صفحة الكاتب : منشد الاسدي

رؤية الاسلام الى حرية التعبير
منشد الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من نافلة القول , التأكيد على قضية الحوار بين الاديان (وهو جوهر الحوار بين الحضارات ) أنطلاقا من تعاليم الاسلام الاصيلة القائمة على الواقعية التي يتحلى بها .
وقد انطلقت دعوة الحوار بين الاديان على أسس منطقية سليمة , وراحت تترك أثرها الجيد في مجال تحقيق التفهم والتفاهم المنشود وتقليل مناطق الصدام , وتوفير مجالات التعاون المستمر على صعيد خدمة قضية الانسانية والقضية الدينية , والقيم المعنوية . 
ان من اولويات قضية الحوار – أي حوار كان – ضرورة الانطلاق من قناعات متفق عليها مسبقا ... لتكون هذه القناعات هي الاضويه الكاشفة التي تحل العقد وتفتح السبل المسدودة لعملية الحوار , وتقضي في موارد الخلاف , ومانتصوره ان الايمان بالفطرة والوجدان الاخلاقي هو من القناعات المشتركة بين جميع الاديان السماوية .
والمقصود بالفطرة هو ان الانسان مخلوق الهي أودعت الحكمة الالهية في وجوده وطنيته الاصلية مجموعة من القضايا البديهية والقدرات العقلية والميول والغرائز والوجدان اللوام التي تضمن له سيرا طبيعيا نحو تكامله المرسوم له .
وان الاديان انما جاءت له لتثير دفائن العقول – كما يعبر الامام علي عليه السلام – وتهيىء الجو المناسب لبروز هذه الطاقات كامنه على سطح حياته فتهديه سبيلا انسانيا يختلف عن السلوك الذي تسلكه الحيوانات العجماء التي لاتتمتع بما يتمتع به من طاقات .
أما  القضايا البديهية فهي التي تمنحه القدرة على المعرفة , معرفة نفسه ومعرفة الكون والواقع , وفلسفة الوجود والعلاقات القائمة بين الاشياء وتلك من قبيل .. الايمان بمبدأ العلية , والايمان بمبدأ استحالة التناقض (الجمع بين النقيضين , وارتفاع النقيضين ) و(بعض القضايا الاخرى )فهذه قضايا مغروزة في القناعة والوجدان الانساني لايحتاج للاستدلال عليها والادخل في طريق مسدود لان الاستدلال نفسه يتوقف عليها كما هو واضح .
أما القدرات العقلية فهي نفس قدرة النفس الانسانية على التأمل والتفكير وتجريد القضايا من ملابساتها والصعود من مرحلة الجزئيات الى مرحلة الكليات ,والقيام بقياس الاشياء للوصول الى تصورات جديدة والتخطيط الذهني لمراحل غير موجودة على صعيد الواقع القائم .. ان هذه القدرة الذهنية هي من مختصات الانسان وهي سر مسيرته التكاملية وابداعه ونموه .
واما الميول الغريزية فهي التي تقوده نحو كماله وتدفعه للاستفادة من طاقاته في هذا المجال .
ومن هذه الميول .. ميله نحو الكمال ,والسير نحو الكمال المطلق , ومحاولة سد جوانب العجز في وجوده , والركون الى هذا المطلق القادر ,  وأداء حقه وشكر نعمه ,والقيام بحق طاعته , فهذه أمور يجدها مغروزة في الطينة الانسانية وان اختلفت تجلياتها وتعددت أساليبها وربما غطت الشبهات على هذه الميول وكبتتها . ومنها أيضا غريزة حب الذات والعمل على تحقيق طموحاتها فهي من الغرائز الاصلية في الانسان , والتي لايمكن تجاوزها والقضاء عليها , كما تصورت الماركسية يوما ما أنها ظاهرة فوقية يمكن حذفها من الوجود الانساني من خلال تحريم الملكية .
ومنها التذوق الفني , والابتهاج لعناصر الجمال التي يزخر بها هذا الكون . ومنها هذه النفس اللوامة والوجدان الاخلاقي الذي يشخص اجمالا نوعية الحقوق ويحدد حدودها ويتابع الانسان – أيا كان _ اذا تخطاها .
ولسنا نريد استعراض كل العناصر الفطرية وانما نريد ان ننطلق الى هذه الحقيقة وهي .. ان الاقتناع بأن ( العدالة شيء حسن دائما ) و ( ان الشيء الحسن ينبغي فعله ) هي من القناعات الفطرية التي لاتحتاج الى دليل .. فأذا اقتنع الانسان بأن الموضوع المعين حسن اقتنع بأنه مما ينبغي فعله دونما شك فهو موضوع مطلق , كما ان من المواضيع المطلقة حكم الوجدان الانساني بأن قضية ( اطاعة المنعم الحقيقي , والمالك الحقيقي للكون والانسان ) هي قضية مطلقة لاتختلف أيضا وهناك من القضايا التي زرعت في الوجود الانساني كمصاديق لمسألة العدالة ( أصلا ) كالصدق , والامانة , والرحمة , والايثار , والميل نحو السلام .
فهذه الامور حسنة في اصلها , ونقصد من عبارة ( في أصلها ) أنها قد تطرأ عليها بعض الحالات التي تفقد معها حسنها الطبيعي الفطري وتخرج من كونها تجليات للعدالة ومصاديق واقعية لها لتعود من تجليات الظلم والتعدي .
ان الاديان السماوية كلها تؤكد على معيارين ..
الاول .. معيار تعبدي نستفيد فيه من علم العالم المطلق وهو الله تعالى , ومن تعليمات الدين الثابتة , والتي تتأكد من كونها صادرة من الله سبحانه ذلك اننا نتأكد قبل ذلك من علم الله الشامل , ومن لطفه ورحمته بالانسان المخلوق ومن عدالته وتمتعه بكل صفات الكمال , فهو لايريد بالانسان الا الخير ولايخدع الانسان وانما يكشف له كل الواقع ويريد له كل الخير .
الثاني .. معيار وجداني يكفي فيه التأمل في الاعماق وقناعتها أو فلنعبر يكفي فيه الرجوع الى الفطرة نفسها . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منشد الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/26



كتابة تعليق لموضوع : رؤية الاسلام الى حرية التعبير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net