (الحسن والحسين وفاطمة وعلي «عليهم السلام») في حين كان جميع من شهد ذلك اليوم من المسلمين يتمنى أن لو يختاره الله فيمن يختاره للمباهلة، وما ذاك إلا لعلمهم بأن الاختيار لا يكون إلا اختياراً سماوي، ورغم ذلك فقد كانوا يتوقعون خروج النبي «صلى الله عليه وآله» بمن هم أقرب إلى الله تعالى وإلى رسوله «صلى الله عليه وآله»، وهم عترته وأهل بيته «عليهم السلام» ومنشأ ذلك التوقع هو ما نطق به الصادق الأمين «صلى الله عليه وآله» من أحاديث ألقى بها في الأسماع لسانه، وسطرتها في الصحائف أقلام أصحابه، مبدياً فيها محبته للحسن والحسين وفاطمة وعلي «عليهم السلام» ومبيناً مكانتهم وعظم منزلتهم، فوصلت إلى حد ملأت الأصقاع والأسماع وتمهدت في الطباع، لذا لم يفاجأ المسلمون عندما خرج النبي «صلى الله عليه وآله» وهو آخذ بيد الحسن والحسين وفاطمة وعلي «عليهم السلام».
ومن بين أولئك المتمنين من الصحابة (سعد بن أبي وقاص) فقد تمنى أن لو كان واحداً من الذين باهل بهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» في ذلك الموقف الحاسم، حيث روى المحدثون من علماء أهل السنة: 
(أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب، فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» ... (الى ان قال): 
ولما نزلت هذه الآية: «فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم» دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: «اللهم هؤلاء أهلي»).(33)
فلو كانت هذه القضية لا فضيلة فيها للحسنين وأبويهما «عليهم السلام» كما ادعى ذلك ابن تيمية لما تمنى «سعد بن أبي وقاص» أن تكون له مثله، وسعد هذا كما لا يخفى أحد الصحابة الذين ادعى ابن تيمية أن من باهل بهم النبي «صلى الله عليه وآله» لا يقتضي ان يكونوا أفضل من الصحابة، وإن سعداً هذا أحد الصحابة، وقد تمنى أن تكون له مثل ما لهؤلاء الأربعة الأطهار «عليهم السلام»، هذا فضلاً عن أن سعداً ذكر ذلك في مجلس معاوية بن أبي سفيان حين استدعاه لسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»، ولست أدري أما أدرك معاوية الذي أدركه ابن تيمية، أما كان معاوية قادراً على أن يقول لسعد أن لا فضل لمن باهل بهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» على جميع الصحابة.
ثم إن ابن تيمية ذكر في معرض كلامه عن آية المباهلة وبيان ما لمن باهل بهم النبي «صلى الله عليه وآله» من فضل «في محاولة منه لتحجيم فضل المباهل بهم» مستدركاً ما نصه: (بل لهم بالمباهلة نوع فضيلة)(34)، وهذا معناه أن الصحابة لهم جنس فضيلة، والنوع كما هو معروف مندرج تحت الجنس، وهنا سؤال يطرح نفسه، ربما يثور في نفوس البعض وهو: إذا كان الصحابة لهم جنس فضيلة فلماذا لم يتمن سعد بن أبي وقاص أن تكون له واحدة منها بدلا من أن يتمنى نوع فضيلة.
ولو كان للصحابة جنس فضيلة ترى هل سيبقى معاوية صامتاً ويترك سعداً يفوه بما لا يطيق سماعه عن علي «عليه السلام» في حين أن معاوية كان قد عقد ذلك المجلس للنيل من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» لا لسماع فضائله وفضائل أهل بيته «عليهم السلام».
أما كان جديراً بمعاوية أن يبين للحضور أن هناك نوع فضيلة وجنس فضيلة، وأن الصحابة أفضل من الحسنين وعلي وفاطمة «عليهم السلام»، إذ ليس لهؤلاء في المباهلة إلا نوع فضيلة.
وأنت ترى في كل هذا وأمثاله دلائل واضحة وبراهين مقنعة، لا يستطيع أحد منهم أن يعارضها أو يماري فيها على كون هؤلاء الأربعة الأطهار «عليهم السلام» أفضل الخلق بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فاختيارهم للمباهلة والمفاصلة والملاعنة بين التوحيد وبين الشرك «والذي يعد حدثا خطيراً، لما يحمله من معالم إنذار وغضب من الجبار على الذين ادعوا الألوهية للمسيح «عليه السلام»» ما هو إلا بيان لعظيم منزلتهم ورفيع مقامهم.
