صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

آيات قرآنية في كتاب الأديان والمذاهب من مناهج جامعة المدينة العالمية (ح 5)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في كتاب الأديان والمذاهب من مناهج جامعة المدينة العالمية: يستمر الكتاب مبينا عوامل الانحراف عن الدين الصحيح، وطرق معالجة هذا الانحراف: وما القضاء والقدر اللذان ورد ذكرهما في القرآن الكريم، وجعلهما الله مرتبطين بفعل الإنسان ومسلكه في الحياة سوى النظام العام الذي خلق الله عليه الكون، وربط بين الأسباب والمسببات والنتائج والمقدمات سنة كونية لا تختلف، وكان من تلك السنة أن خلق الإنسان حرًا في فعله مختارًا غير مقهور، ولا مجبور ولو صح ما ذهبوا إليه لبطلت التكاليف، وكان بعث الرسل، وإنزال الكتب ودعوة الإنسان إلى دين الله، وما يجب عليه ووعده بالثواب لأهل الخير، والعقاب لأهل الشر باطلًا وعبثًا، ولا يتفق، وحكمة الخالق الحكيم في تصرفه وتكاليفه الرحيم بعباده؛ فالإنسان له حق في الحرية والاختيار، وفيه بواعث الخير وبواعث الشر كما قال تعالى: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا" (الشمس 7- 10) فالله خلق الإنسان مستعدًا للخير والشر فهو يسعد نفسه بالخير أو يشقيها بالشر: "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" (البلد 10) كما قال ربنا أيضًا: "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا" (الإنسان 3). وهداية السبيل فيها عقل ورسل، وكتب؛ لتضح الحقيقة وليستبين الأمر ويعلم الحق كما قال ربنا: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف 29) ولكل جزاء: "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا م ِ نْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا" (الكهف 29-31). فالإنسان حسب اختياره يكون جزاؤه: "هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (سبأ 33)، وهذا الاختيار بمشيئة الإنسان، وإن كانت مشيئة الإنسان لا تخرج عن مشيئة الرحمن: "لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (التكوير 28-29). ومشيئة الله تعالى وقدره لا يعني: أن يجبر الإنسان على اختيار دين، وإلا لأجبرهم على أن يكونوا مؤمنين، فيصبحوا بذلك كالملائكة، لكن إرادة الله ليست كذلك؛ لذلك قال الله -عز وجل- لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (يونس: 99) فنهاه الله -عز وجل- عن مجرد الإلحاح، أو المبالغة في الدعوى، ويبقى: "إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ" (الشورى 48).

وعن طرق معالجة هذا الانحراف: فكما قيل إذا شخصنا المرض استطعنا أن نعرف العلاج، وأن معرفة الداء طريق لمعرفة الدواء؛ فلا علاج لهذا الانحراف إلا أن يعود الناس إلى دين الحق، وتوحيد صحيح، وكتاب محكم لم يحرف، وسنة مبينة ومفسرة، ولن نجد هذا إلا في دين الإسلام؛ حيث كتاب الله تعالى، وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا اختلطت علينا الأمور فاتباع القرآن، والسنة بفهمِ سلفِ الأمةِ، لا سبيل لمعالجة الانحراف عن الدين الصحيح إلا باتباع منهج الله تعالى: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الأنعام 153). إن دين الإسلام هو دين الفطرة، وإن دين الإسلام هو دين العقل، وهذه الفطرة التي يمكن أن تخرج عن مسارها الصحيح لا ضابط لها إلا الوحي، وهذا العقل الذي يعتريه القصور لا يكمله إلا الشرع، ومن ثم فطرق معالجة هذا الانحراف هو العودة إلى المنهج الصحيح، أو الدين الحق، والالتزام بالعقيدة الصحيحة التي تتفق مع الفطرة، وتتناسب مع العقل. ولذلك نقول هنا: إن الدين دين التوحيد، وهو دين الفطرة، ودين العقل هو التوحيد فطرة وعقل، إن سلامة العقل توجب احترام الحقائق، وإدراك الوقائع والوقوف بالظنون عند حدودها، ورفض الأوهام، وعدم الإيمان بالخرافات، والإنسان بفطرته التي خلقه الله عليها يدرك وحدانية الإله مثلما هو يدرك بفطرته أن العدل جميل، والظلم قبيح، وأن العلم مفخرة، وأن الجهل معرَّةٌ، قال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (الروم 30). فالناس كما خلقهم الله يولدون على فطرتهم، فهم مستعدون لها مؤثرون لمنهجها يتدافعون في مجراها تدافع الماء إلى منحدره لكن العوائق المصطنعة هي التي تقطع عليهم طريقهم وتردهم عن وجهتهم. قال الله -عز وجل- في هذا المعنى: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ" (الأنبياء 22) كذا قال: "قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ علوًّا كبيرًا" (الإسراء 42-43) وقال سبحانه: "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" (المؤمنون 91-92).

