صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

في رحاب رمضان المبارك وذكرى النساء الخالدات ... الحلقة الثانية
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

ترجمة الموضوع   
حياة أم المؤمنين خديجة رضوان الله عليها
بسم الله الرحمن الرجيم
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا) الأحزاب /28 
مَن هي خديجة ؟
هي السيدة الكريمة خديجةُ بنت خُوَيلد بن أسد.. من المحسنات اللّواتي ظهرتْ نجابتُهن منذ عهدٍ بعيد، فهي شريفة قريش والملقَّبة في الجاهليّة بـ ـ الطاهرة ـ، والمعروفة بسيرتها الكريمة، وفي بعض الآثار أنّ أهل الخير في الجاهليّة هم أهل الخير في الإسلام . وخديجة رضوان الله عليها كانت في العهد الجاهليّ على دين الحنيفيّة وعلى ملّة إبراهيم الخليل عليه السّلام، فهي من الموحِّدات النجيبات، ومن السلالة التي ينحدر منها النبيّ صلّى الله عليه وآله حيث يلتقيانِ في الجَد الرابع: قصيّ بن كلاب .
وكان الله تعالى قد اختار هذه المرأة بعنايته الربّانية؛ لتكون زوجةً بارّة مخلصة لخاتم الأنبياء وأشرف المرسلين وسيّد الكائنات أجمعين: محمّد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله الطيّبين.. ثمّ لتكون أُمّاً حنوناً عطوفاً لسيّدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء البتول عليها أفضل الصلاة والسّلام.. بعد ذلك لتكون جدّةً للأئمّة الميامين من أولاد فاطمة بنت المصطفى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم. وإلى ذلك، كانت خديجة رضي الله عنها قد خدمت عليّاً أمير المؤمنين عليه السّلام في بيتها يافعاً وفتىً وصبيّاً ناشئاً، بعد ضمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله إيّاه ليعيشا معاً، ولتكون ثالثتها خديجة الكبرى كما يصوّر ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته الغرّاء قائلاً ـ في بيانه لِما كان قبل المبعث الشريف :
ولقد كان ( أي النبيّ صلّى الله عليه وآله ) يُجاوِر في كلّ سنةٍ بـ  ـ حِراء ـ ، فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمعْ بيت واحدٌ يومئذٍ في الإسلام غيرَ: رسول الله صلّى الله عليه وآله وخديجةَ وأنا ثالثُهما ( نهج البلاغة : الخطبة 193 ـ المعروفة ب ـ الخطبة القاصعة .
ويروي الشريف الرضي عن أبي يحيى بن عفيف، عن أبيه عن جدّه عفيف، قال: جئتُ في الجاهليّة إلى مكّة وأنا أُريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها، فأتيتُ العبّاسَ بن عبد المطّلب ـ وكان رجلاً تاجراً ـ فأنا عنده حيث أنظر إلى الكعبة وقد حلّقت الشمس في السماء فارتفعت وذهبت.. إذ جاء شابٌّ فرمى ببصره إلى السماء، ثمّ قام مستقبِلَ القِبلة، ثمّ لم ألبثْ إلاّ يسيراً حتّى جاء غلامٌ فقام عن يمينه، ثمّ لم ألبث إلاّ يسيراً حتّى جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشابّ فركع الغلام والمرأة، فسجد الشابّ فسجد الغلام والمرأة .
فقلت: يا عبّاس، أمر عظيم! قال العبّاس: أمرٌ عظيم، أتدري مَن هذا الشابّ ؟ قلت: لا، قال: هذا محمّد بن عبد الله، ابن أخي.. أتدري مَن هذا الغلام ؟ هذا عليٌّ ابن أخي.. أتدري مَن هذه المرأة ؟ هذه خديجة بنت خويلد. إنّ ابن أخي هذا أخبرني أنّ ربَّه ربَّ السماء والأرض أمَرَه بهذا الدين الذي هو عليه، ولا ـ واللهِ ـ ما على الأرض كلّها أحدٌ على هذا الدِّين غير هؤلاء الثلاثة ( خصائص أمير المؤمنين عليه السلام للشريف الرضي 45 ).
 
ظهير الرسالة والرسول
 
بُعث النبيّ صلّى الله عليه وآله بالرسالة الخاتمة، فحباه الله تبارك وتعالى بمُصَدِّقَين مخلصَين: عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ابن عمّه، وخديجة بنت خويلد زوجته.. التي كانت أولَ مَن آمنت به من النساء، وكانت قبل ذلك تصدّقه ولمّا يُبعَث بعد، لِما ألقى الله جلّ وعلا في قلبها من نور المعرفة والإيمان والصفاء. يقول أبو الحسن البكريّ في كتابه ( الأنوار ) وهو يتحدّث عن حياة الرسول صلّى الله عليه وآله قبل الإسلام :
مرّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً بمنزل خديجة بنت خُوَيلد وهي جالسةٌ في ملأ من نسائها وجواريها وخَدَمها، وكان عندها حَبرٌ من أحبار اليهود، فلمّا مرّ النبيّ صلّى الله عليه وآله نظر إليه ذلك الحبر وقال: يا خديجة، إعلمي أنّه قد مرّ الآن ببابِكِ شابّ حدث السِّنّ، فأْمُري مَن يأتي به. فأرسلت إليه جاريةً من جواريها، وقالت الجارية: يا سيّدي! مولاتي تطلبك. فأقبل ودخل منزل خديجة، فقالت: أيّها الحَبر، هذا الذي أشَرْتَ إليه ؟ قال: نعم، هذا محمّد بن عبد الله .
ثمّ قال له الحبر: اكشف لي عن بطنك. فكشف له، فلمّا رآه قال الحبر: هذا والله خاتَم النبوّة! فقالت خديجة للحبر: لو رآك عمّه ( أي أبو طالب ) وأنت تفتّشه لحلّت عليك منه نازلة البلاء، وإنّ أعمامه لَيحذَرون عليه من أحبار اليهود! فقال الحبر: ومَن يَقْدر على محمّدٍ هذا بسوء! هذا ـ وحقِّ الكليم ـ رسولُ المَلِك العظيم في آخر الزمان، فطُوبى لمن يكون لها بعلاً، وتكون له زوجة وأهلاً! فقد حازت شرف الدنيا والآخرة. فتعجّبت خديجة، وانصرف محمّد وقد اشتغل قلبُها به... فقالت: أيّها الحبر، بم عرفتَ محمّداً أنّه نبيّ ؟ قال: وجدتُ صفاته في التوراة، إنّه المبعوث آخر الزمان... فلمّا سمعت خديجة ما نطق به الحبر تعلّق قلبها بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وكتمت أمرها. وقد قال لها الحبر بعد أن خرج النبيّ صلّى الله عليه وآله : اجتهدي ألاّ يفوتَكِ محمّد، فهو ـ واللهِ ـ شرفُ الدنيا والآخرة ( بحار الأنوار ، للشيخ المجلسي 16 : 20 ـ 21 ).
ويروي ابن شهر آشوب أن نساء قريش اجتمعن في عيد، فإذا هُنّ بيهوديّ يقول: لَيُوشَك أن يُبعَث فيكنّ نبيّ، فأيُّكنّ استطاعت أن تكون له أرضاً يَطأُها، فلْتفعَلْ. فحَصَبْنَه ( أي رَمَيْنه بالحصباء وهي الحصاة )، وقرّ ذلك القول في قلب خديجة ( مناقب آل أبي طالب ، لأبن شهر أشوب 1 :29 ـ 30 ).
وقد أكّد جملة من المؤرّخين وأصحاب السِّيَر أن خديجة امتازت بتعظيمها النبيَّ صلّى الله عليه وآله، وتصديقِها حديثَه قبل البعثة وبعدها، وأنّها أسلمت هي والإمام عليّ عليه السّلام منذ اليوم الأوّل والساعات الأُولى من تبليغ رسول الله صلّى الله عليه وآله بمبعثه الشريف .
ولم تكتفِ خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها أن آمنت وأسلمت، بل نهضت إلى جانب النبيّ صلّى الله عليه وآله تدعم الإسلام وتساند رسول الله صلّى الله عليه وآله.. وتقدّم في ذلك أموالها الطائلة، حتّى ذكر الزهريّ أنّها أنفقتْ على رسول الله صلّى الله عليه وآله أربعين ألفاً وأربعين ألفاً ( تذكرة خواص الأمة ، لسبط أبن الجوزي 314)، بل بعثتْ مَن يُعلن أنّها وهبت لزوجها صلّى الله عليه وآله نفسها وأموالها وعبيدها، وجميعَ ما تملكه بيمينها؛ إجلالاً له وإعظاماً لمقامه وشرفه .
هذا، وقد عاشت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله سنوات المحنة والقحط والحصار، لم تضعف عن مناصرته، وهي الصابرة المحتسبة بعد ما أصابها من قريش نصيب كبير من الإيذاء والهجران، وكانت من قبل ذلك سيدةَ نسائهم، والثريّة في قومها. لكنّها ضحّت بما تملك لتشارك رسول الله صلّى الله عليه وآله آلامَه وأتراحه، وتؤازره في شدائده، حتّى إذا كان حِصارُ الشِّعب شِعب أبي طالب، كانت خديجة تشتري الطعام والضروريّ من الحاجات بأضعاف أثمانها لتقدّم ذلك للمسلمين الجياع.. فمرّت سنوات الحصار الاقتصاديّ والاجتماعيّ الذي فرضته قريش على الرسالة والرسول والأنصار من المؤمنين بسلام .
 
لا عجَبَ إذن !.
 
أن تحتل خديجة رضوان الله عليها ذلك المقام السامي والمكان الرفيع في حياة الإسلام، وحياة النبيّ صلّى الله عليه وآله.. الذي ظلّ يحفظ لها وفاءها وإخلاصها وإيمانها ومواقفها، ويشكر لها ولاءها ومواساتها إلى آخِر عمره الشريف. يحدّثنا عن ذلك بوضوح عائشة بنت أبي بكر ـ كما يروي عنها ابن عبد البَرّ وابن الأثير ـ قائلة: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يكاد يخرج من البيت حتّى يذكر خديجةَ فيُحسن الثناء عليها( الأستيعاب لأبن عبد البر 2 : 721 ).
وقال صلّى الله عليه وآله: أربع نسوة سيّدات سادات عالمهنّ: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد.. وأفضلهن عالَماً فاطمة (ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري 44 ).
وقال صلّى الله عليه وآله: خير نساء العالمين: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد ( أسد الغابة ، لأبن الأثير 5 : 537 ).
وقال صلّى الله عليه وآله: أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ( الاستيعاب ، لأبن عبج البر 2 : 720 ).
ورُوى من مصادر عديدة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لها: يا خديجة! جبريل يُقرئك السلام. وفي بعض الروايات قال جبرئيل عليه السّلام: يا محمّد! إقرأْ على خديجة من ربّها السّلام. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله لها : يا خديجة! هذا جبرئيل يُقرئكِ السّلام مِن ربّكِ. فقالت : الله هو السّلام، ومنه السّلام، وعلى جبرئيل السّلام ( الاستيعاب 2 :719 ).
وعن الإمام الصادق عليه السّلام قال: لمّا تُوفّيت خديجة رضي الله عنها جعلت فاطمة عليها السّلام تلوذ برسول الله صلّى الله عليه وآله وتدور حوله وتقول: أبه، أين أُمّي ؟ فنزل جبرئيل عليه السّلام فقال له: ربُّكَ يأمرك أن تقرأ فاطمة السّلامَ وتقولَ لها: إنّ أُمَّكِ في بيتٍ من قصب ( أي زبرجد مرصَّع ): كِعابه ذهب، وعمده ياقوت أحمر.. بين آسية ومريم بنت عمران. فقالت فاطمة عليها السّلام: إنّ الله هو السّلام، ومنه السّلام، وإليه السّلام ( مجالس الشيخ المفيد 110 ـ عنه بحار الأنوار ، للمجلسي 16 : 1 حديث 1 ).
 
قالوا في السيدة خديجة أم المؤمنين
 
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في السيدة خديجة :
وقد قابل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك بما يستحق من الحب والإخلاص والتكريم وبلغ من حبه لها أن لم تستطع أي من زوجاته أن تحتل مكانها في نفسه بعد وفاتها، وروي انه (صلى الله عليه وآله) كان إذا ذبح الشاة يقول :
(أرسلوا إلى أصدقاء خديجة) فتسأله عائشة في ذلك فيقول :
(أني لأحب حبيبها)، ويروى أن امرأة جاءته (صلى الله عليه وآله) وهو في بيت عائشة فاستقبلها واحتفى بها وأسرع في قضاء حاجتها فتعجبت عائشة من ذلك فقال لها :
(أنها كانت تأتينا في حياة خديجة) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر الحديث في السيدة خديجة وكان يردد علي دوماً :
(ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كذبني الناس وواستني بمالها حين حرمني الناس ورزقت منها الولد وحرمت من غيرها). وفيها أيضاً قال :
(افضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون). وفوق كل هذا وذاك هي أم فاطمة الزهراء عليها السلام وأن الزهراء وهي أم الأئمة الأطهار عليهم السلام من ولد الأمام علي عليه السلام .
 
ممّن ذكر خديجة عليها السّلام فأثنى عليها :
أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضوان الله عليها، فقالت للنبيّ صلّى الله عليه وآله تصدّقه فيما ذكر من فضائل خديجة : إنّكَ لا تذكر من خديجة أمراً إلاّ وقد كانت كذلك، غير أنّها مضت إلى ربّها فهنّأها الله بذلك، وجمع بيننا وبينها في جنّته ( أعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين 15 : 79 ).
وقال ابن إسحاق : كانت خديجة وزيرةَ صِدق في الإسلام ( أسد الغابة 5 : 439) . وقال: كانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله بها من كرامته ( السيرة النبوية ، لأبن هشام 1 : 200 ).
وقال محمّد بن أحمد الذهبيّ في بيان فضائلها: أمّ المؤمنين، وسيّدة نساء العالمين في زمانها. مناقبها جمّة، وهي ممّن كمل من النساء.. وكانت عاقلة جليلة، دَيِّنةً مَصونةً كريمة. وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله يثني عليها ويعظّمها، بحيث أنّ عائشة كانت تقول: ما غِرتُ من امرأةٍ ما غرتُ من خديجة .
ومن كرامتها على النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّها لم يتزوّج امرأةً قبلها، وجاء منها عدّةُ أولاد، ولم يتزوّج عليها امرأة قطُّ إلى أن قضت نحْبَها، فوجد ( أي حزن ) لفقدها، فإنّها كانت نعم القُربى (سيرة أعلام النبلاء للذهبي 2 : 81 ).
وقال الحافظ عبد العزيز الجنابذيّ الحنبليّ : كانت خديجة رضي الله عنها امرأة حازمة شريفة، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً. وكلّ قومها قد كان حريصاً على تزويجها، فأبت وعرضت نفسها على النبيّ صلّى الله عليه وآله : يا ابن عمّ، إنّي رغبتُ فيك؛ لقرابتك منّي، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحُسن خُلُقك، وصدق حديثك ( الفصول المهمة لأبن الصباغ المالكي 133 ) .
وقال السيّد عبد الحسين شرف الدين الموسويّ في بيان مقام خديجة عليها السّلام: صدّيقة هذه الأمّة، وأوّلها إيماناً وتصديقاً بكتابه، ومواساةً لرسول الله صلّى الله عليه وآله ( من النساء ) . انفردت به خمساً وعشرين سنةً لم تشاركها فيه امرأةٌ ثانية، ولو بقيت ما شاركتها فيه أُخرى، وكانت شريكته في محنته طيلة أيّامها معه ( عقيلة الوحي ، للسيد شرف الدين الموسوي ).
وقال الكاتب المسيحيّ الأستاذ سليمان كتّاني : أعطت خديجةُ زوجَها حُبّاً، وهي لا ترى أنّها تعطي بل تأخذ منه حبّاً.. فيه كلّ السعادة. وأعطته ثروة وهي لا ترى أنّها تعطي، بل تأخذ منه هدايةً تفوق كلّ كنوز الأرض. وهو بدوره أعطاها حبّاً وتقديراً رفعاها إلى أعلى مرتبة ويقول: ما قام الإسلام إلاّ بسيف عليّ وثروة خديجة ( فاطمة الزهراء وتر في غمد ، لسليمان كناني 112 ).
وقالت الدكتورة بنت الشاطئ : خديجة.. أُولى أُمّهات المؤمنين، وأقرب زوجات النبيّ وأعزّهنّ عليه حيّةً وميّتة. وقفت إلى جانبه سنوات الاضطهاد الأُولى تُؤازه وترعاه، وتُهوّن عليه ما كان يلقى من قريش في سبيل رسالته .
وفي صحيح البخاري ومسلم والترمذي : عن عبد الله بن جعفر قال : سمعت علي بن أبي طالب ( بالكوفة ) يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : خير نسائها خديجة وخير نسائها مريم بنت عمران ( صحيح مسلم 2/ 458 باب 12 ـ فضائل خديجة " رضوان الله علبها" حديث 69 . صحيح البخاري 4 /230 فضائل خديجة ، سسن الترمذي 5/ 366 حديث 3980 ).
وفي سنن الترمذي : عن أنس : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون ( سنن الترمذي 5/ 367 مناقب خديجة (رض) حديث 3981). وفي جمع الفوائد : إسماعيل بن أبي خالد : قلت لعبد الله بن أبي أوفي : أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر خديحة ببيت في الحنة؟
قال : نعم ، بشرها ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب ( للشيخين ـ رضوان الله عليهم ـ ، كتاب جمع الفوائد 20/ 233 ، وصحيح مسلم 2 / 459 باب حديث 12 حديث 72 ، صحيح البخاري 4/231 ).
وفي الصحيحين عن عائشة رضوان الله عليها : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب ( الإصابة 4 / 282 حرف (خ) القسم الأول )
 
