صفحة الكاتب : اياد السماوي

من منكم بنزاهة الزعيم عبد الكريم قاسم يا قادة العراق الجديد ؟
اياد السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أريد أن أبدأ حديثي بسرد قصة تاريخية وقعت عام 1959 بين الزعيم عبد الكريم قاسم رحمه الله وبين وفد علماء النجف الأشرف المكون من خمسة أشخاص كانوا مبعوثين من قبل سماحة المرجع السيد محسن الحكيم رحمه الله , لمناقشة الزعيم الراحل حول قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 والذي أصدرته حكومة الثورة آنذاك .
والأشخاص الخمسة هم كل من سماحة السيد مهدي الحكيم رحمه الله وسماحة السيد محمد صالح الخرسان رحمه الله وسماحة الشيخ كاظم آل عبد الرسول السماوي رحمه الله والسيد محمد بحر العلوم أطال الله بعمره ولا يحضرني اسم الشخص الخامس .   
فيقول سماحة السيد محمد صالح الخرسان رحمه الله والذي نقل لي هذا الحديث شخصيا وبحضور أبنه السيد عيسى الخرسان والذي هو الآن رئيس لجنة الشؤون الدينية في المرقد الحيدري المطهر , إنهم التقوا الزعيم الراحل في مقره بوزارة الدفاع موفدين من قبل سماحة السيد الحكيم لمناقشة الزعيم عبد الكريم قاسم حول شرعية مواد قانون الأحوال الشخصية , ودار بينهم وبين الزعيم عبد الكريم قاسم حديثا مطولا ومحتدما حتى أنهم لم يشعروا بالوقت وقد مرّ سريعا حتى آذان الظهر , فيقول السيد صالح رحمه الله فقمنا جميعا للصلاة , وبعد الانتهاء من مراسم صلاة الظهرين , رنّ الزعيم الراحل جرس مكتبه ليدخل أحد الجنود من حرس المكتب ويقترب من الزعيم , فيقوم الزعيم بإخراج ورقة نقدية فئة عشرة دنانير ( نوط أبو العشرة ) من جيبه ليعطيها بيد هذه الجندي ويهمس بإذنه طالبا منه أن يجلب لهم شيئا ما , وبعد مرور نصف ساعة تقريبا عاد هذا الجندي وبيده كيس نايلون ( علاكة ) فيها ستة نفرات كباب عراقي سفري , ليقوم بعد ذلك بتوزيعها على الحاضرين بما فيهم الزعيم الراحل , فيقول المرحوم السيد صالح الخرسان بقينا ننظر الواحد بوجه للآخر , وإذا بالزعيم يفتح نفر الكباب المخصص له ويلتفت للحضور ويقول لهم (( يله يا جماعة تفضلوا )) ويبدأ بالأكل .
هذه القصة رويتها لكم يا أبناء الشعب العراقي كما رواها لي المرحوم السيد محمد صالح الخرسان بدون أي زيادة أو نقصان , والمرحوم عبد الكريم قاسم كان حينها رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة , ويستحق وقتها راتب رئيس الوزراء المنصوص عليه بالقانون والبالغ 450 دينار عراقي , لكن الزعيم الراحل رحمه الله رفض أن يستلم هذا الراتب مع العلم إنه كان استحقاقا قانونيا له , وكان يتقاضى راتبه العسكري والبالغ 205 دينار عراقي حتى مماته , ولم يستلم راتب رئيس الوزراء مرة واحدة .
والعشرة دنانير التي أخرجها من جيبه ليدسها بيد حرسه لم تكن من مخصصات منافع رئيس الوزراء , بل كانت من راتبه الخاص الذي غالبا ما كان لا يسدّ مصاريفه حتى نهاية الشهر , ولم تكن هنالك منافع لرئيس الوزراء , وإذا ما تبرع بمبلغ بسيط من المال لفقير أو معوز فإنه يتبرع به من جيبه الخاص .
آه لو أن الزعيم الراحل موجودا اليوم ويرى بعينه حجم الرواتب والمخصصات والمنافع التي يتقاضاها قادة العراق الجديد ؟ ويا ليت إن هؤلاء القادة أزاحوا صدام كما أزاح الزعيم عبد الكريم قاسم النظام الملكي , إنهم يا شعب العراق جاؤوا جميعا مع الاحتلال الأمريكي , والغالبية العظمى منهم لم يكن شيئا قبل سقوط النظام السابق , بل إن الغالبية العظمى منهم لم يكن سياسيا ولم يعارض النظام الديكتاتوري وجلهم أفاقون وانتهازيون وفاسدون .
آه يا شعب العراق هل هذا هو قدرك ؟ من حاكم ديكتاتور مجرم إلى حكام أفاقون وانتهازيون وفاسدون ؟ لماذا أنتم ساكتون يا علماء الدين ومراجعه العظام عن هذا النهب العلني للمال العام ؟ وماذا فعل هؤلاء النواب والمسئولين ليتقاضوا هذه الرواتب والمخصصات الخيالية ؟ أين أنتم يا أبناء العراق وشبابه ؟ إنهم يسرقون ثروتكم وثروة الأجيال القادمة , ثوروا عليهم جميعا ولا تبقوا منهم أحدا, ثوروا على الفساد والفاسدين واستلهموا الدرس من إخوانكم التونسيون والمصريون الذين أطاحوا بحكامهم الفاسدين , الشعب العراقي بحاجة إليكم يا شباب العراق الواعي للتصدي لسارقي ثروتكم , في الختام أقول لعنة الله على الاحتلال الذي عرفنا بكم أيها الفاسدون .
العراق


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اياد السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/12



كتابة تعليق لموضوع : من منكم بنزاهة الزعيم عبد الكريم قاسم يا قادة العراق الجديد ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ماجد العيساوي من : العراق ، بعنوان : رحم الله الزعيم في 2011/02/12 .

رحم الله الزعيم
اما ساستنا الان
سوف تحاسبون غدا من الشعب وبعدها من رب العالمين






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net