صفحة الكاتب : رسول الحجامي

الديمقراطية وجريمة الإثارة الطائفية
رسول الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

للديمقراطية وجهان احدهما يكمل الآخر . الأول إنها حكم الشعب بواسطة الشعب وعبر الآليات الديمقراطية المتعارف عليها .والثاني إنها طريقة للحياة تحفظ بها حقوق الجميع (أفراد وجماعات ومكونات ) من خلال التشريعات والقوانين .

هل نحن بحاجة لمراجعة معلوماتنا حول الديمقراطية ؟!

في عالم يضج بأخبار الديمقراطية وتستنزف وسائل الإعلام بنقل الأحداث المتعلقة بها !

ربما ..                             

لأننا نشهد أبشع استغلال للديمقراطية على أيدي حكومات ودولة لا تتنفس فيها حقوق الإنسان ولا يستطيع أن يحيا فيها الرأي الآخر مهما كان نوعه وشكله واتجاهه ومستواه .

وقد يستسلم البعض لقضية استغلال الديمقراطية باعتباراتها السياسية وانه من حق السلطان الذي يصادر حقوق شعبه وأمواله وثرواته وكرامته فمن باب الرضوخ للأمر الواقع أن يصادر قضاياه السياسية .

ولكن أن تستغل هوياتنا الطائفية والاثنية بحجة الديمقراطية فهذه جريمة خطيرة تؤدي الى تفكك شعوبنا وامتنا والى إغراقنا بمستنقعات من الحروب الطائفية الآسنة ..

من حق كل الشعوب ومنها الشعوب العربية من المحيط الى الخليج ان تنال حقها الديمقراطي .. من خلال الثورة السلمية والمسلحة وبأي طريقة تقلل من آلام المواطنين وتحفظ لهم أرواحهم وممتلكاتهم .

لذا علينا أن نفرق بين سماسرة المؤامرات وبين دعاة الديمقراطية ..

إن أنظمة دكتاتورية وراثية ما تزل تعتاش على طرق الاستعباد القديمة في حكم الشعوب كالعبيد دون حقوق في الحرية والهوية والتعبير مثل النظام السعودي والنظام القطري كيف يمكننا أن نصدق إنها تبذل ملياراتها وتبدد ثروتها من اجل إحلال الديمقراطية في شعوب أخرى وهي ترفض ولو ثلمات من تطبيق الديمقراطية في شعوبها بل وحتى لا تفسح لمجالات ضيقة من حرية رأي أو وعي بالمواطنة أو تشريع بالمساواة ؟!

ولنفرض إن هناك مآرب سياسية ذاتية وراء دعمها لبعض جماعات المعارضة السورية والليبية وبما إن الغاية هي تحرر تلك الشعوب فيمكن أن نكون ميكيافليين ونغض الطرف على دوافع تلك الأنظمة الدكتاتورية ..

لكن دكتاتورية آل سعود وحاكم قطر تصطدم بترويج مغامراتهم في سوريا بالتناقض بين الحرب من اجل الديمقراطية خارجيا ومحاربة الديمقراطية داخليا ..

لذا فأنهم ولكي يحلوا هذا التناقض فقد لجؤا الى الإثارة الطائفية في سوريا وليروجوا خطاب إعلامي طائفي حول دكتاتورية البعث العلوي في سوريا ، وليدفعوا مجاميع المتطرفين من جماعات القاعدة والتكفيريين الى خوض حروب طائفية تدمر الدولة وتمزق المجتمع وأفضل ما تنتجه نظام مثل طلبان أفغانستان ودولة الزرقاوي في العراق .

لا ادري هل اكتشف آل سعود وقاهر قطر بعد نصف قرن إن الأسد وابنه بشار ترجع أصولهم الى الطائفة العلوية  ، وان البعث الذي يحاولون إسقاطه في سوريا هو البعث الذي يجاهدون من اجل أن يعود للحكم في بغداد ..

 مرة يقاتلون في دمشق من اجل الديمقراطية من خلال الإثارة الطائفية وأخرى يقاتلون في العراق ضد الديمقراطية من خلال إثارة النزعات الطائفية ووصول الشيعة الى الحكم ..

إن تلك الأنظمة الدكتاتورية ترفع الديمقراطية كمبرر لتهديم وتمزيق الدول المجاورة وهي تسعى الى خطف ثورات الشعب السوري والليبي والمصري من خلال دعمها اللامحدود للجماعات المتطرفة والمتشددة وعزل التيارات الديمقراطية والوطنية والعلمانية عن قيادة الثورات العربية وبالتالي جر المشروع الثوري العربي الى مجازر طائفية بين السنة والشيعة وبين السنة والوهابية وبين المسلمين والمسيحيين وغيرها من المكونات العرقية والقومية .

لقد أفرزت الجماهير العربية تيارات واسعة من  الشباب العربي مؤمن بالديمقراطية والحرية والمساواة وقام هؤلاء بثورات سلمية عملاقة استطاعت من إسقاط عروش الدكتاتورية في اليمن ومصر وتونس وليبيا ومستمرين بالنضال في سوريا والبحرين والسعودية والمغرب ومن الملاحظ بان هؤلاء الشباب بدؤا يشعروا بالإحباط نتيجة ما أسفرت عنه الأحداث والى ما آلت إليه الأمور خصوصا وان القاعدة متأهبة هي والجماعات المرتبطة بها لسرقة تضحيات وثورات الشباب العربي .

إن الانزلاق وراء تأجيج الإثارة الطائفية ودفع الشعوب العربية الى هاوية الحروب الداخلية هي بداية للمرحلة التي طالما انتظرتها الدوائر الصهيونية وسعت جاهدة لتحقيقها بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حلفاؤها وعملاؤها العرب ، ويكفي أن نتذكر إن قبل ثلاث عقود كان العرب ما يزالوا يحلمون بالوحدة الكبرى أما اليوم فالعراق وسوريا ومصر واليمن مهددة بالتمزق والتشرذم بسكين الطائفية والاثنية على طريقة الجماعات التكفيرية في قطع الرؤوس وتمزيق الأجساد ..

ملاحظة : ربما يقطع الرأس لكن الحلم يظل بداخله .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رسول الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/28



كتابة تعليق لموضوع : الديمقراطية وجريمة الإثارة الطائفية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net