صفحة الكاتب : عدنان عبد الله عدنان

مع سماحة السيد كمال الحيدري في مشروعه من اسلام الحديث الى اسلام القرآن (3 )
عدنان عبد الله عدنان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إضاءة:
[ملاحظة: تتكرر هذه "الإضاءة" في كل الحلقات، من أجل إيضاح خلفية كتابة هذه الحلقات]
في شهر رمضان المبارك لسنة 1434هـ (2013م)، أطل سماحة السيد كمال الحيدري، عبر شاشة قناة الكوثر الفضائية، في لقاءات عديدة، متحدثا عن مشروع قال عنه بانه يهدف الى تصحيح عقائد الشيعة، (أو: قراءة اخرى لها)، وقد تناول ذلك تحت عنوان: " من إسلام الحديث الى اسلام القرآن"، ولابد لي من البيان أولا، بان سماحة السيد، قد عنى بـ"الاسلام"، و "القرآن"، معناهما الاصطلاحي المعهود والمعروف لدى كافة المسلمين، وأما لفظ "الحديث"، فلم يعن به خصوص ما نقل الينا من قول المعصوم فحسب، بل عنى به ما يرادف السنة، ليشمل به كل ما نقل الينا من قول المعصوم وفعله وتقريره، وهو خلاف الاصطلاح، ولكن الامر هين، خصوصا مع احتمال ان سماحته اراد ان يحاكي جورج طرابيشي في عنوان كتابه..
ولا بد لي أيضا من التأكيد، على ان سماحته لم يقصد من مفردة السنة (أو: الحديث)؛ السنة الواقعية، وانما يقصد السنة المنقولة الينا عبر الرواة، والتي قد يعبر عنها بـ"السنة المحكية" أيضا.
وسوف احاول ان اناقش ـ بايجاز ـ بعض ما ذكره سماحته في هذه الحلقات.
 
ملخص الحلقة الثالثة:
بدأ سماحة السيد الحيدري هذه الحلقة، بتلخيص ما جاء في الحلقتين الاولى والثانية، من البرنامج، فأشار الى النظريات الثلاث (أو: الأربع)، التي تساق في مقام التعاطي مع القرآن الكريم، وموقف سماحته منها.
ثم عرض فهرسا (أو: خارطة البحث)، لموضوعه المطروح للبحث، وهو: " من إسلام الحديث الى اسلام القرآن "، وقال بانه يمر بأربع مراحل، وهي:ـ
1 ـ المرحلة الاولى: وتشمل عصر ما قبل التدوين (وتمتد الى منتصف القرن الثاني الهجري تقريبا)، وسيتم فيها الوقوف على ملامح هذه المرحلة، والتعرف على العوامل والأيدي التي صاغت وكونت الموروث الروائي فيها.
2 ـ المرحلة الثانية: وتشمل عصر التدوين، حيث يتم التعرف فيها على ظروف المرحلة ومدى تأثرها بالمرحلة الاولى.
وقال سماحته، ان هاتين المرحلتين ترتبطان بالموروث الروائي السني (الرسمي)، أما الموروث الروائي الشيعي، فلم يكن له مجال يذكر في هاتين المرحلتين، لأنه كان محاصرا وممنوعا ومطاردا.
3 ـ المرحلة الثالثة: مرحلة اختراق الموروث الروائي السني (الرسمي) للموروث الروائي الشيعي، وهي من أخطر المراحل، وقد بدأت هذه المرحلة عند سقوط الدولة الاموية، حيث اتيحت للامام الصادق عليه السلام، فرصة نشر المعارف الاسلامية، من خلال أهل البيت عليهم السلام، وقد امتدت هذه المرحلة حتى القرن الخامس الهجري، وتم فيها تشكيل الموروث الروائي الشيعي وتدوينه، ما أسفر عن الاصول الاربعمائة، التي اعتمدها كل من: الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والشيخ المفيد، في تدوين مصنفاتهم، كالكتب الاربعة وغيرها.
4 ـ المرحلة الرابعة: وفيها يتم التعرف على مدى تأثير الموروث الشيعي القديم، (الذي تم تدوينه حتى القرن الخامس الهجري)، على ما تم تدوينه من مصنفات بعد ذلك، (من قبيل: مستدرك الوسائل، والوافي، والبحار)، ومدى الاختراق الذي حدث لهذه الكتب في هذه المرحلة.
وبعد أن عرض سماحته هذه المراحل الاربعة، تساءل عن إمكانية الاعتماد على الموروث الروائي الاسلامي؛ سنيا كان أم شيعيا، من دون عرضه على القرآن الكريم، مشيرا الى ان كل ما يحصل اليوم من اقصاء وتكفير وقتل، مستند الى الموروث الروائي ومعتمد عليه.
ثم عرج على الكلام عن المرجعية، ليتساءل عمّا كوّنَ مفهوم المرجعية والمؤسسة الدينية عند الشيعية.
وسأذكر بعض عبارات سماحته، حين المناقشة.
 
ولما كان سماحة السيد، قد اكتفى في هذه الحلقة، بعرض المراحل فقط، على أمل ان يأتي على التفصيل، في حلقات اخرى، فاننا سنتعرض لمناقشة ما يهمنا منها حينذاك إن شاء الله تعالى.
وأما في هذه الحلقة، فسأتناول نقطتين مهمتين وردتا فيها:ـ
الاولى: ضرورة اتخاذ القرآن الكريم كمرجع للمعارف الدينية، واعتبار محوريته لكل المسلمين، وبذلك تتوحد مرجعية المعارف الدينية (الإسلامية)، ويتم التخلص من المرجعيات المتعددة المتمثلة بالموروث الروائي، الذي يشكل السبب الاساس للاختلافات بين المسلمين، ومصائبهم.
الثانية: كيفية تكوين مفهوم المؤسسة الدينية (المرجعية)، لدى الشيعة.
وسأناقش هاتين النقطتين تباعا
 
وهذا هو رابط الحلقة
 
  
 
أولا: حول كون توحيد المرجعية يؤدي الى حسم المصائب والخلافات:
فحول النقطة الاولى ذكر سماحته، ان ما يحدث اليوم من إقصاء، وتكفير، وهدر دماء، وقتل، مستند الى الموروث الروائي، ففي الوقت الذي يشير فيه القرآن الكريم، وبحدود عشرين آية منه، الى الحوار مع اليهود والنصارى، حتى قال لهم { تعالوا الى كلمة سواء ...}، نرى السلفيين اليوم يشردونهم ويقتلونهم، بناءا على ماروي من ان الرسول (ص)، قد أمر بتطهير جزيرة العرب من اليهود والنصارى.
فالمنطق القرآني يدعو الى الحوار، وأما المنطق الروائي فيدعو الى القتل.
وفي نفس السياق أشار سماحته، الى ما نراه من تكفير بعض السنة للشيعة، استنادا الى الموروث الروائي السني الخاص بهم، وما نراه من تكفير بعض الشيعة لبعض أهل السنة، استنادا الى الموروث الروائي الشيعي الخاص بهم، فالسني يرجع الى البخاري ونحوه في تكفيره للشيعي، والشيعي يرجع الى الكافي ونحوه في تكفيره للسني، وبهذا يتضح بان المصيبة تكمن في اختلاف المرجعية المعتمدة لديهم من الموروث الروائي، ولو ان كل واحد من الطرفين قد اتخذ من القرآن محورا لمرجعيته، ولم يتخذ من الموروث الروائي الخاص به مرجعا له دون القرآن، لأصبحت المرجعية واحدة لدى الطرفين، ولأختلفت النتائج والمعارف المستنبطة من القرآن الكريم، عن تلك التي تم استنباطها استنادا الى الموروث الروائي، ولتمّت معالجة المصائب التي نعاني منها اليوم.
 
المناقشة:
أما بالنسبة، لما ذكره سماحته، من أن القرآن يدعو الى حوار أهل الكتاب، في حين ان الموروث الروائي يدعو الى تشريدهم وقتلهم، ولا بد من ترك هذا الموروث، لانه يتعارض مع القرآن، أقول:
يبدو لي ان سماحة السيد، قد عمد الى تسطيح المشكلة، وما كان ينبغي له أن يفعل هذا، وهو في مقام "تصحيح الفكر والاعتقاد"، كما يقول، فالمشكلة أعمق من هذا بكثير، إذ انها لا تكمن في أصل الحوار، وذلك لأن الجميع يقر ويعترف، بان الدعوة الى الاسلام، والحوار، يجب ان يسبق أي معركة أو عنف، وإنما تكمن في ما بعد الحوار، فماذا بعد فشل الحوار؟
فهل سيجد سماحته حلا للمشكل حينذاك، أو سينفتح عليه باب الناسخ والمنسوخ الواسع جدا لدى البعض؟ فلا تنفع "وحدة المرجعية"، لإيجاد حل، ولا لحسم النزاع.
أما بالنسبة، لتكفير بعض المسلمين لبعض، واباحة الدماء، فالمسألة لا تنتهي أيضا بتوحيد مصدر الاستنباط، باتخاذ القرآن مرجعا دون الموروث الروائي، لأنه حتى في حال الاتفاق على مفهوم الكفر والشرك و احكامهما، ووضوحهما لدى الجميع، فان الكلام سيدور بعد ذلك، حول مصاديقهما، وليس هناك من ينكر الاختلاف الواسع في تحديد ذلك، إذ سيعود الكلام، مرة اخرى، فيما إذا كان السجود على التربة، وزيارة القبور، وغيرها، تعبر عن شكل من أشكال الشرك أو لا؟
وسيدور الكلام أيضا حول الآيات التي تناولت ما يسمى بـ "الصفات الخبرية"، المنسوبة لله سبحانه وتعالى، كاليد، والوجه، والساق، وغيرها، وتحديد الموقف منها، وما يرتبط بذلك من تجسيم وكفر و شرك.
وحول الآيات المرتبطة بعصمة الانبياء وارتكابهم أو عدم ارتكابهم للكبائر والصغائر، إما مطلقا أو بعد البلوغ أو بعد البعثة، وعلاقة ذلك بالكفر.
وحول موقع الإمامة من المعارف الدينية، فهل هي منصب إلهي أو لا؟، وهل إنها من الاصول أو من الفروع؟ ولمن تكون؟، وحول الآثار الدنيوية و الاخروية لنكرانها؟
وسيقع الكلام أيضا في دلالة آية التطهير، وفي اولئك المقصودين بها، وهل انها تدل على العصمة أو لا؟ 
وسيقع الكلام كذلك، في دلالة آية الولاية، فما هو معنى الولاية؟ وهل انها صريحة في معناها أو لا؟ ومن هم مصاديقها، فهل هم عموم الحكام والولاة أو لا ؟
وهكذا الامر في سائر الآيات المرتبطة بالعقيدة، وهي بالمئات.
ولا أدري، كيف ان سماحة السيد افترض ان الرجوع الى القرآن سوف يحل الكثير من المشاكل، أو المشاكل المرتبطة بالشرك والتكفير، على الأقل، وهو يرى معارك الآراء في تفسير تلك الآيات وأمثالها، واختلاف المفسرين الكبير فيها، حتى مع عدم رجوعهم الى الموروث الروائي.
ثم انه هناك سؤال كبير جدا، وهو: كيف يتمكن سماحته من جعل مرجعية القرآن للمعارف الدينية مرجعية وحيدة لكل المسلمين، مع وجود الموروث الروائي؟
فإن قال سماحته، انه ممكن من خلال إلغاء هذا الموروث الروائي، جملة وتفصيلا.
نقول: إن الغاء الموروث الروائي كله، سيؤدي الى إلغاء السنة الواقعية كلها، وذلك لأن الموروث الروائي، فيه ما هو سنة واقعية جزما، وإلغاؤه كله سيؤدي الى إلغائها كلها، وهو بالاضافة الى كونه غير ممكن وغير جائز أبدا، فانه يتعارض مع تأكيدات سماحته، على أن حديثه ينحصر بالسنة المنقولة (أو السنة المحكية) فقط، ولا يشمل السنة الواقعية، التي لا بد من الالتزام بها.
كما ان الموروث الروائي، فيه ما هو حجة جزما، وقيمته من حيث الحجية، تساوي قيمة السنة الواقعية، إذ لا فرق، في مقام العمل، بين السنة الواقعية والسنة المحكية الثابتة الحجية، وبالتالي، فإنّ رفض كل الموروث الروائي، سوف يعني رفض كل ما هو حجة منه، وان رفض كل ما هو حجة منه ـ مع عدم تعارضه مع القرآن الكريم ـ سوف يساوق رفض السنة الواقعية، فما هو العلاج ـ إذن ـ ؟.
بل، ان قيمة ما هو حجة من الموروث الروائي، فضلا عن السنة الواقعية، تساوي ـ من حيث الحجية ـ قيمة القرآن الكريم أيضا، دون شك، لأن القرآن هو الذي أمرنا بأخذ ما آتانا الرسول (ص)، فرد ما هو حجة من الموروث الروائي يعني ردا للقرآن الكريم.
وإن قال سماحته، ان إرجاع المسلمين الى القرآن الكريم، وجعله مرجعية وحيدة لهم، ممكن من خلال إلغاء كل ما هو ليس بحجة من الموروث الروائي فقط، والأخذ بكل ما هو حجة.
نقول: عدنا ـ إذن ـ الى الاستناد الى ما هو حجة من الموروث، من جديد، وعاد الكلام الى نقطة البداية، وبقيت الخلافات والآراء على حالها، إذ لم يقل أحد من المستندين الى الرواية في استنباط المعارف الدينية، انه يستند الى ما ليس بحجة من الموروث الروائي.
وإن قال سماحته: ان توحيد مرجعية المسلمين، وحصرها بالقرآن الكريم وحده، ممكن من خلال إلغاء كل ما هو ليس بحجة، وإلغاء بعض ما هو حجة أيضا، والأخذ بالبعض الآخر منه فقط.
نقول: عاد السؤال عن المعيار العلمي الذي يجب اعتماده في ردّ بعض ما تثبت حجيته من الموروث الروائي، والأخذ بالبعض الآخر منه، فإن قال سماحته المعيار هو موافقة القرآن ومخالفته، قلنا: هذا هو الذي يعتمده كل العلماء اليوم وقبل اليوم، فما هو الجديد في الأمر ـ إذن ـ ؟
هذا، مع ان معارضة الرواية للقرآن الكريم يسقطها عن الاعتبار والحجية رأسا، عند كل العلماء، فردها لا يعني ردا لبعض ما هو حجة، وإنما هو رد لما هو ليس بحجة أساسا، وقد اثبتنا بطلان ما نسبه سماحته الى عموم الاصوليين، ومنهم السيد الخوئي (قده)، بهذا الشأن، في الحلقة الاولى. 

ثانيا: حول تكوين المؤسسة الدينية (المرجعية) الشيعية:
وحول هذه النقطة، التي اعتبرها سماحته من أخطر الدوائر المعرفية، أشار الى ان حديثه عن الموروث الشيعي، سوف يشمل جميع مساحات المعارف الدينية وميادينها، دون استثناء، فهو سوف يشمل: التفسير، والكلام والعقائد، والاخلاق، والفقه، والتاريخ، وقضية الامام الحسين (ع)، ....، وسوف يشمل كذلك العقل الذي كوّن مفهوم المرجعية و المؤسسة الدينية عند الشيعة، وتساءل سماحته، عما أدى الى تكوين هذه المنظومة التي يقوم عليها الكيان الشيعي، وأوضح باننا نريد ان نعرف الموروث الروائي والموروث التاريخي الذي شكل العقل المرجعي والمؤسسة الدينية، بعد الاتفاق على انه لا أصل لها في القرآن الكريم.
وذكر بان المؤسسة الدينية، جزء مكون وأساس، من هذا الموروث، ولذا فلا بد من أن نعرف كيف تكوّن، ووصل الى الحد الذي، جعل الشيعة لا يتحركون الا بـ "ريموت" من المرجعية، صادقة كانت أم كاذبة.
ثم قال: انني دعوت منذ سنين، الى وضع ضوابط، لمعرفة المرجع من غيره، سواء في الواقع الشيعي أم السني.
ثم تحدث سماحته عن الشعائر، وأوضح بانه لا بد من التمييز بين ما هو من الشعائر فعلا، وبين ما هو ليس منها، وأن الذي يعين هذا ويشخصه هو المؤسسة الدينية (المرجعية)، وليس الخطباء أو أصحاب الحسينيات والمواكب، أو المداحين.
 
المناقشة:
في مناقشة سابقة لنا مع سماحته، في الحلقة الثانية، ذكرنا بان المرجعية، مبنية في مفهومها ومنظومتها، على أساس العقل، فهو الحاكم بوجوب الرجوع الى أصحاب الاختصاص في كل علم وفن، وأما الروايات الواردة بهذا الشأن، فلا تعدو ان تكون ارشادية، وبهذا يتضح بان تكوين كيان المرجعية غير مستند على الموروث الروائي، كما افترض سماحته، ولذا فان رفض (أو: رد) الموروث الروائي المرتبط بتكوين منظومة المرجعية، سوف لن يؤثر على هذه المنظومة في شيء.
أما بالنسبة لما ذكره من انه دعا ويدعو منذ سنين، الى وضع ضوابط لمعرفة المرجع من غيره، أقول: ان المشكلة لا تكمن في وجود أو وضع مثل هذه الضوابط، وانما في عدم تحقق اتفاق الجميع عليها، وفي مدى التزام الجميع بها، وإلا فمثل هذه الضوابط موجودة الآن، ومع ذلك نرى هناك مشاكل وخروقات، قد تصل أحيانا الى حد الفوضى، وما ذلك إلا لأن المشكلة تكمن في عدم الاعتراف بتلك الضوابط وعدم الالتزام بها، إما من قبل اولئك الذين تنطبق عليهم هذه الضوابط، ولكنهم يرون بانها بحاجة الى إعادة نظر، وإما من قبل بعض الطامحين الذين لا تنطبق عليهم الضوابط المعتمدة، إذ لا يكون هذا البعض مستعدا للاذعان لتلك الضوابط، والاعتراف بانها لا تنطبق عليه، وحينئذ سيندفع لرفضها، بدعوى انها موازين خاطئة، لا تستحق الاحترام، وربما يرى البعض ان سماحة السيد نفسه من هؤلاء.
ثم انه ما هي ضمانات قبول الاجيال القادمة، لما نضعه نحن من موازين وضوابط؟
فسماحة السيد نفسه، ينتفض اليوم ـ وقبل اليوم ـ على الضوابط والمعايير السائدة والمستقرة منذ زمن بعيد في تحديد الاجتهاد والمرجع، ويدعو الى التمرد عليها، بل يتجاهل وجودها، إذ لم يقل بانه يدعو الى اعادة النظر في الضوابط السائدة، وانما قال بانه يدعو الى وضع ضوابط.
فما يريده سماحة السيد لا يتحقق الا مع القول: انا الذي أضع الضوابط، وعلى الاخرين ان يسمعوا ويطيعوا، ولا يحق لاحد ان يعترض عليها، ولا أن يتمرد عليها، لا الآن ولا في المستقبل.
وقد فات سماحته ان مثل هذا القول، لم ولن يتحقق لا له، ولا لغيره من السابقين واللاحقين، إذ لا سلطة على المتمردين، الا الشريعة والاخلاق، وهما غير كافيين لضمان عدم التمرد، كما أثبت الواقع ذلك، ويثبت.
أما حديثه عن الشيعة، وكونهم لا يتحركون الا بـ "ريموت" !! المرجعية، فمع تجاوزنا لما في هذ التعبير من إشكال، واعتقادنا بعدم لياقته، نقول: إذا كان سماحته قد أراد بهذا الوصف ذما، فقد أخفق، وذلك لأنه يعلم بانه ما من واقعة إلا ولله فيها حكم، وما من خطوة يخطوها المكلف، في أي ميدان من ميادين الحياة ومجالاتها، إلا وكانت ـ بالحصر العقلي ـ في إحدى دوائر الأحكام التكليفية الخمسة؛ (الوجوب، والاستحباب، والكراهة، والحرمة، والإباحة)، وهي عناوين شرعية دون جدال، وتحديدها لا يكون الا من قبل المختص، وهو المرجع.
ولا أدري، إذا كان سماحته، قد التفت الى ما وقع فيه من تهافت، عندما تحدث في نفس هذه الحلقة، عن الشعائر، حيث طالب بوجوب تحديد مصاديقها من قبل المراجع حصرا، فما تلك المطالبة الجازمة الحاسمة، من قبل سماحته، الاّ شكلا من أشكال  "ريموت" المرجعية، الذي حاول ان ينال منه، و ما هي إلا تجسيدا له، وتكريسا لوجوده.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان عبد الله عدنان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/10



كتابة تعليق لموضوع : مع سماحة السيد كمال الحيدري في مشروعه من اسلام الحديث الى اسلام القرآن (3 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net