صفحة الكاتب : عماد يونس فغالي

كلام لمُلوك الكلام(قراءة في كتاب "ملوك الكلام" للدكتور أنطوان داغر)
عماد يونس فغالي

   ومَلكَت الكلمة، صولجانها فكرٌ ومضمون، ينطلق على عالم الإنسان بكامله، في عودٍ إلى أصوله في الزمان، وتطلّع ٍ صوب الآفاق الوجوديّة، اشتياقًا نحو البلوغ. 

   والكلام مملكته الحياة، حياة الإنسان إلى أيّ زمان انتمى، وفي أيّ مكان ٍيعيش. والكلام على الحياة، خبرة الإنسان فيها. فبقدر ما يطال من حقائقها ويدرك الثوابت فيها، بقدر ما يأتي كلامه ملِكًا، يعبّر عن امتلاكها، وتعرّفه خفاياها وخباياها. 

   ومواضيع الحياة متعدّدة، مختلفة. فمن يدخل "ملوك الكلام"، يجد عالمًا تتحرّك فيه مكتسبات الأيّام على امتدادٍ، يخال معها القارئ صاحبَ الكتاب أتى عليها. إن قلنا بستانًا، فماذا لم يزرعه فيه صاحبه؟ وإن قلنا مملكة ً، أيّ كمالٍ لا نجده في حاشية ملكها؟ 

        منسّق الكتاب ومعدّه ملِكٌ بفكره ومزاياه. وقد عاش رفعة الملوك في ما اختار من صفات إنسانيّة راقية، وأخلاق سامية تحلّى بها على المستويَين الشخصيّ والعلائقيّ. ونجدنا، في ما أعدّ ونسّق من عصاراتٍ حياتيّة، أمام ما اقتنع به فتبنّاه، ثمّ جاهر به، عارضًا إيّاه على من أراد له الكتاب. إنّه اختار ملوك الكلام، ليجد ملوكًا في كلامهم وعلاقاتهم وحياتهم. 

        نثرٌ وشعر، شرق وغرب، فضيلة ورذيلة، ثقافة وجهل، مادّي ومعنويّ. هذا هو عالم الإنسان، أيّ إنسان. وهو موضوع الكتاب، صفوة الخبرة الإنسانيّة، العميقة بجوهر أشياء الحياة وتفاصيلها. 

        في الكتاب، كلامٌ لملوك الكلام. كلام لملوك الثقافة والحكمة. وكلّهم ملوكٌ بعطاءاتهم الإنسانيّة واختبارهم الحياة بكلّ مضاميرها. وصاحب الكتاب، معدّه ومنسّقه، اختار الملوك من الكلام، وقدّمه من مطبخ غيره إلى مائدة كلّ الناس. فإذا قيل: لا يقدّم الشيء إلا ّ مالكه، فهذا دليل على سعة اطّلاعه على مؤلّفات الكبار، وقدرته على تذوّق أطايبها والتلذّذ بالزبدة فيها. 

أيّها المؤلـّف الحبيب، 

        إنْ سادك اعتقاد بأنّكَ لم تستنفد "كلّ أطايب الأقوال ورقاق الكـلام"، وتعْذر نفسكَ بأنّ "بعض الربيع ببعض العطر يختصرُ "، فهل فاتكَ أنّكَ أتيتَ على ملوك الكلام طيبة ً ورقّة. وملوك كلامكَ يتخطـّى حاجز الجمال الأدبيّ والسبك اللغويّ، وهذا سيبقى مضمارًا لتجلّيات المبدعين. إنّما "ملوك الكلام" كتابكَ، قبسٌ من "نورانيّة الله في نور العقل البشريّ". وهو حافز النفس البشريّة إلى عالم الخلود. وقد سلكتَ هذا الطريق، بتبنّيك أوّلا ًالقيم الإنسانيّة والمبادئ الأخلاقيّة والأصول العلائقيّة. وثانيًا في جمعها دُررًا ولآلئ في كتابٍ، يصحّ فيه ما جاء في أسفار أيّوب والحكمة والأمثال، وقد أوردتَه في المقدّمة:"واعتُبر حوزُها (الحكمة) واقتناؤها خيرًا من الذهب، وابتغاؤها يبلّغ الملكوت، واستخراجها يفوق استخراج اللآلئ، وتجارتها مربحة، تفوق الذهب". 

        ولإنْ كانت خلاصة الكتاب حكمة الحياة، فطوبى لمن يدرك هذه الحكمة ويعمل بها. وإنّكَ، يا دكتور أنطوان، من أخرجها إلى النهار، وجعل منها رسالة عمره، يشارك فيها الإنسانيّة جمعاء، وقضيّة ً تفوح برحيق خبرته في هذا العالم، وبين الناس. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عماد يونس فغالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/20



كتابة تعليق لموضوع : كلام لمُلوك الكلام(قراءة في كتاب "ملوك الكلام" للدكتور أنطوان داغر)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net