صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الظلم لا يدوم وهذا من عد الله عز وجل
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لقد هوى كبيرهم فنسأل الله أن يلحق به الصغار
 
بسم الله الرحمن الرحيم
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ* فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)الزخرف/54 ـ56 .
(وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ)هود/101.
(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)إبراهيم/42.
( لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) النساء/148 .
( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) النساء/98.
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)النساء/97.
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)البقرة/256 .
إراقة الدم للمسلم أو غير المسلم إذا كانت بغير وجه حق فهي محرمة، والدم المسلم غال عند الله تعالى، ولهدم الكعبة أهون عند الله عز وجل من إراقة دم مسلم، يقول الله تعالى "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً أليماً ".
المجرم سفاح ليبيا لم يتورع عن قتل الشيوخ والنساء والأطفال من أبناء شعبه حين دك البيوت بالطائرات، وسلط البلطجية والمرتزقة ليعيثوا في الأرض فساداً، كل ذلك من أجل المحافظة على كرسي الحكم، ولكن لكل ظالم نهاية ودعوات المظلومين يرفعها الله تعالى فوق الغمام ويقول لها ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين))، وعندما يبلغ الظلم مداه فإنها علامة النهاية للظالم وسيأتيه الهلاك من حيث لا يحتسب "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون"
إن الخطاب الذي ألقاه سفاح ليبيا أقرب ما يقال عنه انه خطاب الاحتضار، فالتخبط والتلعثم، والتهديد والوعيد، ووصف الثائرين بأنهم تحت تأثير حبوب الهلوسة، كلها مؤشرات بحالة الانهزام التي يعيشها سفاح ليبيا، وبرغم الدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت، وهي ضريبة الحرية والكرامة، إلا أن قواعد نظام القذافي بدأت تتهاوى واحدة بعد الأخرى فتخلي وتبرأ أركان الحكم ومعاونيه من سياسيين وعسكريين وديبلوماسيين ومفكرين لهي مؤشر قوي على قرب زوال الطاغية، وكما توقعت في مقالة سابقة أن سقوط نظام مبارك سيكون في فبراير فأعتقد وفق المعطيات السابقة أن يكون سقوط القذافي في شهر مارس، وساعتها سيكون مصير الشعوب العربية أن يسقط ويزول عن كاهلها كل شهر طاغية، فشين العابدين في يناير، ومبارك في فبراير، والقذافي بإذن الله لن يتجاوز شهر مارس. والله أعلم .
وعندما أنقذ الله تعالى موسى عليه السلام وأتباعه من فرعون وجنوده، شكر موسى عليه السلام ربه على نعمة النجاة بأن صام ذلك اليوم ودعا أتباعه لصيامه، ونحن في العراق نحتفل كل عام في شهر مارس بنعمة الخلاص من طاغية العراق المقبور وزبانيته، ولكن ما هو الأسلوب السليم لشكر تلك النعمة، هل هي بجلب المغنين والمطربات، هل هي باستقدام السحرة والمشعوذين تحت مسمى مهرجان الخدع البصرية، هل شكر النعمة باختلاط الرجال والنساء والشباب بالفتيات دون ضوابط شرعية في مسيرات وحفلات تحت ذريعة التعبير عن الفرحة، إن نعمة التحرير ونعمة الأمن والأمان إذا أردنا استمرارها إنما يكون بشكر المنعم سبحانه بالطريقة التي ترضيه، لذلك أتمنى أن نعبر عن شكرنا لله تعالى من خلال المزيد من فعل الطاعات، والتخلص من المظاهر التي فيها مخالفة لشرع الله، وصدق الله تعالى القائل   " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
فلقد بغى فرعون على بني إسرائيل واستطال بجبروت الحكم والسلطان، وقد مضت سنة الله من قبل بإهلاك الظالمين، وإن طغيان فرعون مصر الذي هوى وسقط نموذج لسقوط السلطات الفرعونية الطاغية الظالمة في أيامنا هذه .
لقد جرت سنة الله في هلاك الحكام الطغاة في فرعون مصر الذي كان يقول: "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى" ويقول:"يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي" و"مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ". فرعون وجد في قومه من الغفلة ومن الذلة ومن خواء القلب من الإيمان مما جعله يمرر مزاعمه ودعاويه الكاذبة "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ"الزخرف
لكن نهاية فرعون كانت وخيمة "فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى" و"فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ"، وقد جعل الله نهايته عبرة وعظة لمن شاء أن يتعظ فقال تعالى:"فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى" وقال:"فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ" واقتضت حكمته إبقاء جثته بعد الهلاك ليستيقن الظالمين من نهايته ولتبقى مثلا جاسما عيانا أمام ناظريهم وأبصارهم وانظار مستشاريهم وزبانيتهم،"فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ" يونس، ولكن الحكام الطغاة تعطلت أفهامهم، وضَلَّت عقلوهم؛ وما علموا أن ما هم فيه من الجاه والسلطان والمال إلا للإمهال الذي يعقبه الأخذ ثم السقوط، قال تعالى:"سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ". وقال تعالى: "قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِين "آل عمران
إنّ سقوط الطواغيت وهلاك الأمم الظالمة وذهابها له أسبابه وعوامله المنسجمة مع سنن الله تعالى ونواميسه .
