صفحة الكاتب : محمد الحمّار

كيف يمكن لإخوان تونس أن يندمجوا؟
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إنّ إمكانية تحالف حزب النهضة مع أحزاب غير إسلامية، كما ذهبت إليه بعض المقترحات، لكي ترفع رصيدها الشعبي بعدما انهار مؤخرا لأسباب عدة، أمر صعب المنال إن لم نقل مستحيلا. فكيف نعلل ذلك وما هي الخيارات أمام هذا الحزب وأمام الطبقة السياسية عموما؟
هنالك سببان هامان اثنان في احتقان حزب حركة النهضة وفي احتقان الحياة السياسية في تونس تباعا، واحد تاريخي خارج عن نطاق حزب النهضة وعن إرادته، وواحد داخلي بنيوي.
من الناحية التاريخية نسجل أنّ تاريخ تونس تعطل عن السير نحو الأفضل بسبب خطأ فادح. فبعد أن فُتحت الأبواب على مصراعيها في ثورة 14 ديسمبر- 14 جانفي أمام تونس و بفضل طبقاتها الكادحة والمتوسطة، لكي تدشن عهد النجاحات على الأصعدة كافة، ما راعنا إلا أن وقع التنكر للتاريخ المعاصر للبلاد وتم الترخيص للحزب ذي الخلفية الدينية، وذلك ضد كل الأعراف المحلية بما فيها قانون الأحزاب، بأن ينشط بصفة قانونية. وكان الخطأ خطأين نظرا لأن حزب حركة النهضة، وهو المستفيد من هذا القرار، لم يعد له في ذلك الحين أي إشعاع يذكر في المجتمع السياسي ولدى الشعب كافة. ولا يعدو أن تكون النهضة آنذاك سوى ذكرى للتونسيين وكيانا قد استهلك كل موارده.
 أما الدليل على أنّ القراءة التي أدت إلى تفعيل هذا الحزب كانت مجانبة للتاريخ هو أنّ الثورة التونسية كانت نتاجا لتراكمات كان حزب النهضة مساهما فيها على مر العقود من دون أدنى شك، لكنّه كان مشاركا فيها بصفته حزبا محظورا لا بصفته حزبا مرخصا فيه. وهنا يكمن الخلل: من أدرَى الجهات التي تدخلت لتوضيب دخول النهضة إلى معترك النشاط السياسي من الباب العلني أنّ طبيعة هذا الحزب، تبعا لظروف نشأته ولرسالته، تخوّل له العمل علانية وأداء وظيفةٍ أجوَد وأجدى وأنفع من تلك التي أداها وهو يعمل في السر؟
لمّا نعلم أنّ جهات أجنبية مهيمنة كانت ضالعة في التشخيص حول مسألة عودة الحزب إلى النشاط من عدمه ثم في تهيئته لـ"يوم الفصل" ثم اقتراحه لدى الدوائر التونسية (الحكومة الانتقالية برئاسة الباجي قائد السبسي) كمكوّن أساس للخارطة السياسية في تونس، لا نعجب للخطأ. وكَون النهضة "دخلت" تونس (شهر مارس 2011) عبر تدخل أجنبي وأجندة أعِدت في الخفاء فهذه حجة كافية على أنّ التصوّر الذي أعدته الأطراف الأجنبية والذي ستكون النهضة فاعلا أساسا فيه لا يمكن أن يكون صائبا. بعد هذا، ألم يعتذر الباجي قائد السبسي للشعب عن قبوله بمأسسة حزب حركة النهضة في إحدى خطبه لمّا كان خارج السلطة وعلى إثر تعثر حكومة حمادي الجبالي الإسلامية معللا قراره بالترخيص للحزب بأنه كان يظن أنهم (النهضويين) تغيروا؟
على الصعيد الداخلي نلاحظ أنّ البنية النهضوية عموما ودون اعتبار الشخصيات المنفتحة المنخرطة في هذا الحزب غير قادرة  على الإصغاء، ناهيك أن تتحالف مع قوى إصلاحية أو ثورية. فلو حصل ذلك فلن تبق النهضة هي النهضة. 
لذا ما نضيفه إلى مقترحات بعض الأطراف الرامية إلى تعديل العلاقة بين حزب النهضة من جهة وسائر المكونات السياسية للمشهد التونسي هو: إما أن تراجع عقيدتها السياسية ومرتكزاتها الإيديولوجية ومن ثمة أن تُغيّر اسمها، وهذا مما سيفتح الأبواب أمامها لخوض غمار الانتخابات كحزب ذي هوية سياسية جديدة؛ وإما أن تتحول إلى جمعية تنزل، بأي ثقل شاءت وبأي وزن ممكن، على مدارات الحياة الفكرية والسياسية في البلاد. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/07



كتابة تعليق لموضوع : كيف يمكن لإخوان تونس أن يندمجوا؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net