صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

العراق في السياسة الأردنية
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم تتغير السياسة الأردنية كثيرا تجاه العراق في عهد الملك عبدالله الثاني عنها أثناء ولاية الملك الحسين بن طلال رحمه الله ، فقد درج الحسين على إتباع سياسة متوازنة تعتمد خيار النأي بالنفس لجهة عدم التدخل في شؤون الآخرين ، والتركيز على المصالح الحيوية لبلد شحيح الموارد لكنه يمتلك خبرة حضارية وجغرافية وتاريخية تعودها وإلتزم بها للحفاظ على السلام وعدم المساس بالنظام السياسي الذي يعتمد علاقات هادئة مع الجميع لضمان الإبقاء على مستوى جيد من القوة الإقتصادية التي تتحمل في جزء من ضروراتها تبعات الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين ونزوح أعداد كبيرة من مواطني البلد المحتل الى داخل المملكة عبر فترة زمنية ممتدة من العام 1948 والحاجة المتزايدة الى العمل والغذاء والحاجات الإنسانية المتزايدة التي تشتد وطأتها بمرور الوقت .

ورغم إن توجهات بعينها حكمت سياسة الحسين تجاه العراق على خلفية المجزرة البشعة التي إرتكبها العسكر بحق العائلة الهاشمية والعلويين في قصر الرحاب بعد إنقلاب تموز 1958 وبقيت لعقود من الزمن ، إلا إن رؤية مغايرة أثرت في الأحداث ، وبدا واضحا نوع من التقارب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي ،عاد ليتحول الى نوع من البراءة من سلوك دكتاتوري لم يرض عنه الملك من النظام السابق تكلل بخطاب تاريخي للحسين حذر فيه من ذهاب العراق الى هاوية سحيقة في حال إستمرت تلك الدكتاتورية في أسلوب حكم لايمكن أن يؤدي سوى الى مواجهة مع المجتمع الدولي ، وهو ماحصل بالفعل وأدى بعد سنوات قليلة الى إنهيار النظام في بغداد .

السياسة الأردنية تجاه العراق التي كان يمكن أن تكون نوعا من الوحدة في العهد الملكي لولا إنقلاب العسكر في بغداد ماتزال على توازنها وديمومة العقلانية في إتخاذ أي إجراء لتطويرها سواء في مجال العمل المشترك ،أو التبادل الإقتصادي ،وتدرك الحكومة العراقية أهمية الحفاظ على طبيعة علاقات حيوية في ظروف الأزمات ، وربما شابهت الحاجة في الوقت الحالي الحاجة نفسها في عهد النظام السابق لجهة عد الأردن متنفسا وملاذا وطريقا سالكا للتواصل مع المجتمع الدولي ،ففي التسعينيات من القرن الماضي حوصر العراق ، وصار المواطنون يلجأون الى عمان للتواصل والسفر والإقامة والعمل ، وحتى التواصل مع المنظمات الدولية للحصول على مساعدات ،أو للإنتقال الى بلد آخر.

بعد العام 2003 شكك مراقبون وسياسيون بالطبيعة التي يمكن أن تكون عليها علاقة عمان ببغداد متوهمين إن علاقة النظام السابق بالأردن كانت مميزة ! وهذا غير صحيح على الإطلاق  فعمان حافظت على علاقاتها مع النظام السابق وفق معايير محددة ، ولم تقطع مع المعارضة الفاعلة في حينه ليس لأنها مع النظام ،أو لأنها تحابي المعارضة ، بل ليقين بعدم وجود ثوابت في سياسة بغداد ، وتقلب مواقف القوى المؤثرة فيها لجهة إتخاذ القرار ،أو للتواصل مع الجوار العربي والإقليمي.لاتحتاج المملكة الى تقديم نصح من أحد فهي تدرك مصالحها ،كذلك يدرك العراقيون أهمية أن تكون عمان على أسلوبها المميز والمعروف عنها لضمان مستقبل إقتصادي وسياسي جيد جدا للبلدين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/28



كتابة تعليق لموضوع : العراق في السياسة الأردنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net