صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

من أبرز معالم الاضطهاد الديني في أوربا (مدينة مونستر الالمانية )
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نتيجة لظلم الكنيسة وتدخلها السافر بكل صغيرة وكبير من شؤون الناس بادرت مدينة مونستر فتبنت قيادة حركة الإصلاح الديني وتحولت سنة 1533 من مدينة كاثوليكية إلى مدينة لوثرية حيث اعتنقت مبادئ مارتن لوثر كنك . بلغ عدد سكانها في القرون الوسطى مئات الألوف من السكان . يحيط بهذه المدينة سور دفاعي منيع جدا بلغ عرضه نحو 90 مترا ومحيطه خمسة كيلو مترات ، ولم يكن الوضع داخل مدينة مونستر يبشر بالاستقرار فقد كانت المدينة مضطربة جدا نتيجة لسياسات الكنيسة والدولة معا . كانت هناك نزاعات سياسية بين أعضاء المجلس التشريعي للمدينة ونقابات التجار والصناع الحرفيين ، يضاف إلى ذلك النقمة الكبيرة التي يحملها السكان على رجال الدين فبادرت مونستر إلى تبني الإصلاح قبل غيرها تقريبا( ). 
كان أحد أبرز المبشرين الإصلاحيين في مونستر رجلا شجاعا يُدعى برنهارت روتمان . وقد تبنى هذا المبشر معتقدات الإصلاحيين وركز على مسألة تعميد الكبار إمعانا في إهانة الكنيسة فرفض هو ورفاقه تعميد الأطفال وقد نال دعم أغلب قطاعات الشعب في المدينة ، ولكن الكثير من سكان المدينة خافوا من غضب البابا وهربوا من المدينة لكي لا تقع رؤوسهم تحت سكين المقصلة ، وقد تنبأ هؤلاء بشر مرتقب سيقع قريبا . تدفق الإصلاحيون فقط إلى مدينة مونستر من كل حدب وصوب ، طمعا منهم في أن تكون هذه المدينة المكان الذي سينشرون فيه إصلاحاتهم إلى أرجاء أوربا ، ولكن هذا الحشد المتدفق إلى مدينة مونستر أدى بالنهاية إلى نتيجة مروّعة . 
من بين جموع المتدفقين إلى المدينة أديبان هولنديان هاجرا إلى مونستر ، كانا على درجة عالية من الثقافة وهما ، يان ماتيس وبوكلسون المعروف بجون أوف لايدن وقد لعب هذان دورا بارزا في تطور الأحداث هناك وقررا أن تكون جميع الممتلكات مشاعا . وعلى السكان الراشدين أن يقرروا : إما أن يعتمدوا أو يغادروا المدينة . وقد أجريت معموديات جماعية في حوض وسط المدينة يحتوي على أكثر من مائة ألف لتر من الماء . 
أصاب الخوف المناطق المجاورة لمدينة مونستر التي أصبحت المدينة الأولى التي شكل فيها الإصلاحيون أقوى فريق ديني وسياسي . وقد جلب ذلك العداء الكامل لكافة أنحاء الإمبراطورية الرومانية الجرمانية . فقد حشد الأمير والأسقف والكونت فرانتس فون فالديك ، جيشا وضربا حصارا على مونستر لم ترهب قوة الجيش المحاصِر الناس المحميين داخل الأسوار . وفي عام 1534 قام أحد القادة وهو يان ماتيس فركب حصانه وغادر المدينة متوقعا الحماية الإلهية . ولكن القوات المحاصرة قطعت ماتيس إربا إربا ورفعت رأسه على وتد خارج الأسوار ، فأصاب الناس داخل المدينة رعب كبير . 
عُين جون أوف لايدن ( يان الثاني ) خلفا لماتيس وأطلق عليه اسم يان ملك مجددي المعمودية في مونستر . نقض يان أحكام الكنيسة واحدة تلو الأخرى ، وقد أباح تعدد الزوجات وسمح للرجال في المدينة أن يتزوجوا ما شاءوا من النساء وقد كان يان نفسه تزوج ستة عشر زوجة وعاقب بالموت كل من يمارس الزنا . 
دام حصار مدينة مونستر أربعة عشر شهرا حتى سقطت المدينة في عام 1535 ، الغريب أن هذه المدينة صمدت ولكنها عانت دمارا لم ترَ له مثيلا حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية . 
القي القبض على الملك يان وقائدين بارزين معهُ ، عُذبوا كثيرا ، ثم أعدموا . وقد وُضعت جثثهم في أقفاص عُلقت في برج كنيسة القديس لامبرت ، وكان هذا تحذيرا للآخرين . وهكذا انتهت اول حركة اصلاحية قامت في أوربا وانتهت إلى فاجعة مروّعة. 
ولكن أغرب شيء على الاطلاق في أوربا الحضارة والانسانية أنه بعد مضي أكثر من خمسمائة عام على حادث مونستر إلا أن الأقفاص الثلاث لا زالت معلقة في مكانها من كنيسة القديس لامبرت إلى يومنا هذا فلم يفكر أحد بازالتها ولازالت بقايا عظام تلوح من بين القضبان.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/04



كتابة تعليق لموضوع : من أبرز معالم الاضطهاد الديني في أوربا (مدينة مونستر الالمانية )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : محمد مصطى كيال ، في 2014/10/16 .

عذرا سموك
وقع سهوا اسم "مارتن لوثر كنك" وهو الزعيم الامريكي لذوات الاصول الافريقيه
والصحيح انه القسيس واستاذ اللاهوت "مارتن لوثر"
عذرا

• (2) - كتب : إيزابيل بنيامين ماما آشوري ، في 2013/05/04 .

اشكرك ذوقكم اخي الطيب أحمد . دمت عطرا .

• (3) - كتب : أحمد سميسم علاوي ، في 2013/05/04 .

شكرا................................ لكم ................ لهذه الروائع وأسأل الله ان يديم بركاتكم علينا ....




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net