صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

أين المظاهرات من المطالب الاسلامية ؟
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

يعيش عراقنا الحبيب هذه الايام حمى المظاهرات في بعض المحافظات انطلقت من محافظة الانبار العزيزة ، لتتسع الى محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى وبغداد. وأية مظاهرات سلمية في اي بلد هي بحد ذاتها حالة صحية تدل على وجود شعب حي ونظام سياسي حر. 
لسنا هنا بصدد تقييم تلك المظاهرات ولا إعطاء شرعية لبعض مطاليبها او سلب الشرعية من بعضها الآخر ، فنحن جميعاً ضد الاعتقالات بدون امر قضائي ، وضد الاعتقال للابرياء او الاعتقال للمجرمين بدون محاكمة ، وبكل تأكيد نقف بالضد من اعتقال النساء بدلاً من ازواجهن واخوتهن وآبائهن بل هو امر في غاية الشناعة والعار. غير اننا لا نقبل ايضاً اطلاق سراح المجرمين المتلطخة ايديهم بدماء الناس ، ولو افترضنا العفو من اهالي الضحايا – وهو امر بعيد المنال - فهناك في القانون ما يعرف بالحق العام فكيف سيتم معالجته هل بتغيير القانون واسقاط مفهوم الحق العام من القوانين العراقية !
ما يدهشني في مظاهرات الانبار وسامراء والموصل ان رجال الدين هم من يتقدم المتظاهرين ويترأسون مطاليب المتظاهرين ويمثلونهم في عرض مطاليبهم والمطالبة بحقوقهم حتى اصبح يوم الجمعة حيث الصلاة الجامعة مركزاً لتجديد تآزر المتظاهرين ومرتكزاً لتجميع القوى واستمرارية المظاهرات وضخ الزخم اليها وتجديد حيويتها. ورغم قيادة رجال الدين وبروزهم في المشهد الاجتماعي والسياسي والقيادي لتلك المظاهرات الا اننا لم نجد ان هناك بعداً اسلامياً حقيقياً في مطالب تلك المتظاهرين ! نعم ان حقوق الناس وامنهم وسلامتهم وسلامة اموالهم مطالب مهمة لا يمكن الانتقاص منها وهي ايضاً مما يقره الاسلام ويؤكد عليه ، ولكنها بالاضافة الى كونها مطالب تخص افراداً فكذلك هي لا تعبر عما يفترض انه هموم الاسلاميين ورجال الدين خاصة ، فهناك قضايا اجتماعية كبيرة بحاجة للمطالبة بإيجاد حلول اسلامية لها كمنع استيراد الخمور ومنع المدارس الاعدادية المختلطة ومنع مظاهر التميع بين الشباب والشابات ومنع السفور والتبرج ومنع الاغاني في الاماكن العامة ومنع اقامة الحفلات الغنائية او الدعاية لها ، ومنع الربا من المعاملات المصرفية وضرورة تعديل نظام عملها بما يتلائم مع الشريعة الاسلامية استناداً الى الدستور الذي ينص على ان الاسلام هو دين الدولة.
ومن المطالب الاسلامية رعاية الدولة للفقراء فلا يكون هناك محتاج بين الناس لطعام او سكن ، وهي الضروريات الانسانية للبقاء على قيد الحياة التي هي من صميم مسؤوليات الدولة.
فيا ترى لماذا غابت تلك المطالب الاسلامية عن مطالب وشعارات المتظاهرين رغم قيادة رجال الدين لها ! هل اصبحت المطالب الفئوية لصالح طائفة معينة او جهة معينة هي ما يشغل اذهان رجال الدين ليتم اختزال الاسلام العظيم في تلك المطالب – بغض النظر عن مشروعيتها – وهل اصبح التحرك لصالح طائفة معينة بديلاً عن التحرك لصالح الاسلام العظيم ؟!
هل اصبح الاسلام اما سنياً مرتبطاً بإلغاء اجتثاث البعث وإطلاق سراح مجرمي القاعدة او اسلام شيعي مرتبط بإطلاق حرية الشعائر المقدسة ، فلا يتحرك احد من رجال الدين او الاحزاب الاسلامية الا من اجل تلك القضايا الجزئية ؟!
متى سيرتقي الاسلاميون من السنة والشيعة للمطالبة بإقرار المظاهر الاسلامية في المجتمع والدولة وبإقرار القوانين من منظور الاسلام العظيم ، ومتى سينتبه الاسلاميون من السنة والشيعة الى انهم جعلوا خصوم الاسلام واعدائه سعيدين بمواقفهم الجزئية تلك وابتعادهم عن الاسلام الحياتي الشامل لمفاصل الدولة والمجتمع. 
فأيهم افضل ايها الاسلاميون ويا رجال الدين ويا خطباء الجمعة ان تطالبوا فقط بما تطالبون به من قضايا جزئية ورفع شعارات طائفية احياناً هنا او هناك ، فيكون بعض تحرككم مثيراً لريبة ايقاد الفتنة الطائفية والضغينة وتهديد السلم الاهلي ومخاوف اشعال المصادمات الاهلية نتيجة خطأ قد يحدث من هذه الجهة او تلك او من قبل مندسين مأجورين هنا او هناك. ام الافضل ان يرتقي تحرككم ومطالبكم لتكون ذات ابعاد اسلامية دستورية تجتمع عليها قلوب الشعب جميعه بسنته وشيعته ، فيكون لكم سبق المطالبة بنصرة الله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه وآله) ودينه العظيم بالمطالبة بإقرار المظاهر الاسلامية العامة في مفاصل المجتمع والدولة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/09



كتابة تعليق لموضوع : أين المظاهرات من المطالب الاسلامية ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net