صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

إعاقة سوق المال العراقي تهديد لمسار التنمية
لطيف عبد سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 يعتمد العراق في مهمة توفير أغلب احتياجاته اليومية من السلع والبضائع على أسواق مختلف دول العالم، حيث أصبح عملية الاستيراد تشكل استنزافاً مستمراً للموارد المالية واحتياطي العملة الصعبة، ما أفضى إلى تهميش مساحة الإنتاج الوطني، وزيادة معدلات البطالة. ولا يخامرنا شك في  خطورة هذا الواقع على مجمل النشاط الاقتصادي الذي يفرض على الدولة استنزاف مواردها الطبيعية لتغطية مبالغ الاستيرادات، إلى جانب توفير فرص عمل شكلية في جهازها الحكومي؛ لامتصاص البطالة من دون أية قيمة مضافة. وهو الأمر الذي يفضي إلى تهديد مهمة الدولة في البناء الاجتماعي الاقتصادي والسياسي. لقد حدد الدستور العراقي التوجهات العامة الدولة في مواجهة المشكلة الاقتصادية بالاعتماد على دعم القطاع الخاص وتنميته، فضلا عن  تشجيع الاستثمار، إلا أن نتائج التطبيق النهائية على الأرض لم تكن ناجحة؛ بفعل اعتماد القيادات الإدارية الأسلوب الصعب، وإغفالها أيسر السبل وأسهلها. إن تطبيق الدستور ضمن هذا السياق يتطلب تشجيع الاستثمار الذي يمكن إنجازه من الناحية العلمية على وفق أسلوبين، أولهما الأسلوب المباشر المتمثل بعرض الفرص على المستثمرين المحليين والأجانب لاستغلالها بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال لا الحصر يجري عرض فرص إنشاء الفنادق، والمعامل الصناعية، والمزارع، والمجمعات السكنية وغيرها من النشاطات على المستثمرين الراغبين باستغلالها. ومن البديهي أن تتبنى الهيئة الوطنية للاستثمار وفروعها في المحافظات هذا العمل الذي يعد من  الأهداف المهمة التي تفرض على الهيئة الوطنية للاستثمار ايلاءها الاهتمام الذي تستحقه على الرغم من  الصعوبات والتعقيدات المتأتية من المتطلبات التي لم تعد متوفرة حاليا في العراق بشكلها الصحيح، وفي مقدمتها نظام المعاملات الاليكتروني السلس، والتشريعات القانونية المتكاملة، إضافة إلى  الحاجة إلى حلول أكثر واقعية لمشكلة الأراضي والتداخل بين الوزارات وبينها وبين المحافظات وأساليب التمويل وغير ذلك من الاحتياجات. أما الأسلوب الثاني فهو أسلوب الاستثمار غير المباشر الذي يعتمد على تأسيس الشركات المساهمة وطرح أسهمها على المستثمرين الذين يقومون بالاكتتاب فيها، وانتخاب مجلس الإدارة القادر على تنفيذ أهدافها، وهو أسلوب سهل وضامن لتحقيق المرونة التي يرغب فيها كثير من المستثمرين الأجانب والعراقيين، إضافة إلى قدرته تجميع المدخرات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في بودقة واحدة تمثل أسهم الشركة. ولا أخطئ القول أن الحكومة العراقية تمتلك مئات الشركات والمؤسسات القابلة للتحويل إلى شركات مساهمة، إلى جانب امتلاك العراق كثير من الفرص الاستثمارية القابلة للتحويل، فضلا عن امكانية إبرام مئات العقود الضخمة القابلة للتحويل إلى شركات مساهمة سنوياً، وينضاف إلى ذلك امتلاك العراق سوقاً للمال يتسم بالعراقة والقدم، خضع  لمساهمة الأمريكان والمنظمات الدولية في مسالة تطويره ومنحه الدعم والأموال اللازمة؛ لأداء عمله وفق احدث النظم العالمية. إذ تم إقرار قانونه في عام 2004 على غرار قانون بورصة نيويورك. وبحسب المختصين بمقدور هذا السوق جذب أكثر من (100) مليار دولار استثمارات جديدة خلال مدة قصيرة لا تزيد على سنتين، إلى جانب  قدرته المساعدة في إنشاء عشرات الشركات المساهمة التي توفر مئات الآلاف من فرص العمل، وتوفر في الوقت ذاته نصف احتياجات العراق، فضلا عن توفير العملات الصعبة. وبعبارة أخرى بوسع هذا السوق تحقيق جزء كبير من الأمن الاجتماعي والاقتصادي للبلاد خلال فترة قصيرة جداً ومن دون تحميل الدولة أعباء مالية بل أن الدولة ستحصل على إيرادات طائلة من وجود هذه الشركات. ومصداقا لما تقدم نشير إلى الاهتمام الواسع الذي تبديه لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية في مجلس النواب العراقي بموضوع سوق المال، حيث قامت اللجنة ممثلة بعدد من أعضائها بزيارة مقر سوق العراق للأوراق المالية بمشاركة من اللجنة المالية والتقت بالمستثمرين وممثلي الشركات والمسؤولين عن إدارة السوق، واستمعت للعديد من الآراء والمقترحات، فضلا عن الاطلاع على التجارب الدولية بهذا الخصوص والاستعانة بخبراء متخصصين للمساعدة في وضع خطة عمل واقعية لتطوير سوق المال واستخدامه بشكل فاعل في عملية التنمية الاقتصادية. وينضاف إلى ذلك ما نقلته وسائل الأعلام من أحاديث صرح بها عدد من أعضاء مجلس النواب، مفادها أن السلطتين التشريعية والتنفيذية تدعمان معاً وبقوة سوق العراق للأوراق المالية، وتعملان على تطوير هذا السوق بشكل جاد وحقيقي، إضافة إلى إن الخطة الموضوعة للتطوير سيتم وضعها موضع التنفيذ قريباً جداً . 
إن إخفاق الإدارات في تحقيق نهضة اقتصادية في ظل امتلاك العراق الإمكانيات والأدوات اللازمة لتحقيقها بشكل سريع، إضافة إلى دعم المؤسستين التشريعية والتنفيذية لهذه الرؤية يجعل القارئ في حيرة من أمره، وتفرض على الحكومة في الوقت ذاته البحث عن المعوقات التي  تقف أمام هذه التوجهات التي بوسعها إحداث نقلة نوعية في مسار التنمية، حيث أن إعاقة فاعلية سوق المال العراقي تفضي إلى  تهديد أموال العراق وممتلكاته بحيث يصبح الخروج من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبالاً على العراق، وتصبح معه مشكلة الحجز التاريخي على شركة الخطوط الجوية العراقية مشكلة تافهة قياساً بالحجوزات التي قد تحصل على الأموال العراقية في الداخل والخارج.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/09



كتابة تعليق لموضوع : إعاقة سوق المال العراقي تهديد لمسار التنمية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net