صفحة الكاتب : محمد الحمّار

ثورة تونس و العرب تفك الاحتباس وتفتح باب الاجتهاد
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ثورة تونس تعيد تعريف الاجتهاد الإسلامي. ففي يوم 14 جانفي فتح الشعب التونسي باب هذا الاجتهاد، وهو الذي كان مغلقا منذ القرن 13 في عهد الخليفة العباسي المستعصم بالله. 
في هذا السياق كنتُ نشرت قبل سنة ونصف مقالا بعنوان "نحن نعيش خارج التاريخ بسبب الاحتباس التواصلي والحل هو الاجتهاد الدائري" (*). وقد أحرز المقال على الجائزة الثالثة في مسابقة المقال بأحد المواقع الأدبية الهامة. والذي يسرني اليوم ونحن في يوم اعتصام غير مسبوق بساحة القصبة بتونس في ما أسميه "الثورة2" أن أعبّر لكل مواطن محب لبلده وللثوار المصريين والليبيين واليمنيين وللعرب وللمسلمين قاطبة عن استشعاري أن ثورة 14 جانفي قد فكت الاحتباس التواصلي وفتحت بذلك باب الاجتهاد الدائري.
وفي سياق متصل، لا أتفق، ولم يحصل أن اتفقتُ أبدا، مع أي مفكر أو سياسي يجعل من العلمانية شبه عقيدة ويعتبرها الحل دون سواها لمشكلاتنا الحضارية. وفي ما يلي الحجة على صحة رفضي لكل تموقع إسلامي/علماني والذي كنت دائما أعتبره  تمظهرا للمشكلة النهضوية العامة لا حلا لها: يقول الأستاذ برهان غليون مؤخرا، ويقول حمة همامي زعيم حزب العمال التونسي، ويقول كل واحد يخاف من الإسلام أو يخشى أن يتهمونه بالرجعية، إنّ الجميل والبديع في ثورة الشعب التونسي أنها حدثت من دون شعارات دينية أو شيوعية أو قومية أو غيرها.
 
 وهذا غير صحيح بالمرة. ولن يكون هذا صحيحا طالما أنّ الشعب التونسي، مثله مثل الشعب المصري والليبي واليمني وغيرهم من الأشقاء، وراءه 15 قرنا من الحضارة العربية الإسلامية. كما أنه ليس صحيحا لأنّ ما يقوله المسلم الذي اطلع على فكر مالك بن نبي وحسن حنفي وعبد الكريم سروش وغيرهم من أفذاذ الفكر المعاصر، إنّ شعب تونس أعطى، بواسطة ثورته، تعريفا معاصرا للإسلام. وهو تعريف مطابق لما أراده هؤلاء الأعلام ومطابقا لِما أدعو له من اجتهاد دائري، إذ اتسمت الثورة بالعقلانية وبالوضعية (التشريعية) المتديّنة وبتلاقي العمل مع القول، المتجلي في تزامن طرد الطاغية تلو الطاغية مع كلمة "ديغاج" (ارحل)."
 
والفرق بين الفكر الفرحان المتخوّف (في نفس الوقت) والفكر المسلم أنّ الأول يتوقف عن إنتاج الفرحة باستهلاكه السريع لاستنتاجه، بينما الثاني يشرع في إنتاج أسباب الفرحة انطلاقا من استنتاجه. وهذا واحد من أسرار الحداثة و التقدمية في الفكر الإسلامي المعاصر إن شاء الله.
 
كما أن ثورة تونس وَلّدت تعريفا واضحا للمجتهد المسلم مقارنة بالمجتهد الإسلامي. فإذا كان المجتهد الإسلامي مَن ينطلق من داخل الإسلام ليصنع فكرا ويُسقطه على الواقع فإنّ المجتهد المسلم، وهو المجتهد الحديث، يصنع فكرا انطلاقا من البنى الشخصية والاجتماعية المُغذاة بالإسلام.
 
أتمنى أن يكون هذا الطرح صحيحا في نهاية المطاف، و بأعلى النسب. وعلى أية حال، فالشباب التونسي والعربي بحاجة إلى الاعتقاد في مثل هذا الطرح. وإلاّ فسيبقى السؤال مطروحا: من أين للشباب هذه الثورة، لو تمادى في تغليط نفسه كما فعل إبان نجاح الانتفاضة؟
 
محمد الحمّار
الاجتهاد الثالث
 
(*) النسخة الفائزة:   
 
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/26



كتابة تعليق لموضوع : ثورة تونس و العرب تفك الاحتباس وتفتح باب الاجتهاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net