صفحة الكاتب : د . مرتضى الشاوي

القسم الثاني : تابع إلى وفرة الأقنعة والترميز العددي واللوني
د . مرتضى الشاوي

مجازية فاعلية الأعداد :

       قد يأتي العدد في النص الشعري في نص ما بوصفه المبهم لدى المتلقي لكن يأتي ؛ ليرفع الغموض ويشتمل على أبعاد مجازية بيانية كان هذا من نصيب قصيدة النثر السردية ، وفي هذه الفعل أنّ الشاعر الحداثوي يعمد إلى تخصيب نصه الشعري بمخصبات فنية تثري الدلالة ، وتمنح قدراً في كشف الغامض منه في المستوى الفكري والموضوعي ، ومن هذا نشعر بنزعة الشاعر إلى التفوق حتى في المجال الحسابي بتقنية الأعداد الرياضية لمجازية خاصة تخفي وراءها النفس الكنائي، إذ تتجلى تلك الجدلية في ضوء ما يميز العدد الفرادي به من تلك العلاقة الفريدة ، جاء في قصيدة ( الرسم بالكلمات ) قوله:

" فكلُّ لنا يوماً ملاقيينا

وصوب الكون

نسعى فرادى

 كما جئنا صغاراً وعميانا  " ( ص 8 )

لأنّه الأفضل في الاختيار من حيث نهاية المفاجئة التي ينتظرها الإنسان بعد رحيله تنم عن فلسفة كونية ، ولأنه قابل على التكرار إذا استدعي ذلك ، كما نصّ في هدفه السامي مثلما ورد في قصيدة ( الرهان الأخير ) :

" من أجل واحدة

.......

أخبرتك سراً

بما تنطوي نومتك

شيطان وسيف

وراقصة من أجل واحدة

في حقدها سادرة

تغلي كمرجل في الغدر سائرة " ( ص 24- 25 )

ذلك العدد الذي يفترض الوجوب دون غيره في ذكره لا ينفصل عنه في الواجبات الرئيسة المقدسة  كما في قصيدة ( الرهان الأخير) قوله :

" صرح الدعي

وفي الركعة الأولى

جبان

غال كوناً

هوت ضربة بالسيف

أطارت الرأس المعمم بالصلاة " ( ص 25 )

     وربما يرمز لبيان المعدود القريب من النفس في موضوعة نسبية يتفاعل معها العدد واحد في لقبه الحرفي ؛ ليعلن فرادة الحدث مع ثبات الصفة للمعدود المبهم كما ورد في قصيدة ( القراءة الأولى ) :

" وأنت قراءتي الأولى

أقرأك حتى أشبع

وبلون الورد أشرب من حزنك

مقادير المدن الأخرى " ( ص 74 )

فيدعو العدد المكنى به إلى معنى دلالي يخفى حوله رمزية فاصلة ما بين شيئين متساويين  ليقيم فيه وهو عال بمكانه واستقامته كما ورد في قصيدة ( ذاب في قرار ) :

" ويداك تصطفقان

تحنو على وجل

خوف افتضاح الخجل

وتضم رابعة النهار كؤوس خمر

ذاب في قرارة النهر " ( ص 20 – 21 )

فرابعة النهار كناية عن منتصف النهار ووضوحه ، وهو بشير إلى حالة جزئية مخفية بوصفها حاجزاً دلالياً ، والنصف يدلّ على نصف العدد بشكله وهيئته ؛ ليشاكل معه بين شكليين هندسيين ( ارض مربعة ) و( نصف دائرة ) بين إحاطة كلية وأخرى جزئية ، كما ورد في قصيدة ( الاختباء ) :

" فمتى تخبؤنا الزوايا

قالت : فلو كنا على ارض مربعة

لأختبأنا ، ولكننا في نصف دائرة " ( ص 54 )

و ربما يصل العدد المشار إلى رمزية العدد المشؤوم الدال على السعر المبخوس ؛ لأجل قتل شخصية إسلامية  تعدّ ثاني شخصية بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) ؛ لمكانتها في الإسلام وفي نفوس المؤمنين .

