صفحة الكاتب : عامر هادي العيساوي

الإسلام السياسي والضمائر الميتة
عامر هادي العيساوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن الموت نهاية مرعبة ورحلة مليئة بالمصائب والمتاعب باتجاه المجهول وفقا لجميع الرؤى الدينية  ومن حق جميع  الناس  أن يبحثوا عما يخفف من رعبهم وقلقهم وآلامهم  وهم يواجهون هذا المصير المحتوم فيلجئون من اجل تلبية تلك الحاجة إلى اللهاث خلف رجل الدين من اجل توكيله في أن يأخذ بأيديهم في الدروب  الأمينة والسالكة نحو مرضاة الله سبحانه وتعالى فإذا كان هذا الرجل مؤمنا تقيا  نجا ونجوا أما إذا كان على شاكلة من نراهم اليوم في مصر والعراق وسوريا فانه سيتفنن في نشر الفساد في عقيدتهم بما يتناسب مع كافة مصالحه ويلبي كافة نزواته .

لقد استغل الكثير من المشتغلين بالإسلام السياسي هذه الحقيقة فراحوا يعملون بخبث ودهاء على تحويل المجتمع إلى قطيع بليد وخائف ومشلول من خلال التركيز على جانب واحد من صفات الله وهو وعيده سبحانه وتعالى للكافرين بالعذاب والأهوال ابتداء من القبر وضغطته التي تحطم الضلوع ومرورا بالبرزخ وما يلاقي فيه الإنسان من أهوال وانتهاء بجهنم وصديدها ونيرانها دون أن يشيروا من قريب اوبعيد إلى رحمة الله التي وسعت كل شيء   او الى حقيقة انه يغفر الذنوب جميعا   .

وإذا علمنا أن الإنسان العراقي بشكل عام يشعر انه مثقل بالذنوب والمعاصي ليس لأنه من طينة سيئة او لان إيمانه بالله ضعيف وإنما لان تطبيق تعاليم الإسلام ولو بنسبة ضئيلة  في  المرحلة التي يعيشها مجتمعنا أمر مستحيل أقول إذا علمنا ذلك أدركنا كيف سيكون هذا العراقي المسكين ريشة في مهب رياح رجل الدين المزيف وحملا  وديعا يلهث وراءه رغم انه يتجه به الى المجزرة .

بينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يوما في المسجد اذ دخل عليه أعرابي فقال له يا رسول الله من الذي سيحاسب الناس يوم القيامة فقال له الرسول بان الذي سيحاسبهم هو الله تعالى فقال الأعرابي إذن فزت والله وما عدت خائفا فقال الرسول عليه الصلاة والسلام( من أراد أن ينظر الى أهل الجنة فلينظر الى وجه هذا الرجل ). إن ثقة ذلك الإعرابي بنجاته الأكيدة  متأتية من إيمانه بان عظمة الله تعالى اكبر من أن تقف عند صغائر مخلوق ضعيف مثله وهو على حق في ذلك الاعتقاد .

وهنا علينا أن نكون شجعانا ونعترف بان جميع الأديان ومنها الإسلام قد تعرضت الى أبشع صور التحريف منذ اليوم الأول الذي ظهر فيه رجل الدين المستعد لزج دينه في غمار السياسة خدمة لمصالحه او مصالح الحاكمين  ولعل التاريخ مليء بالشواهد التي تؤيد هذا الرأي . 

حين استشهد الحسين ع في كربلاء وتعرض يزيد بن معاوية الى شيء من الحرج في هذا الأمر تصدى رجال الصف الأول من المسلمين المشتغلين بالإسلام السياسي فخرجوا بحديث نبوي أعدوه  وفصلوه على مقاس هذا الحادث الجلل  ثم قالوا أنهم سمعوه من رسول الله والحديث هو ( من أراد أن يفرق شمل هذه الأمة فاقتلوه بالسيف كائنا من كان ).

ولم يكتف رجل الدين المزبف الرائجة بضاعته هذه الأيام بتحويل الد ين الى وسيلة رخيصة للاعتياش بينما كان الإمام علي ع يجمع الحطب من اجل أن يطعم فاطمة والحسن والحسين وباقي عياله  وإنما راح يجيش أتباعه بعد أن اخترع لهم عدوا لدودا وأقنعهم بان  صلاح دينهم ودنياهم  ونجاتهم في الآخرة ترتبط بمقاتلة هذا العدو والجهاد ضده فاستجاب السفهاء من الفريقين لهذا الشحن المدفوع الثمن من قبل دول الإقليم ودارت المعركة المجانية ولم يعلم هؤلاء الجهلة بأنها سوف لن تحسم لصالح احد حتى لو استمرت لمئات أخرى من السنين. إنها تشبه الى حد كبير اقتتال مشجعي فريقين رياضيين فاز احدهما على الآخر ولن يغير هذا الاقتتال من النتيجة شيئا لأنها محسومة وثابتة حتى ولو سالت الدماء انهارا .

حين يكون رجل الدين المزيف( سنيا) فانه سيقول لإتباعه بان مقاتلة الرافضة واجب شرعي لأنهم يسبون عمر ويلعنون عائشة ويخونون أوطانهم التي يعملون على تسليمها الى إيران وإنهم يشركون بالله ويعيدون القبور والى آخر المسلسل أما إذا كان (شيعيا) فانه سيقول بان هؤلاء (العمربة) ناصبوا أهل البيت العداء واغتصبوا الخلافة من علي ع وهم فئة باغية يجب مقاتلتها حتى يهلك احد الفريقين والى اخرالمسلسل. 

وإذا وجد هذا المتستر بالدين سواء أكان سنيا او شيعيا نفسه في محفل خال من الجهلة فانه سيقول بلا تردد (إن هؤلاء( معدان) يحلو لهم أن يتقاتلوا فيما بينهم ) . انه في الواقع وفي قرارة نفسه يزدريهم ويحتقرهم ويسخر منهم ولا يعتبرهم بشرا على الإطلاق .

وأخيرا أقول لكافة أولئك الذين يدفعون بالمنطقة دفعا باتجاه حرب عبثية بين السنة والشيعة  لا معنى لها ولا هدف ولا وجود فيها لأي منتصر حتى لو امتدت مئات السنين أقول تذكروا (لا أكراه في الدين )(لست عليهم بوكيل )(لكم دينكم ولي دين )( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عامر هادي العيساوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/15



كتابة تعليق لموضوع : الإسلام السياسي والضمائر الميتة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net