الخطوة الثانية: 
قول النبي «صلى الله عليه وآله» للحسنين وأبويهما (إذا أنا دعوت فأمنوا).
إن الأخبار الواردة في نزول آية المباهلة وبيان عظيم فضل من باهل بهم النبي «صلى الله عليه وآله»، بلغت بل فاقت حد التواتر، إلا أن بعضها بل أغلبها ورد فيها ما هو من الأهمية بمكان، وهو قول النبي للحسنين وأمهما وأبيهما صلوات الله عليهم: (إذا أنا دعوت فأمنوا)، وذكر ذلك ثلة من أعلام أهل السنة.(35)
فهذا المقطع من حديث المباهلة مما يستقطب نظر كل منصف باحث عن الحقيقة لما فيه من مضامين هي في غاية الأهمية تستحق منا أن نقف عندها لكن نقف مع أمرين هامين، هما:
-        الأمر الأول: 
في أن النبي «صلى الله عليه وآله» مجاب الدعوة.
لا يخفى أن معنى المباهلة أن يدعو الإنسان ويطلب من الله أن يترك شخصاً بحاله، وأن يوكله إلى نفسه.
فالدعاء إلى الله عز ذكره بترك شخص بحاله يعني إيكاله إلى نفسه، وقد ورد بيان من كانت حاله هذه في خطبة لأمير المؤمنين «عليه السلام» يقول فيها ما نصه: 
(إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال لخطايا غيره، رهن بخطيئته).(36)
ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن وفقه السنة أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان مجاب الدعوة من الله عز ذكره، فهو «صلى الله عليه وآله» وكذا سائر الأنبياء أفضل الخلق وأكملهم ديناً ودنيا ولذلك كان دعاؤهم مستجاباً، ولم يثبت أنه بمثابة دعاء غيرهم من المسلمين، بل إن الله سبحانه عهد إلى أنبيائه إجابة دعائهم، ففي سورة مريم «عليها السلام» قال الحق تعالى حكاية عن زكريا «عليه السلام»: (لم أكن بدعائك رب شقيا)(37)، قال ابن كثير وغيره: (أي لم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء ولم تردني قط فيما سألتك)(38)، وفي السورة ذاتها عند ذكر قصة إبراهيم مع أبيه، يقول عز ذكره: (قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا)(39)، فقال قتادة ومجاهد وغيرهما: (قال: عوده الإجابة)(40).
ومن قرأ سورة الأنبياء وتأمل في آياتها الشريفة فإنه سيجد فيها أكثر أدعية الأنبياء واستجابة الله عز ذكره لدعائهم صلوات الله عليهم أجمعين.
 يقول الله عز من قائل في بعض آيات هذه السورة الكريمة: (ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم).(41)
وقوله سبحانه: (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)(42).
وقوله تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)(43).
وقوله سبحانه: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ، فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه)(44).
ثم بين الله عز وجل في كتابه الكريم وفي السورة عينها السبب في استجابة دعاء الأنبياء فقال عز من قائل: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)(45).
وعلى هذا فإن استجابة دعاء النبي «صلى الله عليه وآله» تدل عليه عشرات الآيات والنصوص من الكتاب والسنة.
-        الأمر الثاني: 
طلب النبي «صلى الله عليه وآله» من أهل بيته «عليهم السلام» التأمين على دعائه مع كونه مجاب الدعوة: 
والمعروف من كلمة (آمين) أنه اسم فعل موضوع لاستجابة الدعاء(46)، بمعنى (استجب) أو (كذلك كان أو فليكن) أو (كذلك فافعل) وغير ذلك(47).
وقال الزمخشري: إنه (صوت سمي به الفعل الذي هو استجب، كما أن رويد، وحيهل، وهلم، أصوات سميت بها الأفعال التي هي أمهل وأسرع وأقبل)(48)، ولا يوجد للكلمة معنى آخر غير المعنى اللغوي.
فيكون بذلك معنى (آمين) هو: اللهم استجب. 
