صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

إن هؤلاء الذين يحاربون أولياء الله يخوضون معركة خاسرة
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) الشعراء/227.
(فَيَوْمَئِذٍ لّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) الروم/57.
(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً)النمل/34.
(الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف/104.
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا )الكهف/103.
(أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا )فاطر/8.
(وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)الزمر/47
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)المائدة/ 2.
وفي الحديث القدسي يقول تعالى: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تَظالموا" صحيح مسلم 4/1994 (2577).
وقال عليه السلام: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" صحيح البخاري 2/864 (2315)، صحيح مسلم 4/1996 (2578 ).   

العدل قيمة عظيمة حرص عليها الإسلام ودعا أتباعه إليها، وقد أمر سبحانه وتعالى نبيه عليه السلام بالعدل بقوله : (وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) الشورى/ 15 ..، وأمر بالعدل مطلقاً كما في قوله : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) النحل/ 90..، وأمر به في باب الحكم بين الناس كما في قوله : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) النساء/ 58..، وأمر به في الأقوال كما في قوله : (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)الأنعام/ 152..، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : (كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) المائدة/ 8..، وكذا التي تشبهها في سورة [النساء الآية/ 135]، يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال، على القريب والبعيد، والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد، في كل وقت، وفي كل حال).
 
ويرتقي الإسلام بأتباعه درجة عالية عندما يأمرهم بالعدل مع أعدائهم، سواء كانت العداوة بسبب الدنيا، أو كانت بسبب الدين، وسواء كانت مما يمكن أن يقع بين المسلمين أو كانت مع الكافرين، قال تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)المائدة/ 8..، قال الطبري : (يقول: ولا يحملنكم عداوةُ قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة)  ، وقال السعدي : (كما يفعله من لا عدل عنده ولا قسط، بل كما تشهدون لوليكم فاشهدوا عليه، وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له، ولو كان كافراً أو مبتدعاً، فإنه يجب العدل فيه وقبول ما يأتي به من الحق، لأنه حق لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق) ...
وبرغم وضوح ما سبق فمن المؤسف أن نرى المظالم قد انتشرت في كثير من مجتمعات المسلمين اليوم، فهناك ظلم الولاة للرعية؛ بالتضييق عليهم، وهضم حقوقهم، والاستبداد بمصائرهم، والتفريط في مصالح البلاد، وغير ذلك، وهناك ظلم الرعية للولاة؛ بعدم طاعتهم في المعروف، وغيبتهم، ونشر مساوئهم، والدعاء عليهم، وغير ذلك. وهناك أيضاً ظلم الرجل لزوجه وأبنائه، وظلم المرأة لزوجها وأبنائها؛ وهناك مظالم بين الأخوة فيما بينهم، ومظالم بين الجيران، وهناك ظلم الكفلاء لمن يعملون عندهم، والقائمة تطول !
 
إن هذا الذي نراه اليوم في بلاد المسلمين من مظاهر الظلم لا يؤذن بخير، فعاقبة الظلم دمار وبوار، ومنقلب أهله إلى النقص والخسار، قال أحد أساطين الحكمة : (الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يُروى: الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وان كانت مؤمنة)... ، وهذا له في الواقع شواهد عبر التاريخ، وهو يبين أن نشر العدل ورفع الظلم خطوة لا بد منها في طريق تحقيق النهضة الشاملة للأمة، ويشهد لهذا قوله تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)الشعراء/227 ، أحد المفسرين رحمة الله عليه  : (الصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم) .
 
وإذا كان الظلم بكل صوره وأشكاله خطيراً، فإن أشد أنواعه وأخطرها هو ظلم أولياء الله تعالى من العلماء العاملين والعُبَّاد والدعاة إلى الله؛ بملاحقتهم ومحاربتهم وسجنهم، أو بما يقوم به العلمانيون والمنافقون في بعض الصحف ووسائل الإعلام من مهاجمتهم وطعنهم والسخرية منهم والافتراء عليهم لتنفير الناس منهم، وتتجلى خطورة الأمر بكون هذه الحرب في الحقيقة ليست حرباً على أشخاص هؤلاء الأولياء، لكنها حرب على ما يحملونه من علم ودين، أي أنها في خاتمة المطاف حرب لله رب العالمين، فيُخشى إن لم يؤخذ على أيدي هؤلاء السفهاء ويكف شرهم أن يصيبهم ومن سكت عنهم ما توعد الله به أعداء أوليائه كما في حديث: "إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" ((((ويجب على كل هؤلاء الحكام أن يأخذوا ما وقع لمقبور العراق الطاغية وأن يعتبروا ويصححوا أخطاءهم ويرفعوا الظلم عن شعوبهم سوى الملكية منهم الطغاة أو الجمهورية منهم الذين هم بالأحرى ملوك  تراهم يحكمون 3 أو 4 عقود ويعملون كل خمسة سنوات انتخابات شكلية )))) ... فمن يطيق حرب الله عز وجل !
 
