صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

إقطع رأسك إنت عراقي
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

الخبر كما نقلته وسائل إعلام محلية ،وفي جنوب العاصمة بغداد ،إختلف شابان في فريقين لكرة القدم يبعدان بلاعبيهما ومشجعيهما ومدينتيهما عن العراق عدة آلاف من الكيلومترات ،ولايهتمان كثيرا للأوضاع السائدة في هذا البلد سواء كانت أمنية، أو إقتصادية أو سياسية ،ولاشغل لهما بكل تداعيات الصراع القومي والمذهبي ولايعتنيان بمايجري من مصائب في البلدان المحيطة بالعراق ،ومايمكن أن يؤدي إنتقالها إليه من إضطرابات وصدام مسلح على أسس عرقية وطائفية ،ولابالذي يجري فيه أصلا من مماحكات وخلافات عميقة حول قضايا لاتكاد تنتهي مشاكلها حتى تبدأ في دورة تشبه الى حد بعيد دورة المواسم التي تمر على الأرض بين جفاف ومطر وبرد وحر وتقلبات مناخية متواصلة في كل أوقات السنة .

الشابان العراقيان البطران تخاصما في برشلونة وريال مدريد ،ولم يتخاصما لله أوفي يالله ،أو لأجل وطنهما ،ولم يكونا يفكران بشئ عدا أن يكون برشلونة ملكية شخصية لعشيرة أحدهما ،وريال مدريد ملكا لعشيرة الثاني، ولابد من الدفاع عنهما بالغالي والنفيس ،وحتى لو وصل الأمر الى قطع الرؤوس فلابأس في ذلك مادام يحقق رغبة نفسية مريضة لديهما، ولدى الملايين من أمثالهما ( القاتل والمقتول في النار ) هذا إذا إختصم مسلمان في قضية باطلة ،وليست قضية مبادئ وصراع على الحق والباطل، بل على برشلونة وريال مدريد ،وهذا مصداق الحديث الشريف الذي ينهى عن التخاصم في التوافه الدنيوية الزائلة التي لاتبقي للإنسان من كرامة، ولاتقيم له بنيانا أخلاقيا ،وتربويا ومهنيا حتى.

قام الشاب العراقي برفع السكين في وجه صديقه الذي يشاطره الوطن والحياة والألم والفقر والبهدلة والتردي المتواصل في كل تفرعات الحياة العراقية المملة والكئيبة، وطعنه في جسده عدة طعنات، بل تطاول ليضع السكين على رقبته ،ويذبحه كما يذبح الخروف في صباح العيد ،أو كما يمد العجل ،وينحر في باب محل للقصابة في سوق مكتظة بالناس والباعة والدماء وبلارحمة، ولاحاجة للتردد فهو عجل، أو خروف مهيأ لهذا الفعل منذ أوجده الله على هذه الأرض، وجعله للإنسان طعاما ،ومادة للشبع من غائلة الجوع الذي يداهم البشر في كل وقت فإن لم يجدوا خروفا أكلوا بعضهم، أو قد يتحولون الى خرفان تتناطح من أجل متاع زائل والفرق إن الخرفان بلا عقول، بينما البشر بعقول كاملة، وإختارت أن تكون خرفانا لأسباب متعلقة بالأطماع والنوازع الشيطانية المملة والرتيبة والمنقضية في لحظة ما من لحظات الزمن العابر.

في مرات عديدة حصلت منازعات، وقتل الناس بعضهم العض، وربما تنازع بلدان بسبب كرة القدم ،ولنا في حادثة ملعب هيسل في بروكسل عبرة حين قتل مشجعو ليفربول الإنجليزي العشرات من الجمهور الحاضر ثمانينيات القرن الماضي حين كان فريقهما يواجه نادي يوفونتوس الإيطالي في نهائي البطولة الأوربية ذلك العام وأظنه 1985، وحينها وقف العالم متحيرا في عمق المأساة ،وجبروت المصيبة تلك التي جعلته يشعر بالغثيان ،متعجبا من قتل الإنسان لأخيه الإنسان من أجل كرة مصنوعة من جلد حيوان ربما، أو من مادة صناعية سرعان ماستتمزق .واعجبي.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/17



كتابة تعليق لموضوع : إقطع رأسك إنت عراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net