صفحة الكاتب : علياء موسى البغدادي

الحرية المسؤولة وثقافة تقبل الاخر.
علياء موسى البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حرية الإنسان ليست حقاً له بل هي واجب عليه، ولا شك في أن الإسلام أراد للبشر وللمسلمين أن يعيشوا خارج نطاق الاستعباد والأسر.أحرار تحفظ كراماتهم وتصان ويتم من خلالهم أصلاح  وأعمار ألأرض وتطويرها .وكل ألأديان التي سبقت ألأسلام كانت تركز على موضوع حرية البشر .وكل الشرائع السماوية التي انزلها الخالق العظيم جاءت من أجل تأمين حرية الإنسان وصونها والحفاظ عليها. 
قد خلق الله ألأنسان ليصنع حياة  ويصنع التقدم والنهوض . أكيد يمكن ان يفعل كل هذا لكن بشرط ان يعيش حرا ويتمتع بالحرية  و ألأنسانيه التي تصون له كرامته وتجعل منه  أنسان  صالح يصنع الحياة . أن ألانسان الذي لا يملك الحرية لا يستطيع أن يصنع الحياة، والانسان الذي يشعر بالاضطهاد وسحق إرادته وشخصيته، لا يتفاعل ولا يستجيب للسلطة، ولا لمشاريعها وسياستها، ولا يستطيع أن يوظف طاقاته، وبالتالي لا يستطيع النهوض أو التقدم.وإن من أخطر أسباب تخلف عالمنا وأهمها هو( مصادرة إرادة الانسان)، وكبت حريته المشروعة، الحرية المسؤولة التي لا تنفك عن الالتزام والمسؤولية واحترام الاخرين وعدم التجاوز على حرياتهم او خصوصياتهم 
ولكي تنهض الأمة، فهي بحاجة إلى الحرية، بحاجة إلى حرية الفكر، بحاجة إلى أن يحرر العقل من الإرهاب الفكري، ويفسح أمامه المجال واسعاً لينطلق، وليفكر وليبدع وليمارس دوره الملتزم في مجال المعرفة وتشخيص المسار فإن الانسان المكبوت الحرية هو إنسان مشلول القدرة والإرادة، ولا يستطيع أن يوظف طاقاته وإمكاناته.
إن من أقسى العقوبات التي قد توجه إلى الإنسان هي مصادرة حرية فكره لأنها تسلبه أخص خصائصه، فحرمانه من التعبير عن رأيه أشبه بسجنه، لأن المنع يعني سجن أفكاره وتجميد مواهبه وحبس طاقاته. وهنا حين نتكلم عن الحرية نقصد مفهومها الشامل على مختلف الأصعدة المتعلقة بالفكر والحديث والسلوكيات. ولكن المشكلة اليوم هي إساءة استخدام مصطلح (الحرية) فكل فريق يفسرها حسب رؤيته ويريد أن يتعامل معها من زاوية معينة بحيث تتكيف مع هواه بحسب إرادته لا وفق مفهومها الصحيح الذي تكون ركيزته ألأولى هو أصلاح حياة المجتمع والنهوض به وحماية حقوق ألأخرين وتقدم المجتمعات. 
ويتوقف مقياس الديمقراطية في المجتمعات على مدى توفر الحريات السياسية والمدنية من خلال قياس مدى استقلال وسائل الإعلام وحرية البحث وحرية التعبير الفني وحرية المؤسسات الدينية وحرية التعبير الديني الخاص والعام وحرية الاجتماع والتظاهر وحرية المؤسسات السياسية وحرية اتحادات التجارة والمنظمات المدنية وحرية الأحزاب السياسية واستقلال القضاء وسيادة القانون ومدى السيطرة المدنية المباشرة على الشرطة وحماية المواطنين خاصة المعارضين لنظام الحكم من الإرهاب السياسي والسجن الجائر والنفي والتعذيب , وحرية الأفراد في المناقشات العامة والخاصة وحرية السفر والتنقل وحرية الملكية الخاصة والمشروع الخاص والحريات الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والمشاركة الحقيقية في موارد الدولة  وان تكون المؤسسات العسكرية في خدمة الشعب أولا وأخيرا وحماية كل طبقاته باختلاف (الدين أو العرق أو الانتماء أو المذهب )
وتتأسس الديمقراطية على مبدأين هما الحرية والمساواة , والحرية في الديمقراطيات الغربية تسمى بالديمقراطية الحرة وتنقسم ألى نوعين( الأولى حرية الشعب بوصفه الجماعة صاحبة السيادة المطلقة في الدولة والمجتمع ويمكن ان نسميها الحرية السياسية ), أما الثانية فهي (حرية أفراد الشعب بوصفهم أفرادا وهذا يعني ضرورة الاعتراف للفرد بحريات وحقوق فردية تجب حمايتها إزاء سلطة الجماعة أو إزاء سلطة الحكام الشرعيين الممثلين لجماعة الشعب , وحرية الأفراد تعتبر حجر الأساس في الديمقراطية لان الفرد نواة المجتمع , وبدون حرية الأفراد لا حرية للشعب بكامله