وبما أن النبي صلى الله عليه وآله هو الذي طلب من أهل بيته «علي وفاطمة والحسن والحسين «عليه السلام»«ليهم السلام»» أن يؤمنوا على دعائه، بمعنى أن يقولوا: اللهم استجب دعاء نبيك «صلى الله عليه وآله»، ففي ذلك إشارة هي أوضح من أن تذكر وهي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان بصدد بيان أن هؤلاء الأربعة الأطهار «عليهم السلام» شركاؤه في رسالته السماوية، وهم الذين أمره الله سبحانه أن يخرج بهم لمباهلة النصارى، إذ إن أصل القضية هي الدعاء لا غير، والنبي «صلى الله عليه وآله» طلب منهم أن يؤمنوا على دعائه، ولا يشك أحد في أنه «صلى الله عليه وآله» كان مجاب الدعوة كما أوضحنا ذلك سابق، فإشراكهم في الدعاء مع كونه مجاب الدعوة لا معنى له، بل هو من تحصيل الحاصل، فلا يبقى إلا أن نقول أنه «صلى الله عليه وآله» أراد بذلك بيان أنهم «عليهم السلام» امتداد لنبوته وشركاؤه في تبليغ رسالة ربه، فافهم وتبصر.
الخطوة الثالثة: 
قول النصارى (إنا لنرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله).
قلت: لما حان وقت التباهل خرج النبي «صلى الله عليه وآله» بالحسن والحسين وفاطمة وعلي «عليهم السلام» فأمر بشجرتين كسرتا وكسح ما بينهما، ثم أمر بكساء أسود رقيق فنشر عليهما على هيأة الخيمة، في وقت كان الجميع يترقب ويتساءل بمن يخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» للمباهلة، وكان كما هو المتوقع حينذاك، فخرج بالأربعة الأطهار عليهم السلام ولما خرج النصارى (فتقدم إليه السيد والعاقب وقد سرت الرعدة في نفوسهم قائلين: يا أبا القاسم بمن تباهلنا؟ فأجابهم «صلى الله عليه وآله» بكلمات تمثلت فيها روعة الإيمان والخشية من الله قائلا: (أباهلكم بخير أهل الأرض، وأكرمهم إلى الله، وأشار إلى علي وفاطمة والحسنين)، وانبريا يسألان بتعجب قائلين: لم لا تباهلنا بأهل الكرامة، والكبر وأهل الشارة ممن آمن بك واتبعك؟!! فانطلق الرسول «صلى الله عليه وآله» يؤكد لهم أن أهل بيته أفضل الخلق عند الله قائلا: (أجل أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض وأفضل الخلق)، فذهلو، وعرفوا أن الرسول «صلى الله عليه وآله» على حق، وقفلوا راجعين إلى الأسقف زعيمهم يستشيرونه في الأمر قائلين له: يا أبا حارثة ماذا ترى في الأمر؟ (أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله) ولا يكتفى بذلك، وإنما دعم قوله بالبرهان، واليمين قائلا: أفلا تنظرون محمدا رافعا يديه، ينظر ما تجيئان به، وحق المسيح «إن نطق فوه بكلمة» لا نرجع إلى أهل، ولا إلى مال).
وجعل ينهاهم عن المباهلة ويهتف فيهم قائلا: (ألا ترون الشمس قد تغير لونه، والأفق تنجع فيه السحب الداكنة والريح تهب هائجة سوداء، حمراء، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان، لقد أطل علينا العذاب، انظروا إلى الطير وهي تقيء حواصلها وإلى الشجر كيف تتساقط أوراقه، وإلى هذه الأرض كيف ترجف تحت أقدامنا!!!). لقد غمرتهم تلك الوجوه العظيمة، رأوا بالعيان ما لها من مزيد الفضل والكرامة عند الله، ويتدارك النصارى الأمر فأسرعوا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» قائلين: يا أبا القاسم أقلنا أقال الله عثرتك...)(49).
إذن لما رأى النصارى تلك الوجوه مجتمعة حول رسول الله «صلى الله عليه وآله» اضطربت فرائصهم وتفرقت كلمتهم التي كانت بالأمس القريب مجتمعة على مباهلة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وتمخض ذلك الاضطراب عن امتناعهم من التباهل، ذلك لما رأوا في قسمات وجوه هؤلاء الأربعة الأطهار «عليهم السلام» ما دلهم على أنهم عليهم السلام ذوو فضل ومقام عظيم عند الله عز ذكره، فتواترت مقولتهم: (إنا لنرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله) ترى هل أدرك النصارى ما لم يدركه ابن تيمية وأتباعه؟ فالنصارى أقروا بالفضل للحسن والحسين وفاطمة وعلي «عليهم السلام» وأنهم ممن إذا دعوا الله عز وجل استجاب دعوتهم إلى الحد الذي تركوا ما جاؤوا لأجله، ولا يخفى عليك أن الذي جاؤوا لأجله هو أمر يتقرر فيه المصير، وليس هذا بالأمر الهين بالنسبة لهم، فتدبر يتضح لك الحق.
