(فاعلية الرمز لمعاينة الواقع اليومي/ معالجة الخلل) (قراءة في كتاب قطرات في بحر البتول عليها السلام للكاتبة منتهى محسن محمد)
علي حسين الخباز
علي حسين الخباز
تحويل السيرة والتحليل إلى بحث في معاني الارتقاء بالواقع اليومي الحياتي المعاش، أي بمعنى توظيف الرمز لمعاينة الواقع .
استلهمت من حياة الزهراء عليها السلام ،دلالات الهوية وعمق الانتماء الوجداني ،ودورها الريادي في أكثر من مجال ، بحثت في أبعاد متعددة منها: البعد الإنساني ،والتاريخي ، والديني، وكل معاني الصبر والعنفوان والتحدي والجمال ، أيقظت ضمير الكتابة كسيرة تستنهض الواقع والتعريف بالمرأة و بدورها من أجل تحسين نظرة المرأة لكيانها واشتغل الكتاب على منحيين فاعلين ، اعتمدت على مساعي عقلية في المنحى الأول،وكان المنحى الثاني أسلوبي أدبي وجداني يعرفنا على منجز الكاتبة كونها باحثة إسلامية وكاتبة قصة مبدعة ومدربة تنمية مهارات بشرية، فتنوع المنجز بين المسعى البحثي والسيرة الغيرية والمقالة ومواضيع تنموية و تجليات أدبية وقصص عن حب أهل البيت عليهم السلام وقصص عن الحشد الشعبي ومواضيع تربوية ثقافية منوعة
، نبهنا سماحة الشيخ علي حسن غلوم(الكويت) في توطئته الفاعلة للكتاب الى قضية مهمة وهي استثمار الرمز الفاطمي لا على مستوى التبجيل والتعظيم وذكر المحاسن بل على مستوى الدروس والمفاهيم المستثمرة ،و نبهنا أيضا إلى مسألة تحتاج إلى تأمل و إتخاذ سيرة الزهراء عليه السلام معاينة لكشف الواقع عبر ركيزة أساسية لمعالجة القضايا المعاصرة تمثل جوهر الواقع العملي أي بمعنى أن تلك الأحكام والقيم الأخلاقية قابلة للتطبيق على أرض الواقع من قبل المرأة المعاصرة ، وهذا الأمر يتوقف عند سماحة الشيخ علي غلوم على الوعي ، وعي الرمز وما حقق من منجزات، ووعي السبيل أي المشروع التطبيقي والمعاينة وقدم لنا قراءة ذكية وموجزة عن منجز استيعاب حياة الرمز الفاطمي ،وضع اليد على مواطن الخلل في الحياة المعاصرة للمرأة وتقديم الحلول والأفكار والمقترحات للمعالجة، أسلوب تميز بالرشاقة والتهذيب .
استعانت الكاتبة بنصوص شعرية امتزجت فكرتها بالأحاسيس والوقائع بالصور الحسية وجمال البيان بأحداث التاريخ لمواكبة محطات رئيسة من سير ة سيدة نساء العالمين ،قدمت الكاتبة منتهى محسن منجزها عبر قسمين الأول عنوان قطرات من بحر البتول وقدمت الزهراء عليها السلام برمزية المقاومة والصمود وقيم العفة والشرف بأربعين قطرة من قطرات هذا البحر الزاخر ،وظفت تلك القطرات في احتواء دلالات السيرة وتوجهاتها لرؤية الواقع، تبدأ القطرات دورها كابنة تمثل دور أمها الطاهرة خديجة الكبرى إلى مرحلة بلوغ الوعي والنضج فكانت لقائد الرسالة الإلهية خير عون أما عن الأساليب التكوينية فهي استخدمت تداخل قصدي للبنى الثقافية والإعلامية ونصوص الإرشاد والتنموي الفاعل والمباشر، فتنوع الأسلوب بين التعريف والاستفهام وأسلوب الوعظ المباشر بأفعال أمر ونواهي، واستخدام ياءات النداء والطاقة الكامن حول فاعلية التخاطب.
سعت الكاتبة في ترسيخ البعد الإنساني والبحث في مسارات الانتماء وطلب الشفاعة والبحث عن مرتكزات استنهاض الدلالة كونها لا تسعى إلى تأثير آني بل البحث في روح العاطفة والعقل والفارق بين حالات التعمق الفكري والتفاعل الجوهري وبين الانسياق خلف أفكار بعيدة كل البعد عن منطلقات سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام واختيار القدوة لردم الهوة التي بين المرأة المعاصرة وبين الرمز الفاطمي،
الإهتمام بالمضمون التاريخي لسيرة رمز مقدس من أجل انتقاد الواقع المعاش انتقادًا إيجابيًا يرتكز على طاقات إبداعية خلاقة مبنية على أسس فكرية قائمة على الاقناع ،مواضيع لها فاعليتها مثل الزهراء عليها السلام وتحديات المرأة إتجاه التغيب والبحث عن البعد الشاسع بين المنطلقات الوخيمة للواقع و متبنيات سيرة سيدة نساء العالمين.
يمنحنا حراكها الأفكار ويجسد مفاهيم الدين وإحياء كامل لدور المرأة المطلوب وتحديات المرأة المعاصرة تجاه التغريب الثقافي والأخلاق وسعيها للتأصيل وحمل شعلة الدين بوعي وإرادة، وتوسعت في الشأن الفاطمي بما يعكس لنا دروس تربوية واجتماعية فهي دخلت بيت الزهراء عليها السلام وعرس الزهراء وأمومتها وحجابها واهتماماتها من أجل خلق مقارنة مع حياة وعرس وأمومة واهتمام المرأة المعاصرة وعرجت على صبر الزهراء ومظلوميتها وكل ما يعكس أخلاقها ونبلها وأصالتها الرسالية .اعتمدت على مساعي عقلية في القسم الأول واعتمدت على مساعي وجدانية في القسم الثاني للكتاب الذي كان بعنوان في هوى الزهراء عليها السلام واستطاعت منتهى محسن أن تستخلص قدرة التفاعل بين الرمز الفاطمي وعناصر لغتها والواقع وهذا لا يتم الا بتأصيل الرمز وتوظيفه بتجليات اليقين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat