صفحة الكاتب : حسام عبد الحسين

مخطط واحد بين قناة بنما والعراق
حسام عبد الحسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قناة بنما تخضع لسيادة دولة بنما التي تعد احدى دول جنوب أمريكا الوسطى، بموجب معاهدات توريخوس - كارتر التي تشمل حقوقا أعطيت لبنما بما في ذلك سيادتها عليها والحق الحصري في ادارتها وتشغيلها، وتخضع لمبدأ الحيادية، أي تبقى محايدة ومفتوحة أمام جميع الدول في أوقات السلم والحرب.
    
تاريخيًا؛ تم بناء قناة بنما من قبل الولايات المتحدة وافتتحت في عام ١٩١٤، وسلّمت إلى دولة بنما في ٣١ كانون الأول عام 1999 بموجب معاهدات وقّعت في سبعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس جيمي كارتر والسياسي القومي البنمي عمر توريخوس.
وتعتبر القناة ممرا بحريا يمتد على مسافة حوالي ٨٢ كم تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ.
فقد كانت فرنسا هي صاحبة الفكرة، حيث باشرت بناءها في عام ١٨٨١، قبل أن تتخلى عن طموحها في عام ١٨٨٨ لصالح الولايات المتحدة التي قررت تحمل هذا المشروع الهندسي العملاق بموجب قرار للكونغرس في ١٩ حزيران عام ١٩٠٢.

إن تغيير العالم الى متعدد الأقطاب والمنافسة بين الصين - روسيا وبين الولايات المتحدة الامريكية، نجحت  الصين إلى حد كبير في التغلغل عبر قناة بنما وتوسيع دائرة نفوذها فيها.

لذا جاءت تهديدات ترامب المتكررة بالتحرك للسيطرة على قناة بنما، حتى عسكريا، تبقى مجرد ورقة ضغط يسعى من خلالها لضمان مصالح بلاده في هذا المعبر المائي الحيوي بشكل خاص، وبالمنطقة ككل، متذرعًا بأن “الهدف من اتفاقنا وروحية معاهدتنا انتهكا بالكامل”. ويشير ترامب الى الصفقة التي أبرمها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في عام ١٩٧٧، وتمخض عنها نقل السيطرة على القناة إلى بنما في عام ١٩٩٩.

أن قناة بنما حيوية جدا بالنسبة إلى امريكا خصوصا وأنها تختصر المسافة بين نيويورك غرب الولايات المتحدة وشرقها في سان فرانسيسكو من ٢١ ألف كلم إلى ٨ آلاف كلم، وبالتالي؛ فهي ممر حيوي للاقتصاد الأمريكي، خصوصا مع قدرته الاستيعابية السنوية المقدرة بحوالي ١٨ إلى ٢٠ ألف ناقلة سنويا تعبر في الاتجاهين.

يسعى ترامب إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب، مثلما فعل مع تطبيق تيك توك مؤخرًا، ومثلما طرح قضية “شراء” غزة (الوهمية) وتهجير اكثر من ٢ مليون انسان، ومثلما طرح التفاوض مع ايران، ومثلما صرح بضم أراض جديدة شملت حتى كندا وغرينلاند التابعة للدانمارك، كذلك المكسيك. 

إن كل هذه المساعي الامريكية تتمحور في صراع واحد هو مقارعة توسع الصين - روسيا في العالم، وما قناة بنما الا ضمن هذا الصراع.

ترامب في موقف صعب. حيث أن طموحات السيطرة على قناة بنما يقابلها مسعى الصين للسيطرة على تايوان من جهة، وكذلك على بحر الصين الجنوبي بالكامل الذي تشكل حصة الولايات المتحدة منه ٢٥ ٪؜ ما يعادل ٦ ترليون دولار سنويا من حجم المبادلات الاقتصادية المتوقعة خلال عام ٢٠٢٥، لتوسع الصين وجودها في أمريكا اللاتينية.

هذه الحرب الناعمة الشرسة بين امريكا والصين، تجدد نفسها في مشروع  بنيامين نتنياهو الشرق الأوسط الجديد ولكن  ضد لاعب إقليمي وهو  ايران التي تريد الصين التمدد من خلالها.

لذا بعد الازمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها ايران داخليا وخارجيا لم يبق للطبقة الحاكمة في العراق الا القبول بما تريده امريكا، ولهذا سوف ينتهي أو يضعف الى حد كبير النفوذ الايراني في العراق.
وما يسوق في الاعلام نتيجة لهذه الأوضاع بان العملية السياسية ستنتهي او تسقط هو  مجرد اوهام.
نحن الجماهير التواقة لحياة حرة كريمة لا يغير من مأساتنا سوى قرارنا نحن لا غير في اختيار حياتنا وطرد هيمنة الطرفين وأذرعهم الداخلية. لان الصراع الامريكي الصيني (الايراني) في العراق سواء سيطر ذلك النفوذ أو هذا النفوذ أو بقية الوضع رمادي بين الطرفين سنبقى بذات الوضع الحالي الذي لا يمثل ادنى مستوى من الانسانية.

وعليه قناة بنما والعراق في مخطط واحد هو الصراع الاقطاب العالمية المتنافسة، صراع الرأسمالية العالمية التي وصلت لابشع صورها لكلا الطرفين.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسام عبد الحسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/02/14



كتابة تعليق لموضوع : مخطط واحد بين قناة بنما والعراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net