وفاتها وعام الحزن
 
ومن كرامات خديجة عليها السّلام أنّها بقيت إلى آخر عمرها وفيّة حتّى حظيت بحسن العاقبة وبكاء النبيّ صلّى الله عليه وآله عليها ودعائه لها وحزنه الشديد عليها.. حتّى سمّى العام الذي تُوفّيت فيه هي وأبو طالب عليهما السلام بـ  ـ عام الحُزْن ـ  
تُوفيت خديجة رضوان الله عليها في العاشر من شهر رمضان سنة عشر من المبعث الشريف، بعد خروج بني هاشم من الشِّعب بزمن قريب. وقد نزل رسول الله صلّى الله عليه وآله في قبرها (بحارالأنوار 16 :13  ) ليملأه سكينةً وطمأنينةً لها، ويزيح عنها وحشته وظُلمته
وكانت خديجة عليها السّلام أن أنجبت لرسول الله صلّى الله عليه وآله ولدَينِ هما: القاسم والطاهر، تُوفّيا في حياته صلّى الله عليه وآله.. ثمّ كان لها كبير الشرف أن ولدت فاطمةَ الزهراء البتول عليها أفضل الصلاة والسّلام سيّدة نساء العالمين، من الأوّلين والآخرين .
وقد احب رسول الله (صلى الله عليه وآله) خديجة وأحبته واخلص لها وأخلصت له فلم يكن يرى في الدنيا من النساء من تعادل خديجة، فهي أول من آمن برسالته وصدق دعوته وبذلت مالها وثروتها الطائلة في سبيل الله تعالى، وتحملت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) آذى قريش ومقاطعتها وحصارها .
فسلامٌ على أمّ المؤمنين، خديجةَ قرينةِ سيّد الأنبياء والمرسَلين، وأمِّ سيّدة نساء العالمين. سلام عليها بما آمنت برسول الله، وأيّدت دين الله، وصبرت في جنب الله، وبذلت ما عندها في سبيل الله .
وهكذا وفي غضون اقل من أسبوع فقد رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنين من كبار حماته والمدافعين عنه وهما عمه أبو طالب وزوجته خديجة بنت خويلد وذلك في السنة العاشرة للبعثة . ويوم العاشر من رمضان وفاة أول مجاهدة في سبيل الله ، جاهدت بمكانتها الاجتماعية حسب العرف قبل الإسلام وجاهدت أموالها في سبيل الإسلام بدلت حياة العز والجاه بحياة التواضع والتقشف والزهد هذه السيدة العظيمة هي أول من أسلمت من النساء وأقامت الصلاة وأول من ساندت وعاضدت الرسول صلى الله عليه وآله ودعمت الإسلام بكل ما كان ، ولنقتدي بهذا الحب والوفاء ونجتمع على حب الله لبناء الوطن ودعمه وزرع السلام والأمن والاستقرار . ونعم ما قيل في هذا الصدد :
ثلاثة يجهل مقدارها * الأمن والصحة والقوت
فلا تثق بالمال من غيرها * لو أنه در وياقوت .
والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/24



كتابة تعليق لموضوع : في رحاب رمضان المبارك وذكرى النساء الخالدات ... الحلقة الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net