إن هؤلاء الذين يحاربون أولياء الله يخوضون معركة خاسرة، فقد وعد الله بنصر عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة فقال عز من قائل: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) غافر/ 51.، والنصر في الدنيا قد يكون نصراً مادياً، وقد يكون معنوياً، قال أحد العلماء رحمة الله عليه: (أي: بالحجة والبرهان؛ والنصر في الآخرة بالحكم لهم ولأتباعهم بالثواب، ولمن حاربهم بشدة العقاب).

سيعلم كل من يفسد العلاقة بين الناس أي منقلب سينقلب, سيعلم كل من يدافع عن الباطل وهو يعلم انه باطل أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يقف مع أهل الباطل فقط لمجرد العناد أي منقلب سينقلب, سيعلم كل من يفسد بين أب وأبناءه أي منقلب سينقلب, سيعلم كل من يفسدون بين امرأة وزوجها بنقل الباطل لها من الحقائق أي منقلب سينقلبون ’ سيعلم كل من يقبل الرشوة أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من ينظر إلى المحرمات أي منقلب سينقلب, سيعلم كل من يفشي إسرار الناس أي منقلب سينقلب, ستعلم كل من تفشي أسرار بيتها وزوجها أي منقلب ستنقلب, سيعلم كل من يظلم ويدوس على حقوق الناس أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يستغل المشاكل بين الناس ليزيد من اشتعالها أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يشمت بموت الصالحين من عباد الله أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يفرح بمصيبة تصيب عباد الله أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يحابي في الوظائف ويحرم من يستحقون أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يظلم مثقال ذرة أي منقلب سينقلب ,
سيعلم كل من يستخدم سطوته ونفوذه لقطع الأرحام بين الناس أي منقلب سينقلب,
سيعلم كل من يدافع عن الباطل بكل كيانه أي منقلب سينقلب,
سيعلم كل من يثيرون العداوة بين الآسر والعائلات وأبناء الأسرة الواحدة أي منقلب سينقلبون, سيعلم كل من يأكل حقوق الناس أي منقلب سينقلب, ستعلم كل من تنكر العشير وتكفره وغير اسم وطنه من الح.... إلى الس... أي منقلب ستنقلب , ستعلم كل من أعماها الحقد والحسد والغيرة فخربت بيوت وهدمت اسر أي منقلب ستنقلب, سيعلم كل من يظن انه ابن الله المختار أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يعتقد انه افضل من الناس أي منقلب سينقلب , سيعلم كل من يعطي نفسه حقا لإيذاء الناس أي منقلب سينقلب ,وسيعلم كل من يكون سبباً لقتل الأنفس البرء ة أي منقلب سينقلب, سيعلم كل من يكون له دور في الإرهاب وهدم المنشأة والمدارس والممتلكات أي منقلب سينقلب! وأن أكثر الحكام اليوم تراهم يخوضون في الباطل حيث أن كثيرا من الناس في هذه الأمة يعيشون حياتهم بالمقلوب وبمفاهيم مقلوبة رأسا على عقب وهم يظنون انهم يحسنون صنعا وسأورد لكم هنا بعضا من النماذج التي ترينا كيف أن كثيرا ممن حتى يصلون الفروض ويعيشون حياة الالتزام لا ينتبهون إلى انهم من أهل الظلم ... لقوله تعالى:

(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا )الكهف/103.

(الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف/104.

أن كثيرا من المسلمين يظنون أن هذه الآية موجهة فقط للمشركين أو الكفار لكن ألم يسأل أحدنا نفسه يوما إنها قد تكون موجهة أيضا لبعض من يشهدون الشهادة ويصلون الصلوات ويصومون رمضان ويحجون البيت؟

لقوله :
"الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيهمْ " فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا " أَيْ عَمِلُوا أَعْمَالًا بَاطِلَة عَلَى غَيْر شَرِيعَة مَشْرُوعَة مَرْضِيَّة مَقْبُولَة " وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " أَيْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء وَأَنَّهُمْ مَقْبُولُونَ مَحْبُوبُونَ "

يا ترى هل قمنا بأعمال ضالة ونحن نحسب أن بها كل الخير لنا أو لغيرنا واعتقدنا أنها ستقربنا إلى الله زلفى ..

ألفت أنظاركم برهة ... دعونا نذكر أمور قد نعتقد أننا بها نحسن صنعا لكن في حقيقتها ضلاله

تعالوا مثلا إلى مثل هام جدا. عندما عاتب الله تعالى سيدنا داوود على حكمه لماذا عاتبه؟ عاتبه لأنه عندما حكم للرجلين أصحاب النعاج سمع من أحدهما ولم يسمع من الأخر فبنى رأيه على ما سمعه من طرف واحد .

وهكذا نحن اليوم . هب أن صديقا لك جاءك وقال لك أن فلانا قد كسر نافذة بيتك وهو يضحك ويقهقه ... أن التصرف الطبيعي اليوم للأسف أن كثيرا من الناس سيفعلون الآتي.. سيقول الرجل لناقل الخبر حسنا دعني اذهب واعلمه الأدب ..

تعالوا ننظر إلى نموذج أخر إلى من ضل سعيهم في الحياة الدنيا .. وأنا أصفهم بضلال السعي لأنهم لا يحكمون شرع الله تعالى في علاقاتهم الإنسانية بل انهم يدعون الدين عبر الصلاة والصيام وغيرهم لكن عندما تأتي لتنظر إلى حقيقة تحكيمهم لشرع الله تعالى على ارض الواقع وفي علاقاتهم بالناس لا تجد أماك سوى مجموعة من الكذابين من أهل النفاق إدعاء الدين الذين لا يعرفون عن دين الله تعالى سوى الصلاة والصيام .

نذهب إلى النموذج الأخر... مدير شركة جالس على كرسيه جاءه موظف منافق واخذ يؤلف مؤلفات لا حصر علها على موظف مجتهد فما على المدير إلا انه يقوم بمعاقبة ذلك الموظف المسكين بالتدريج حيث يبدأ في جعله يقرف حياته فيعطيه عملا زائدا ويجعله يداوم في أيام العطلات الرسمية ويشدد عليه ظنا منه انه هو من يرزقه ...

أن النماذج من واقع حياتنا اليومية هي نماذج لا تعد ولا تحصى... فكم واحد منا فكر قليلا مع نفسه انه قد يكون خطأ ؟ أن اغلب الناس يعيشون حياتهم ويرفضون ولو لمرة واحدة أن يعترفوا بخطأ واحد في حياتهم .. هؤلاء هم من أظن والله تعالى اعلم انهم من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا .

وانظروا إلى هذه الآية الكريمة :

(وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)الزمر/47.

إذا هم يعلمون إن هناك لقاء بينهم وبين الله تعالى أي انهم كانوا يحسبون انهم سيلقون الله تعالى فيثيبهم على ما ظنوا انه فعل الحق فإذا بهم يصابون بالصدمة التي لم يكونوا يتوقعونها وهي أن كل ما كانوا يفعلوه إنما هو في جانب الباطل .. ترى ما لذي أوقعهم في هذه المصيبة والطامة؟ انه عقلهم المسكين الذي كان يصور لهم في الدنيا انهم هم واتباعهم كانوا من أهل الحق ورفضوا كل من جاءهم في الحياة الدنيا لينبه عقولهم المسكينة إلى حقيقتهم التي طالما رفضوا الاعتراف بها.


وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم : 

(بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته إذ خسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة )  
(يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار ، حتى يدخلوا سجناً في جهنم ، فتعلوهم النار ، ويسقون من طينة الخبال - عصارة أهل النار - ) رواه الترمذي 


روى البخاري قال :  قال صلى الله عليه وآله وسلم ( ثلاث مهلكات شح مطاع ,وهوى متبع ,وإعجاب المرء بنفسه).

أخرجه البيهقي 

قال ابن مسعود رضي الله عنه ( الهلاك في اثنين القنوط والعجب)

قال علي بن أبي طالب عليه السلام :

"النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع ، والبلاء الذي لا يرحم"

ويجب أن يتفكر في ضعفه وضعف أهله وان كلهم عبيد لله تعالى لا يملكون لأنفسهم ضرآ ولا نفعا

ثم كيف يعجب بهم وأنهم سيتفرقون عنه لا يرافقه أهل ولا ولد ولا قريب

العجب برأي خطأ قال تعالى : (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا )فاطر/8.

