صفحة الكاتب : محمد السمناوي

عاشوراء الندامة والتوبة
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الندَّمُ . والندامة معناها التحسَّر من تغير رأي في أمر فائت ٍ كما قال تعالى :(( فَأَصْبَحَ مِنَ 
النَّادِمِينَ))(1)
قال تعالى :(( قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (2).
وأصله من منادمةِ الحزن له ، والحزن هنا معناه اللوعة في القلب والألم النفسي ، والتوبة معناها ترك الذنب على أجمل الوجوه وهو أبلغ وجوه الاعتذار فأن الاعتذار على ثلاثة أوجه :
 
إما أنَّ يقول المعتذر لم أفعل
أو يقول فعلتُ لأجل كذا.
أو فعلتُ وأسأت وقد أقلعتُ ولا
رابع لذلك ، وهذا الأخير هو التوبة.
 
التوبة : في الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرَط من العزيمة على تركِ المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتداركهُ من الأعمال بالإعادة فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كـَمـُـلَت شرائط التوبة.(3)
 
قال تعالى)) : ((وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(1) ((أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلى اللَّهِ وَ يَستَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (4)
((ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)) (5).
التوبة هي عامة وشاملة لجميع الافراد وعلى مختلف مستوياتهم وهذا مانجده في كلمات الامام الصادق عليه السلام كما رواها المحدث المجلسي في البحار نقلا عن مصباح الشريعة :( التوبة حبل الله ومدد عنايته، ولابد للعبد من مداومة التوبة على كل حال، وكل فرقة من العباد لهم توبة، فتوبة الأنبياء من اضطراب السر، وتوبة الأصفياء من التنفس، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات، وتوبة الخاص من الاشتغال بغير الله، وتوبة العام من الذنوب)(6)
إن البعض يتصور الأجواء التي تحث إلى الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة ,والإنابة ,والندم,والاستغفار ,والحقيقة هو في الموسم الرمضاني من الشهر الشريف فقط؟.
هذا التصور عار ٍ وخال ٍ من العلم والإصابة ؟ بل إن التوبة والندامة في كل وقت ، وما دام نـَـفـَس الإنسان باقيا ً ، فإن التوبة واجبة ً على نحو الفور لا على التراخي.
إن المؤمن الملتفت إلى فلسفة تكرار شهر رمضان والأشهر التي فيها محطات للانطلاقة والسير نحو التخلق بأخلاق الله تعالى بالنفحات الالهية ، يكون قريبا ً إلى الصلاح وبعيدا ً عن غيره.
فمثلا ً ذكرى عاشوراء تلك الذكرى المؤلمة والفاجعة الكبيرة التي لا يوجد لها مثيل في تأريخ الأمة والبشرية ، نجد إن من ضمن الأسرار التي تقتضي تكرار أحياء هذه الذكرى وهذه الأجواء من الحزن والبكاء على الذبيح الذي ذبح على دكةِ ومذبح العشق الإلهي الذي هو أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) .
 
من خلال هذه الذكرى ننطلق ونأخذ بثأر الامام الحسين (عليه السلام) والذي هو في الحقيقة ثأر الله . وآلية الثأر هو أن نقوم بذبح قوى الإفساد والانحراف ، والتي تزيد الفرد بعدا ً عن الحقيقة ِ التي خلق من أجلها ، ألا وهي المعرفة الإلهية.
 
إن الفرد المؤمن الملتفت والمنتبه تجده في المناخ العاشورائي يفكر ويخطط أكثر من بقية الأوقات في تهذيب نفسه ، وتأديبها ، حيث يرتدي لباس التقوى والورع ويتعلق أكثر بالشريعة المحمدية التي سفكت دماء الامام الحسين (عليه السلام) من أجلها .
 
فمن خلال هذه الأجواء العاشورائية التي تدعوا الفرد إلى خالقه وإلى آخرته على الفرد المؤمن الملتفت أن يقوم بعملية صقل تلك الروح ويتم تطهيرها من القاذورات والأوساخ المادية عند ذلك يصبح متلذذا ً بتذوق السنن الإلهية المقدسة.
فيشم رائحة الولاية ويصبح قلبه يعشق الحق ويطلبه في كل مكان ، فلو رجع الحسين الامام (عليه السلام) مرة أخرى إلى ساحة الوجود وإلى عالم الملك وصرخ تلك الصرخة الشهيرة : ((ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن من لقاء الله محقا ً)) (7) .
لكان المؤمن يجيب لبيك يا حسين سلام الله عليك أينما كنت في هذا الوجود ويكون وقوفه موقف أصحابه في حمل أرواحهم ومعانيهم السامية . 
 
فمن خلال عاشوراء نتعلم التوبة والندم فهي حقا ً باب التوبة إلى الله تعالى. ورد في المناجاة : ((إلهي أنت الذي فتحت لعبادك بابا ً إلى عفوك سميته التوبة فقلت توبوا إلى الله نضوحا ً)). (8).
 
المصادر : 
 
1- المائدة : 31.
2- المؤمنون :40
3-المفردات للراغب الاصفهاني مادةِ ندم ص489
4- النور :31
5- المائدة: 74
6-المائدة : 71
7-بحار الانوار ج6: 31,نقلا عن مصباح الشريعة .
8- بحار الأنوار ج44 ص381 واللهوف لابن طاووس ص48 , -الصحيفة السجادية الامام علي بن الحسين عليه السلام مناجاة التائبين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/11



كتابة تعليق لموضوع : عاشوراء الندامة والتوبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net