صفحة الكاتب : سوسن عبدالله

العودة الى كربلاء
سوسن عبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا أعرف  أي اعتذار يشفع لي عندكم؟ وأنا أعرف كم سببت لكم من الأذى والأوجاع وألم الفراق ، انشغالي بحياة الغربة حرمني أشياء كثيرة، حرمني السعادة الحقيقية، الشعور بقيمتي كإنسان . لقد فقدت الألفة والأمان والعائلة والناس والوطن، وما عدت أفكر يوما بقيمتي ومعناي لهذا قررت أن أعود إلى كربلاء، وأنا في غاية الشوق إلى أمي، عساها بخير .
***
أسعدتني رسالة أخي أحمد جدا يا أمي ، رغم أني غاضبة عليه ؛ لتصرفاته البعيدة عن أسس التربية التي تربينا عليها . كان أبي رحمه الله يحصل على لقمتنا  بتعب و شقاء  بالحلال ، لذلك نشئنا على الطيبة والألفة والمحبة، كيف يستطيع الإنسان أن يغادر وطنه إلى لا رجعة، قضية كبيرة أن يعيش الإنسان بلا وطن مهما عوضته الغربة من مأوى وملاذ، تبقى حرقة الوطن في الخاطر يا أمي 
و خبزة الحلال قادرة على أن تمنحه هذه الألفة والمحنة ليشعر يوما ما أنه راح بعيدا عنا حينها سيعود يا أمي ،كنت أقول دائما لابد من جذوة حدث تمر بحياته تعيد له توازنه وتعلمه معنى الحياة ليعرف قيمة نفسه وقيمة أهله وناسه وقيمة الوطن، فهو منذ أن فارقها قطع كل علاقاته الإنسانية بأهله وناسه ، ألف حياة الغربة فصارت هي كل حياته ، فضولي أن أعرف ما هو هذا الحدث الذي أيقظه من سباته وأعاد مشاعر الانتماء إليه لتعيده إلينا ، سؤال يلح بخاطري؟ وخمنت الاجابات حتى تعبت ، كنت أمني النفس بعودته لأراه، لأوبخه وأصرخ بوجهه ماذا فعلت بنا يا أحمد ؟
 يبدو أن أمي قلقة جدا مخافة أن يرجع عن قراره ويبقى في دوامة صعلتكه في البلدان الغريبة .
 هو عائد يا أمي وسيركع عند قدميك نادما ليعوض كل دمعة سكبتها عيونك حزنا وقلقا على فلذة القلب من الضياع .
آه ...آه كنا نخاف ان يضيع فهو قطع حبل التواصل لحد هذا الجفاف ، وكل يوم كان يزداد يأسنا ، ما زلت أقول لابد أن يكون الحدث الذي مر بحياته كبيرا أعاد له معناه ليرجع إلى وطنه وناسه ومأواه.
ما الذي أتى به في هذا الوقت العصيب ؟ والبلاد تذبح أبنائها وعصابات التفخيخ والتكفير والذبح المجاني تحت راية التكفير تشن حملات إبادة ...
كلما أقترب موعد اللقاء تزداد دقات قلبي، وامي ما عادت تحتمل ولا تطيق الإنتظار حتى لو لعدة دقائق ، أخذها الشوق والحنين، هي أم معذورة ، عيونها تسابق الطائرة،  وما أن هبطت ونزل الركاب من المدرج ، ها نحن نراه مع اطلالة كل رجل نصرخ بفرح هو ، يجتاحنا الحزن لا ليس هو، نعم هو، وإذا بنا نراه يلوح لنا إنه أحمد يا أمي ... عانقها بقوة الحرمان، قوة الألم ، والندم  ليس من السهل على الإنسان أن يفقد بيته مهما ألف غربته ، واستبدل الناس بالناس الغرباء، قبل قدمي أمي أمام جميع الناس و أصر على ذلك وهو يبكي ، ثم قبل يدي... 
في السيارة  همست بأذنه  من الذي أعاد اليك هذا الحنين؟ من الذي هز كيانك إلى حد أن تترك كل ما ألفته في الغربة و تعود؟ ابتسم لي حينها،  وقال هل يشغل بالك سبب العودة الى هذا الحد ؟ قلت نعم ثم رفع رأسه  وقال أرجعتني فتوى المرجعية يا اختي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سوسن عبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/02/22



كتابة تعليق لموضوع : العودة الى كربلاء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net