والعجب !! أي الخطأ أيها الأحبة هو مرحلة متقدمة جدا في معادلة" وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا "

فأصحاب هذا المرض قد وصلوا إلى مرحلة متأخرة وهم بحاجة إلى عملية جراحية دقيقة جدا في القلب تحتاج إلى كثير من التدبر والتفكر وان يجلسوا بينهم وبين أنفسهم ويراجعوا كل حساباتهم ولكنك إذا ما قلت لأحدهم ذلك زاد في طغيانه وإعجابه بعقله وقال لك انه ليس من أهل العجب بالرأي ونحن نفهم ذلك ونفهم أن المجنون لا يعرف انه مجنون .

وفيما مضى من السنوات قابلت شخصا قال لي: أن جميع أفعاله في الحياة صحيحة مائة في المائة وانه لا يخطئ أبدا فكنت في البداية أصاب بالذهول عند سماع كلام كهذا لكن مع مرور السنوات بدأت افهم أن شخصا كهذا هو من أولئك المجانين

وأن صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم قال:

إذا تفرقت الغنم قادتها العنز الجرباء

هل يتفكر هؤلاء المجانين في قوله تعالى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )؟ و هل يتعظون من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أعان على خصومة بظلم أو يعين على ظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ) رواه ابن ماجة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ) وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم )؟

ونعم ما قال الشاعر في هذا الصدد :

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً * فالظلم آخره يأتيك بالندم

نامت عيونك والمظلوم منتبه * يدعو عليك وعين الله لم تنم.

وفي الختام لا بد من تصحيح مفهوم خاطئ حول العدل والظلم يحاول العلمانيون ومن لف لفهم نشره، حيث يجعلون العدل مرادفاً للمساواة، فيلزم من العدل عندهم أن يُسَوَّى في الأحكام بين الناس؛ مسلمهم  وكتابيهم وكافرهم، وذكرهم وأنثاهم، فلا يفرق بينهم في شيء وإلا كان هذا من الظلم؛ ومما لا شك فيه أن هناك كثيراً من الأحكام يُسَوَّى فيها بين المسلم والكافر من أهل الذمة والعهد، فدمه وماله -مثلاً- محترمان كدم المسلم وماله، وعرضه مصون فلا يسمح لأحد بالاعتداء عليه، إلى غير ذلك من أمثال هذه الأحكام، إلا أن هناك أحكاماً لا يمكن التسوية فيها بينهما كثيرة... فأحكام الدنيا ملحقة به، ولهذا جعل الصغار على من خالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففي الحديث: "جُعِلَ رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري"  ...
 
وأما التسوية بين الذكر والأنثى فظلم كذلك، لأنها تسوية بين مختلفين، قال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)آل عمران/ 36..، وهؤلاء الذين يريدون مثل هذه التسوية يظلمون أول ما يظلمون المرأة، إذ يجب -إن أرادوا التسوية- أن يلزموا المرأة بمشاركة الرجل في النفقة على البيت والأولاد، والقيام بأعباء البيت والعمل الشاقة كالرجل، إلى غير ذلك مما تأباه فطرة المرأة السوية
 
فالعقول الصحيحة إن كانت تهتدي لحسن العدل وقبح الظلم بالجملة، وإن كانت تهتدي لبعض تفصيلاتهما، إلا أنها تبقى في كثير من الأحيان بحاجة لدليل خارجي يبين لها حسن وقبح تفصيلات أخرى كثيرة، وهذا الدليل الهادي هو شرع الله عز وجل، الذي هو عدل كله لا ظلم فيه البتة، علم هذه الحقيقة من علمها ممن طهر قلبه، وجهلها من جهلها من أهل الأهواء  "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"الحج. ويجب علينا إذن أن نتعاون لرفع الظلم فيما بيننا ونتعاون سوياً لحياة نحو الأفضل ويداً بيد للتعاون والتآخي وحماية الوطن والمواطنين وكل في ضمن عمله مسؤول ويتحمل المسؤولية كما قال خير الثقلين أبو الزهراء صلى الله عليه وآله  : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعتيه، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته . وما عليكم إلا أن تكونوا رعية خيراً في دار الدنيا لتنال أخرت فاخرة ونعم ما قال الشاعر:
وإنما المرء حديث بعده  * فكن حديثا حسنا لمن وعى. والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب المربي
behbahani@t-online.de


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/31



كتابة تعليق لموضوع : إن هؤلاء الذين يحاربون أولياء الله يخوضون معركة خاسرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net