اكتب هذه السطور بميزان الذهب ، فعشقي وولهي بالبرادعي وإيماني بأفكاره يجعلني لين رقيق الطبع فى انتقاده ، لكنه لن يمنعني عن إعلان اختلافي معه لأول مرة منذ انضمامي للجمعية الوطنية للتغيير فى 2010.
أنقل لكم ما كتبته قبل 48 ساعة من فض اعتصامي رابعة والنهضة.
"سيظل البرادعي بالنسبة لي هو مفجر الثورة وأيقونتها وزعيمها الروحي ، أعاد ترتيب أفكار الشباب وحول بوصلتهم من التفاهة إلى حب الوطن والنضال من أجل رفعته وتقدمه ، لم يتوقف عند صغائر الأذناب التي حاولت النيل من سمعته ، ولم ينتقم من الذين آذوه عندما دانت له السلطة والنفوذ وأولهم الإخوان ، ما قاله فى حق قيادات الحزب الوطني المنحل والملايين من أعضائه هو نفس ما قاله فى حق قيادات الإخوان والآلاف من أعضائها ليثبت أنه فارس نبيل عادل ، الحق عنده لا يتجزأ ، هو التطبيق الحي للآية الكريمة :
بسم الله الرحمن الرحيم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"** صدق الله العظيم .....اتقى الله فيهم وفي الوطن ومنع سفك دمائهم وجنح للسلم رغم إرهابهم ، هذا هو البرادعي أمين الثورة والوطن"
انتهى الاقتباس
ورغم ما كتبته واستعدادي لتقبل مصالحته مع الإخوان إذا ارتضاها الشعب فإن صدمة استقالة "البوب" أحدثت في نفسي تصدعاً هائلاً وجرحاً قد يحتاج وقتاً طويلا لشفائه.
قديما قالوا :" خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب بأكملها" ، ومنذ اندلاع ثورة الكرامة المصرية خسر الثوار معارك كثيرة لم توهن عزيمتهم أو تضعف قدرتهم على الثبات ومواصلة القتال فى حرب "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية" ، هؤلاء الثوار استمدوا صمودهم وقوتهم من أقوال وأفعال الدكتور البرادعي، فلا يصح أن يترَجَّل القائد منسحباً وسط آتون الحرب واحتدامها.
لقد كنت من أشد المعارضين لتولي الدكتور أي منصب عقب خروج المعزول من المشهد لأنها فترة تحتاج لقرارات سريعة حازمة مصيرية تتراجع أمامها دبلوماسية ورقة ونبل وروح السلام العظيمة للمهاتما برادعي ، لكنه وافق على أن يكون شريكا رئيسيا وممثلاً للقوى المدنية وموقعاً على خارطة الطريق التي طالبت بها الملايين في 30 يونيو 2013 وعنوانها إزاحة الإخوان ومندوبهم الرئاسي ، فهل لم يقرأ "البوب" التاريخ الأسود لإخوان صهيون و ظن عقب دعمه لخارطة الطريق (الطاردة للصهاينة) أنها ستكون نزهة على شط النيل ممسكاً بيد مرسي وبيده الأخرى غصن الزيتون يتناهى لسمعهما دف ورفرفة أجنحة حمام السلام الحائم حولهما!!!؟ .
و لماذا قبل الدكتور منصباً لا وجود له فى الدستور المعطل ولا حتى فى الإعلان الدستوري الجديد؟؟ ، ألا يعني هذا موافقته الكاملة على تصدر المشهد السياسي فى تلك الفترة الحرجة رغماً عن وضعه غير القانوني !!! ، فهناك معارك كثيرة تتطلب وجوده مثل تغيير الدستور وقواعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، وإعادة رسم الحياة السياسية المصرية على أسس ديمقراطية عادلة تسمح بالتداول المدني السلمي للسلطة حتى لا يتكرر احتكار أي فصيل لها، وهي معارك هامة جدا سيذكرها التاريخ تستحق في سبيلها أن نقدم بعض الأرواح من هنا أو هناك.
وفي أول و آخر حديث تلفزيوني كنائب للرئيس أكد للمحاور أن فض الاعتصام بالقوة سيكون هو الخيار الأخير فى حال فشل محاولات التفاهم مع الإخوان للفض بدون تدخل الدولة ، ومنذ أيام أعلنت الرئاسة أن المفاوضات قد فشلت وأن قرار الفض بالقوة لا رجعة فيه ، فلماذا لم يستقيل ساعتها ؟ ألا يؤكد هذا على التزامه بما قال وخضوعه لرأي الأغلبية التي تدير مصر الآن في حتمية الفض بالقوة بعد فشل المفاوضات!!!.
ولماذا لم يستقيل عندما سمع ورأى غضبة الشعب لمجرد فكرة عقد صفقات الخروج الآمن لقيادات الأخوان المجرمة التي اتهمه البعض بتبنيها ، أو كان استقال مثلا ً ساعة مخالفة قانون السجون المصرية بالسماح للأجانب بالدخول لعنابر السجن ومقابلة الشاطر (فى انصاص الليالي) بدون إذن من النائب العام .
وأخيراً عشرات من علامات التعجب لعدم عودته لقواعد وشباب حزبه ورفاقه في جبهة الإنقاذ لاستشارتهم فى الاستقالة ، فهو ليس ملكاً لنفسه ولا يصح أن يتخذ قرارا مثل هذا منفردا؟، أم أن لانسحابه علاقة بالطلب الرسمي المقدم من وزير التعليم السويدي بيوركلوند لمؤسسة نوبل لسحب الجائزة من البرادعي بسبب ما اعتبره مخالفة شروط المنح "بالمشاركة في إجهاض العملية الديمقراطية في مصر وإقحام القوة العسكرية في المجتمع المدني " ؟!.
أسئلة إجابتها فقط لدى الدكتور.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat