صفحة الكاتب : صباح الطالقاني

جريدة المدى.. الى أين؟ من جريدة رائدة الى بوق سياسي
صباح الطالقاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مما يؤسف له ان تتحول وسيلة اعلامية بحجم ومكانة وإمكانيات جريدة المدى الى مجرد بوق من ابواق بعض الكتل السياسية التي تحاول جاهدة القفز على العملية السياسية الجارية في العراق وتحقيق طموحات خارجة عن سقف ارادتها وحجمها.
فمنذ ثلاث سنوات، لا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ فيه نقدا لاذعا لجهة معينة وكتلة سياسية معينة دوناً عن باقي الجهات والكتل، ولعل التساؤل هنا كيف تحولت هذه المؤسسة الاعلامية الكبيرة الى مجرد قناة اعلامية تحريضية باتجاه واحد، وأين ذهبت صفات الاعلام (الموضوعية والحيادية والمصداقية والتوازن... الخ) هل ذهبت ادراج الرياح تحت تأثير ممولي هذه الجريدة.
ولكي لا يكون الكلام تحاملياً ويوصف بأنه مجرد ادعاء اضرب لكم مثلاً، هذه الجريدة لم تتعرض لا من قريب ولا بعيد عن استغلال الحزبين الرئيسيين في اقليم كردستان وانفرادهما بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الاقليم وخاصة حزب مسعود بارزاني، وهذا الامر يشكو منه دائما جهة واحدة هي كتلة التغيير التي تحررت من قيود هذين الحزبين منذ سنتين تقريباً، بل لم تنقل حتى تظاهرات الجماهير في الاقليم ضد التسلط الحكومي واستئثار البارزانيين بالمناصب والامتيازات ومقتل عدة متظاهرين أكراد العام الماضي. بل ان من عجائب السياسة والديمقراطية ان يقول احد قياديي حزب البارزاني في لقاء معه على قناة الحرة مؤخراً ما مفاده" ان تمسُّك البارزاني بالحكم واستئثار أقرباءه عشيرته بالمناصب والامتيازات جاء نتيجة طبيعية لنضال هذه العائلة لسنوات سابقة". وكأن بقية الشعب الكردي لم يكن مناضلا او غير مؤهل لتسنّم مناصب قيادية في سلطات الأقليم! أليس هذا نوع من انواع الدكتاتورية في الحكم؟
ومثال آخر هو تبني هذه الجريدة لتسييس اية حركة تقوم بها الحكومة، والبحث الدائم وبصورة يومية عن اية سلبيات تظهر منها ومن كتلة سياسية معروفة هي اليوم اكبر كتلة في البرلمان العراقي. حتى يخال للقارئ –وخاصة في الاشهر الاخيرة- بأن هذه الجريدة انما تصدر كل يوم لتسقيط جهة واحدة فقط، وعدم التعرض لجهة سياسية اخرى جلّ وزرائها من الفاسدين وتدعم الارهاب عبر تبنيها حماية المعتقلين والجري بلهاث نحو استصدار عفو عنهم، بل ان هذه الجريدة لم تتطرق لمن يتستر على المجرمين ولا ننسى هنا احتماء المطلوب للعدالة طارق الهاشمي بسلطة بارزاني، الذي سيحاسب يوماً ما على جريمة ايواءه وحمايته مجرم مطلوب للقانون. لأنه وكما هو معروف قانونيا الجرائم لا تسقط بالتقادم.
ومن جانب آخر تتناسى هذه الجريدة جميع سلبيات الكتل المكونة للحكومة والبرلمان لتصب كافة الهفوات والسلبيات باتجاه كتلة معينة فيما تتنعم بقية الكتل ووزرائها وتابعيها بالامتيازات التي تتوفر لها.
كان من الممكن ان يتم توجيه اعلام هذه الجريدة بطريقة غير مباشرة تجاه هذه الكتلة المعينة المستهدفة، وذلك من خلال زج هفواتها وسلبياتها مع هفوات وسلبيات الكتل والاحزاب والجهات الحكومية في الاقليم والمركز، لتحقيق اقل قدر من المصداقية والتوازن في الطرح، ولاقناع القراء بأنها جريدة تستحق المتابعة، أما ان يتم استغفال القراء المتابعين بهذه الطريقة السمجة والمملة، وبهذا الاستخفاف بعقول الناس، الذين اصبحوا عارفين بالسياسة اكثر من الاعلاميين والسياسيين أنفسهم، فهذا عمل مهين للطرفين للجريدة التي أرست دعائم اعلام ثقافي جيد في بداية انطلاقها وللناس ايضا.
ان هذا الاستغفال والاستهانة بالقارئ جعله ينفر تدريجيا من متابعة جريدة المدى، واعتقد ان مخازن مؤسسة المدى ستمتلأ قريبا (بالراجع) من أعداد الجريدة ان لم تكن كذلك الان، وهذا ليس رأيا شخصيا انما استنتاج لآراء عدة صحفيين وقراء ومثقفين التقيتهم على مدى شهور.
نقول ان وسيلة الاعلام يمكن توجيهها باتجاه معين لكن الانجراف الكلي وراء نوعية طرح تحاملي مباشر مفضوح، سيقلل من احترام هذه الوسيلة من قبل المتلقي، مهما كانت متنفذة وذات نوعية طرح مؤثر. وسيلقي بها في خانة جهة سياسية واحدة تجعلها محط اهتمام اتباع هذه الجهة فقط، دوناً عن الشرائح المتعددة ذات الاتجاهات السياسية والفكرية المختلفة التي يعج بها العراق، والتي يمكن جذب كل اتباعها من خلال الطرح المتوازن الذي يفضح مساوئ كافة الكتل والاحزاب والسلطات ويذكر ايجابياتها التي يجب تطويرها والبناء عليها. لا أن يفتتح يوميات هذه الجريدة - التي كانت مميزة - عمود هو عبارة عن قنينة سموم مركزة باتجاه حزبي سياسي واضح ومفضوح لحد السماجة والملل. بعيد كل البعد عن مبادئ الصحافة والاعلام.


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح الطالقاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/22



كتابة تعليق لموضوع : جريدة المدى.. الى أين؟ من جريدة رائدة الى بوق سياسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : زائر ، في 2012/10/22 .

وهل بمقدور احد النيل من الملك البرزاني !!!!!!!!!!




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net