صفحة الكاتب : غفار عفراوي

أمير المؤمنين وحده لا شريك له
غفار عفراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كلما أردت الكتابة عن هذه الشخصية العظيمة انتابني شعور مزيج من خوف وقلق. فعلي ابن أبي طالب لم يعرفه إلا الله ورسوله، وهذه مشكلة أعاني منها ولا استطيع لها حلا. فمن أنا كي يكتب قلمي عنه؟ وما هي ميزتي؟ وما خطري؟
 ماذا سأقول بحقه وأنا غير عارف بحقه؟ وماذا سأصف منه وأنا لم افهمه بعد؟ لذا اخترت عنوان مقالي باسمه فلا وصف له إلا أن أقول انه أمير المؤمنين لان هذا الاسم مختص به وحده لا شريك له، ولا يصلح إلا لعلي وليخسأ من قال غير ذلك كائناً من كان ورغم أنوف الحاقدين .
نعم استطيع القول انه كان أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا، فهل اعرف معنى الإخلاص. وقرأت انه أشدهم يقينا فهل وصلت أنا لدرجة اليقين لأعلم ما هو اليقين. كان أخلصهم لله عز وجل فكيف هو الإخلاص الحقيقي لله؟ هل هو بالصلاة الثقيلة على الأبدان والأنفس، أم بالصيام الذي ليس فيه إلا الجوع والعطش، وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وآمنهم على أصحابه، فهل فينا من يؤثر على نفسه ولو به خصاصة، كان أفضلهم مناقب وأكرمهم سوابق وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا، فهل فينا من يشبه الرسول ويتخذه قدوة في جميع أعماله، كان أشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاه الله عن الإسلام وعن رسول الله وعن المسلمين خيرا.
هل نعلم ونفهم وندرك أن أمير المؤمنين قويَ حين ضعف أصحابه، وبرز حين استكانوا، ونهض حين وهنوا، ولزم منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله إذ همّ أصحابه، هل نقرّ جميعا انه خليفة الله حقا أم أننا مازلنا نردد أن سيدنا معاوية قتل سيدنا علي! هل أدركنا انه لم ينازع ولم يضرع برغم المنافقين، وغيظ الكافرين، وكره الحاسدين، وصغر الفاسقين.
 هل كتبنا قبل اليوم وذكّرنا الناس أن علي وحده من قام بالأمر حين فشلوا، ونطق حين تتعتعوا، ومضى بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوه فهدوا أم أننا مستمرون على المهادنة على حساب الحق المبين بدليل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي مع الحق والحق مع علي . هل علّمنا الآخرين انه كان أخفضهم صوتا، وأعلاهم قنوتا وأقلهم كلاما، وأصوبهم نطقا، وأكبرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالأمور.
لقد كان والله يعسوبا للدين، أولا وآخراً: الأول حين تفرق الناس، والآخر حين فشلوا. فهل علمنا أبنائنا ما معنى يعسوب الدين .
كان للمؤمنين أبا رحيما، إذ صاروا عليه عيالا، فحمل أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظ ما أضاعوا، ورعى ما أهملوا، وشمر إذ اجتمعوا، وعلا إذ هلعوا، وصبر إذ أسرعوا، وأدرك أوتار ما طلبوا، ونالوا به ما لم يحتسبوا فمن يقدر أن يكون أباً رحيما لجميع عياله دون تفرقة طائفية أو حزبية أو مذهبية. كان على الكافرين عذابا صبا ونهبا، وللمؤمنين عمدا وحصنا، فطار والله بنعمائها وفاز بجبائها، وأحرز سوابقها، وذهب بفضائلها، لم تفلل حجته، ولم يزغ قلبه، ولم تضعف بصيرته، ولم تجبن نفسه ولم يخن.
كان كالجبل لا تحركه العواصف ونحن لا زلنا نميل مع الرياح حيث مالت!
كان آمن الناس في صحبه وذات يده، وكان ضعيفا في بدنه، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسه. فهل تواضعنا يوما للناس قربة لله؟
 كان عظيما عند الله، كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لأحد فيه مهمز، ولا لقائل فيه مغمز ولا لأحد فيه مطمع ولا لأحد عنده هوادة، الضعيف الذليل عنده قوي عزيز حتى يأخذ له بحقه، والقوي العزيز عنده ضعيف ذليل حتى يأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عنده في ذلك سواء ونحن عكس ذلك تماما، شأنه الحق والصدق والرفق، وقوله حكم وحتم وأمره حلم وحزم، ورأيه علم وعزم فيما فعل، وقد نهج به السبيل، وسهل به العسير، وأطفئت به النيران ونحن نفتح يوميا بابا للفتن، واعتدل به الدين، وقوي به الإسلام والمؤمنون، وسبق سبقا بعيدا، واتعب من بعده تعبا شديدا، فجلل عن البكاء، وعظمت رزيته في السماء، وهدّت مصيبته الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
 رضينا عن الله قضاه، وسلمنا لله أمره، فو الله لم ولن يصاب المسلمون بمثله أبدا.
لقد كان للمؤمنين كهفا وصحنا، وقنة راسيا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقه الله بنبيه، ولا أحرمنا أجره، ولا أضلنا بعده.


Afrawi70@yahoo.com
1433هــ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غفار عفراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/16



كتابة تعليق لموضوع : أمير المؤمنين وحده لا شريك له
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : مجاهد منعثر منشد ، في 2012/08/17 .

الاخ العزيز الاستاذ غفار دمت موفقا
بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وامير المؤمنين (عليه السلام)لم تلده امه من يريد ان يكون مثله .
هذا المحيط الزاخر الى الان لم ياتي بشر ليطبق جزء يسير من كلامه أو حكمه او تجربته ,فابحث في كل الاماكن عن شخصية طبقت شيء من امير المؤمنين (عليه السلام) فلم اجد .
فعلى مستوى العلماء لم اجد عالم واحد جلس بين ايتام او عائله فقيرة يطعم الاطفال .وكذلك بالنسبة للحاكم .
ولم ارى شخصية تفعل كما فعل من تواضع او مشي في الاسواق بدون حمابة او خدم او حشم .
ولم اشاهد او اسمع أن احد من الامناء على بيت المال وزع المال على الشعوب بالمساواة والعدالة .
ولم اسمع ان رئيس جمهورية او رئيس وزراء او وزير قد كوى يد احد اقرباءه او المقربين لانه يريد مال ليس من حقه .
ولم أطلع على فترة حكم يسودها العدل الاجتماعي والتحسين الاقتصادي والرفق بالرعية وقضاء حاجات الناس ونصرة المظلوم غير فترة خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام).
ماذا نقول ؟وماذا نتحدث ؟ عن الامام علي بن ابي طالب ( عليه السلام) ومهما قلنا ونقول لانفي بجزء يسير من حقه .
مودتي وتحياتي





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net