صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح148سورة هود الشريفة
حيدر الحد راوي

بسم الله الرحمن الرحيم

وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ{59}

تشير الاية الكريمة الى ان لقوم عاد ثلاثة اعمال اشتهروا بها : 

1- ( وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) : كفروا بها .  

2- ( وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ ) : لانهم عصوا رسولهم , فيشمل عصيانهم لجميع الرسل , كون الرسل جميعا كانوا يشتركون في التوحيد . 

3- ( وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) : بعد ان عصوا رسولهم واعرضوا عما جاءهم به من التوحيد , اتبعوا امر ساداتهم وكبراءهم , حيث امتاز هؤلاء بالتجبر والعناد .  

 

وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ{60} 

نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 

1- ( وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) : يشير النص المبارك الى ان قوم عاد ناولوا لعنة في هذه الدنيا , وستتبعهم اللعنة في يوم القيامة . 

2- ( أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ) : يشير النص المبارك الى اربعة نقاط : 

أ‌) دعاءا عليهم بالويل والثبور . 

ب‌) يدل النص المبارك على انهم مستحقين لهذه اللعنة ( في الدنيا والاخرة ) . 

ت‌) تضمن النص المبارك تفظيع لامرهم , ما يحث غيرهم بأخذ العبرة والاعتبار . 

ث‌) ذكر النص المبارك ( أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ) تمييزا لهم عن قوم عاد ارم .    

 

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ{61}

تنعطف الاية الكريمة لتذكر شيئا عن قوم ثمود ورسولهم صالح (ع) , حيث قال لهم (ع) : 

1- ( قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ) : دعاهم (ع) الى التوحيد , وبين لهم ان ما من شيء يستحق العبادة غيره جل وعلا . 

2- ( هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) : يبين لهم ان اصل الانسان من الارض , حيث خلق الله تعالى ادم من تراب , ثم جعل عز وجل الانسان يعمر فيها ويعمرها .  

3- ( فَاسْتَغْفِرُوهُ ) : طلب المغفرة منه جل وعلا . 

4- ( ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ) : التوبة تأتي بعد الاستغفار , وهي الرجوع له تعالى بالطاعة . 

5- ( إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ) : ان الله تعالى قريب من خلقه , مجيب لمن دعاه وسأله .      

 

قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ{62}

تروي الاية الكريمة رد القوم عليه (ع) , وكان في ثلاثة محاور : 

1- ( قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا ) : اخبر القوم صالحا (ع) انهم كانوا يرجونه ان يكون سيدا من ساداتهم , حيث كانوا يسترشدونه في تدابيرهم , ويشاورونه في امورهم , اما الان , وبعد ان جاءهم بدين التوحيد , اعلنوا له (ع) ان رجاءهم انقطع فيه . 

2- ( أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ) : اتريد منا ان ننبذ ما كان يعبد اباءنا من الاوثان ؟ ! .  

3- ( وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) : من التوحيد ونبذ الاوثان , ( مُرِيبٍ ) , باعث على الشك , مثيرا للتهمة ."مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ".          

 

قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ{63} 

تروي الاية الكريمة جوابه (ع) لهم , وكان يصب في اربعة محاور : 

1- ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي ) : بيان وبصيرة . 

2- ( وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ) : النبوة . 

3- ( فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ) : من يمنعني من عذاب الله تعالى ان عصيته في تبليغ رسالته , والنهي عن الاشراك به . 

4- ( فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ) : لا تزيدونني عند اتباعي اياكم غير المزيد من الخسران والتضليل .    

 

وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ{64} 

يستمر خطابه (ع) لقومه , وتضمن ثلاثة مواقف :

1- ( وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً ) : تعريف بالناقة على انها اية ( علامة ) من ايات الله تعالى . 

2- ( فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ ) : اتركوها تأكل من العشب , وتشرب من الماء . 

3- ( وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ) : تضمن النص المبارك نهيا عن ان يمسوها بسوء , عندها يكون العذاب عاجلا .       

 

فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ{65}

تضمنت الاية الكريمة مقطعين : 

1- ( فَعَقَرُوهَا ) : مما يروى ان عاقر ناقة صالح (ع) هو ( قدار – قيدار بن سالف ) وكان ابن بغي , ويسمى ايضا ( احمر ثمود ) . 

2- ( فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) : يروي النص المبارك ان صالحا (ع) قال لهم عند ذاك ( تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ) , عيشوا في بلدكم ومساكنكم ثلاثة ايام , ( ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) , بحلول العذاب والهلاك .       

 

فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ{66} 

تبين الاية الكريمة ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ) , بالهلاك , ( نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ) , انجى الله تعالى صالحا (ع) ومن معه من المؤمنين , مما يروى ان عددهم كان حوالي اربعة الاف , ( بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ) , برحمته جل وعلا انجاهم , ( وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ) , فيها اشارتين , الاولى من خزي العذاب والهلاك الذي وقع على قوم ثمود في الدنيا , والاشارة الثانية الى النجاة من اهوال يوم القيامة , ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) , القادر على كل شيء والغالب له .      

 

وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ{67}

تبين الاية الكريمة ان الهلاك الذي وقع على قوم ثمود كان ( الصيحة ) , والصيحة هي صوت من السماء مهلك "مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي " , ( فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) , موتى قعودا .             

 

كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ{68}

( كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ) , كأنهم في سرعة زوالهم وفنائهم لم يعيشوا فيها , ( أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ ) , يقابل النص المبارك ما جاء في ختام الاية الكريمة ( 60 ) ( أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ) .     

 

 

 

المصادر : 

1- تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني . 

2- تفسير الجلالين للسيوطي . 

3- مصحف الخيرة , علي بن عاشور العاملي . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/01



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح148سورة هود الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net