صفحة الكاتب : معمر حبار

إلقاء التحية من سعة الأدب
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قال ابن الأخ لعمه: مارأيك في تحية رياضة الجيدو، والكاراتيه، المتمثلة في "سجود !" الرياضيين لبعضهم البعض.
استنكر العم على الشاب الطري، استخدامه لعبارة "السجود !"، في مثل هذه الحالات، وراح يبيّن له .. أنها آداب يُلزمُ بها أيّ رياضي، قبل البدء في المباراة، وتُختمُ بها المنافسة، فيحيّي بعضهم البعض، مهما كانت النتيجة، ودون النظر، أيهما المنهزم أو المنتصر، فيسود بذلك، سعة الأدب، والتسامح بين المتنافسين، فتعلو الأخلاق على النتيجة، وتصفو الصدور، وتتقارب القلوب.
وأحسنت الفيفا، حين فرضت مصافحة اللاعبين بعضهم بعضا، قبل بدء المباراة، لعلّ المصافحة، تخفّف من حدّة العنف، وتزيد من حدّة التنافس النقي، وتزرع المحبة، والسلام بين المتنافسين.
من الآداب الحسنة، التي تربى عليها الطفل، أنه يصافح من كان عن يمينه وشماله، بعد الانتهاء من الصلاة، فثابر عليها إلى اليوم، لأنها عادة حسنة، تزيل الضغائن والأحقاد، وتغرس في النفس المودة والقربى، مع من تعرف، ومن لاتعرف.
ومازالت صورة، تنافس المصلين، وغير المصلين، والجيران، وأهل العلم، والضيوف، والكبار والصغار، أيهم يسبق غيره، في إلقاء السلام، على سيدي الإمام، حاج شريف رحمة الله عليه. فعلم من حينها، أن إلقاء السلام على العظماء والكبار، فضيلة يتنافس لأجلها، أهل السبق والفضل.
في جلسة خاطفة مع أحد المغتربين، قال وهو يقارن بين تربية الأوربي لأبناءه، وتربية العربي لأبنائه قائلا .. إن الأوربي يُعلّمُ ابنه منذ الصغر، إذا لقي من يكبره سنا، أو زميلا له أو قريبا، أن يحييه، ويلقي عليه السلام، بلغته التي تعلمها، وعُلّم إياها، فينمو على احترام الكبار، وإلقاء السلام. ثم راح يتهكم، ويعدّد الأسماء والصفات الشنيعة، التي تصم الآذان، من خلال الألفاظ التي تُلقّن للطفل العربي، حين يلقى الجار، أو الزميل، أو الضيف، أو الغريب.
جاء في كتاب:"كلمات نقتل بها أولادنا، لاتقلها أبدا"، للأستاذ جوزيف ميسينجر، وزوجته كارولين ميسينجر، ترجمة الأستاذ ألڨيرا عون، شركة دار الفراشة، بيروت، لبنان، 2008، من 320 صفحة، في صفحة 140 قوله: "سوء المعاملة يبدأ بالكلام". وكأنه يقول: عدم تلقين الطفل السلام، على من يعرف ومن لايعرف، سوء معاملة، بحد ذاته، ستظهر عواقبها الوخيمة، على الوالدين أولا، ثم المجتمع، والدولة، والطفل فيما بعد.
وجاء في موضع آخرمن نفس الكتاب .. إن الطفل انعكاس لتربية الوالدين، فهو عندما لايُقبّلُ شخصا، فإنه يعلم أنك تكرهه، فلا داعي أن تتظاهر بأن ترغمه على أن يرحب بمن التقيت به، وهو يعلم أنك تكرهه، فإن ذلك نفاق وسوء معاملة، تتعدى أضرارها، عدم القاء السلام من طرف الطفل.
منذ 05 سنوات، التقى التلميذ بمعلمه، حاج الشريف، أمد الله في عمره، وقبل أن يسارع التلميذ إلى القاء السلام على معلمه، سبقه المعلم بقوله: " كيف حالك"، وأردفها بعبارات رقيقة، تذيب الحديد. فاستحى التلميذ ومازال، فعاهد نفسه، أن لايسبقه المعلم أبدا في إلقاء السلام، وركب في سبيل ذلك وسائل وحِيَلٍ، لينال بها السبق والفضل.
للتذكير، سبق للتلميذ، أن كان له فضل الدراسة، على يد  المعلم، حاج شريف، أمد الله في عمره، السنة السادسة ابتدائي، أي سنة 1977 .   
حسن الأدب، حقل واسع، هو أكبر من المكان، الذي تعرضت فيه للضيق، وأوسع من الشخص الذي شتمك، ويتعدى الزمان، حين تنسى اليوم الذي تعرّضت فيه للإساءة. وحسن الأدب يتربى عليه المرء، حينما ينمو على إلقاء السلام على الوالدين، والأخوة، والجيران، والمعلم، والتاجر، والصاحب، ومن يعرف، ومن لايعرف.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/16



كتابة تعليق لموضوع : إلقاء التحية من سعة الأدب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net