هل سننهض كما نهضت الامم؟
منشد الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منذ وجود الانسان على وجه الارض وجدت فيه غريزة قوية اصيلة هي غريزة الاجتماع، وهذا يعني ان الانسان يميل بطبعه وفطرته الى العيش مع الآخرين في إطار الجماعة.
هذه الغريزة موجودة ايضاً عند بقية الكائنات الحية وتمارسها الكائنات بشكل عفوي تلقائي.. اما عند الانسان فيضاف الى الغريزة والميل الطبيعي جانب آخر هو جانب العمل المنظم في هذا الاتجاه الذي تدفع اليه المصلحة والحرية والاختيار.
الكائنات الحية لها مجتمعاتها ولها رؤساؤها وقادتها. والذين يدرسون علوم الاحياء في الطب ويعرفون هذه الحقيقة بكل دقائقها وتفاصيلها.
وقد اشار القرآن الكريم الى هذه الحقيقة بقوله (وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم).
ومجتمع الكائنات الحية من حيوان وطير وحشرات وزواحف وغير ذلك فهو مجتمع ثابت لا يتقدم في نظامه وعلاقاته واحواله ولا يتأخر.. غير ان المجتمع البشري يتميز بالحركة والتغيّر والتطور.. وهو يعرف التقدم او التراجع، الارتفاع او السقوط، حتى ان بعض المجتمعات او الامم تندثر تماماً وتصبح من الامم البائدة.
ان ما يميز المجتمع البشري هو الحركة.. وهذه الحركة يعبر عنها بالحركة التاريخية.. اي ان المجتمع كائن حي يتكون من عدة عناصر متفاعلة يؤدي تفاعلها عبر مراحل تاريخية طويلة الى وضعيات اجتماعية معينة.
ولكن حركة المجتمع ليست على وتيرة واحدة.. فهي قد تكون حركة صاعدة او هابطة.. او مراوحة في مكانها.
فالحركة الصاعدة تساهم في تطوير المجتمع ونموّه وتكامله فيصير مجتمعاً آمناً مطمئناً رغداً موفوراً بالرزق والعيش الكريم.اما الحركة الهابطة فانها تؤدي الى فساد المجتمع وتفككه وانحلاله فيصير مجتمعاً فقيراً خائفاً مستضعفاً تتناوشه ذئاب الامم الاخرى.. واما المجتمع الجامد الراكد فهو صنو المجتمع الهابط.. لأن الجمود في حركة الامم يؤدي الى السقوط.. فالماء الذي لا يتحرك يصبح آسناً تلحقه النجاسات والتلوث.. وتستوطنه الامراض والطفيليات والجراثيم فالمجتمع الاسلامي في عصر الرسول الاعظم وعصور الانتشار والفتوحات كان مجتمعاً ناهضاً متحركاً عرف الانسان فيه كل معاني التطور والتقدم والحرية والكرامة.. وكان مجتمعاً ترهبه الدول المعادية.. وفي نفس الوقت تتطلع اليه الشعوب المضطهدة كمنارة ونموذج للتقدم والحرية.
هذا المجتمع الاسلامي في اواخر الدولة العثمانية صار مجتمعاً ضعيفاً مفككاً واصبح يدعى الرجل المريض الذي اجتمعت عليه الدول الاوروبية لتتقاسم تركته والمجتمع الجاهلي قبل الاسلام كان مجتمعاً راكداً يتحكم فيه الجمود على جميع الاصعدة الفكرية والعقائدية والاقتصادية والاخلاقية.
ولما جاء الاسلام احدث فيه حركة تاريخية كبرى نهضت به نهضة عظيمة ونقلته الى مجتمع متحرك ناهض متماسك منفتح على آفاق غير محدودة للتطور والتكامل.
فهل سينهض مجتمعنا من جديد بعد ان رفعت عنه اغطية الخوف والقمع؟.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
منشد الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat