صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

الإعلام المرتزق!؟
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
     في أواخر سنوات النظام الشمولي هنا في العراق وحتى في كثير من البلدان التي شملتها رياح التغيير مؤخرا، كانت هناك العديد من التسميات والتوصيفات لمجاميع من الصحف والمجلات، والى حد ما بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، تصنف لونيا بالصفراء كونها كانت متهمة من قبل النظام بمعاداته وفضح أساليبه وهي بالتالي عميلة للاستعمار والرجعية والامبريالية كما كان يصنفها، ونوع آخر كنا نطلق عليهم بوعاظ السلاطين من مؤيدي النظام، ودعاة أفكاره وثقافته وهي بالتالي أدوات للنظام، كان معظم كوادرها ( إلا من آمن ؟ ) يتعاطى الرشوة من الهدايا والعطايا مقابل المديح وعدم التشهير به وبأزلامه، وقد شهدنا الكثير من تلك الصحف التي لا لون لها، وبين كل هذه الألوان جاءت مجموعات أخرى للأسف الشديد ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة مصنفة على هذه المهنة، ترسل صحفييها إلى الأهالي وخاصة أصحاب النفوذ القبلي والمالي من أصحاب العشائر والشركات والمصانع، لكي تكتب عنهم تقريرا أو مقالا بأسلوب التدليس والمديح السمج والفاهي، لقاء مبالغ أو إكراميات تطلب بشكل مباشر أو غير مباشر، قد تصل إلى حد دعوة غداء أو عشاء إن كان الطرف الآخر بخيلا!
 
     ورغم ان معظم تلك الصحف كانت ترتبط بشكل أو بآخر بأجهزة النظام وقنواته، إلا إن القليل النادر من الكتاب والصحفيين الذين كانوا يقضون معظم حياتهم متنقلين بين السجون أو الهروب  خارج التغطية، يستطيعون إن يمرروا بعض الإشارات من خلال وسيلتهم الإعلامية التي كانت تتقاطع مع النظام وفلسفته، وهي بمعظمها إشارات رمزية لا يفقه كنهها إلا كاتبها والراسخين في العلم!
 
     كانت تلك الصحف ووسائل الإعلام تضم الكثير من الصحفيين والإعلاميين السلطويين أو الموظفين ليس إلا باستثناء القلة أيضا من المهنيين الذين يؤدون مهامهم الصحفية بمهنية دونما أي تحارش بالنظام، مما أنتج أفواج من المرتزقة الذين تربوا على قيم وعادات لا تمت بأي صلة بمهنة الصحافة والإعلام وهي أقرب ما تكون في سلوكياتها إلى البيع والشراء أو المقايضة أو العمولات بعيدا عن مواثيق وأهداف السلطة الرابعة!
 
     بعد سقوط النظام وانطلاق نافورة الإعلام بما يشبه فورة البركان الأولى، غرقت المكتبات ومحلات بيع الصحف والمجلات بالمئات إن لم تكن بالآلاف من تلك الوسائل التي يفترض أنها تعبر عن رأي الأهالي سواء كانوا إفرادا أو جماعات، إضافة إلى العشرات من القنوات الفضائية ومثلها الإذاعات والمحطات المحلية للتلفزة، والأغرب من ذلك كله هذا التكاثر الانشطاري الرهيب في عدد الصحفيين والإعلاميين حتى لم تعد نقابة واحدة تمثلهم جميعا فانشطرت هي الأخرى إلى ثلاث نقابات أو أكثر والخيط على الجرار كما يقولون.
 
     يبدو والعلم عند الله إن هذه الشغلة أصبحت مربحة أو كما يقول الدارج العراقي بيها خبزة، وقد أدركت بعضا من هذه الخبزة التي تكمن في الارتزاق البائس لكثير من تلك الوسائل والشواهد أكثر وضوحا في الأساليب التالية:
 
- من المفروض إن كل صحيفة أو مجلة تدفع مكافأة لكتابها الذي يكتبون لها، والسؤال كم صحيفة من صحف هذه النافورة تعطي تلك المكافآت إلى أصحابها فعلا رغم إن قوائم التوقيع على الاستلام يتم توقيعها من قبل آخرين يستلمون تلك المكافآت؟
 
- من أبجديات عمل الفضائيات هي مكافأة الضيوف الذين يدعون للمشاركة في البرامج على مختلف أشكالها وأنواعها فنية كانت أم سياسية أو غيرها، والسؤال أيضا كم من هذه الفضائيات تدفع تلك المكافآت إلى ضيوفها، باستثناء القلة القليلة جدا للأسف الشديد؟ علما بأنها أي تلك المبالغ مرصودة ضمن موازنات أو ميزانيات أي فضائية أو وسيلة إعلامية بما فيها الحزبية أو الحكومية؟
 
- والأكثر اشمئزازا في سلوك بعض المحسوبين على هذه المهنة هي التسول والاستجداء أو مساومة الطرف الآخر مقابل تسجيل حوار أو مقابلة أو نشر موضوع ما، تصل أحيانا إلى تحديد مبالغ معينة أو تهبط إلى مستو دعوة غداء أو عشاء خاص؟
 
     وتاهت علينا كما قال احدهم بين وسائل الإعلام الصفراء والمرتزقة والمهنية والمحايدة والمستقلة والموجهة، وجيب ليل واخذ عتابة مع شلة حرامية ولصوص انتحلوا صفة واحدة من اشرف المهن وأكثرها شفافية!؟
kmkinfo@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/04



كتابة تعليق لموضوع : الإعلام المرتزق!؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net