لا تفخروا بسياسة الغدر
حيدر حسين الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من يغوص في بحر السياسة ويصارع أمواجها المتلاطمة يشهد بعينة وجها السياسية وكيف يتلاعب السياسيون في إظهاره ، فوجه حسن يطالعنا من خلال وسائل الإعلام فيظهر للرأي العام الجوانب الايجابية وما يرغب أن يتداول الناس عنه ، فهو وجه يظهر المحاسن ويدعي الخدمة ويتبنى التضحيات من اجل الشعب والوطن ، فيما يحاول ان يخفي وجه قذر خائن لا يلتزم بعهود ومواثيق ويتخذ كل الطرق والسبل للظفر بالمكاسب بعيداً عن القيم والمبادئ،وجه يتعامل به مع خصومة السياسيين وهو يفاوضهم على طاولة النقاش ، أنه وجه سائد في واقعنا الحالي وأسلوب اصبح مألوف في أدارة الملفات والتفاوض بين الكتل والاحزاب .
ما تسير عليه السياسة العراقية في ظل ساسة يتلاعبون بقواعد اللعبة الديمقراطية يعطي مؤشر خطير لبناء دولة يراد لها ان تشق طريق الرقي الديمقراطي بعد سنوات مريرة من الظلم والاضطهاد ،لكن واقع الحال يشير ببوصلته بعكس الاتجاه ، ذلك الاتجاه الذي ينتهي للانهيار ما لم تصحح المسيرة ويحدث الانقلاب الابيض بطريقة صناديق الانتخاب لاختيار الأفضل القادر عن إحداث التغيير.
فالمكر والنقض بالعهود صفه متلازمة اليوم للسياسي العراقي في اغلب الأحيان أنه سلوك يتبعه من يدعي ارتباطه بأحزاب تتبنى أيدلوجية الدين وتعلن تمسكها بقيم السماء والمدرسة المحمدية الأصيلة ، فتلاميذ المدرسة الإسلامية ودعاة الفكر الديني أصبحوا في طليعة المتآمرين على شركاءهم وأوائل المتسابقين على نقض عهودهم وتحولوا الى تجار منصب ومال من اجل لحظات إضافية لمقعد حكمٍ زائل .
فهم متوهمون مغرورون يتصورون بعقولهم القاصرة بأن من التزم بالعهود وحفظ الاتفاقات كان الحلقة الأضعف في سباق المفاوضات السياسية وهو يشكل الحكومات المحلية في المحافظات العراقية ، ويعدوه ساذج عندما يدعوا الى تقديم خدمة المجتمع على المصالح الحزبية ، لكنه حين نجح في تقديم الصورة الحقيقية للسياسة المنطقية برهن انه الرابح الأكبر في السباق الى قلب المواطن واستطاع ان يقلب الطاولة ويحقق الإعجاز ويعطي مقدمات لما ستؤول اليه الوقائع بعد أشهر قليلة في السباق البرلماني .
فلو كان للخديعة والمكر جدوى لسبقنا إليها أمير المؤمنين "عليه السلام" في صراعه مع معاوية لكنه آبا ورفض وقال (عليه السلام): (وَاللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي، وَلَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ، وَلَوْلا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ، وَلَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ، وَكُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ، وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ اللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ وَلا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ).
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
حيدر حسين الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat