لم تفارق كلمة الحق أي فقرة من فقرات الطف الحسيني بدءًا من وصية الحسين الأولى (فمن قبلني بقبول الحق فإنه أولى بالحق ومن رد علي هذا ، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق). كانت نهضة الحسين عليه السلام نصرة للحق وإماتة للباطل، أول أسس النهضة هو احقاق نظام الحق.
واقعة الطف أفرزت حالتين، حالة الحق وحالة الباطل والمهم في المسالة إن الباطل الذي كشفه الإمام الحسين عليه السلام لم يكن باطلًا ظاهرًا أمام الملأ وإنما كان يتذرع ويلبس لباس الدين وقد رفع الإمام الحسين هذا القناع عن المدعين و المنافقين و الفاجرين ابتداء من أعلى السلطة إلى أدنى شخص، كان هؤلاء مجموعة من المنافقين من الذين وثبوا على حقًا ليس لهم فكشفهم الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف التي كانت لها القدرة على الفرز بين الحق والباطل وأتمت العائلة الكريمة هذا الفرز وهي في أعلى حالات رباطة الجأش والقوة.
كان الحسين عليه السلام يؤسس لإعلان إنساني عالمي لحقوق الإنسان عندما رفع شعاره (هيهات من الذلة) ليحفظ للإنسان الكرامة ويرفع عنه الخوف الذي زرعوه فيه. ويؤكد عالمية حركة الإصلاح، بغض النظر عن الجنس واللون ، كان أهمها نهضة الأمة ،وافرزت الحقائق، الوضع، لا يعني حركة تحررية ضد نظام الطاغية بل يريد الكشف عن الحقائق التي زيفوها، و قدرة فرز الحقائق تحتاج إلى شخصية عظيمة بوزن الحسين عليه السلام.
إن مشروع كشف الطغاة( مختبر الطف )كشف حقائق كثيرة التي زيفت بعناوين كبيرة لهذا سقطت في الطف عناوين زيفت لها العروش، أسقطتها واعادتها إلى حجمها الطبيعي ،وظهرت عناوين تكشف عن حجمها التاريخي ، تظهر يوم الطف وتصل اذا ذروة الإخلاص (لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي
الصراع بين فريقين فريق يصادر الحريات ويسلب الإرادة الإنسانية ،أما أن تبايع أو تقتل، ويأسر النساء ويقتل الاطفال ، وفريق يتسامى بإنسانيته يفتدي بأرواحه ثورة كربلاء ، أصحاب الحسين يمثلون طليعة فرسان الإسلام وأبطاله ، وشهد الاعغداء لهم( تلقي أنفسها للموت لا تقبل الأمان و لا يغريها مال)
الإمام الصادق عليه السلام يخاطبهم ( بأبي انغتم وأمي)
قوم أدركوا أن المسالة ليست مسالة نزاع أو حكم في مسالة ، والقضية أصبحت متعلقة ببناء الإسلام كدين والمسلمين كأمة موحدة، ولم تعد الأمور قابلة اغن تقف عند رأي شخصي أو موقف سطحي لابد من التفكير بعمق ومن ثم الموقف، فالمواقف كثيرة، عرفوا الحسين عليه السلام لذلك كانوا يسخرون ممن يهددهم بالموت، تفاعلوا مع بعض ليكون الموقف قويًا فقاتلوا بشجاعة وتقدموا بوعي، اهل عبادة ودعاء يستأنسون بلقاء الله سبحانه وتعالى مخلصين له.
لابد من النظر إلى عاشوراء من مقاصد الدين واستمرارية فاعلية الرسالة وهي تعبر كل عصر بكامل حيويتها لتصل لنا بعد هذه القرون لنصبح جزءًا من تاريخ الواقعة بما نمتلك من سمات إنسانية ، ومسؤوليات تاريخية هي واجب شرعي لو عدنا إلى زمن الواقعة سنجد هناك عناوين تخلفت عن الحسين عليه السلام بعضها تلوم الحسين وتعاتبه لأن هذه العناوين يا لخيبتها لا تمتلك الرؤية الكافية لمعالم الفتح الذي أشار إليه الحسين عليه السلام
نحن نصر ، وكثير من الذين يفهمون عاشوراء إننا نمارس عقيدتنا و نمارس شعائرنا لهذه الطريقة التي عجنت فيها دمائنا مع الولاء للائمة الأطهار والتنبؤ الذي ذكرته الحوراء زينب عليها السلام من طريق الإمام إن الله تعالى سيهيئ أناسًا يقومون بمداراة قبر الحسين سلام الله عليه، زوار يفدون على ضريح أبي عبد الله وهذا هو الفتح الذي تنبأ به الإمام الحسين (من لحق بي منكم أستشهد ومن تخلف لم يدرك الفتح) فهناك فتح حاصل بشهادة الإمام الحسين ونحن نصبر على هذه العقيدة إلى الممات ، لأننا فهمنا ما أراد الإمام الحسين عليه السلام من نهضته وعرفنا معنى الدموع التي سقطت من عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم ولادة الإمام الحسين ومن يعرف هذا الدمع يستطيع أن يعرف النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف أمير المؤمنين سلام الله، نحن عرفنا عاشوراء لذلك لا نرى التاريخ الحسيني من التواريخ الماضية بل نضع فيها الثبات لحمل ثقل الأمانة الملقاة على عواتقنا وعملية معرفة كامل النهضة تعد من الأمور التي لابد أن يدقق النظر فيها لبيان وظائف الأجيال المسلمة في مختلف الظروف ، هذه الشعائر التي أفرزتها واقعة عاشوراء ميزت بين الحق والباطل لذلك لابد أن نكون مع جهة من الجهتين أما أن نكون بمستوى شخصية أصحاب الإمام الحسين عليه السلام أو على الأقل لا نكون بمستوى من قاتل الإمام الحسين ومن قتل الإمام الحسين كمثال عمر بن سعد وشمر بن الجوشن والحصين بن نمير، مشهد الحزن في عاشوراء يكشف أمور كثيرة، نحن نتعامل معها وفق مباني ومبادئ بين لنا بعضها أئمة الهدى عليهم السلام ، لدينا تراث معصوم يتعلق بالحسين عليه السلام،
هناك أمور خاصة حملها الأئمة عليهم السلام للحث والتأكيد على مسالة شهادة الإمام الحسين عليه السلام ومظلومية ، واقعة الطف أراد الائمة لها أن تقرأ على إمتداد التاريخ إلى ما بعد الإمام ولهذا هناك حالات غير دخيلة، وإنما هي أصيلة نستطيع أن نعبر عنها بمشهد الحزن العاشورائي الذي أهتم به الأئمة عليهم السلام ومن قبلهم النبي عندما أخبره جبرائيل بمكان وزمان استشهاد الإمام الحسين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat