صفحة الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي

اليوم العالمي لأنتصار الفضيلة / زيارة الأربعين
محمد جعفر الكيشوان الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لازلنا نسمع بين الحين والآخر أصوات تطالب بإستبدال المسيرات المليونية الولائية المتوجهة إلى كربلاء الحسين عليه السلام ببناء المدارس والمعاهد والمستشفيات كما أن تلك الأصوات طالبت من قبل أن لانهدر الأموال بإقامة المجالس الحسينية المباركة بل الأفضل أن نوزعها على الفقراء والمحتاجين. إن هؤلاء السادة قد غفلوا عن حقيقة تلك المجالس وهذه المسيرات الحسينية الولائية كما أن حساباتهم للربح والخسارة وكيفية تشغيل رأس المال وإستثماره في مشاريع عملاقة هي حسابات خاطئة وغير مدروسة .ذلك أن المشاريع العملاقة تحتاج إلى رأس المال وإلى الصبر الجميل لتحصيل أرباح تناسب ذلك المشروع المنجز والجهد والأموال التي أنفقت عليه فكلما كان رأس المال كبيرا كلما تمكنا من إنجاز مشاريع ضخمة تدر علينا بالربح الوفير.عكس ذلك المشاريع الفاشلة فإن الأرباح المستحصلة منها لاتكاد تسد الرمق وتعلن عن إفلاسها بسرعة البرق.
 المجالس الحسينية والمسيرات المليونية المتوجهة إلى كربلاء وسائر الشعائر الحسينية هي الأرباح التي كان ينتظرها الأمام الحسين عليه السلام من مشروعه المناهض للظلم والجور والأستبداد والطغيان. مشروع أنفق عليه الأمام الحسين عليه السلام نفسه الطاهرة ودمه الزكي وقدّم أولاده  واهل بيته واصحابه قرابين لله تعالى من أجل إحقاق الحق ومحاربة الباطل " والجود بالنفس أقصى غاية الجودِ ". أيّ مشروع  هذا الذي ينفق عليه المرء روحه ودمه. بلا شك سيكون مشروعا خالدا ونورا هاديا يهدي الله به من أراد سبل الرشاد. مشروع الحسين عليه السلام تجسيد عملي واقعي للحب والعشق. في أشد اللحظات وأحرجها حيث تحيط به الأعداء من كل مكان وهو وحيد فريد وفي الخيمة قتلى وعليل ونساء وعويل ، يتوجه العاشق إلى معشوقه الأوحد :" وأيتمتُ العيالَ لكي أراكا ".  يزيد كسب الحرب عسكريا فقط ولكن مشروعة الفاشل أعلن عن إفلاسه منذ البداية فعشيقاته هلكن والقردة التي كان يلاعبها إستنكرن فعلته وهربن. بل أن يزيد وهو يحتفل بإنتصاره الفاشل ويمعن النظر في رأس الحسين الشريف الذي حزه ذلك الأرهابي المجرم شامير بن ذي الجوشن وأظن أن هذا هو إسمه الحقيقي. في ذلك الحفل الذي أقامه يزيد الفاسق مع شلة الأرهابيين إنبرى له من يقول له : نحن نقدس أثر حافر ناقة صالح وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم... بينما بقى الحسين وسيبقى نورا يستضاء به. إن صرخات لبيك ياحسين وياليتنا كنا معكم فنفوز معكم  تعبر عن الأنتصار الحقيقي للحسين عليه السلام. ظن الفاسق يزيد أنه سيحولها جاهلية أموية : لاتبقوا لأهل هذا البيت من باقية. إنه يصرح بأن قتل الحسين هو إبادة لسفير العدل الألهي في الأرض وسفينة النجاة وباب الرحمة الإلهية الواسعة.  ظنت حنفة من الظالمين الذين يريدون إستعباد المحرمين وكسب المغفلين السذج أنهم سيمحو ذكر الحسين وأهل بيته الطاهرين. لقد إستنكر حتى التراب الذي تطأه الأقدام أن يحوي يزيدا الفاسق بينما يرى كل ذي بصر وبصيرة أن التراب العالق بإقدام زوار الحسين عليه السلام هو دواء وشفاء.
عجبت لمن يريد إستبدال المسيرات الولائية المتجهة إلى كربلاء بالرياضة المنظمة. أنها أيضا رياضة ايها السيد المحترم ولكنها من نوع آخر، رياضة لها جمهورها ومشجيعيها ولاعبيها. إنها رياضة جسمانية وروحية تربوية منقطعة النظير. يتعلم المشاركون فيها على الصبر وتحمل المشاق والصعوبات من برد وحر ومطر وجفاف من أجل الوصول إلى الأهداف السامية الخالدة التي أنفق من أجلها الحسين عليه السلام روحه الطاهرة ودمه الزكي.
عجبت لمن يسمي الجود والكرم بالتبذير وهدر المال وعدم إستثماره ويجهل أن الأنفاق في طريق الحسين عليه السلام هو الأستثمار الحقيقي للمال لمن كان يؤمن بالبركة وأن الله يخلف ويضاعف :" مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء بغير حساب إن الله واسع عليم ". هذه هي حسبتنا ومباديء تجارتنا ومشاريعنا التي ستدر علينا أرباحا تعم الجميع.
عجبت لمن لايرى أعداد الذين يقصدون كربلاء في يوم الأربيعين ويعلنون إسلامهم هناك.
واقعا أنا أعذر أولئك السادة المحترمين لآنهم لم يعيشوا حلاوة المسير إلى كربلاء ولم يذقوا من ذلك الزاد الذي جعل الله فيه الشفاء من الأمراض والعقد النفسية. ليس هذا هجوما والعياذ بالله  بل إنها دعوة للمشاركة وعيش لحظات عشق وحب. أكاد أجزم بأن السادة الذين يعترضون على إقامة الشعائر الحسينية هم أيضا ممن يحب وربما يوالي الحسين عليه السلام ولكنهم للأسف لم يدققوا في حساباتهم للربح والخسارة. لانفرض رأينا على أحد ولكننا ندعو إليه. إعتدنا أن نقول لمن لايحب نوعا معينا من الطعام : هل جربته ، هل تذوقته وهل شممت رائحته.. . جرّب أيها الحبيب أن تسير إلى كربلاء فستجد أن التعب والأرهاق له طعمه المميز ورائحته الزكية. في هذا الطريق يفرج الله تعالى عن المهموم المكروب المحزون وهناك حينما تصل إلى كربلاء وما أدراك ماكربلاء : " مولىً بتربته الشفاء وتحت قبته يستجاب الدعاء ". أطلب حاجتك من باب الحوائج. ليست هذه موعظة دينية بل هي دعوة إلى أحبة وأعزة فاتهم تسجيل أسمائهم في سجل زائري الحسين عليه السلام.
لسنا ممن يروج لخرافات وأوهام ولسنا ممن لايريد الخير لجميع الأنام ولسنا ممن يدعو إلى العطالة والبطالة بل نحن الذين نطالب بإيجاد فرص عمل مناسبة للجميع ونستنكر إستغلال الأطفال وزجهم في سوق الأعمال الشاقة في الشوارع والطرقات. نحن الذين ندعو إلى الرفق بالأنسان والحيوان. نحن الذين ندعو إلى إعطاء حقوق المرأة كاملة لتأخذ دورها في المجتمع.
 تستنكرون أيها السادة المسيرات الولائية للحسين الذي ضحى من أجلكم ولا تستنكرون الماراثونيين. بل تتمتعون بالنظر إليهم وتقولون إنها رياضة رائعة ولم نستنكر عليكم ذلك. دعونا أيها السادة  نحن ورياضتنا المفضلة إن كنتم فعلا تحبون الرياضة.
 تستنكرون علينا البكاء على الحسين عليه السلام وهو الذي بكته السماء بدل الدموع دما عبيطا ولا تستنكرون اليوم العامي للضحك والمجاميع التي تجتمع لإحيائه.
تستنكرون الأنفاق على الشعائر الحسينية  وتعتبرون ذلك من الأإسراف والتبذير وضياع الثروة  ولا نستنكر عليكم ذهابكم إلى الشواطيء الرملية بألوانها المختلفة  وتمتعكم بصيد البر والبحر. دعونا أيها السادة الأفاضل من أن نذهب إلى شواطيء الحسين عليه السلام وطين كربلاء المقدسة.
تستنكرون أيها السادة إطعام الزائرين وجارتي العجوز المسيحية تسألني كلما إلتقيتها : متى تأتي لي بذلك الطعام الذي فيه الذي فيه رائحة الجنة والذي تطبخونه على حب إمامكم.
 تستنكرون ذلك علينا ولا نستنكر عليكم الموائد الفرعونية وبذخكم في الأحتفال بمناسباتكم الخاصة. دعونا أيها السادة الكرام فنحن أولياء رؤوس أموالنا ولانريد كنز الذهب والفضة. دعونا أيها السادة أن نتصرف بأموالنا كما نشاء ونبني فيها خيما في الحيدرية وفي المسيب وفي الكوفة والحلة وفي كل مكان ونطعم الطعام على حب الحسين عليه السلام. لم نستنكر عليكم ايها السادة قصوركم الضخمة  ولم نقترب من مناطقكم المخضرة المعشوشبة. لسنا سفهاء أيها السادة الأفاضل ولكنه العشق للحسين عليه السلام.
لنفرض أن الذهاب لزيارة الأربعين هو مجرد مشاعر وليس من العقائد. دعونا أيها السادة أن نعبر عن مشاعرنا كما نشاء طالما لا نسبب أضرارا لكم. في أوربا أيها السادة تخرج المسيرات الولائية في العاشر من محرم الحرام وفي يوم الأربيعين ولاأحد يستنكر ذلك. على العكس أيها السادة يقرأ المارة تلك المنشورات التي توزع عليهم بالمناسبة بشغف وشوق ويسألون من هو الحسين عليه السلام ، لاشك أنه إنسان عظيم خلده التاريخ. يتفاعلون مع تلك المسيرات تنحدر دموعهم ، يأتون غلى كربلاء ليعلنوا إسلامهم. جعرافيا أنتم أقرب إلى الحسين عليه السلام من هؤلاء الأجانب. إن مجيء هؤلاء الأعزة إلى كربلاء هو إنتصار الحسين عليه السلام ودحضا للمشروع الأموي الفاشل المنهار من أساسه.
تزداد سنويا أعداد المشاركين في المسيرة المليونية إلى كربلاء المقدسة لأحياء أربعينية الأمام الحسين عليه السلام  معبرة عن رفضها وإستنكارها للظلم والجور بكل أشكاله. في أوربا وفي بقية قارات الدنيا وقريبا من القطب المنجمد الشمالي وبدرجة حرارة عشرين تحت الصفر وفي أفرقيا الساخنة ، تخرج جموع المستنكرين للظلم والجور بمسيرات ترفع فيها راية الحسين وشعاره الخالد " لم أرَ الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ بَرَما ". تنقل الصحف وبقية وسائل الأعلام الأوربية أخبار كربلاء المقدسة وهي تستوعب هذه الملايين من الزائرين. حدث تاريخي مهم وتجمع بشري عجيب حيث هناك الكبير والصغير المسلم وغير المسلم ، النساء وحتى الحوامل ، الشيوخ وحتى المقعدين ، الأطفال وحتى الرّضع ، الأغنياء والفقراء والأسود والأبيض وكل الألوان يخرجون اليوم ليعبروا عن إستنكارهم لأبشع جريمة شهدها التاريخ. جريمة قتل ونهب وسلب وسبي لأبن بنت نبي الأسلام ومنقذ البشرية من الظلم والتيه والضياع.
لنجعل أيها السادة من أربعينية الأمام الحسين عليه السلام يوما عالميا لأنتصار الفضيلة والقيم الأنسانية النبيلة. يوما عالميا لمحاربة الظلم والجور والفساد والأستعباد.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين علي السلام.
السلام على قمر بني هاشم أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين حامل لواء الحسين وساقي عطشائه.
السلام على الحوراء الأنسية زينب الكبرى حاملة هموم الحسين وراعية عيالاته.
السلام على ملائكة الله الحافين بقبر الحسين المستغفرين لزواره
السلام على الطائفين حول قبر الحسين في كربلاء في هذه الساعة وفي كل ساعة
السلام على محبي الحسين ومقيمي مجلس عزائه في شرق الأرض وغربها.
السلام عليكم جميعا ورحمة الل وبركاته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جعفر الكيشوان الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/22



كتابة تعليق لموضوع : اليوم العالمي لأنتصار الفضيلة / زيارة الأربعين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي من : السويد ، بعنوان : السلام على الحسين في أناء الليل وأطراف النهار في 2011/01/26 .

الأخت فاطمة البابي المحترمة
تحية طيبة
أشكر مرورك وتعليقك
زوار الحسين في تزايد مستمر وتلك هي ثمرة من ثمار ثورة الحسين عليه السلام هذا الذي كنا نقصده من مشروع الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ، فمن أقصر نسبا منه إلى رسول الله في تاريخ الأنساب. الحسين ليس رجلا كما زعمت ـ وجدنفسه ـ الحسين كان على بينة من أمره وقال عند خروجه : " لم أخرج أشرا ولا بطرا وإنما خرجت لأجل الإصلاح في أمتي جدي رسول الله " . الحسين قال عن يزيد الفاسق : " ومثلي لايبايع مثله ". كنت أود أن أطنب كثيرا ولكن الذي لاينفعه الأسهاب يتعبه الأطناب.
أدعوك أن تفكيري جيدا وبعيدا عن العصبية والعواطف التي تتهمين بها غيرك.
أدرسي الحسين جيدا وستجدين نفسك ترددين : ثم إهتديت. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى زوار الحسين في كربلاء وفي شرق الدنيا وغربها.



• (2) - كتب : فاطمة البابي من : العراق ، بعنوان : الى جعفر الموسوي في 2011/01/24 .

هذا كلام عاطفي لايتوافق مع الحقائق ...فأن الأمام الحسين عليه السلام رجل مسلم وجد نفسه أمام إمتحان وبلاء كبيرين فأدى ماعليه شأنه شأن جميع من جاهد وقاتل في سبيل الله من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ...وأما قول الكاتب بأن الحسين كان يبتغي من وراء جهاده وتضحيته [أرباحاً وصياحاً وزعيقاً فارغاً ] فهذا مما لادليل عليه ..ثم كيف يريد منا الكاتب النحرير أن لانعتبر مايحصل في الشوارع والأزقة والطرقات من هدر فضيع للطعام وإهانة عجيبة للنعمة لايعتبرها إسرافاً وتبذيراً !!وهل أراد منا الحسين أن نطبخ ونأكل ونلطم ونصرخ ؟ إتقوا الله في كلماتكم وماتخطه أيمانكم ، فأين أنتم من الحسين ؟ ومالذي أستفدوه من ثورته وجهاده غير هذا الطبخ والنفخ والصراخ والعويل والتجمهر بلافائدة ولانفع !!




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net