الخطوة الرابعة: 
عدم وقوع المباهلة مع سبق علم الله سبحانه بذلك دليل على أن الآية نازلة لبيان فضل الحسنين وأبويهما «عليهم السلام».
المباهلة مفاعلة من البهل، وصيغة المفاعلة في اللغة العربية غالباً ما تدل على المشاركة التي تصدر من طرفين أو أكثر كالمضاربة والمشاتمة، فهي تدل بمادتها على صدور الضرب أو الشتم من الطرفين(50).
وعلى هذا فالمباهلة لا تنعقد إلا باجتماع طرفين، ولا يخفى أن النبي «صلى الله عليه وآله» امتثل أمر ربه فخرج بالحسنين وأبويهما «عليهم السلام» للمباهلة، إلا أن الطرف الآخر المتمثل بنصارى نجران امتنع من التباهل أشد الامتناع، وعليه فلا تتم المباهلة بغياب طرف وحضور آخر.. 
وعدم وقوع ما نزلت لأجله آية المباهلة «مع سبق علم الله عز وجل بامتناع النصارى عن التباهل» يكون المراد عندئذ هو بيان فضل هؤلاء الأربعة الأطهار، الذين خرج بهم النبي «صلى الله عليه وآله» وأنهم أفضل الخلق بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله».
 وقرينة أخرى هي الأهم في المقام وهي: إقرار النصارى بأن الذين خرجوا مع النبي «صلى الله عليه وآله» ليؤمنوا على دعائه أن دعوتهم مجابة، وهذا في الواقع علة امتناعهم عن التباهل مع النبي «صلى الله عليه وآله» وأهل بيته «عليهم السلام» فهذا ما أقر به النصارى، فما بالك بمن هو منتسب إلى الإسلام كابن تيمية ومن نسج على منواله.
فقوله «ابن تيمية» أن المباهلة بهؤلاء الأربعة الأطهار «عليهم السلام» لا توجب أن يكونوا أفضل من الصحابة، مردود عليه ومضروب به في وجهه، لافتقاره الدليل على إثباته، ومنقوض عليه بما تقدم وزيادة عليه بالآتي:
اعترف جملة من الصحابة وأعلام أهل السنة بالفضل للحسن والحسين وفاطمة وعلي «عليهم السلام».
-        فقد روى مسلم في صحيحه: (عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وآله فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله «الى ان قال»: ولما نزلت هذه الآية: «فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم» دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي)(51).
-        وقال الزمخشري في «الكشاف»: (وفيه دليل «لا شيء أقوى منه» على فضل أصحاب الكساء)(52).
-        وقد احتج أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بآية المباهلة يوم الشورى، كما روى ذلك ابن حجر في صواعقه، حيث قال: (أخرج الدار قطني: أن علياً يوم الشورى احتج على أهلها فقال لهم: أنشدكم بالله من فيكم أحد أقرب إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» في الرحم مني، ومن جعله «صلى الله عليه وآله» نفسه، وأبناءه أبناءه، ونساءه نساءه غيري؟ قالوا: لا...)(53).
-        ويضاف إلى ذلك إدراج بعض المحدثين «من علماء أهل السنة» آية المباهلة في باب فضائل أهل البيت «عليهم السلام» في مصنفاتهم(54).
-        وغير هذا وذاك، فإنه ما تنامى إلى مسامعنا أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال:(سيدا شباب أهل الجنة)(55) لغير الحسن والحسين «عليهما السلام»، وما قال لواحدة من النساء:(سيدة نساء العالمين)(56) لغير فاطمة الزهراء «عليها السلام»، وما قال: (من كنت مولاه فهذا مولاه)(57) لغير علي بن أبي طالب «عليه السلام»، إذا عرفت هذا عرفت أن ابن تيمية ناصب العداء لأهل بيت النبي صلوات الله عليهم بإثارة هذه الشبهة وغيرها.