وعن فطرية التدين: أن التوحيد فطرة وعقل أن الله -عز وجل- بين معالم التوحيد، وربطها بالعقل؛ أن الدين كله إنما هو في أصله فطرة: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (الروم 30) فالناس مفطورون على التدين. هل الإنسان وحده الجاهل بحقائق الطبيعة وغيره من الحيوانات أعلم منه، وهل هم كفروا؛ لأنهم صاروا أقوى من الطبيعة، وأعلم بخباياها أم ماذا؟ لا جواب على هذه التساؤلات إلا جواب واحد يرضاه العقل والدين معًا هو أن الإنسان فطر على التدين فتدين، ولم يخلق الحيوانات لهذا فبعدت عنه. والحق: أنه لا تبديل لخلق الله، وهو ما جعل الإنسان من بين مخلوقات الأرض والسماء في حفلة العرض يحمل الأمانة دون غيره كما قال تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ" (الأحزاب 72). فالإنسان في منطق الجاهلية الحديثة تدين؛ لأنه ضعيف وجاهل، وعلى القياس الحمار بمقتضى الجاهلية الحديثة لم يتدين؛ لأنه عالم وقوي عالم بأسرار الطبيعة فلم تدهشه، وقوي أمام مظاهرها فلم تروعه، ويوم أن يتحرر الإنسان، ويصبح حمارًا أو قردًا أو ما شاء له من الحيوانات يكون قد تحرر من الجهل والضعف؛ فتعجب لمثل هذه الفلسفة الجاهلة، أو هذه الجاهلية الحديثة. إننا على يقين من أقدمية الدين، وأن الدين موجود مع الإنسان، وقبل الإنسان مع الإنسان ربما تكون واضحة قبل الإنسان كيف حين خلق الله الجان، وحين خلق الله الملائكة؛ فالملائكة على دين يعبدون ربهم، ويطيعونه، ولا يعصونه فهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم يخافون ربهم من فوقهم، ويفعلون ما يؤمرون، وهم بأمره يعملون؛ ولذلك قال الله -عز وجل-: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" (آل عمران 83). وهذه قضية لا نريد تفصيلها لكن من حيث قدم الدين بقدم الإنسان؛ فمن أول إنسان آدم عليه السلام هل كان متدينًا نعم موحدًا؟ نعم، هل أمر ونهي؟ نعم وهو في الجنة قبل أن يهبط إلى الأرض، ولما أهبط إلى الأرض هبط، ومعه الدين ومعه المنهج؛ فالله -عز وجل- تاب عليه في الجنة بعد إذ أكل من الشجرة نسيانًا لكن آدم خلق ليكون في الأرض لا ليكون في الجنة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة 30) ولم يقل في الجنة لذلك نزل آدم ومعه المنهاج: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" (طه 123-125). فآدم عليه السلام كان موحدًا، وكان متدينًا وأبناؤه من بعده كذلك، وفطروا على هذا التدين، وأخذ عليهم العهد والميثاق بتوحيد الله -عز وجل- قال سبحانه وتعالى: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" (الأعراف 172-173). قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في (تفسيره) يخبره تعالى أنه استخرج ذرية آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، فقال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (الروم 30).

ويستطرد الكتاب مبينا فطرية التدين: أن الإنسان دائمًا في حاجة إلى الإيمان والتدين والعقيدة، وأن الدين ضرورة من ضروريات حياته، وحاجة من حاجات نفسه، فلا غنى له عن الإيمان بربه، وعن عبادته بحالٍ من الأحوال، ومن هنا لم تخل أمة وجِدَتْ على وجه الأرض، ومنذ عهد الإنسان بالحياة من عقيدة ودين؛ ومصداقًا لذلك يقول الحق -تبارك وتعالى-: "وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ" (فاطر 24) كذا قال: "وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد" (الرعد 7).
ومن هنا نؤكد أنه مع الإنسان الأول كان النبي الأول، فأول إنسان هو أول نبي هو أبونا آدم عليه السلام فمن أول نبي؟ ومن أول رسول؟ من اليقين المؤكد أن البشرية بدأت، ومعها التوحيد المطلق والتنزيه الكامل لله رب العالمين، والذي يقرره القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة أن آدم عليه السلام أبا البشرية كان نبيًّا موحدًا على أنقى صور التوحيد. وقد اصطفاه ربه فقال: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ" (آل عمران 33) واجتباه أيضًا فقال: "ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى" (طه 122). وأنه عرف حقيقة التوحيد كاملة، وعرف طبيعة العلاقة بين الخالق والمخلوق، وذلك باعترافه بخطئه، وتوبته إلى ربه إذ أكل من الشجرة ناسيًا، فسارع بقوله مع زوجه: "قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (الأعراف 23) وهذا اعتراف فيه رجوع وإنابة، وتذلل، وخضوع للواحد الديان الذي خلقه من تراب، ثم نفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة. والذي لا شك فيه أن آدم عليه السلام أهبط إلى الأرض مسلمًا لله متبعًا لهداه، وأن الله أخذ عليه العهد هو وزوجته أن يتبعا ما يأتيهما من هدي، وأن يبتعدا عن خطوات الشيطان؛ إذ هو لهما عدو مبين قال تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى *وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَ ى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى". (طه 123-125). فقام آدم عليه السلام بنقل ما تلقاه من ربه إلى بنيه، وتعريفهم بإسلامه وعقيدته وتلقى بنوه هذه التعاليم بالقبول حتى عندما وقع الخلاف بينهم أو بين هابيل وقابيل رأينا أثر هذه التعاليم واضحة فيما وقعوا فيه من معصية أو خلاف قال تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ* إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ" (المائدة: 27- 29) الآيات. وظلت تعاليم التوحيد في أبناء آدم وأحفاده، وتوارثوها جيلًا بعد جيل وظلت أجيال عدة بعد آدم عليه السلام لا تعرف إلا توحيد الله تعالى عقيدة مع إسلام الوجه لله تعالى دينًا، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين" والقرن قد يراد به المدة، وهي مائة سنة، قد يراد به الجيل من الناس أو المدة المتطاولة من الزمن، كما في قوله تعالى: "وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ" (الإسراء 17). كذا في قوله: "وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ" (مريم 74) وفي قوله سبحانه: "ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ" (المؤمنون 42) وفي قوله تعالى: "وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا" (الفرقان 38) فالتوحيد أصل في البشرية به بدأت وعليه نشأت، وأما الشرك والانحراف فهو شيء طارئ عليها ولا عجب فقد أخذ الله العهد والميثاق على ذرية آدم منذ بدأهم، وهم لا يزالون في عالم الذر كما في الآية: "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا" (الأعراف 172).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/30


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • اشارات الامام موسى الكاظم عليه السلام عن القرآن الكريم من سورة المائدة (ح 8)  (المقالات)

    • يوم القضاء العراقي: 23 يناير (ح 2) (لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين)  (المقالات)

    • يوم القضاء العراقي: 23 يناير (ح 1) (ان الحكم الا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين)  (المقالات)

    • اشارات قرآنية من كتاب الإمام زين العابدين داعية الوعى للسيد الحسيني  (المقالات)

    • ضرر الفساد في أمثلة (نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) (ح 34)  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : آيات قرآنية في كتاب الأديان والمذاهب من مناهج جامعة المدينة العالمية (ح 5)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net