و أذا أردنا أن نعلم أو نتعرف على مجتمعتنا ألعربية  أذا كانت تمارس ألديمقراطية عملا وفعلا او حتى شعارات .لانك قد تجد بعض البلدان لا تمتلك حتى ديمقراطية  الشعرات ..ويمكننا ذالك من خلال تقبل ألاخر ومدى تقبلنا لثقافة الأخر  من كل النواحي (دينية , مذهبية , سياسية ,اجتماعية .) أو من خلال انعدام الطائفية التي تعتبر من أهم الركائز ألأساسية في ممارسة الحرية والديمقراطية وحتى لا نكون نرجسيين حالمين على ألأقل يكون هناك انحصار للطائفية بشكل لا يلفت النظر أو الى حد ما مختفية وغير معلنة أمام الأخر. بطريقة ما يسمح للأخر أن يمارس معتقداته دون خوف أو أرهاب على أن يكون الاحترام هو الأساس المتبادل بين الطرفين. 
كما هو بديهي الضيق بالآخر لأي سبب كان ، سواءً كان هذا الآخر رأياً أو فكراً أو غير ذلك وبالتالي عدم القدرة على تقبّله يجعل أي إنسان مهما بلغ من العلم والفهم أقرب للوقوع في البغض والكراهية وبالتالي يظهر ذلك على شكل أقوال وممارسات تتصف بالطائفيّة ، ولذلك لا يوجد حلّ للطائفيّة سوى تقبل الآخر والقبول بما هو عليه وهذه ثقافة نفتقدها وبكل صراحة في مجتمعتنا العربية ألأسلاميه . وهذا جدا مؤلم لان ألأسلام الحقيقي بنية على ثقافة تقبل الأخر ,ثم السعي لأصلاح الأخر. يجب ان يكون انتمائنا أنساني أخلاقي أصلاحي بحت .و أهدافنا واحدة في الحفاظ على كرامة ألأنسان والسعي للقضاء على كل أشكال الظلم  والوقوف بوجه الطغاة أو الظالمين والسالبين حقوق ألأنسان التي شرعها الله له وجعلها حق من حقوقه.
 أخوتي في ألأنسانيه علينا مسئولية كبيرة وبألأخص المثقفين في نشر الوعي الثقافي بين الناس لتقبل الأخر واحترام الأخر وان العمل الصالح هو الباقي وهو الذي يسير الحياة ويصلحها ويبنيها .لكن مع الرجاء للجميع وأنا منهم  الابتعاد عن الشعارات والصوت الذي يسمعه منشدية ولا يصل  صدى ابعد من صاحبه . نحتاج الى توعية جذرية بتقبل الأخر وحقوق الأنسان . وان نلتزم طريق الحق ونسلكه ونوعي شعوبنا وأفرادنا لأنها رسالة كل صاحب قلم شريف ورأي حر وفكر مصلح يحفظ للأنسان كرامته ويمنحه حقوقه المشروعة .
إننا نؤمن أن كرامة الإنسان (رجلا كان أو امرأة) مرهون بفعل الخير والعمل الصالح:
 \"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ\" سورة النحل. صدق الله العلي العظيم 
وان كل الاديان السماوية تحث على هذا العمل وهذا كلام الكتاب المقدس الانجيل حين يقول الله على لسان نبيه عيسى بن مريم في ان البشر سواسية ولهم كرامة وحق في العيش بحرية وعدل والانتماء يكون لله وحدة لا للنفوذ ولا للمال ولا للمذهب حيث يقول .( افتح فمك اقض بالعدل وحام عن الفقير والمسكين (أمثال 31: 9)..
أتمنى لكل البشر أن يعيشوا بحرية وعدل وكرامة
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علياء موسى البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/10



كتابة تعليق لموضوع : الحرية المسؤولة وثقافة تقبل الاخر.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عزيز الفتلاوي من : العراق ، بعنوان : احسنتم في 2011/02/10 .

إن من أقسى العقوبات التي قد توجه إلى الإنسان هي مصادرة حرية فكره لأنها تسلبه أخص خصائصه، فحرمانه من التعبير عن رأيه أشبه بسجنه، لأن المنع يعني سجن أفكاره وتجميد مواهبه وحبس طاقاته

احسنتم اختنا الفاضلة ...
نعم انها من اقسى العقوبات حينما نصادر حرية الفرد لكن ليس على حساب المجتمع ... كأن ياتي الينا احد الخمارين ليتسكع اخر الليل يدق الابواب حاملا رائحته النتنه ... ليقول لنا صباحا انها حرية شخصية ..
دمتم للابداع





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net