والهلاك نوعان :
الأول : هلاك الأخذ والاستئصال."وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا" الإسراء 
قال ابن كثير:"هذا إخبار من الله عز وجل بأنه قد حتَّم وقضى بما قد كتب عنده في اللوح المحفوظ، أنه ما من قرية إلا سيهلكها، بأن يبيد أهلها جميعهم، أو يعذبهم عذابًا شديدًا، إما بقتل، أو ابتلاء بما يشاء، وإنما يكون ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم؛ كما قال تعالى عن الأمم الماضين:"وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ"هود "تفسير ابن كثير3/47". وقد توقفت وانتهت هذه السنة ببعثة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى:"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" سورة الأنبياء 
والثاني : هلاك الهزيمة والانهيار والضياع، وهذا النوع سنة باقية على الأمم حتى قيام الساعة .
ومن خلال استقراء آيات القرآن الكريم يتبين إنّ سقوط الطواغيت وهلاك وزوالها وكذلك الأمم الظالمة يجري وفق سنة الله في الظالمين. قال تعالى:"ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" هود . وقال تعالى:"وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا" يونس    
أي حينما ظلموا وطغوا وتواطؤا فيما بينهم على الظلم والعدوان نزل بهم أمر الله بالهلاك والدمار والزوال. وكذلك قوله تعالى:"وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً" الكهف . أي موعداً لمهلكم لا يتخلف ولا يتقدم ولا يتأخر إنما إنما يجري وفق مشيئة الله وإرادته تعالى:"وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ"القصص   
فبسب تواطئهم فيما بينهم على الظلم بإقراره ومناصرة الظلم والظلمة؛ فإذا تحقق ذلك فيهم نزل فيهم أمر الله بالهلاك والدمار والزوال ! ومن ذلك سنة الله في المترفين الفاسدين قال تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً" الإسراء     
وقد جمع معظم حكام اليوم بين الظلم والطغيان المادي من جهة وبين الفساد الأخلاقي والمالي والترف من جهة أخرى، باستخدام الأموال التي ينهبونها من مقدرات الشعوب، وتاريخ الأمم الطاغية الغابرة تقصَّ علينا هذه الحقيقة، وتظهر بكل وضوح هذه السنة من سنن الله تعالى في خلقه، كما قال تعالى عن عاد، وثمود، وفرعون قال تعالى:"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ . وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ" الفجر   
ولقد عاد فراعنة اليوم الحكام الطغاة أولياء الله من العلماء والدعاة وحاربوهم ومارسوا ضدهم القتل والتعذيب والسجن والمطاردة وتكميم الأفواه، لقد تستر الحكام الطغاة بستار محاربة الإرهاب ليحاربوا دين الله من خلال تطبيق سياسة تجفيف المنابع الدينية ليناهضوا شريعة الله تعالى. لقد تمرد على أوامر الله تعالى ومارسوا الاستهزاء بها وقاموا بكل أنواع الصد عن دين الله مستخدمين وسائل الإعلام التي تحت أيديهم، ولتثبيت ظلمهم وطغيانهم بجنودهم وبهامان العصر من المستشارين والوزراء وبرموز حاشيتهم من طابور المترفين من العلمانيين والليبراليين، الذين اتهموا دعاة الخير والصلاح بالفساد تماما كزبانية فرعون.."وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَك ".
لقد تناسى الفراعنة المتجبرون بكل غباء أن الله تعالى توعد بحربهم كما قال في الحديث القدسي:"من عادى لي ولياً فقد آذنه الله بالحرب"، وأيصا فمن تمرد على أوامر الله وأعرض عنها فليبشر بمعيشة ضنكا، ومنها الزوال وضياع السلطان والعيش في ذل وهوان، قال تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى".. وقال تعالى:"وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا" الطلاق:     
لقد تناسى الحكام الظلمة أنَّ الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، وأنَّ الله يمهل ولا يهمل، أعماهم الجاه الزائف والسلطان الزائل، وعدم إيمانهم بأن الله أكبر كبيرا، فتناسوا قول تعالى:"وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ" إبراهيم ، لقد تعطل فهمهم، وضَلَّ عقلهم؛ وتبلد حسهم، وما علم هؤلاء الطغاة أن الإمهال يعقبه السقوط ثم الزوال، قال تعالى:"سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ" الأعراف "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ" هود ؛ لقد كان إهلاك الطغاة بظلم نفسهم، بكفرهم وفسادهم في الأرض .هذه هي سنة الله في الذين ظلموا.."وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"..  وأقول لهؤلاء الطغاة والدكتاتوريات هل تظنون أن الله لا يراكم وهل أنتم مسلمين ؟وان كنتم مسلمين ألم تقرأ هذه الآية : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)إبراهيم
وقال الإمام جعفر عليه السلام : " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه غَافِلًا عَمَّا يَعْمَل الظَّالِمُونَ " قَالَ : هِيَ وَعِيد لِلظَّالِمِ وَتَعْزِيَة لِلْمَظْلُومِ.
وإن الذي يظلم يتجرد من إنسانيته ، ويخضع لشيطانه ، ويركع لهواه ونفسه الأمارة ، والله يمهله ولا يهمله ويتركه لاستنفاذ كل ما لديه من ظلم ،و لن يفعل شيئا لم يأذن به الله , والله تعالى أعطى المظلوم ضمانات ، وأقسم له عليها ، وفى الحديث ( ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويقول وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ), وفى حديث ابن عباس رضي الله عنهما في وصية رسول الله لمعاذ بن جبل حيث بعثه إلى اليمن قال له ( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) رواه البخاري , والله تعالى أباح للمظلوم أن يدعو على ظالمه .. قال تعالى :( لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) النساء
, ويؤخر الله عز وجل الانتصار للمظلوم ليستنفذ كل ماعنده من مقاومة الظالم حتى يصل إلى درجة  لقوله : ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) النساء
 فيظل المظلوم يقاوم ظالمه ، ويثبت على ذلك ، ولا يستسلم ، ولا يخضع ولا يركع ، ويعطى القدوة من نفسه لغيره وله على غيره حق النُصرة ، ويعلن مظلمته بين الناس ويُنفر من الظلم ، ويدعو لرفضه ،  ومقاومته ، وحصاره ، وانكساره .
إن تزييف إرادة الأمة في أي أمر من أمورها ، وتزييف أصواتها ، وإسناد الأمر لغير أهله فيها ، واعتقال خيار شبابها ، ومطاردة الدعاة والمصلحين فيها ، ومصادرة أموالها بغير حق ، وسن القوانين الجائرة لها ، واستعباد أهلها - وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً - لهو الظلم الواضح ، الذي يجب مقاومته بالوسائل المشروعة ، والمنابر المفتوحة ، وطرق القضاء الشامخ ، مع تذكير الظالمين بأيام الله ، وما أعده الله لهم إذا لم يتوبوا ويردوا الحقوق لأهلها ، ويصلحوا ما أفسدوه بين الناس ، وما نشروه من مظالم , والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ..........) أخرجه أحمد والبخاري .
وإن الله عز وجل لا يرضى لعباده أن يستسلموا أمام ظلم الظالمين ، واللذين يرضون بالذل والاستضعاف بغير عذر هم من الظالمين لأنفسهم  ويقول تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)النساء .. والإسلام يحمى الحريات بأنواعها وجعل الحرية فريضة ، وحرر الفرد من أي قيود تعوقه ، وأكرم الإنسان ، وسن لحقوقه تشريعات وعقوبات على من ظلم وبغى بغير حق ، وجعل الحرية أساس استقرار الفرد والأسرة ، والمجتمع والأمة ، وسبيل التفوق والنماء ، ومنع الإكراه في الدين قال تعالى : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)البقرة/256 . وبعد أن عرفنا من القرآن ما هو علينا ومالنا من حقوق في الحرية ولأمراء من واجبات العدل,يجب أن نتعاون معاً لعمل سوياً لبناء الوطن وشد نهضته وإنعاش شعبه وأدعو بالخير لسماحة السيد الإمام السيد علي السيستاني لدعمه المواطنين وتذكرة المسؤولين للعمل بمنهج الإصلاح ’ وبارك الله بالمسؤولين لتعهدهم بمحاسبة المقصرين والله الموفق وهو المستعان ويداً بيد للعمل سويا لكسر العقبات والحواجز والتعاون والتآخي والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب المربي
سيد صباح بهبهاني

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/27



كتابة تعليق لموضوع : الظلم لا يدوم وهذا من عد الله عز وجل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net