وأختم دحض هذه الشبهة بقول الإمام علي بن موسى الرضا «عليه السلام» حين ناظر علماء العراق وخراسان في بيان فضل الأربعة الأطهار «عليهم السلام» على الأمة جمعاء، وبعدما أقام الحجة عليهم بذكر آية المباهلة قال «عليه السلام»: (فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد، وفضل لا يلحقهم فيه بشر، وشرف لا يسبقهم إليه خلق).(58)(59)
 
            
الشواهد الشعرية:
1.   إبن حماد العبدي:
لعـــــمرك يـــا فتى يوم (الغدير)
        .....  لأنت المـــــرء أولــى بالأمـور
وأنـــــت أخ لخـــــير الخلـــــــق طرا
        .....  ونـــــفس فـــي مباهلة البشير
 وقال أيضاً:
وسماه في الذكر نفس الرسول
        .....  يـــــوم التـــــباهـــــل لمـــــا خـشع
 وقال أيضاً:
وبهـــــم باهـــــل النـــــبي فــقل لي
        .....  ألهم في الورى عـرفت نظيرا
2.   مهيار الديلمي:
سل المتـحدي بهم في الفخـار
        .....  أيـــن سمـــــت شرفات العلا
بمـــــن بـاهـــــل الله أعــــــــــــــــــــداءه
        .....  فكـــــان الـــــرسول بهم أبهلا
3.   ابو علي البصير:
اخـتار يوم (الغدير) حيـــدرة
        .....  أخــــا له فـــــي الـورى وآخـاه
وبـــــاهل المشــركين فيه وفي
        .....  زوجـــــتـــــه يقـتـفـيـهـمـا ابـــــناه
هم خمسة يرحم الأنام بهم
        .....  ويستجـــــاب الـدعـا ويرجاه
4.   الملك الصالح:
لا تعـــذلني إنــــني لا أقتــــــــــــفـي
        .....  سبـــل الضـلال لقول كل عذول
عـنـد التباهل ما علمنا سادسا
        .....  تحـت الكسا منهم سوى جبريل
5.   علي خان المدني:
واذكــــــــــــــــــــر مباهلة النبي به
        .....  وبزوجـــــــــــــــــــــــــــــــه وابنيه للنفر
وقرأ وأنفسنا وأنفسكــــــــــــــم
        .....  فكفى بها فخرا مدى الدهر
هذي المفاخر والمكارم لا
        .....  قعبان من لبن ولا خمــــــــــــــر
6.   صفي الدين الحلي: (60)
أ أنـــــت تفاخـــــر آل النـــــــــــــبي
        .....  وتجحدها فضل أحسابها
بكم باهـــل المصطفى أم بهم
        .....  فـــــرد العـــــداة بأوصابـــــها
7.   كمال الدين الشافعي:
أضح واستمع آيات وحي تنزلت
        .....  بمدح إمــام بالهدى خصه الله
ففـــي آل عمــــــــران المباهلة التي
        .....  بإنزالــــها أولاه بعــــــــــــض مـزاياه
وختاماً:
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على ولاية محمد وآل محمد وان يوفقنا للسير على نهجهم وان يرزقنا في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم ... وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
 
الهوامش:
(1). تنقيح المقال ج1 ص403، سيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسني ج1ص145 ، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة لمهدي السماوي ص229 ، وفي الكنى والألقاب للقمي ج2 ص349 نسبه للشافعي ، وفي المناقب للخوارزمي ص8 عن بعض الفضلاء ولم يسميه.
(2).  فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ص20، الصواعق المحرقة لأبن حجر ص118، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص149، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص282.
(3).  سورة آل عمران: الآية /61.
(4).  انظر: لسان العرب ج11 ص71. 
(5).  سورة آل عمران: الآية / 61.
(6).  الصحاح للجوهري ص1407، مادة بهل.
(7).  الكشاف للزمخشري ج1 ص368.
(8).  لسان العرب ج1 ص375، وانظر معجم مقاييس اللغة ج1 ص310. 
(9).  آل عمران: الآية /61. 
(10).  المفردات للراغب ص149، وانظر تفسير ابن جرير ج3 ص296. 
(11).  المغرب في ترتيب المعرب ج1 ص93.
(12).  زاد المعاد لإبن القيم ج3 ص643. 
(13).  مجمع البحرين ج1 ص258.
(14).  سورة الفاتحة: الآية / (6-7).
(15).  سورة آل عمران: الآية /59. 
(16).  سورة آل عمران: الآية /61.
(17).  منتهى الآمال في تواريخ الائمة والآل للشيخ عباس القمي ج1 ص131.
(18).  بهجة المحافل للعامري الحرضي ج2 ص15. 
(19).  المصباح المضي في كتاب النبي جمال الدين ابن حديدة ج2 ص204.    
(20).  شرف المصطفى لابو سعد الخركوشي ج5 ص368. 
(21).  مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي القاري ج9 ص3962. 
(22).  أسباب نزول القرآن للواحدي ج1 ص108. 
(23).  السمعاني في تفسيره ج1 ص327.
(24).  الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي ج1 ص445، لم يكن في المباهلة من بني عم الرسول الا الامام علي.
(25).  معالم التنزيل للبغوي ج2  ص48.
(26).  الشريعة للآجري ج4  ص1756.
(27).  الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة لابن قتيبة الدينوري ص56.
(28).  تحفة الأحوذي للمباركفورى ج8  ص 278.
(29).  بريقة محمودية لأبو سعيد الخادمى الحنفي ج1 ص211.
(30).  منهاج السنة لابن تيمية ج7 ص123.
(31).  منهاج السنة لابن تيمية ج7 ص127.
(32).  منهاج السنة لابن تيمية ج7 ص127. 
(33).  اضافة الى المصادر السابقة راجع: فتح الباري لابن حجر ج7 ص74 ، شرح صحيح مسلم للقاضي عياض ج7 ص414، الإفصاح عن معاني الصحاح لأبي المظفر ج1 ص348 ، الجمع بين الصحيحين للحميدي ج1 ص198. 
(34).  منهاج السنة ج7 ص126.
(35).  تفسير معالم التنزيل للبغوي ج1 ص450 ، تفسير الكشاف للزمخشري ج1 ص368 ، تفسير أنوار التنزيل للبيضاوي ج2 ص20 ، تفسير مدارك التنزيل للنسفي ج1 ص261 ، تاريخ الخميس للديار بكري ج2 ص196، روح البيان ابو الفداء الخلوتي ج2 ص44 ، مناهل العرفان الزرقاني ج2 ص400.
(36).  شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص283. 
(37).  سورة مريم: الآية/ 1. 
(38).  تفسير ابن كثير ج5 ص212. 
(39).  سورة مريم: الآية / 47. 
(40).  تفسير ابن كثير ج5 ص236. 
(41).  سورة الأنبياء: الآية/ 76. 
(42).  سورة الأنبياء: الآيات/ (83 -84). 
(43).  سورة الأنبياء: الآيات / (87 – 88). 
(44).  سورة الأنبياء: الآية /(89 -90). 
(45).  سورة الأنبياء: الآية /90. 
(46).  تحرير ألفاظ التنبيه ص65.
(47).  نفس المصدر: تحرير ألفاظ التنبيه ص65. 
(48).  تفسير الكشّاف ج۱ ص۱۲۳. 
(49).  حياة الامام الحسين عليه السلام للشيخ باقر القرشي ج1 ص73. 
(50).  انظر: الصحاح -للجوهري-:1407. مادة بهل. 
(51).  صحيح مسلم ج4 ص1871. 
(52).  الكشاف للزمخشري ج1 ص434 في ذيل آية (61) من آل عمران. 
(53).  الصواعق المحرقة ص154 ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج42 ص432.
(54).  صحيح مسلم ج4 ص1871 ، سنن الترمذي ج6 ص83 ، الشريعة للآجري ج5 ص2200 ، جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير ج9 ص154 ، فتح الباري لابن حجر ج7 ص74 ، شرح صحيح مسلم للقاضي عياض ج7 ص413 ، شرف المصطفى للخركوشي ج5 ص366. 
(55).  مسند أحمد ج17 ص31 ، سنن الترمذي ج5 ص656، المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص182. 
(56).  صحيح البخاري ج8 ص64 ، صحيح مسلم ج4 ص1905.
(57).  المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص613. 
(58).  عيون أخبار الرضا «عليه السلام» للصدوق ج2 ص207. 
(59). شبهات وردود: الشبهة السابعة: شبهة عدم دلالة آية المباهلة على أفضلية الحسنين وأبويهما «عليهم السلام» للسيد مهدي الجابري نشر في 27 / 4 / 2016 على مركز الإمام الحسن «عليه السلام» للدراسات التخصصية.
(60).  قال من قصيدة أجاب بها قصيدة ابن المعتز العباسي.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حامد كماش آل حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/06



كتابة تعليق لموضوع : مقالات في مناقب المرتضى 33.   منقبة: «آية المباهلة»
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net