ويتجلى ذلك في المقارنة الأدبية ما بين ثلاثة أشياء رمز الشاعر إليها  في اختيار واحدة منهن كما ورد في قصيدة ( الرهان الأخير)  :

" هو ذاك الشقي

مهر قطام

وسيف

وجارية

وقتل علي خيرة الأمرا

الذميم القبيح من أجل واحدة

في السر عابرة

سيف بمائة

وسم بمائة

وقتل أبي تراب صار مأثرة "  ( ص 23- 24 ) 

      ثمّ ينحدر السيل نزولاً للتسجيل الذاتي ، ليحصر العدد  بياناً في الأربعة من أولاده ، وهي إشارة لجاذبية الأب في ابتهاج الأبناء بذكرهم مع استيعابهم في زحمة الحياة ، وهو يمضغ الخبز على مضض وضنك ذلك العيش المعتم ؛  لكنه يتباهى ؛ لأنّه معجون بثرثرة لا تبتعد عن ذاكرته  كما ورد في قصيدة ( القراءة الأولى ) :

" وأنا لا أنسى

أنّي أمضغ خبزك

معجوناً

بثرثرة أبنائي الأربع "(  ص 74   )

في حين ينماز العدد بوصفه صفة تحلّي الفاصلة النثرية بصوتها المهموس وهو( السين ) في تماثله في مفردتي ( الكأس والشمس ) ، كما ورد في قصيدة ( ولادة كأس ):

" انقلب الكأس

ففاحت

بصمات

أصابعنا الخمس

وانقلب الكأس

فصرنا نعيد آلهة الشمس " ( ص 46 )

لكن الشاعر مرة يستدعي بالعدد صفة للتبيين في إزالة الغموض النوعي  كما ورد في قصيدة ( الموت مرة ثانية ) :

" طويس

يحمل لعن التاريخ

حين ينقر الدامي

بأنامله الثلاثة

.......

طويس يخرج دفه البدوي

يمتطي بغلة

نهضت مدن ترتاب

في حلمي ترعف المدن الثلاث " ( ص 67 )

     وقد يكون العدد تراتبياً في تمييز الأشياء السردية التي يشير إليها الشاعر ، وهي فرضية رياضية في معرفة الأشياء وتقسيمها وترتيبها وتصنيفها عملياً كما في قصيدة ( نعوش محترفة )  :

" أتراك تذكر قصة الجنود ؟

حين تفرقوا

وقبل أن يتعاهدوا

أولهم : صار طعما للغم هناك .

وثانيهم : صار ذليلاً تجره الحبال

وأنت ثالثهم : الرابح  الوحيد

كنت منتشياً بالهروب " ( ص 60 – 61 )

وربما يبلغ العدد حداً يفوق حدّ النشوة ، فيهمس إلى عمره الذي أوشك على مرحلة البؤس في حالة التيه الذي أربك في داخله مواجع من الخطايا ، وهو يمضغها كحلاوة التمر في عبادة الخطايا التي تجولت إلى أصنام طيلة الأربعين عاماً ، كما في قصيدة ( خطوط الوهم ) :

" فهل تتذكرين

الخطايا ،

أصنامنا

حين عبدنا

أكلنا تمرنا  وارتحلنا

الصحراء والتيه خلفنا

وتهنا أربعون عاماً من البؤس

أطفالنا أكلنا " ( ص 87 – 88 )

ولم يكتف بالعدد ( الأربعون ) ، بل يقفز على رمزية عالية للكناية عن الكثرة لطالما عبر به عن التكثير ، وهو عدد( المليون ) كما في قصيدة ( نقطة ارتكاز ) :

" من تاريخنا

الملطخ بالقلم

ونقطة

من ملايين المواثيق

تتجلى في مخاض الألم " ( ص 44 )


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مرتضى الشاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/25



كتابة تعليق لموضوع : القسم الثاني : تابع إلى وفرة الأقنعة والترميز العددي واللوني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net